الباكستان ... اسرائيل الشرق الاقصي !!

اذا نظرت بكل حيادية الي المشهد العالمي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وحتي الان، فقد يبدو لك ظاهر الصورة ان هذا هو الوضع الطبيعي للعالم، الذي يبدو انه لم يتغيير كثيرا، ولكن اذا دققت قليلا، لظهر لك جليا بأن دول العالم قد زادت دولتين لم يكن لهما وجود منذ ميلاد المسيح عليه السلام، هاتان الدولتان هما باكستان واسرائيل، وقد صاحبت نشأتهما ظروف متشابهة وازعم انها كانت متطابقة، والفارق في النشأة هو عام واحد فقط ،وجه الشبه بين اسرائيل وباكستان، لا يتمثل في الطريقة التي نشأتا بها فقط، ولكن حتي في الابطال القوميين، فمثلما كان هناك هرتزل الاب الروحي لدولة اسرائيل، نجد الشاعر محمد اقبال الاب الروحي للباكستان، وكما كان بن غوريون مؤسس الدولة الاسرائيلية، كان القائد الاعظم محمد علي جناح علي الطرف الباكستاني، بجانب الفكرة القومية للنشأة، فالباكستان انشيئت من اجل تحقيق فكرة الوطن القومي للمسلمين الهنود، فكذلك قامت الدولة الاسرائيلية علي فكرة الوطن القومي لليهود، الفعل البريطاني في نشأة الدولتين كان حاضرا بقوة، ففي حين استندت اسرائيل في نشأتها علي وعد بلفور بأنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، نجد ان اللورد مونتباتن هو مهندس انشاء دولة الباكستان، فقد تقدم في يونيو 1947 بطلب تقسيم الهند الي دولتين احداهما دولة هندوكية وتسمي الهند، والاخري هي دولة اسلامية تسمي الباكستان، وقد شهد العالم لأول مرة في تاريخ البشرية اكبر حركة تهجير (ترانسفير) حيث نقلت قوميات باكملها عبر الحدود، وقامت الباكستان بتاريخ 14/7/1947 لم يستنكرها احد بما فيها الدول الاسلامية والعربية، وهذا الصمت كان هو السابقة الدولية التي ادت الي قيام اسرائيل بنفس الطريقة، بصورة تطابقت فيها الخطي والافعال، وتوج ذلك بقيام دولة اسرائيل في 8/5/1948 ، المدهش في الامر ان الدولتان انشأتا بارادة بريطانية، ولكنهما نشأتا في حضن الولايات المتحدة الامريكية، فأمريكا تبنت الباكستان منذ اليوم الاول، فالباكستان هي اول حليف استراتيجي لأمريكا في منطقة الشرق الادني وهي التي جعلت منها رأس الرمح في حلف بغداد المركزي،وزودتها باحدث ما انتجته الالة العسكرية الامريكية، وظلت كذلك بجانب اسرائيل الي ازمة تزويد باكستان للصين باسلحة امريكية متطورة دون موافقة امريكا، الغريب ان اسرائيل نفسها نحت هذا المنحي وهو امر ادي الي فتور مؤقت في الحلف بينها وامريكا، ومما يوحي بالعلاقات المتميزة بين اسرائيل وباكستان، هو حادث التفجير النووي الهندي، في ذلك الزمان كان نواز شريف (اليميني الاسلامي) وحزبه الرابطة الاسلامية علي رأس السلطة في باكستان، وكان علي رأس الوزارة الاسرائيلية بنيامين نتانياهو ( يهودي يميني) وحزبه الليكود ، ففي مؤتمر صحفي عقده في زيارة له للقاهرة، سئل عن رؤية اسرائيل عن الوضع في شبه القارة الهندية، فقال بالحرف الواحد ( لو كنت في مكان شريف لقمت بالرد علي هذا التفجير) الامر الذي فهمه نواز شريف، فبعد اقل من 24 ساعة من تصريح نتانياهو قام بتفجير القنبلة النووية الباكستانية، وهو امر ما كان ليحدث لولا موافقة اسرائيل.
الغريب في الامر ان الدول الاسلامية والعربية التي ارتضت بانتزاع ارض من الهند وانشاء وطن قومي للمسلمين فيها، وبعد ان بات سابقة في تاريخ دول العالم الحديث نجدها تعترض علي قرار اتخذته الجمعية العامة للأمم المتحدة بأنشاء دولة اسرائيل، وليتهم تعلموا من التجربة الهندية ففي حين تعايشت الهند مع الواقع والدولة الجديدة، وشقت طريقها نحو التقدم والازدهار الاقتصادي، نجد ان العقلية العربية ظلت حبيسة العام 1948 حتي اليوم دون اعتبار للحقائق علي الارض، ولم تسعي لتطوير نفسها...والاغرب ان الهند ظلت تساند الدول العربية في قضيتها ضد اسرائيل ولم تعترف بها الا بعد ان اعترفت بها مصر والاردن، ومنظمة التحرير الفلسطينية.