مقال هام ورؤية تحتاج للدراسة علاقة التماهي ما بين الشيوعي والاتحادي

مقال هام ورؤية تحتاج للدراسة علاقة التماهي ما بين الشيوعي والاتحادي


08-10-2003, 11:21 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=2&msg=1060510869&rn=0


Post: #1
Title: مقال هام ورؤية تحتاج للدراسة علاقة التماهي ما بين الشيوعي والاتحادي
Author: nadus2000
Date: 08-10-2003, 11:21 AM

الإخوة الأعزاء
أنقل لكم مقال للكاتب عمار محمد آدم بسودانايل، وللذين لا يعرفون عمار‘ فهو أحد كوادر الجبهة الإسلامية، أصحاب الرؤى والإجتهادات الخاصة والتي كثيرا ما تتقاطع مع رأي حزبه، والتي قادته إلى النهاية الحتمية وإن تأخرت عما توقعه كان كثيرا من المتابعين، فهو صاحب المقال الشهير إبان الديمقراطية والذي نشرته إحدى الصحف التي كانت تصدر في تلك الفترة وأظن أنها "جريدة الإسبوع" وقد طرح رأياً أثار حنق عضوية حزبه وعضوية الحزب الشيوعي، وقد تحدثت دراسته تلك عن المقاربة بين الحزب الشيوعي والجبهة الإسلامية كحزبيين حداثيين "حسب رؤيته" ودعا في ختام مقال إلى أهمية بحث الحزبين عن مناطق التقارب لا الإختلاف، وقد إستعرض في مقاله كثيرا من الجوانب الإيجابية والنضالية للحزب الشيوعي
وقد إستقال عمار محمد آدم من حزب الحكومة بمقال نشرته الصحف

وأدعوكم جميعا للقراءة المتأملة لهذا المقال، رغم إختلافي مع بعض ما جاء فيه وإتفاقي في جوانب أخرى
===============================================================


علاقة التماهي ما بين الشيوعي والاتحادي
عمار محمد آدم

ليس من قبيل الصدفة مطلقاً، ان يكون حسن الطاهر الذي يحمل السمات المهمة في الحزب الاتحادي الديمقراطي، من القيادات التاريخية للحزب الشيوعي السوداني. كذلك ليس من قبيل الصدفة ان يكذب ابو الشيوعية الاول في السودان، عوض عبد الرازق كذلك وهاهو الحزب الشيوعي السوداني ينتهي وبعد نصف قرن من الزمان، الى نتيجة قد وصلها عبد الرازق مبكرا.
ما بين الحزب الشيوعي السوداني الان والحزب الاتحادي الديمقراطي، حالة من التماهي اراقبها، قواسمها المشتركة هي الاشتراكية والديمقراطية ومن ضحاياها الوجود الطائفي داخل الحزب، وكذلك الوجود الرأسمالي الذي قد جاء في عباءة الطائفية متدثراً بالتدين الطائفي كمنهج براغماتي هدفه الوصول الى السلطة من اجل الوصول الى الثروة.
ودعونا نجرد الحزب الاتحادي الديمقراطي من الطائفية ثم نجرده من الرأسمالية الطفيلية لتظهر لنا معالم الحزب الحقيقية كحزب تقدمي وليبرالي، قيمته الاولى انه يجسد معاني الاشتراكية السودانية من خلال استناده على قاعدة واعية في النقابات المهنية وقطاع العمال والزراع والطلاب، كوجود ثوري مناضل ومستنير واستناده كذلك على وجود اهلي تتمثل فيه القيم الاشتراكية واخلاق التعاون والنفير، والشاعر محمد الحسن سالم حميد، هو العبقرية السودانية التي استطاعت ان تحيل كتاب رأس المال لمنظر الشيوعية كارل ماركس، الى كلمات ومعان بسيطة من البيئة الريفية السودانية، وهذا منتهى العبقرية.
التفكير العقائدي والمنهج الفلسفي للنظرية الشيوعية، هو الذي وقف حجرة عثرة امام التقدم الشيوعي في السودان على المستوى الجماهيري، ولو ان الحزب الشيوعي قدم نفسه من خلال الجسم الاتحادي الكبير، لكان له التأثير الكبير في مجريات السياسة السودانية من خلال وضع دستور دائم للبلاد. ولكن الحزب ارتضى التمثيل الرمزي كديكور في اللعبة الديمقراطية خلال نصف قرن من الزمان، وتجربة الدكتور يوسف ابوحريرة الفردية حين جاء اشتراكيا في عباءة القبيلة وتحت شعار الحزب، ولكن الرأسمالية الطفيلية التي كانت تبسط هيمنتها على الحزب تحت الحماية الطائفية، استطاعت اجهاض مشروع الدكتور الاشتراكي حين كان في موقع اقتصادي مهم في الحكومة.
الصراع ما بين الرجعية والتقدمية داخل الحزب الاتحادي الديمقراطي، ياخذ رمزيته ما بين الرئيس اسماعيل الازهري وهو يتبنى مشروع حل الحزب الشيوعي السوداني وطرد اعضائه من البرلمان، وما بين رمزيه الشريف حسين الهندي كامتداد لحركة جيفارا الثورية العالمية ولوممبا في افريقيا. ولم يكن الشريف حسين مجرد منظر ثوري واشتراكي، ولكنه كان مناضلا فعليا يصدق القول العمل، وان كانت مهمة التنظير قد حاول التنظير لها الراحل شيلاب من خلال حديثه عن الاشتراكية الديمقراطية ،وكذلك امين الربيع من خلال محاولته وضع اساس فكري للحزب.
اما الحزب الشيوعي، فقد اضناه المسير في واقع اجتماعي معقد ليس له من زاد ايدولوجي من بعد سقوط النموذج وبقاء النظرية، وان كانت 19 يوليو 1971م قد دفعت الحزب دفعا لاختيار الديمقراطية كخيار مطلق من بعد تجربة مريرة اودت بحياة اعظم قيادات الحزب التاريخية، كذلك فان تنامي التيار الديني وتبنيه لمقاومة الامبريالية العالمية من بعد احداث الحادي من سبتمبر وانهيار برجي مبنى منظمة التجارة العالمية وظهور الاسلام الثوري، كل ذلك من شأنه ان يؤدي الى موقف جديد ومتطور تجاه الدين، ليس فقط كمكون اجتماعي وثقافي ولكنه كبعد اضافي واصيل من اصل النظرية الشيوعية، وذلك من خلال تبني رؤية جديدة باعادة قراءة فكر الاستاذ محمود محمد طه مصحوبا مع رؤى الياس مرقص والطيب مزين، مع روح السودنة التي حفلت بها اتجاهات عوض عبد الرازق ومحمد ابراهيم نقد.
العلاقة القائمة الان ما بين الحزب الاتحادي الديمقراطي بقيادة مولانا السيد محمد عثمان الميرغني، والحزب الشيوعي السوداني من خلال التجمع الوطني الديمقراطي، هي علاقة شائكة لكونها تظللها رموز واتجاهات العولمة السياسية، وهي قد تتخذ شكل العلاقة الانتهازية حين يكون من المفترض ان يكون الصراع هو اصل العلاقة، ذلك لطبيعة الاتجاهات الرأسمالية متمثلة في تقريب التجار ورجال الاعمال حتى كاد يكون الحزب مجلس ادارة لمؤسسة مصرفية، بل ان الحزب قد اوجد لنفسه مؤسسة مصرفية اسلامية قائمة بذاتها وقام بتاييد قوانين الشريعة الاسلامية قبل الانتفاضة وبعدها، وتبني العلمانية الآن كموقف تكتيكي لمصلحة التحالف القائم الآن على رد الفعل تجاه حكومة الانقاذ، حتى أن الاتحاديين في جامعة الخرطوم، يرون ان دخلوهم في تحالف مع الجبهة الديمقراطية، قد افقدهم الكثير نتيجة الفتاوي الصادرة ضدها وابطال مفعول مثل هذه الفتاوي لايكون باصدار التوقيعات ضدها، ولكن بتقديم رواية كاملة لمفهوم متميز عن قضية الدين لحساسيتها وما بين التكفير والتفكير، علاقة مغنطيسية تؤدي الى نتيجة ايجابية، مثلما يحدث بين السلب والايجاب.
ما يبحث عنه الاتحاديون على مستوى الطليعة والقواعد المستنيرة، هو التحرر من الطائفية ولا سبيل لهم نحو ذلك الا بتنشيط علاقة التماهي بينهم وبين الحزب الشيوعي، وحين تغلب الطبيعة الفكرية داخل الحزب، ستخسر بشكل مباشر مساحة الطائفية وبالتالي الوجود الرأسمالي الطفيلي، كذلك ما يبحث عنه الحزب الشيوعي السوداني هو الانعتاق من تهمة الكفر التي تلاحقه، ولاسبيل له الى ذلك الا بالتماهي مع الاتحاديين وتدينهم على الطريقة السودانية. فهل اتهم الشريف حسين الهندي يوما بالكفر والزندقة ولم يكن له من مظاهر التدين شئ يذكر؟. اما القلوب فيعلمها الله.

نقلا
عن الصحافة