طيف يا الرئيس في كل مكان تابعنا .. والزارعنا غير الله يقلعنا

.. هذه مقالة شيقة وحادة السخرية .. تهمز بمبضعها غائرات الجراح .. وتشخص بلغة بسيطة عفة مكامن العلل التي تؤخر هذه الأمة السودانية المغلوب على أمرها .. والمتوهمة في كثير من الأحايين بتسلق قطار الدعة والرفاه .. ولكن ذلك ( البوت) دائما لها بالمرصاد فيركلها حتى تهوى الي قاع القاع .. فأردت فقط أن تضحكوا معي .. فالبلية بشرورها تضحكنا أحيانا


أهلنا بعـــاد
الأديب . محمد المكي إبراهيم

الليل الطويل قضيتو كلو قعاد
وانت بتدري بالباقي أهلنا بعاد
كفل ال بي جريسو وطابق العقاد
ليه تربط معانا وتخلف الميعاد

طاف بذهني هذا الشعر القديم فتعاطفت مع هذا الشاعر العاشق الذي قضى ليلته كلها بانتظار الحبيبة دون ان يقطع الرجاء في حضورها أول الليل أو هزيعه الأول أو الثاني أو الأخير ، واستحضرها أمامه بالخيال فذكرها ببعد الشقة بين ديارها وديار أهله وفي ختام ليله المعذب ظلت في نظره آيه من آيات الجمال مشبها كفلها بكفل هذه المهرة التي ربطوا لها جرسا وعقدا حريرية في عنقها لتزيد جمالها صقلا وظهورا وتحرسها من عيون الحساد .. ولكن لسبب ما تعلق قلبي بقوله [ أهلنا بعاد ] وتساءلت بعاد من أيه ؟ بعاد من هنا .. من البلد الذي وراء بحر الظلمات .. بعاد من ركب الحضارة الذي لم نعد نحلم – مجرد حلم – بأن نتواصل معه أو نماشيه .. وقديما كان يقول مغنينا .. يا ناس بعيدة شندي ، أما الآن فقد ظهرت لنا ألف شندي وكل واحدة أبعد من الأخرى ولا سبيل الي اللحاق .. وأنكى من ذلك لم يعد أحد يفكر في ذلك مجرد تفكير.

بعد كل الذي شاهدناه خلال عمرنا لم نعد حقيقة نحلم بأن تتحول بلادنا الي جنة أوروبية أو حلم أمريكي .. فقد تعلمنا أن ذلك شطحة من شطحات الخيال لا يليق بالرجل العاقل أن يتركها تجري على لسانه أو تؤثر عنه .. ولكننا رغم ذلك ظللنا نحلم بدرجة معقولة من درجات التقدم .. ما يكفي لتعلم أطفالنا وعلاج مرضانا وإطعام أهلنا وفتح الأبواب أمام نوابغنا .. كل ذلك مع شوارع نظيفة وقطارات متحركة وصرف صحي وإبادة للناموس والهاموش وليس ذلك عل الله بكثير .


ولكن أهلنا بعاد حتى مع هذا الحلم المتواضع وكل عشرة سنوات يظهر لهم من المعوقات أو العوارض ما يزيد الشقة بينهم وبين التقدم والنهوض فلا يخرجون من حفرة حتى يقعون في هاوية ليس لها قرار . ولأنه لا يأس مع الحياة فإنهم يستعملون أظافرهم وأسنانهم لتسلق الهاوية والخروج منها الي سطح الأرض وبعد التي واللتيا يقتربون من الهدف المنشود ويزداد الأمل في قلوبهم حين يرون قريبا من فتحة الهاوية قدما بشرية تلبس حذاء متينا من ذلك النوع الذي يعرف بالبوت فيتعلقون بتلك القدم وهم يواصلون سحب اجسادهم المنهكة لاخراجها من الحفرة الي وجه البسيطة حيث تسعة وتعيش كافة مخلوقات الله . وعندما يكاد الأمر يكتمل ويتم الخروج الي هبوب ربنا ، تهوى تلك القدم المصفحة بركلة رهيبة على الرأس المتطلع للأعالي فتطن الأذنان وتتلامع النجوم أمام العينين .. ثم تهوى ركله ثانية فتتراخى قبضة ذلك المخلوق التعيس ويهوى مرة ثانية الى قرار سحيق ..

.. قال الشاعر الجاغريو في سقوط حكومة الزعيم الأزهري الأولى
يوم الآربعاء من كل دار زوبعنا
طيفك يا الرئيس في كل مكان تابعنا
وين فايتنا .. لسع في الهبوب ما شبعنا

الي أن يقول

السلم ينكسر وخلى السمال ال يبلعنا
والزارعنا غير الله ال يجي ويقلعنـا

وآه يا ولدي الحبيب كنا نظن مع الشاعر الحميس أن أمورنا كلها بأيدينا وبيد خالقنا الرحيم ، ولكن خلال أربعين عاما على طريق الآلام تعلمنا أن الدنيا ملئية بالعوارض والمفاجآت التي لا تسر .. وبالأقدام التي تلبس البوت لتكون ركلتها أشد إيذاء .. كل عشرة سنوات يأتي من توهم أنه الذي زرعنا فيقتلعنا من أرض أجدادنا ويقذفنا في متاهات الدنيا .. النميري ( لا جاز لا فحم ) أطلقنا كالكلاب الضالة على الخليج حتى صدقت فينا كلمة السياب.

زحم الخليج بهن مكتدحون جوابو بحار
من كل حاف .. نصف عار

و(الإخشيد) التليد أتم الناقصة وزاد ، فتشردنا في أركان العالم السبعة ولحكمة ما صار المنفى الأبعد عن الديار هو الأقرب للقلوب فقد غادرنا الخليج الي منسوتا واونتاريو وهي براري العالم الجديد التي لم نسمع بها إلا في دروس الجغرافيا … وقد أنحصرت أحلام الكثير منا في الخروج والتشرد في أرجاء العالم ..

فيا ربنا .. يا خالقنا ورازقنا و .. يا زارعنا في هذه المليون ميل مربعة .. اضرع اليك أن تصلي وتسلم على نبي الرحمة وشفيع الأمة وبجاهه الكريم تحقق لأبناء بلادي وبناتها ما يتمنون سواء كان ذلك عروس واردب فلوس أو ( عريس لبيس ) أو تأشيرة خروج لبلاد الكفر والإستكبار .. برحمتك يا عظيم يا جبار .. أما اللي كان السبب فنترك أمره لقضائك العدل ووعدك للمستضعفين أن تمكن لهم في الأرض وترفعهم من مقام الخدامين الي مقامات السادة القادة المخدومين .. ولا حول ولا قوة لا بالله .

ــــ

هذه المقالة نشرت ضمن كتابه الممتع ( ظلال وأفيال ) الصادر عن مركز عبدالكريم ميرغني الثقافي.

وتسلموا

رحمابي

سلام مربع


الرحمابي


سلمت ياسيدي لهذه الذائقة العفيفة التي
نقلت لنا بها هذا المقال الدسم

سلام مربع لشاعر البرتقاله ورحيقها
محمد المكي ابراهيم

ورد الله غربته وغربتكم وغربتنا
وسلمت تاني بالف مره
يارحمابي

الليلة انا قلت الرحمابي ده جن ولا شنو الوداهو يهبش في السياسة شنو؟

لكن فعلا مقال جميل وممتع وفيه صور وتشبيهات جميلة لواقعنا اليوم

نسأل الله ان يرفع عنا البلاء

شيري

صباحك خير .. وبعض رحيق
وكباية برتقال مركز
قرتعيها .. بس ما تشتتي


ولهذا السبب ناس أساسي بفرتقوا ليك الحفلات
هههههههه

هسه لو الناس ديل ملصوا البوت ولبسوا جزم ساكت
كان حفلتكم صباحي
ولا أنا غلطان
إذا غلطان .. بعتذر؟؟؟؟



ياسر حنا

يازول مالك عايز تبهتني .. سياسة شنو
انت بس أقرأ المعني البعيد
الكلام فيهو طباق وجناس
وما تعمل لينا مشاكل ساااكت

وتسلما للطلة

رحمابي