الحاج وراق....بعض من اخطاء الترابى

الحاج وراق....بعض من اخطاء الترابى


08-20-2003, 07:42 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=2&msg=1061361766&rn=0


Post: #1
Title: الحاج وراق....بعض من اخطاء الترابى
Author: الكيك
Date: 08-20-2003, 07:42 AM

| اتصل بنا | الصفحة الرئيسة | هيئة التحرير | كتاب مشاركون |مجموعة الوسائط |

الصفحة الرئيسة
اخبار
اعمدة
رأي
حوار
الأعمدة
الإرشيف
البحث
مسارب الضي
آباء وأبناء !

الحاج وراق



* إتصل بي أول أمس أحد قيادات الحركة الإسلامية ، من المقربين للدكتور الترابي ، وفضل حجب إسمه ، وعاب على مقالي الذي نشر يومها ماورد فيه من تقييم إزاحة الدكتور الترابي عن القيادة باعتبارها خطوة إصلاحية ... وسرد علّي العديد من الوقائع التي شهدها شخصياً والتي تؤكد ليبرالية الدكتور الترابي في قيادة الحركة الإسلامية .. وقال بأنه لمس من الدكتور الترابي ، وقد قابله شخصياً قبل عدة أشهر إلتزاماً بالحرية للجميع ، وإصراراً على عدم تكرار نهج الانقلابات العسكرية ... ونوه إلى إجتهادات الدكتور الترابي ذات الطابع التجديدي خصوصاً فيما يتعلق بحد الردة ليخلص إلى أنه الأكثر إنفتاحاً وإصلاحية في الحركة الإسلامية .
* ومن المحرج هذه الأيام لأي ديمقراطي أن يتناول مسيرة الدكتور الترابي بالمراجعة النقدية ،وذلك لأن الحساسية الديمقراطية تنزع إلى التعاطف مع من هم في موقع الضحية ، وتأنف من انتقاد أولئك الذين لا تتوفر لديهم القدرة على الدفاع عن أنفسهم . ويشغل الدكتور الترابي مثل هذا الموقع حالياً ، واضعين في الإعتبار مايحيط ذلك من إلتباس - فهو ضحية ، ولكنه ضحية ذات مشروعه الفكري والسياسي !
متجاوزاً هذا الحرج إلى حدود معينة ، وداعياً في ذات الوقت إلى إطلاق سراح الدكتور الترابي ، فذلك ما يستوجبه الموقف المبدئي من قضية الحرية - الحرية لنا ولسوانا ، وكذلك لتتوفر لنا فرصة المحاججة العادلة والنزيهة معه ، وإلى حين ذلك أكتفى ببعض التعليقات والإشارات :
* هناك بذرة حقيقة في المنطلقات التي تأسست بموجبها الحركة الإسلامية في البلاد ، وأعني بهذه البذرة تقييد السياسة بضوابط القيم (الدينية أو الأخلاقية - والأمر سيان ) . فالسياسة بلا ضوابط أخلاقية تتحول إلى ( إجرام منظم ) !... ولكن هذه الفكرة الصحيحة تنقلب إلى نقيضها حين يُدّعى بأن سياسة حزب ما هي الدين نفسه أو الأخلاق بذاتها ، بما يعنى إضفاء القداسة على تلك السياسة ، وبالتالى تحصينها من الفحص والمراجعة والنقد والمساءلة ، وقد أكدت الخبرة الإنسانية أن السياسة التي لا تلجمها أعنة النقد والمراجعة والمساءلة - ومهما كانت نوايا أو إدعاءات القائمين عليها - تتحول في النهاية إلى (إجرام منظم ) ولكنه إضافة لذلك محصن بالقداسة !
إذن فهناك بذرة حقيقة ، أهيل عليها الكثير من الركام فلم تنبت ثمرتها المرجوة ، ولكن الأهم أن ممارسة الحركة الإسلامية السياسية ، وقد قادها الدكتور الترابي لأكثر من أربعة عقود متصلة ، ربما تدخل في التاريخ السياسي السوداني من أبواب شتى : ككفاءة التخطيط السياسي ، والقدرة على المخاطرة ، ونجاعة ( التدابير ) والمناورات ، ولكنها قطعاً - ولدى أي مراقب منصف - لا يمكن أن تنهض أبداً كأنموذج موجب لكيفية تقييد السياسة بالأخلاق !
* والدكتور الترابي كمفكر يتجاوز وبكثير قدرات وأطروحات الإسلاميين الآخرين سواء خصومه ومنافسيه أو أقرانه وتلاميذه ....له العديد من الأراء المستنيرة مثل آرائه في تجديد الفكر وأصول الفقه ، وآرائه عن حرية الضمير ( الردة ليست حداً ) وعن حقوق المرأة والموسيقى والفنون ، هذا بالطبع إضافة إلى تجديده لنظم إدارة ومناهج عمل الحركة الإسلامية ، والتي بدونها كانت ستظل مجموعة صغيرة معزولة من الدراويش يثرثرون في نادي أبى روف بأم درمان ، أو تحولت كرصيفاتها في العالم العربي لحركة إحتجاج يائسة بلا بدائل وبلا أفق !
* ولكن المتابع لفكر وممارسة د . الترابي لابد أن يلحظ - ودون عناء - كيف أن د. الترابي المفكر عادة ما يتم توظيفه وإخضاعه لصالح الترابي التاكتيكي السياسي ، ممايطبع نتاجه الفكري بالتناقض والتذبذب وعدم الإتساق ! فنجد دفاعاً عميقاً وحاراً وملهماً عن الحرية في سنوات السبعينات ، ولكن تجد كذلك دفاعاً مستميتاً عن ( دولة الإحاطة بالمواطنين ) في الثمانينات والتسعينات ! ... وتجد دفاعاً نظرياً عن حرية الضمير وفي ذات الوقت تجد تقنيناً تحت إشرافه لحد الردة في المادة «126 » من القانون الجنائي !
ومثل هذه التناقضات ، وفي قضايا بحجم قضية الحرية ، تدفع إلى الإستنتاج : إما بعدم وجود خيط منهاجي ناظم ، أو أن المبادئ - بما فيها الحرية - ليست غايات في ذاتها وإنما سلماً نصعد عليه فإذا أوصلنا المبتغى رميناه !
* لقد اختلف د. الترابي مع الطاقم الحاكم حالياً حول ضرورة الإنفتاح الداخلي ، أي حول الحريات ، وهذا ممايحسب له بلا شك ... ولكن الدكتور الترابي لم يستبن ضرورة الانفتاح الخارجي ، كما لم يستبن ضرورة الديمقراطية الداخلية في تنظيمه ، مما جعل برنامجه الإصلاحي غير متكامل وغير منسجم ، وهذا هو السبب في أن الإنشقاق أدى إلى تقاسم الأزمة بدلاً من تخطيها !
وفيما يتعلق بالقوى السياسية الأخرى فرغم أنها تُثمن إختلاف الترابي مع الطاقم الحاكم حول المزيد من الحريات ، إلا أنها كذلك لا يمكن أن تتغافل عن حقيقة أن أسوأ أيام الإنقاذ ليست هذه الأيام وإنما الأوقات التي كان فيها د. الترابي الآمر الناهي !.... وهي ليست أسوأ أوقات الإنقاذ فحسب وإنما الأرجح أنها الأسوأ في تاريخ البلاد السياسي !
ومما يزيد الشك والهواجس أن د . الترابي مايزال متمسكاً بصحة إنقلاب الثلاثين من يونيو ، مبرراً ذلك أنه دبر للإنقلاب كفترة مؤقتة لتصحيح الأوضاع والعودة إلى الحريات من جديد !... وهذا تبرير سقيم بدلالة نتائجه العملية ، إضافة إلى خطورته البالغة مستقبلاً على الديمقراطية ، فهو يجعل قيادة الحركة الإسلامية مرجع ذاتها ، هي التي تقرر - ولوحدها - متى تنقلب ومتى تنفتح ومتى ترجع للحريات ؟! فأي ديمقراطية نرجو وأحد الأطراف يتصور بأنه يملك « فيتو» عليها ؟!
* ومهما كانت قدرات (الآباء ) الفكرية وخصائصهم الأخلاقية فإنه من طبائع الحياة أن يفتحوا الطريق - طوعاً أو كرهاً - لإستقلال الأبناء بذواتهم ... والأبناء الذين تأسرهم شخصيات الآباء عن توطين النفس وعن التجريب وعن الحق في الخطأ يغلقون على أنفسهم الباب الوحيد لنماء وتكامل الشخصية .... ولهذا السبب فإن التجديد الحضاري والفكري والسياسي إنما يبدأ بالقطيعة مع نفسية : (هذا ما وجدنا عليه آباءنا ) !
ولكن في المقابل فإن الإستقلالية عن الآباء يجب ان تتم كمعاناة ذاتية - فكرية ونفسية ، فهذا من شروط نماء الشخصية نفسها ، ولذا فإن الأبناء الذين يستعينون بالجيران على الأب - سواء كان هذا الجار أجهزة عسكرية أو أمنية أو خلافها - لايحققون المراد لأنهم يواصلون في ذات نهج التبعية وإن اختلف اسم وصفة المتبوع ! وبذلك فإنهم لا يخلّفون ثماراً فكرية أو عملية إضافة إلى كونهم يرتكبون خطيئة أخلاقية !
وقد حفل تاريخنا السياسي بالعديد من هذه النماذج ، تراهم يهجون ويهربون من ديكتاتورية « القفطان » ولكنهم يهرعون ويتغنون بأفضال الطأطأة تحت ديكتاتورية « الكمندة » !
ولذا يجب التأكيد بأن الإصلاح الحزبي معاناة ذاتية ، والهروب من استحقاقاتها وايكالها للغير يشوهها ويبتذلها .
* الآن هناك حنين للدكتور الترابي في أوساط الحركة الإسلامية ، ويرجع ذلك لسبب أساسي ، أنه لم يتم تجاوزه حقاً بعد .... وفي بلادنا حيث ظل القانون الحاكم للتطور الإجتماعي قانون التطور الهابط : (ما بكيتم من شئ إلا وأبكيتم عليه ) ، والذي يتأكد بملاحظة أن غالبية (خلفاء ) الترابي أقل إجتهاداً وأقل استنارة منه ، فلا استبعد شخصياً أن يأتي اليوم الذي نبكي فيه جميعاً على د . الترابي !!


Fatal error: Call to undefined function: add_to____loaded_page() in /home/alsahafa/public_html/news/colview.php on line 71