كرةالقدم السودانية - احد ى نماذج ثقافة القبح في السودان

كرةالقدم السودانية - احد ى نماذج ثقافة القبح في السودان


08-03-2003, 02:09 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=2&msg=1059916196&rn=0


Post: #1
Title: كرةالقدم السودانية - احد ى نماذج ثقافة القبح في السودان
Author: atbarawi
Date: 08-03-2003, 02:09 PM

مفهوم القبح والجمال وواقعنا الكروي

من البديهيات أن نقول أن الرياضة هي وسيلة ترفيهية تساهم في إذكاء المتعة والترويح شأنها شأن كل ضروب الفنون الحياتية الأخرى مساهمة في تلوين الحياة البشرية بالجمال الذي يصبغ على الحياة شكل من التغيير الإيجابي ومضيفاً أبعاداً جمالية يتوازن بها الإنسان، غير تلك المشحونة بالقلق والتوتر المصاحب عادة لوتيرة الحياة نفسها … وهي كضرب من الفن لابد أن ترتكز على الإبداع الإنساني في مجمله، ذلك الإبداع الذي يميز أصحابه عن غيرهم من البشر بما حباهم به الله من ملكات يحسن استخدامها لتفرز لنا ذلك الإبهار المبدع الذي نشاهده في مختلف ضروب الإبداع الإنساني.
ومن هنا استمدت الرياضة والفنون عامة تلك الأهمية القصوى في حياة الشعوب المتحضرة ونالت اهتمامات الحكومات وباتت من أولويات سياساتها ورقم ضخم في ميزانياتها بل وعنوان لرقيها.
ورغم كل ذلك الزخم المصاحب للرياضة في تطور مسيرتها والتحامها بآليات الحضارة الحديثة وتفاعلها معها حتى أضحت جزءاً من عالمها الرأسمالي المعقد ببورصاته ومضارباته ودوران رأس ماله، إلا أن جوهرها المؤسس على الإبهار والجمال الذي هو شرط تناميها ووجودها لم يتغير، بل من المهم القول أن كل هذا ورغم الجوانب السلبية لتغول رأس المال عليها، إلا أنها نجحت تماماً في أن تكون عنوان لثقافة المرح والمتعة والجمال.
هذا عن ما يدور حولنا في العالم والذي هو بمثابة قرية صغيرة، فما بالنا نحن وبعد أن تفاعلنا في بواكير معرفتنا بالرياضة الحديثة الوافدة إلينا مع الاستعمار، أن جردناها من مضمونها، والبسانها القبح ثوباً، ونزعنا عنها صفة الإبداع نزعاً؟؟؟ لقد تقزمت مفاهيم الرياضة لدينا حتى أضحت في مفهومنا الأضيق هي الفوز فقط، واختزلنا مفهوم المنافسة الشريفة في العداء الكامل لخصمنا والمؤسس على المكايدات والمناورات والاستهداف المنظم!!! لقد مات الجمال وذابت المتعة يوم أن أسسنا مفاهيمنا الرياضية على التعصب والهستيريا وجعلنا منهم عنوان لمعنى الفوز الرياضي؟ ويوم أن استعنا بالشيطان لتحقيق هذا الفوز الذي أضحى هدفاً رخيصاً يوم استجلبانه بالرشاوى والخزعبلات وشراء الذمم والممارسة المنظمة لاغتيال الشخصية عبر الصحف الأجيرة. ماتت المتعة يوم أن فشلنا في غسل معاناة الجمهور وغبنه الحياتي اليومي في مظاهر بهيجة ولحظات ترويح جمالية، ونجحنا حين جعلنا من ملاعبنا مواعين يفرغ فيه غضبه بهستيريا، فكان تعبيره عن الفرح شتايم وحرق جرايد وعمم، وعندما تتفتق عبقريته باهذوجة فهي (التحكيم فاشل)!!! فتأمل!!!
إن القبح مسيطر على ملاعبنا التي لا تفرق كثيراً في أشكالها عن المقابر، وعن أنديتنا الباهتة الفاشلة شكلاً ومضموناً في أن تكون مؤسسات اجتماعية عملاقة تصب حراكاً يصب في خانة إثراء المجتمع.
حتى اللاعب الموهوب أساس الإبداع سلبانه كل موهبته وإبداعه يوم أن شكلنا في لاوعيه أنه ذاهب إلي معركة حربية الخسارة فيها تعني نهاية الدنيا، فلم يعد يغرد أو يعزف لحناً لأنه في دواخله مكبل خوفاً ورعباً من هزيمة قد تلحق بناديه ما ألحقته القنبلة الذرية بهيروشيما.
هذا هو حالنا الراهن ومن عجب أننا متآلفون معه بشكل لا يصدق، بل وصل بنا الحال إلي حد التناغم، وباتت محاولة التغيير نفسها ضرب من السباحة عكس التيار، ونوع من الخيانة والاستهداف والمؤامرة!!!!!

عبد الخالق السر -ملبورن