كوابيس في دهليز الفهم / مقطع من بلاد الكرنفال ... جورج امادو

سنتزوج السبت القادم ، قالها باولو ريجر. وسنرحل في مساء اليوم
ذاته إلى نيويورك...
والتصقت ماري دي لورد بكتفه ،وهي تبكي.
ـ مآبك يا لوردينا ؟ ألست سعيدة؟
ـ أجل يا باولو ، ولكن....
ـ ولكن .. ماذا ؟
ـ أود أن أقول شيئاً .
ـ قولي يا حبيبتي .
ـ ليس الآن ، بل هذا المساء يوجد كثير من الناس هنا . سنذهب في تزهه هذا المساء ، وسأخبرك

أمضي باولو طيلة بعد الظهر في حالة من نفاذ الصبر مجنونة . فأي شيء
جدّي إلي هذا الحد كانت تزمع أن تخبره ؟ لقد كان دائماً يوجس ريبة من
سر تكتمه عنه . تلك الكآبة ... وشعر ريجر بغمًّ شديد يجتاحه . إنه يجزع من
ضياع السعادة التي صارت في متناول يده ، من أن يري نفسه من جديد
غارقاً في الحيرة ، بلا هدف . وبكت ماريا دي لورد طيلة بعد الظهر . أن
لا يغفر لها .
كانت الليلة أجمل منها في أي وقت آخر . ليلة عشاق كبيرة قبل أن
يخرجا ، تعانقا طويلاً في الدرج . وكان لديهما انطباع بأنهما يتعانقان لآخر
مرة . مشيا في الشارع وقتاً طويلاً دون أن ينبسا بكلمة . فهو كان يوجس
خيفة من الشيء الذي وعدته بإطلاعه عليه . وهي لا تملك الجرأة علي
إخباره بكل شيء . فحزم أمره وقال لها :
- تكلمي يا خطيبتي الحلوة ...
وراحت تخبره وهي تجهش بالبكاء . إنها لم تعد عذراء . روت له حبها
لأوسفالدو ، وكيف استسلمت له ببراءة ، دون أن تدري ما تفعل . إنها
تستحق الغفران . لكنها لم تخبره من قبل خوفاً من أن لا يغفر لها . فهل يغفر
لها ؟
أما هو ، فقد انتابته رغبة وحشية في التلذذ بالألم فطلب منها أن تروي له
كل ما جري بأدق التفاصيل .
وشعر بأن أضواء المدينة تنطفيء شيئاً فشيئاً شاعت
الظلمات في نفسه . وهربت السعادة . وغرقت المدينة في ظلام دامس . تعلقت
ماريا دي لورد بعنقه وراحت تعض شفتيه . وفجأة عاد النور بقوة إلي
المصابيح الكهربائية . لكن نفس باولو ريجر ظلت غارقة في الظلمات .
قال لها وكأنه سكران :
- هيا بنا ...
رافقها حتى بيتها . وتركها عند أسفل الدرج باكية . ومضي وهو يتنشق
الهواء بقوة ، تتملكه رغبة في ضرب العابرين ، في أن يبصق في وجه النساء ،
في أن يتفوه بكلمات بذيئة .
اندهش أصحابه إذ رأوا سحنته . فسألوه عن السبب . " لا شيء ، لا
شيء . دعوني وشأني يرحمكم الله ". طلب من الخادمة أن تأتيه بكأس
" كاشاسا " . شرب كثيراً . وفي آخر الليل قص علي أصحابه حكاية شقائه
وهو يبكي من شدة غيظه .
- فسأله جيرونيمو :
- والآن ماذا تنوي أن تفعل ؟
- وهل أدري ! هل أدري ! هل بقي لي رأس يفكر ؟ ... لا أريد التفكير بما
سأفعل !
ارتأي ريكاردو أن خير ما يمكن أن يفعل هو أن يتزوج . هذا أفضل
حل . لابد أن تكون ماريا دي لورد صادقة . فليتزوج . أوليس هو من أعداء
التقاليد ؟
فاعترض خوسيه لوبيز قائلاً :
- ليس بهذه السهولة يمكن التغلب علي التقاليد . إن وراءها تسعة عشر
قرناً . ياله من إرث رهيب ...
- أنت علي حق يا خوسيه . أنا لا أستطيع التغلب علي التقاليد . أنا أشعر
بأنها جديرة بحبي . ولكني غير قادر علي الزواج منها . أنا حيوان ، لأني أترك
السعادة تهرب مني .
رافقوه إلي بيته . وبقي ريكاردو براس لينام عنده . لربما أقدم علي عمل
جنوني .
ظل الاثنان يتحدثان طوال الليل كله . عقد باولو ريجر العزم علي زيارة
ماريا دي لورد في صباح غد والزواج منها . ولم لا ؟ فما شأنه بماضيها ؟ وظل
يجاهد نفسه . ومع ذلك فهو يشعر باستحالة التغاضي عن الماضي ، باستحالة
اقتلاعه من ذاكرته . لماذا أخبرته كل شيء ؟ لماذا لم تدعه يجهل كل شيء .
كان بوسعهما أن يكونا في غاية السعادة .
في اليوم التالي مرّ عدة مرات أمام بيتها ، لكنه لم يجرؤ علي الدخول،
فقال لخوسيه لوبيز :
- أنا رجل شقي ! أنا بائس . لقد قتلت سعادتي بيدي ! لأني لم أتمكن من
قهر التقاليد ! لكم أنا معتوه ، أبله ...

الكوابيس هنا ليس لها علاقة بالرواية كعنوان ولكن لها علاقة بالفكر المتحرك داخل النص واذكر حين استهدفت الانثى في هذالبورد كنا نناقش فتح بوست يفتح في ماهو مسكوت عنه في عقلية الرجل

هنا ياتي باولو هذا الرجل الذي درس فس فرنسا عائداً الى وطنه البرازيل وحيت ان المكان باهيا وهناك كرنفال سمية بكرنفال السامبا عفواً كرنفال اشباع الغرائز كما نوقش من وجهات نظر مختلفة وهنا الانثى تعني الحبيبة والحياة والسعادة والامل ولكن هل يحق لباولو ان يتمسك بالتقاليد والانانية ويركل حبه وسعادته وهل هرب الاصدقاء من النساء بحثاً عن السلام
هل وجدو السعادة في التعمق في الفلسلفة
كل ذلك رهين هنا بموقف باولو
هل موقف بالو من حبيبته هو نفس موقف مثقف اليوم
نحن نريد ان ندخل في عقلية باولو بإعتباره يمثل شريحة كبيرة من الرجال
نترك التحليل لكم احبتي

ملحوظة هذه هي الرواية الاولى التي كتبها جورج امادو وكان عمره في ذلك الوقت أقل من تسعة عشر عاماً
وطبعت اول نسخة منها في عام 1931
وهذه ترجمة عربية عن الترجمة الايطالية للرواية قام بترجمة الكتاب
مصطفى كريم
اعجبتني من ضمن رويات امادو روايته الرائعة الدونا فلور وزوجها الاثنان وفي اعتقادي انها اقوى من قابرلة واعمق بل من الممكن ان تكون الرواية التي تنقلك في عالم بسيط وحياة بسيطة لامراة بين زوجين ولكن بمنتهى المتعةوتصور لك احساس امراة بكل فرحها ومرحها وحزنها

فووووووق

شكراً جميلاً يا هدهد يا رفيق الخشبات وانت تفتحنا الى عالم
جورج امادو النابض هذا الرجل الذى كتب عن شعبة بإسلوب
تسجيلى ووثائقى فكثير من شخوصه عاش معه فى باهيا مدينة القديسين
حتى دونا فلور نفسها والتى نجد رسالة منها لامادو فى احدى الطبعات
المتأخرة من الرواية التى يحكى فيها عنها، تخبره بحب عن بعض الأحداث
التى مرت بها بعد نشر الرواية وكأنها تخبر القارئ بما بعد القفلة
وأعجبنى هذا التكنيك وزادنى دهشة فى تجربة امادو الروائية
شكراً مجدداً يا رفيق الخشبات على المساهمات الذكية
واصل عن هذا الرجل الذى مات قبل عاميين وهو فى الثمانين
مخلفاً وراءه ملحمة ضخمة لشعب يشبهنا جداً نحن السودانيين

هدهد


التحية لك


هل سناقش فيما إذا كانت الثقافة تقتل التقاليد العمياء
باعتبار ان ما فعله باولو كان اتباعا لتقليد أعمى؟

أم أننا نريد أن نصل إلى أي حد يمكن للثقافة أن تحرر الفكر؟

وجهان للفكرة


و سآتي لاحقا إن شاء الله

هدهد يا ضو المصابيح
حارجع واقرأ اختيارك الموفق
بس حبيت احييك
واقول : مشتاقين يا ذوق

ياله من اختيار بديع ياهدهد
انه مقطع قصير لكنه يطرح العديد من الاسئلة الكثيفة القاسية والحادة
والواضحة والمباشرة
في الثقافي والاجتماعي
والانا في رغباتها الخاصة وربما المحايدة
تنظر تراكماتها المصاحبة من بعيد
وايضا مدى التشابه الكبير بين الكثير من بقاع العالم اجتماعيا
وشروط الواقع التي تنظر لأنماط السلوك البشري
والنظر اليها من زاوية الخاص ومن زاوية التقاليد
ومن زاوية التحولات الثقافية ومدى قدرتها على الفكاك
اوالارتباط بالذهنية السائدة ورغباتها

*يا ترى ما بال ماري دي لورد ( لوردينا)..؟

وهي التي لا تسطيع ان تعلن انها مارست الجنس من قبل

**هل هو خوفها المتلصص والذي يشهر لها أنه سوف يسرق سعدتها
كما سرقت التقاليد العمياء سعادت باولو..؟

**او لإحساسهاأن الرجل الذي امامها برعم كونه مثقفاً ومتعلماً
**تسيطر عليه هواجس تجعله افظع مايكون من العادي...؟
**لماذا تريد أن تخبره بعيداً من الناس....؟
**هل الناس يشكون المجتمع الاخلاقي على المستوى الظاهري
والمتفسخ اصلاً على مستوى السلوك والممارسة....؟

**هل المجتمع هنا يمثل بالوعة الوهم والخسارة والقمامة...؟

**لماذا لا يحرر باولو نفسه وعشقه بعيداً عن الفهم العادي...؟

**هل لحظة القلق والتوتر والحيرة تمثل ماهو صعب بالنسبة له....؟

**تلك القبلة اللعينة .. ماذا تعني هل تعني القبلة الاخيرة
ماهو طعمها في الحالتين حالة باولو حالة لوردينا...؟

هذه الاسئلة وغيرها تدور في راسي وانا اعيد قرأة هذا المقطع

العزيز الشفيف منعمشوف
شكراً لك وانت تطل هنا عميقاً مدهشاً دائماً كعادتك كفنان مرهف
استطاع أن يشدني حد اني التجم بالصمت ولا استطيع القول
وانت كالظل في هذه الحرارة التي تحاصرنا من كل فج
اني أتذكر تلك العروض المدهشة لعاطف خيري وهو يعالج شخصية بيدرو
بطل فرسان الرمال
أه