جنوب كردفان .. الفيتريتة تباع بـ (دهب شيبون) فى وحل الخريف!

حتى لا يتحول جنوب كردفان إلى دارفور أخرى (3
الدلنج - عبد الله الشيخ
Wednesday, 13 May 2009
الذرة تباع بـ (دهب شيبون) في وحل الخريف
نشر ثقافة السلام ووضع إستراتيجية للتنمية
مك كادوقلي: نحتاج إلى التوعية بالانتخابات قبل وصول الصناديق
دخل الصراع في جنوب كردفان دائرة التعقيد بعد ارتفاع قيمة الأرض إثر
اكتشاف البترول وانتشار أبراج الاتصالات وبعد أن أدخل الساسة حلاقيمهم
وتطلع بعض المثقفاتية إلى المناصب بالركون الى الانكفاء نحو القبيلة
ليتسلقوا المستضعفين إلى مكاسبهم الذاتية..
تعاهد الأجداد قديماً على أن السهل للمرعى وعلى أن الجبال (أوتاداً)
وكانت الأرض زاخرة لكن تغير المناخ أحرق زخارفها وجشع الساسة وأوهام
المثقفاتية دقت أكثر من مسمار مسموم في جسد الإدارة الأهلية.. واحتقنت
النفوس بأهوال الحرب ودعايتها اللئيمة وهكذا تمدد الصراع من البوادي
وأحاط بالحضر وزحف نحو المدائن وبدأ القاصي والداني في البحث عن حكمة
الأجداد التي عاشوا بها متآلفين منذ بدء الخليقة.. في ملتقى حوار التعايش
السلمي بمركز بادية بالدلنج توصل الفرقاء أخيراً الى أن السبيل الى
المستقبل يبدأ من حكمة الأجداد في التآخي والاعتراف بالآخر.. ولكن ما
تفعله الحرب في يوم يعالجه الحوار في سنة وأكثر فلتحسب الخرطوم عدد سنوات
الحرب لتخطط منذ اليوم لسلام قد يكون بعيداً.
هو صراع بين الراعي والمزارع لكنه بعد الشرارة الأولى يتوالد الى صراعات
بين أطراف الكيانات الممتدة حين يؤثر فيه السياسيون والمثقفون في الخرطوم
ولكن الكيان الجديد الذي دخل مؤخراً الى حلبة الصراع هو شركات البترول..
ساعات طويلة وأطراف الصراع يخرجون حممهم البركانية، واستجابوا أخيراً الى
اقتراح مركز بادية، الذي قٌسمت فيه أطراف الصراع الى مجموعات.. كل مجموعة
عليها أن تأخذ نموذجاً لدراسته بعد ان تحدد أطراف الصراع، والمؤثرين فيه
وعلى كل مجموعة أن تحاول الإجابة عن السؤال:لماذا يتقاتل الناس؟ ما هي
المظالم والمطالب؟ وهل العنف هو الطريقة للحصول على الحقوق؟.. وحددت جاكي
ود.ليندا مهام المجموعات بدقة أكثر بأن لا تنسى كل مجموعة التفكير في دور
الغائبين المؤثرين في الصراع.. ومن بعد اقتراح الحلول.
أمامي مجموعات متصارعة في الميدان تجلس الآن على موائد في حوش صغير،
مجموعة لقاوة، كادوقلي،الصبي والمنادل، الفرشاية ، المنطقة الشرقية،
بابنوسة، الدلنج... وتدرس كل مجموعة من هذه المجموعات تفاصيل النزاع..
وشرارته التي تبدأ صغيرة ثم تتطاول وتحصد أرواحاً كثيرة..
وبدأ حوار من نوع آخر.. يضيف أسباباً جديدة لجملة الأسباب التي ذكرت..
أبرزها الأوضاع القائمة الآن في المنطقة والعلاقة المتوترة بين الشريكين
والتفلتات وارتفاع مستوى التسليح ووردت بعض الإفادات تشير إلى أن القبائل
تمتلك أسلحة من النوع الثقيل. وان (الإرادة الأهلية ما ماليه قاشا) ولهذا
فهي لا تستطيع السيطرة وحل المشاكل، وأن تقليل النفوذ الرسمي يمكن أن
يكون حلاً.
وتواصل السرد من قبائل شتى حوازمة ونوبة ومسيرية وكواهلة وأولاد
حميد،كنانة،الفلاتة،البرقو،البرنو.. الجلابة وأكثر من ذلك تفصيلاً حيث
يعلم القارئ أن بطون النوبة وحدهم بعدد جبال المنطقة وأكثر.. نجمق زندية
كرمز،فسو،حجر السلطان،كرمتي،سلارا،تندية،كارقو،كجورية
،القندا،كوندكيرا،والي،والي أم كرام،البابوية،أبوسعيدة،كيرو،الروم،وآخرين
والحوازمة فروعهم عبد العال،والرواوقة والحلفا في المنطقة الشرقية بقارة
ونوبة ومسيرية ومعاليا وكواهلة ود حامد وحمر وهواوير وشنابلة كل هذا
الخليط القبلي يجول من شمال كردفان إلى جنوبها في رحلة التسوق، رحلة
تتابع الفاصل المداري إنما زخة مطره وهكذا يعودون في الشتاء إلى الدمر
والأبالة يذهبون بعيداً إلى ناحية الحدود مع مصر بحثاً عن نبات الجزو.
.. وامسك د.قريشاب بأطراف الموضوع.. يوجه دفة الحوار إلى منتهاه ويلخص
المضامين وصبر الجمع كله على قصة كل صراع.. وقد تضحك من تفاصيل الشرارة
الأولى على بقرة نافرة أو عنز نفشت زرعاً أو دلو سقط في بئر.. وهناك
أيضاً ما هو أقسى من ذلك حيث بدأت ظاهرة جديدة تتمثل في ظهور قطاع الطرق
والمتلفتين ذوي المواتر.. والذين يسرقون الأطفال..ولكن أحد أبناء الفولة
جعل الجمع الذي يتخاصم في الميدان يضحك في مركز البادية حيث قال :قمنا
الصباح ماشين في الدرب، لقينا قدامنا مدينة بحالها أمام عيوننا.. نحن
أولاد المنطقة لم نرها قبل أيام وسألنا عن الخبز وعلمنا أنها شركة بترول.
مدينة تنشأ بين يوم وليلة وكهرباء تشحن موبايلك منها بألف جنيه! وتواصل
الزفير هذه الشركات أهملت البيئة ولوثتها وهؤلاء الشباب العاطلين هذا
الجيل الذي ولد منذ العام 1983م لا يعرف التعايش.. هل يجد طريقة إلى
التوظيف والعمل ويهدأ الصراع..إلخ..
وتنفست الصعداء بعد يومين على صوت جاكي تقول: صعب عليكم لأنكم ولأجيال
أدمنتم العنف والكثير منكم يمارس السياسة وقال د. ليندا:الديمقراطية هي
الحوار هي التفاوض والتفاوض يهدف إلى تحقيق أهداف وعليه لا بد من مواصلة
التفاوض والحوار ولا سبيل غيره للوصول إلى الاستقرار.

لكن الديمقراطية لا تعني أن لك الحق في الحصول على المكاسب بالطريقة التي
تريدها وبدأ تلخيص الأزمة وتشارك في ترتيب أولويات الحل جميع الحاضرين
الذين اتفقوا على سبورة الأحداث المنصوبة في الهواء الطلق على أن الحل
يكمن في الحوار والتفاوض بين المتنازعين وبذر بذور الثقة نشر ثقافة
السلام نبذ الإقصاء ووضع رؤية إستراتيجية لحل مشاكل المنطقة.
وقرر الجمع تلخيص مداولات ملتقى الحوار ورفعها إلى حكومة الولاية
ومتابعتها من خلال المركز والزعماء المحليين والدفع بمسيرة الحوار لأجل
عقد ملتقى صلح في الولاية يضع النهاية للحرب وأوزارها:
باب الله عبد الرحمن:الحركة الشعبية:
باب الله عضو مجلس تحرير المحلية ومجلس تشريعي دائرة سلارا يعلق على
تجربة اللقاء قائلاً التعايش السلمي لم يكن بالصورة المطلوبة بعد اتفاق
السلام نتيجة لأن الناس ما زالوا يعانون من نتائج التعبئة الخاطئة أثناء
الحرب.. وظل الناس يحملون أفكاراً خاطئة أيضاً تجاه الآخر.
- هل الحركة الشعبية تناصر النوبة دون الآخرين؟
= هذا خطأ لأن برنامج الحركة لكل الناس هناك مجموعة كبيرة من النوبة داخل
الحركة وهم يعبرون عن أنفسهم كأشخاص.
- سمعت في هذا اللقاء أن هنالك مناطق مقفولة للحركة بالمنطقة هل هذا صحيح؟
= هناك أسباب كثيرة تجعل مناطق كثيرة في المنطقة مقفولة هذه المجتمعات
عانت من الحرب وهناك غبن وإدارة الحركة للمناطق تختلف عما كانت عليه
أثناء الحرب وبعد الاتفاق لم يجد كثيرون مواقعهم في مؤسسات السلام
الجديدة كما أن عملية الدمج لم تكتمل وفي هذه الظروف الصعبة ما زلنا نعمل
من أجل استقرار المنطقة بالتنسيق مع الإدارة الموجودة بها.
- كيف ترى الانتخابات بالنظر إلى واقع المنطقة الحالي؟
= هناك تحالفات قد تتم في الانتخابات ولكن موضوع الانتخابات هو أمر تحدده
قيادة الحركة كتنظيم.
- وماذا عن مستقبل المنطقة في حالة انفصال الجنوب وفق (حق تقرير المصير)؟
= مستقبل المنطقة مشرق إذا تحققت أشياء منها إيقاف الصراع بين الرعاة
والمزارعين عند حده وان تكون هناك إستراتيجية للمنطقة كلها في حالة حق
تقرير المصير.. ولكن الموضوع العاجل هو تنمية المنطقة ورفع المعاناة
مثلاً مدرسة (الغوس) التي تقع على بعد 17 كيلو من الدلنج يوجد بها معلمان
فقط!
د.إبراهيم أحمد بقادي ضابط المتابعة والتقييم لبرنامج إدارة الموارد بغرب
السودان (إيقاد):
المشاكل الأساسية في المنطقة تتمثل في ضيق المرعى والتوسع في الزراعة على
حساب الرعي وهناك شح المياه وضعف الخدمات بالإضافة إلى الاحتكاكات
القبلية ونحن نتدخل وفق برنامج إيقاد لتحسين وتأهيل المراعي وزيادة مصادر
المياه وترسيم الخارطة الزراعية والرعوية وزيادة الخدمات الصحية
والبيطرية وإقامة الورش وفض النزاعات.
- هل لديكم حصر لحاجة المنطقة من مياه الشرب تحديداً؟
= تحتاج هذه المنطقة إلى 300 موقع من السدود والحفائر والدوانكي وما نفذ
حالياً أقل من 30% فقط ونعمل على زيادة مصادر المياه بالتنسيق مع هيئة
توفير المياه وبرنامج التنمية الريفية وهيئة غرب كردفان للتنمية وبرنامج
إيفاد يقوم على المشاركة المحلية والولائية.
- ما هي المصاعب التي تواجهكم؟
= مشاريع المياه يتم تنفيذها في موسم الصيف وهو موسم ضيق ونعاني من قلة
الآليات والشركات العاملة في مجال المياه وهناك إجراءات طويلة تنتظرنا في
الخرطوم لتنفيذ المشاريع.
- هل يوجد في الولاية من مات عطشاً؟
= نعم يوجد من مات من العطش ولكننا نسعى إلى إيقاف المعاناة من العطش
وهذه معاناة يومية وهناك أيضاً ضعف الخدمات الصحية وشح التقاوي المحسنة
ونحن في السنة الثالثة لمشروع إيفاد الذي يمتد لثماني سنوات.. لا بد من
تخطيط سليم لسد حاجة المنطقة الى الخدمات والاتجاه لعمل قرى ومزارع
ومراعي نموذجية.
المك محمد رحال .. مك عموم قبيلة كادوقلي:
رجل الإدارة الأهلية مهم جداً في هذا المجتمع فهو يرى انه مسؤول عن الناس
ويسعى من اجل استقرار المنطقة وتوفير الخدمات من تعليم وصحة وامن وكان
لنا ترابط وثيق مع المناطق كلها وخاصة مع الناظر منعم منصور ولنا تصاهر
مع كل القبائل.. جدنا رحال تزوج أخت السلطان علي دينار (التاجي) في
دارفور وحبوباتنا تم تزويجهن للعرب، كانت هناك أحلاف لا بد أن نستعيدها
ونحافظ عليها.. وكلما ضعفت الإدارة الأهلية تنازعت المنطقة وتبددت
وحدتها.
- هناك انتخابات في السنة القادمة.. هل ترى أن هذه الانتخابات ستشكل
إضافة لجهة الأمن والاستقرار؟
= الانتخابات قد تكون حلاً لكثير من المشاكل لكن هل إنسان المنطقة مستعد
لممارسة حقه الانتخابي؟ نحن نحتاج هنا إلى بث الوعي ولفريق الناس
بالانتخابات وتنزيل برامجها ليتفاعل معها الناس.
... وتجولت في سوق الدلنج سعر شوال الفيتريتة 120 جنيهاً وسيرتفع السعر
أكثر مع زخات مطر الخريف لان هذه المنطقة منذ الآن ستغرق في الماء ولن
تخرج من عزلتها مناطق كثيرة إلا في أكتوبر القادم وقائمة الأسعار طويلة
ولكنها لا تختلف كثيراً عن الخرطوم ولكنك قد تجد العسل الطبيعي الذي
استخرجته الأيادي من بين صخور الجبال وهذا معهد إعداد المعلمين بالدلنج
تحول إلى جامعة وعلى حواف طرق الأسفلت في المدينة تجد العربات الكورية
تاكسياً لنقل المواطنين الى جانب الركشة والكارو الذي يبدو أن تخصصه هو
نقل الحطب وجلب المياه والمرأة في الولاية هي عماد الاقتصاد فهي تعمل في
كل مكان حتى الصبايا الصغار تطير طريحاتهن في الهواء وهن يعتصرن طلمبات
المياه هذه مدينة ليست لأحد دون الآخرين الناس عرباناً وزنجاً وجلابة
وخلاسيين وأجانب ولكنك إذا ابتعدت قليلاً من مركزها تجد الفرق بين هذا
وذاك كما تحس بالفرق بين ظل شجرة الكنز وشجرة المهوقني وكذلك ليل المدينة
بموسيقاه! وصل إلى أسماعي صوت حفل غير بعيد وتغنت فتاة بأغنيات ظهرت
خصيصاً في زمن الإنقاذ..
أغنيات من نوع (السكلبة...الجقلبة .. الكبكبة )!.. و(راجل المرا) وأشياء
أخرى!.. وكلما سمعت مثل هذا أو قبيله أقول لنفسي (كما تكونون يولى
عليكم).!..
حتى الرقصات الشعبية وطقوسها لا تقام في ليالي الأفراح في مدينة الدلنج
يقيناً إن هذا الوضع جديد بعد ظهور الوسائط الإعلامية التي نقلت ترهات
المركز إلى الأطراف وقد نفتقد بهذا الاستلاب رقصة (الكرن) ..هي الأخرى قد
يجور عليها الزمان .. فقد لا نراها والمنطقة بين ظلال السيوف إلا في سبر
الحصاد، وسبر اللوبيا!.. هذا إن اخلت السياسة سبيل اهل الجبال وزرعوا
اللوبيا !..

نتابع جهدكم ورصدكم القيم

ونحن أصغر من أن نقيم عملكم..

تحياتي