تخيل كيف يكون حالك !!؟

الشتات ، الهجرة ، السفر إلى أقصى أقاصي الدنيا ، هاجس كل من يعيش داخل السودان . العودة ، الاستقرار، العيش بين الأهل ، هاجس كل من يعيش خارج الوطن
وفي الغالب ينجح من في الداخل في تحقيق هاجسه أكثر من ذاك الذي يعيش في الخارج ، فالعودة عصية على الكثيرين لأسباب عديدة ، لكن الوضع السياسي في السودان يظل أهم وأكبر هذه الأسباب ، وضع يفرض عدم الاستقرار ، الخوف ، الاضطراب ، الإقصاء ، التهميش ، وأخيرا سلب حصيلة العمر وشقاءه ، وتركك وعيالك عالة تتكففون الناس
وقد هاجر العديد من السودانيين لسنين طويلة ، وبعضهم لا يتمكن من العودة إلى البلاد في إجازات منتظمة ، إما لظروفه الخاصة أو لظروف تتعلق بنشاطه السياسي ، وخلال فترة الغياب هذه ربما تحدث الكثير من المتغيرات والأحداث على المستوى الشخصي ، لكن أسوأها أن يقال لك أن أحد والديك قد انتقل للدار الآخرة . وأنت لا تستطيع أن تعود للبلاد حتى لتلقي العزاء
وهذا ليس أمرا نادرا إنما هو أمر يتكرر يوميا ، هو مجرد رنة تلفون ، ترفعه ، فتسمع الطرف الآخر يخبرك بهذا الخبر الأليم ، وأنت كنت تنتظر أن تعود ، وتجد والديك على قيد الحياة ، وترغب في أن تبرهما وتجود عليهما بجزء من حصادك ، وأن ترد جزءا يسيرا من جميلهما عليك
تخيل عودتك إلى الوطن ، وأنت تحزم حقائبك لأخر مرة لأن كل الظروف التي دفعتك للاغتراب قد زالت كليا ، لكنك تدخل البيت فتجده نفس بيتك الذي نشأت وتربيت فيه ، لكنه من غير والدك أو والدتك أو من غيرهما الاثنين
تخيل كيف يكون حالك

صديقي العزيز
انا عشت هذا الموقف الذي لا يمكن أن ينمحي من ذاكرتي أبدا رنة التلفون واخباري بوفاة والدي رحمه الله - ما أمرها من لحظات بعدها وحين رجوعي من العزاء بدأت أسأل نفسي عن ذلك الاحساس الذي تملكني و هو احساس بعدم الرغبة في الرجوع للسودان هل هو احساس حقيقي أم هو ناتج من حزني الذي مرت عليه 4 سنوات ولم يتغير احساس وشعور قبيح مش كده بالله؟

أم سهى
لك التحية
ما عايز أقلبها عزاء ، ولكن توفي والدي في نفس الفترة تقريبا وقد عدت للسودان مرتين خلال الفترة التالية لوفاته ، والبيت لم يكن هو البيت والحال لم يكن هو الحال ، فما بالك بمن لا يتمكن من الذهاب للعزاء ، ولا يتمكن من العودة إلأ إذا زالت الظروف الطاردة من البلاد ؟

ود قاسم الغربه ، هي اكبر مصائبنا
خاصة اذا اضفت لها ، اولاد المغتربين المشوهين ، ويبدو ان اكثرنا
لا يفطن لهذه النقطه ، وهي كيف لنا ان نربي ابناءنا خارج السودان تربيه سودانيه ؟

دمت

رقم صفر
هموم الغربة عديدة ، ولكن أنا واحد من الناس وقف والدي ضد اغترابي لكني لم أطعه ، وأتيت له بمن بقنعه بضرورة غربتي ، لكن والدي قبلها غربة مشروطة محددة بفترة زمنية مدتها سنتان ، لكني اغتربت عشرين عاما ، وتوفي والدي ولم يحقق أمنيته في أن يجعلني إلى جانبه أو حتى جارا له