مقال رائع لجعفر عباس

جاكم كلامي؟ .. (2)

ليس ثمة شك في ان العبارة التي اتخذتها عنوانا لهذا الموضوع، استفزازية، وتنم عن غرور، فهي تصدر عادة عن شخص يعتقد ان قوله في موقف ما، لم يجد التقدير اللائق فإذا أثبتت الأيام صحة قوله، صاح متشفيا: جاكم كلامي؟ أما العبارة الأكثر منها استفزازاً وعنطزة فهي: وقع ليك كلامي؟ لأن ما ينقصها هو «يا غبي» في آخرها!! بعبارة أخرى هو يرى انه يقول كلاماً كبيراً يصعب على أمثالك فهمه، ومن ثم فإنه يريد ان يطمئن الى انك فهمته «صح»! على كل حال اعترف بان الغرور أصابني بعد ان اطلعت على مستجدات بروتوكول حكماء مشاكوس، التي جاء في بعضها ان جزءا من الخرطوم قبلي والتي هي الخرطوم عموم ستصبح عاصمة «روكة»، علماني على الماني على اسلامي.. وسر الغرور هو انني كنت من اول من قال ان مشاكوس هذه لن يأتينا منها إلا شاكوش يقضي على ما تبقى من وحدة البلاد، ولكنني بصراحة لم أتوقع ان يقع الفأس أولا على رأس الخرطوم، رغم انني شامت في أهلها المتعنطزين الذين كانوا كلما جادلناهم في شيء قالوا: نحن ناس العاصمة.. شوف الإقليمي العواليق ده!! ذلك عهد ساد ثم باد.. وقد أصبح حالكم اليوم «فيري باد»، فالمنطقة التي ستسمى العاصمة هي التي تضم مباني الوزارات والمصالح الحكومية.. يعني كما قلت قبل يومين هي


E-mail:

[email protected]


المنطقة الواقعة بين شارعي النيل والجمهورية.. يعني المنشية والكلاكلة القلعة تلاحقت «كتوفها» وصارت كل منهما ضاحية من ضواحي العاصمة! وقد حسب أحدهم هذا استخفافاً بالكلاكلة، بحكم انه يقيم في مسكن عشوائي فيها، فيفتح النار علىَّ،.. وهذاالذي عقب عليّ في ما اعلم في نهائي كلية البيطرة ولم ألتق به طوال حياتي، ولا شيء يحملني على التطلع للقائه، ولكنني قرأت له أشياء تجنن، ومن الواضح انه قادر على شقلبة الكلام وقولبته بأسلوب بعيد كل البعد عن العقل والتعقل، وسيكون له في اعتقادي شأن كبير في عالم الصحافة والكتابة الساخرة، خاصة وانه سيضطر الى امتهان الصحافة، لأنه لم تعد بنا حاجة الى حكيم يعالج الأبقار والحمير في زمن عزّ فيه علاج الأوادم.

ونصيحتي لكل مغترب لديه قرشين ان يكف عن بلاهات وعباطات شراء البكاسي واراضي المغتربين (وكأنما تمتاز بتكوين جيولوجي معين يبرر بيع المتر فيها بكذا مائة دولار)، ومزارع الدواجن (طالما جنا الجداد الهندي متوافر).. وأن يشتروا او يستأجروا عقارات في شارعي النيل والجامعة في الخرطوم،.. ولا انصح احدا بالاستثمار في شارع الجمهورية لأن ضلفة واحدة منه فقط ستكون تابعة للعاصمة الروكة، والضلفة التي تقودك الى اتجاه بحري وبري لن تكون مشاكوسية بل مشاكسة فقط!! والغرض من الاستثمار العقاري في ذينك الشارعين، هو إقامة فنادق من نوع فنادق منطقة أبو صليب المواجهة للسوق العربي في الخرطوم... حوش فيه ستون سريراً وزير ماء!! فمنطقة «العاصمة»، ستكون منطقة لجوء اجتماعي لفرسان الليل، وستشهد اقبالاً جماهيرياً ضخماً في الأمسيات، وسيفضل من سيبقي لديهم عقل في ساعات متأخرة من الليل أو في دغش الصبح، عدم مغادرة المنطقة حتى تتخلص أجسامهم من آثار العدوان.. السرير بعشرة دولارات في الليلة «والما عاجبو صينية سانت جيمس تفوت جمل بما حمل».

تبقى مشكلة اسم العاصمة، فليس من اللائق ان يكون لعاصمة جمهورية حدادي مدادي اسم ركيك مثل «المنطقة الواقعة بين شارع النيل وشارع الجمهورية».. ما رأيكم في توليد كلمة من جمهورية ونيل؟ «جمنيل» مثلا؟ طبعا سيقول جماعة قرنق ان الاسم مشتق من جذور عربية، ومعهم حق، ولكن ابو الجعافر جاهز بالحلول: سيكون اسمها بالانجليزية «ريبنايل».. بضعة أحرف من كلمة ريبابليك التي تعني جمهورية ونايل التي تعني النيل، وريبنايل على وزن ريبتايل وهي كلمة انجليزية تعني الحيوان الزاحف، وكما نعرف فإن الزواحف بعضها برمائي، والعاصمة المقترحة بعضها نيلي أي مائي والشق البري منها هو شارع الجمهورية إذاً هي عاصمة برمائية، إذاً ريبنايل اسم مناسب للعاصمة الروكة!!

في ذمتكم أليس معي حق في ان اكون مغروراً، وأن أدعي القداسة واطلق على نفسي لقب سي. دي.؟ ألم ألحقكم وأفزعكم وأنجدكم باقتراحاتي ورؤاي التي تؤكد كذب المزاعم التي تقول ان منطقة النوبة لم تنجب وليّاً؟.


©جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع صحيفة الراي العام 2003
Copyright © 2003 AL RAYAAM NEWSPAPER. All rights reserved

التحية لصديقي وقريبي العزيز جعفر عباس، وهو يسخر من واقعنا الساخر أصلاً. والشكر لشماشي.