ليت لي إزميل فدياس وروحا عبقرية

ليت لي إزميل فدياس وروحا عبقرية


09-24-2003, 10:15 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=2&msg=1064394938&rn=0


Post: #1
Title: ليت لي إزميل فدياس وروحا عبقرية
Author: عبد الجبار
Date: 09-24-2003, 10:15 AM

ليت لي إزميل فدياس وروحا عبقرية

منذا ينحت أحجار تراثنا وثقافاتنا المنسية؟


ما هي الأسئلة التي يمكن أن يثيرها عنوان كهذا في ذهن القارئ السوداني الذي نتجه له بالسؤال؟ أي علاقة للترجمة موضوع المقال بإزميل فدياس وأي ترجمة وفي أي فرع من فروع المعرفة الإنسانية... وفي أي لغات سودانية؟ مثل هذا المونولوج الداخلي هو الذي يهدف هذا المقال الموجز لتحريضه في ذهن القارئ وحضه على إثارة هذه العلاقة الجدلية الوثيقة التي تعطي للترجمة في بلادنا دورا أكبر بكثير من مجرد نقل نص أو وثيقة أو كتاب ما من لغة إلى لغة أخرى. ففي بلد مثل السودان بكل ما نعرفه عنه من تباين ثقافي ولغوي وعرقي وديني وسياسي واسع, لا يمكن أن تقف الترجمة في حدود تعريفاتها الأكاديمية اللغوية الميتة بين صفحات الكتب, وإنما يصبح لزاما عليها أن تمتد لتشمل مدلولاتها ووظائفها اللغوية المعرفية الأوسع لدى معانقتها واقعا فسيفسائيا متميزا وشائكا كما هو حال واقعنا السوداني. شد ولفت انتباهي كثيرا أن تنظيماتنا وأحزابنا السياسية بمختلف ألوان طيفها لم تشر من قريب أو بعيد إلى أهمية الترجمة ودورها في عملية البناء الوطني, رغم أنها يتوقع لها أن تلعب دورا لا يستهان به بين عناصر الفعل الثقافي الأخرى في عملية البناء هذه. أستثني من هذا التعميم إشارة المثقف الجنوبي البارز الدكتور فرانسيس دينق في حديثه الذي ألقى به إلى الحضور والمشاركين في ندوة "السودان: الثقافة والتنمية .. نحو استراتيجية ثقافية" التي عقدت في القاهرة في أغسطس 1999 وشارك فيها عدد كبير من المفكرين والمبدعين السودانيين. وحده الدكتور فرانسيس دينق الذي أولى للترجمة دورا في مجمل القضايا والموضوعات التي تناولتها تلك الندوة, علما بأن تلك القضايا كانت تشكل محور تخطيط استراتيجي شامل الرؤى والأفكار والاتجاهات لما يمكن أن تكون عليه صورة ثقافة سودان ما بعد الإنقاذ وما بعد كل الديكتاتوريات, أي سودان الحرية والديمقراطية المستدامة إن جازت الاستعارة اللغوية من حقلي البيئة والاقتصاد. ولم يكن انتباه الدكتور فرانسيس دينق لدور الترجمة وأهميتها ناجما عن فراغ أو محض صدفة. فما عرف عن فرانسيس دينق أنه هو نفسه مارس الترجمة في مجمل ما كتب: من "ديناميات الهوية" في منتصف عقد السبعينيات, مرورا بمؤلفه" رجل اسمه دينق " و"طائر الشؤم" وحتى كتابه "أحاجي الدينكا". ليس القصد هنا إعداد قائمة شاملة بمؤلفات فرانسيس دينق وإنما التأكيد على أنه مارس الترجمة في مجموعة واسعة ومتنوعة من الكتابات حتى حين كتب بلغة إنجليزية يجيدها إجادته لغة أهله الدينكا. والترجمة التي مارسها دينق هي الترجمة من لغة الدينكا وربما العربية التي يتحدثها بطلاقة أيضا, إلى اللغة الإنجليزية. ولعل أكثر ما رسخ قناعته بدور الترجمة وأهميتها في بناء جسور الثقة النفسية والتبادل الروحي الوجداني بين مختلف السودانيين وأعراقهم وقبائلهم وانتماءاتهم الدينية والسياسية والثقافية, هو ترجمته لما هو مرتبط على نحو مباشر بوجدان الناس ومخيلتهم ومشاعرهم في روايته " طائر الشؤم" وكتابه عن أحاجي الدينكا. هذا الأخير كان تحريرا وترجمة لمادة شعبية جمعها فرانسيس دينق في أصلها في لغة الدينكا, ثم تولى ترجمتها والتقديم لها وإعدادها بعد ذلك للنشر. وفي حديثه في الندوة المذكورة آنفا قال فرانسيس دينق قولا مهما جدا في معنى قدرة الترجمة دون غيرها من وسائط التفاعل اللغوي الأخرى على سد الفجوة النفسية والثقافية واللغوية الناشئة عن الحواجز اللغوية المترسبة عبر القرون بين شتى المجموعات والكيانات العرقية والثقافية التي يتكون منها نسيج المجتمع السوداني. ومن هنا ألتقط الخيط وأتابع القول إن قرونا عديدة من الاستعلاء العرقي والثقافي والديني مرت على السودان انطلاقا من عقلية الهيمنة ومركزية الثقافة العربية الإسلامية, استطاعت أن تخلق واقع الاستلاب والتهميش اللغويين الثقافيين وإخراس صوت كل الثقافات والألسن الأخرى عدا صوت الثقافة المسيطرة وحدها. ولذا فقد كان طبيعيا أن تنشأ فجوة لغوية ثقافية ويفقد السودانيون الثقة وإمكان التواصل السهل الميسور فيما بينهم ويتعذر عليهم فهم بعضهم بعضا في المستويات التي تتجاوز حدود لغة التبادل اليومي البسيط لتغوص إلى مستوى التبادل الوجداني العميق. هذا المستوى عادة تعمل فيه اللغات المحلية الدارجة للشعوب, ويوجد أكثر ما يوجد في لغة الشارع والنكات والأغاني والأشعار والأمثال ومجمل عناصر الأدب الشعبي الشفاهي. وهذه هي العناصر التي تلعب دورا كبيرا وسحريا في طمأنة الناس إلى بعضهم البعض وبناء جسور الثقة بينهم. بهذا المعنى يمكن القول إيجازا إن الترجمة البينية الثقافية بين مختلف لغات السودان المحلية من جانب, وبين تلك واللغيتين العربية والإنجليزية من جانب آخر تشكل أداة في غاية الأهمية بين أدوات البناء الوطني. صحيح أن إنشاء قسم اللغات الإفريقية المحلية في معهد الدراسات الإفريقية الآسيوية بجامعة الخرطوم يعد خطوة كبيرة في اتجاه الاعتراف بلغاتنا المحلية والسعي الجاد لتنميتها وتطويرها بدلا من التعالي الأجوف عليها, وصحيح أن دراسة الترجمة قد شهدت نموا ملحوظا في مؤسسات التعليم العالي خلال العقد الماضي ولم تعد وحدة الترجمة والتعريب هي الجهة الوحيدة التي تقاتل في هذه الساحة مثلما كان حالها في السابق. غير أن كل هذا لا يخرج عن دائرة النشاط العلمي الأكاديمي المعنى بالدرجة الأولى بإكساب الطلاب والدارسين المهارات اللغوية والترجمية التي تؤهلهم لشق طريقهم في هذا المجال. ولذلك فِِِِإن المطلوب في حقل الترجمة ولكي تلعب دورها الفاعل في سد الفجوة النفسية اللغوية الثقافية وحفز عملية الحوار والتبادل الثقافي العميق بين مختلف أهل السودان وتمهيد التربة التي يتطلبها التعايش السلمي الثقافي والعرقي والديني بين السودانيين على مختلف مشاربهم وانتماءاتهم هو أن يكون هناك تخطيط استراتيجي واع بهذا الدور وأن تتوفر لمثقفي السودان ومترجميه وباحثيه مؤسسات بمضاء إزميل فدياس في قدرتها على نحت حجار ثقافاتنا وتراثنا الثقافي المنسي. فحتى الآن لم يلح هذا الإزميل بعد في أفق مخططاتنا الاستراتيجية لبناء سودان المستقبل, ولا تزال هذه المخططات مشدودة بحبل من مسد إلى صخرة السياسة اليتيمة وحدها وكأن السياسة هي البلسم الشافي الوحيد لأدواء وأوجاع الواقع السوداني كله. والأهم من ذلك أن كل شئ في بلادنا لا ينجز ولا يجري التخطيط له إلا في علاقة دورانه حول قطب السلطة الحكومية الخاملة العاطلة عن الموهبة وقدرة الخلق والابتكار في معظم الأحيان. المطلوب هو وجود مؤسسات معنية بدراسة الواقع الثقافي واللغوي والجمالي للسودان وترجمة ثقافاته وإبداعه وتحويلها إلى ملكية فكرية عامة متاحة لأهل السودان ولغير أهل السودان. فمن مزايا الترجمة أنها نافذ ة للانفتحاح بأدبنا وفكرنا وثقافاتنا على العالم الخارجي والتفاعل مع ثقافات وإبداعات وإنجازات الثقافة الإنسانية العريضة. لا أدري كيف يتحقق هذا الحلم وينجزعلى المستويين الأهلي والشعبي, غير أن حاجة بلادنا له لا تقل عن حاجة الحجر إلى الإزميل الذي يستنطقه وينضو عنه جموده وصمته وعزلته القاتلة. وفي قناعتي الراسخة أن واجبات التغيير الثقافي وتغيير الوعي تسبق واجبات التغيير السياسي والاقتصادي وغيرها مما يجب تغييره في بركة واقعنا الراكدة الآسنة.

عبد الجبار عبد الله [email protected]

Post: #2
Title: Re: ليت لي إزميل فدياس وروحا عبقرية
Author: مارد
Date: 09-24-2003, 10:35 AM
Parent: #1

الأخ عبد الجبار
أولا أحييك على هذا المقال الرصين الذى أشار فى ثناياه إلى ملاحظات هامة حول غياب دور الترجمة فى التنمية والبناء ..ولا أكتمك سرا بأن بعض التساؤلات كانت بين الفينة والحين تقفز لذهنى فيما يتعلق بنقل تراثنا إلى اللغات الأخرى ، وكنت دائما أتذكر كتاب طبقات ود ضيف الله وغيره ، وكنت دائما أيضا أتساءل ! من لهذه المهمة الصعبة !؟ وأى مؤسسة أو شخصيات اعتبارية ستغامر وتبادر لاحتضان مجهودات بهذه الضخامة !؟ .. ختاما لك ولدكتور فرانيس دينق تقديرى الخاص

Post: #3
Title: Re: ليت لي إزميل فدياس وروحا عبقرية
Author: mustafa mudathir
Date: 09-24-2003, 06:40 PM
Parent: #2

Hoppa
which means up. I am becoming very sensitive about
what I write. Some people think I mean what I don't
mean!
mustafa mudathir

Post: #4
Title: Re: ليت لي إزميل فدياس وروحا عبقرية
Author: عاطف عبدالله
Date: 09-25-2003, 09:43 PM
Parent: #3

.

Post: #5
Title: Re: ليت لي إزميل فدياس وروحا عبقرية
Author: doma
Date: 09-26-2003, 08:12 AM
Parent: #4

عبد الجبار عبد الجبار مواضيعك دايما هادفه وجديره بالقراءه
شاكرين لمجهوداتك

Post: #6
Title: Re: ليت لي إزميل فدياس وروحا عبقرية
Author: mustadam
Date: 09-26-2003, 10:38 PM
Parent: #1

ألتحيه والتقدير على هذا الطرح المتميز يا صديقى الذى لم اقابله بعد. وهذا هو لب الأستشكال الذى زهق فيما زهق أكثر من مليون متحدث بلغات شتى, ومتغنى بأغانى عددا. و طرح فيما طرح, أحلام جوعى لنمط معرفى أرقى,
ولكن الحق أوفى. فترجمة طائر الشئوم إلى العربيه هى من إبداع الدكتور عبداللة النعيم, والأغانى المضمّنه فى الروايه صاغها نظمامترجم عن الترجمه من لغة الدينكا بروفسر عصام عبدالرحمن البوشى
ولك حبى و إحترامى
مصطفى آدم

Post: #7
Title: Re: ليت لي إزميل فدياس وروحا عبقرية
Author: mustadam
Date: 09-28-2003, 10:14 AM
Parent: #1

up

Post: #8
Title: Re: ليت لي إزميل فدياس وروحا عبقرية
Author: SAMIR IBRAHIM
Date: 10-19-2003, 02:21 AM
Parent: #7

عبدو..... فوق....