تاريخ الفور الاجتماعي

تاريخ الفور الاجتماعي


07-10-2003, 04:24 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=2&msg=1057807456&rn=0


Post: #1
Title: تاريخ الفور الاجتماعي
Author: zumrawi
Date: 07-10-2003, 04:24 AM


تاريخ الفور الاجتماعي








تأليف: تاج السر عثمان الحاج محمد


الناشر: دار عزة للنشر ـ الخرطوم 2003


الصفحات: 74 صفحة من القطع المتوسط


عن دار عزة للنشر والتوزيع صدر كتاب «تاريخ الفور الاجتماعي» لمؤلفه تاج السر عثمان الحاج، والمؤلف استاذ رياضيات بالمرحلة الثانوية وقد دخل الى عالم الاهتمام بالتاريخ من باب اهتمامه بالسياسة وكتب العديد من الدراسات عن تاريخ السودان الوسيط وله دراسة عن مملكة الفونج عالج فيها هذه المرحلة المهمة من تاريح السودان بالتركيز على القضايا الاجتماعية، اما مؤلفه الحالي عن تاريخ الفور الاجتماعي فهو كراسة تقع في سبعين صفحة مقسمة الى قسمين يعالج القسم الاول ما اسماه المؤلف بالبنية الانتاجية الطبقية، اما القسم الثاني فعنوانه البنية الثقافية الفكرية.


في القسم الاول يدرس الكاتب قضايا مثل الزراعة، التجارة، والتركيب الطبقي، ويخصص القسم الثاني لقضايا مثل النظام السياسي والاداري، المرأة، نظام القضاء، الخ ولكن ثمة خيط يربط هذه الموضوعات جميعها ببعضها البعض وهذا الخيط يجيء من منظور الكاتب الذي يركز على ما اسماه بالتشكيلة الاقتصادية الاجتماعية، ونلمس هنا محاولة الكاتب تجاوز الكثير من الدراسات التاريخية السابقة التي يركز اغلبها على الصراع السياسي وتداعيات هذا الصراع على الواقع مع اغفال تام لجوهر قضية هذا الصراع الذي عادة لا يأتي من فراغ بل هو نتيجة حتمية لجملة قضايا اخرى وعلى رأسها الواقع الاقتصادي والاجتماعي للجماعة التي تعالجها الدراسة يمكن القول هنا ان هذه الدراسات كانت تنظر للغابة وتتجاهل الاشجار لهذا وقعت هذه الدراسات في الكثير من الاخطاء مثل تقسيم تاريخ السودان الى فترات زمنية تبدأ بالحضارات القديمة وتنتهي بالعصر الحديث، وعادة ما ينظر لكل فترة على حدة مثل الفونج، المهدية، الحكم الثنائي، الخ دون الانتباه الى ما يربط هذه المراحل ببعضها البعض، اما الدراسة التي نحن بصددها فهي محاولة لتجاوز هذه النظرة التجزيئية لتاريخ السودان،


والمؤلف على وعي بقصور هذه النظرة لذلك يقول صراحة في مقدمة مؤلفه الذي انه يهدف من خلال هذه الدراسة اليك «ترسيخ منهج جديد في كتابة تاريخنا يكون مركز الثقل فيه ابراز نشاط انسان دارفور المادي والروحي في مختلف الجوانب» ويعني المؤلف بقوله هذا ما ذكره في موقع آخر وهو اشارته الى ضرورة «دراسة التشكيلة الاقتصادية والاجتماعية التي تشمل دراسة تنماط الانتاج: ملكية الارض، الزراعة والرعي والصيد، قوى الانتاج وعلاقات الانتاج، التركيب الطبقي، توزيع الثروة.. الخ»


ومن الواضح ان الكاتب ادخل نفسه في تحد كبير ينطوي على تكريس منهج جديد في دراسة تاريخ بعض المجتمعات السودانية عبر مراحله المختلفة، وقد اعد الكاتب نفسه بشكل جيد لهذا التحدي نلمس هذا في اطلاعه الواسع لمراجع ومصادر مجتمع الفور باللغتين العربية والانجليزية ويمكن القول انه اطلع على اغلب المصادر الرئيسية التي درست تاريخ المنطقة، وامر مهم اخر هو اهتمام الكاتب بالمصادر الشفاهية التي قلما يهتم بها المؤرخ، خاصة ذلك المؤرخ الذي ينتمي للمدرسة التقليدية التي اشرنا لها سابقا، اضافة لهذا فقد وظف الكاتب اطلاعه الواسع هذا في دراسة بعض ملامح مجتمع الفور التي عادة لا تكون محل اهتمام المؤرخ او الباحث وهي تلك القضايا التي تقع في دائرة ما يمكن ان نسميه بالمسكوت عنه ونشير هنا على سبيل المثال لقضية بالغة الحساسية مثل قضية الرق، فنجد المؤلف يفرد حيزا لهذه القضية ويحاول ارجاع الظاهرة الى جذورها التاريخية وذلك في اطار حديثه عن التركيب الطبقي فهو يفرد حيزا يعطيه عنوانا «خصوصية الرق في سلطنة دارفور» ويحاول فيه ابراز الدور الاقتصادي والاجتماعي ويخلص للقول بأهمية هذا الدور الذي يلعبه الرق في النسيج الاقتصادي والاجتماعي في سلطنة دارفور.


كذلك اهتم الكاتب بقضية المرأة في دارفور وافرد لها حيزا في القسم الثاني من كتابه واشار الى الدور الكبير الذي تلعبه المرأة في هذا المجتمع، ويقول في هذا الصدد «كانت المرأة تلعب دورا مهما في مجتمع سلطنة دارفور وتقوم بأعمال الزراعة، اعمال النسيج، تربية الاطفال، اعداد الطعام، صناعة الفخار، صناعة الخمور، بناء المنازل وتشترك في الصيد احيانا.. الخ، ومن المعرف ان المرأة في هذا المجتمع عرفت عادة الخلع اي طلب الطلاق من الزوج مقابل دفع مال معين من المال وذلك حسب ما اشار المؤلف ومن الطريف حقا ان المرأة في دارفور في ذلك الزمان البعيد عرفت هذه العادة الامر الذي يثير ضجة في بعض البلاد العربية حاليا خاصة في مصر.


نخلص للقول بأن هذه الدراسة رائدة ومبتكرة وعلى الرغم من عدم اجابة الدراسة عن الكثير من الاسئلة التي تطرحها الدراسة مثل تناقض وضع المرأة، فهي في جانب تملك الكثير من الحقوق مثل حق الخلع، ولكنها في جانب آخر تبدو مستغلة وكأنها جزء من املاك الرجل، الا ان المؤلف يكفيه فضل اثارة هذه الاسئلة وهو على كل حال ترك الباب مفتوحا لغيره من الباحثين والمؤرخين خاصة، ليدلو بدلوهم في هذه القضايا الشائكة والمعقدة.


محمد المهدي بشرى


Albayan Newspaper
Bayan Alkotob