لقاء مع أبو الطيب المتنبّي

لقاء مع أبو الطيب المتنبّي


06-01-2003, 12:23 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=2&msg=1054466596&rn=0


Post: #1
Title: لقاء مع أبو الطيب المتنبّي
Author: البعيو
Date: 06-01-2003, 12:23 PM


يا عشاق الشعر !! لقاء مع امبراطور الشعراء المتنبي !! لا يفوتك !!
مقامة المتنبي

{شـاعـر الدنيــا وشـاغـل الناس}

لقيت أبا الطيب أحمد بن الحسين ، بعد بضع سنين ، وهو من الشعراء المحسنين , فكلما سألنا عن الأخبار ، أجاب بالأشعار :

قلنا : من أنت ؟
قال : أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبـي * وأسـمعت كلماتي من به صممُ


الخيل والليل والبيـداء تعرفني * والسيف والرمح والقرطاس والقلمُ

قلنا : أما ترى السفهاء ، ينالون العظماء .
قال : وإذا أتتك مذمتي من ناقص * فهي الشهادة لي بأني كامل


قلنا : نراك تعبت في طلبك للمجد .
قال : جزى الله المسير إليك خيرا * وإن ترك المطايا كالمـزاد

قلنا : أما ترى أن المجد يتعب ؟
قال : لولا المشقة سادَ الناس كلهمو * الجود يفقر والإقدام قتال

قلنا : نرى السلف يتأثرون عند سماع القرآن ونحن لا نتأثر ؟
قال : لا تعذل المشتاق في أشواقه * حتى يكون حشاك في أحشائه

قلنا : نرى المنافق أحياناً يبكي ؟
قال : إذا اشتبكت دموع في خدود * تبين من بكى ممن تباكى

قلنا : نرى واحداً من الناس يعادل أمة في الفضل ؟
قال : وإن تَفُقِ الأنام وأنت منهم * فإن المسك بعض دم الغزال

قلنا : نرى لك حسّاداً كثيرين ؟
قال : أبدو فيسجد من بالسوء يذكرني * فلا أعاتبه صفحاً وإهوانا

قلنا : بعض الناس غلب عليه سوء الظن ؟
قال : إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه * وصدق ما يعتاده من توهم

قلنا : القوميّون العرب يهددون إسرائيل من خمسين سنة ؟
قال : وإذا مـا خـلا الجـبــان بأرض * طلـب الطعـن وحـده والنـزالا

قلنا : نعرف أغنياء ألسنتهم سخيّة وأيديهم بخيلة .
قال : جود الرجال من الأيدي وجودهمو * من اللسـان فلا كانـوا ولا الجودُ

قلنا : من يتأمل الشريعة يملكه حبها .
قال : وما كنت ممن يملك الحبُّ قلبَه * ولكن من ينظر عيونك يعشقِ

قلنا : نسمع لأعداء الإسلام شبهات يثيرونها عنه ؟
قال : ولله سِرٌّ في علاك وإنما * كلام الورى ضرب من الهذيان

قلنا : ما رأيكم في الدنيا ؟
قال : لحا الله ذي الدنيا مناخا لراكب * فكل بعيد الهم فيها معذب


قلنا : والمال ؟
قال : إذا المال لم يرزق خلاصاً من الأذى * فلا الحمد مكسوبا ولا المال باقيا

قلنا : بعضهم يستطيع أن يكون أفضل فلا يفعل ؟
قال : ولم أر في عيوب الناس عيباً * كنقص القادرين على التمامِ

قلنا : عرفنا من تمنى الموت لسوء حاله .
قال : كفا بك داءً أن ترى الموت شافيا * وحسب المنايا أن يكن أمانيا

قلنا : بعضهم لا يتأثر بالنقد .
قال : من يهن يسهل الهوان عليه * ما لجرح بميّت إيلام

قلنا : نحن نردد اسم الرسول صلى الله عليه وسلم ; ولو قصرنا في العمل بسنته .
فقال : نحن أدرى وقد سألنا بنجد * أطويل طريقنا أم يطولُ
وكثير من السؤال اشتياق * وكثير من ردِّه تعليلُ

قلنا : بُلينا بمثقفين عندهم ألقاب بلا حقيقة .
قال : أُعيذها نظراتٍ منك صادقةً * أن تحسب الشحم فيمن شحمه ورم

قلنا : أظنه لابد من مجاملة بعض الناس في هذه الحياة .
قال : ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى * عـدوّاً له ما من صـداقتــــــه بُدُّ

قلنا : كان للعلماء قدر عند الناس واليوم جُهِل قدرهم .
قال : أتى الزمانَ بنوه في شبيبته * فسره وأتيناهُ على هرم

قلنا : نرى العظماء لا يبالون بالمصاعب .
قال : إذا اعتاد الفتى خوض المنايا * فأهـون ما يمر به الوحولُ

قلنا : بعض الناس يستفيد من نكبات الآخرين .
قال : كذا قضت الأيـام ما بين أهلهـا * مصائب قوم عند قوم فوائد

قلنا : ما رأيك في الزمان .
قال : ربما تحسن الصنيع لياليـ * ـه ولكن تكدر الإحسانا

قلنا : والمـوت .
قال : الموت آتٍ والنفوس نفائس ** والمستغر بما لديه الأحمق

قلنا : الذين ينكرون الحقائق .
قال : وكيف يصح في الأذهان شيء * إذا احتاج النهار إلى دليل

قلنا : ومن خير جليس ؟
قال : أعز مكان في الدنا سرج سابح * وخير جليس في الأنام كتابُ

قلنا : هل الرأي أفضل أو الشجاعة ؟
قال : الرأي قبل شجاعة الشجعان * هو أولٌ وهي المحل الثاني


قلنا : ما أحسن وسيلة لقضاء الحاجات ؟
قال : من اقتضى بسوى الهندي حاجتَه * أجاب كل سؤالٍ عن هلٍ بلمِ

قلنا : أراك تجامل الناس
قال : ولما صار ود الناس خبا * جزيت على ابتسام بابتسامِ

قلنا : وكيف حالك الآن ؟
قال : وحيد من الخلان في كل بلدة * إذا عظم المطلوب قل المسـاعـد

قلنا : نراك تسرف في المديح أحيانا .
قال : وقد أطال ثنائي طول لابسه * إن الثناء على التِّنبال تنبالُ

قلنا : نراك أحياناً لا تصل لمقصودك .
قال : ما كل ما يتمنى المرء يدركه * تجري الرياح بما لا تشتهي السفنُ


قلنا : متى تزور أحبابك ؟
قال : أزورهم وظلام الليل يشفع لي * وأنثني وبياض الصبح يغري بي

قلنا : ما رأيك في شعرك ؟
قال : وما الدهـر إلا من رواةِ قصائـدي * إذا قلت شعراً أصبح الدهر منشدا

قلنا : ما رأيك في اللئام ؟
قال : إذا أنت أكرمت الكريم ملكته * وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا

قلنا : ما رأيك في الناس ؟
قال : إنا لفي زمن ترك القبيح به * من أكثر الناس إحسانٌ وإجمالُ

قلنا : نراك تحسن القول ولا تعطي شيئاً .
قال : لا خيل عندك تهديها ولا مال * فليسعد النطق إن لم تسعد الحالُ

قلنا : بعضهم يسهر على اللهو وبعضهم على العبادة .
قال : ما الذي عنده تدار المنايا * كالـذي عنده تدار الشمولُ

قلنا : ما رأيك في أهل العشق ؟
قال : تفنى نفوسهمو شوقاً وأدمعهم *في إِثر كل قبيح وجهه حسنُ

قلنا : ماذا تقول في مقام الرسول صلى الله عليه وسلم ؟
قال : إذا تغلغل فكر المرء في طرف * من مجده غرقت فيه خواطره

قلنا : لماذا عاداك حسادك ؟
قال : أعادى على ما يوجب الحب للفتى * وأهدأ والأفكار فيّ تجولُ

قلنا : يسيء لنا بعض الناس فنستفيد من إساءتهم ؟
قال : رب أمر أتاك لا تحمد الفُعَّا * ل فيه وتحمد الأفعالا

قلنا : بعض العداوة نافعة .
قال : ومن العداوة ما ينالك نفعه * ومن الصداقة ما يضر ويؤلمُ

قلنا : بماذا عاقبت حسادك ؟
قال : إني وإن لُمت حسّادي فما * أنكر أني عقوبة لهمُ


قلنا : ما أحسن الحلل الملبوسة ؟
قال : ورفلت في حلل الثناء وإنما * عدم الثناء نهاية الإعدامِ


قلنا : ما أحسن ما خلّف الإنسان بعد موته ؟
قال : كفل الثناء له برد حياته * لما انطوى فكأنه منشورُ


قلنا : بعضهم يكثر من الحلف ؟
قال : وفي اليمين على ما أنت واعده * ما دل أنك في الميعاد متهمُ


قلنا : من أحق الناس بالمجد ؟
قال : أحقهمو بالمجد من ضرب الطلى * وبالأمـر من هانت عليه الشدائد

قلنا : ما الأمن والخوف ؟
قال : وما الخوف إلا ما تخوفه الفتى * وما الأمن إلا ما رآه الفتى أمنا

قلنا : نحن بين خوف ورجاء .
قال : وأحلى الهوى ما شك في الوصل ربه * وفي الهجر فهو الدهـر يرجو ويتقي

قلنا : بلينا والدهر ما بَلي .
قال : إذا ما لبست الدهـر مسـتمتعاً به * تخرقت والملبوس لم يتخرقِ


قلنا : نحن نحاول كتم مشاعرنا فما نستطيع .
قال : بادٍ هواك صبرت أم لم تصبرا * وبكاك إذ لم يجر دمعك أو جرى

قلنا : بعضهم يضع من علماء الإسلام .
قال : من كان فوق محل الشمس موضعه * فليس يرفعه شيء ولا يضعُ


قلنا : ما وصف من أراد العلياء ؟
قال : كثير سهاد العين من غير علة * يؤرقه فيما يشرفه الفكر

قلنا : تزداد همتنا عند قراءة سير السلف ؟
قال : فلا تسمعاه ذا المديح فإنه * شجاع متى يذكر له الطعن يشتقِ

قلنا : أظنه لا يُهرب من المـوت ؟
قال : نعد المشرفية والعوالي * وتقتلنا المنون بلا قتالِ

قلنا : بعضهم لا يرضى إلا بالمحل العالي .
قال : على قدر أهل العزم تأتي العزائم * وتأتي على قدر الكرام المكارم


قلنا : ما رأيك في الحمَّى ؟
قال : وزائرتي كأن بها حياءً * فليس تزور إلا في الظلام

قلنا : والفراق ؟
قال : لولا مفارقة الأحباب ما وجدت * لها المنايا إلى أرواحنا سبلا

قلنا : صف لنا نفسك ؟
قال : خلقت ألوفاً لو رجعت إلى الصبا * لفارقت شيبي مُوجَع القلب باكيا

قلنا : أما ترى فصاحة بعض الناس ؟
قال : إذا سمع الناس ألفاظه * خلقن له في القلوب الحسد

قلنا : ما أحسن صفات المتقي لربه ؟
قال : عليك منك إذا أُخليتَ مرتقبٌ * لم تأت في السر ما لم تأت إعلانا

قلنا : بعضهم يخشع ظاهره فحسب ؟
قال : وإطراق طرف العين ليس بنافـع * إذا كان طرف القلب ليس بمطرقِ

قلنا : ما أجمل كلام ؟
قال : فهو المُشيَّع بالمسامع إن مضى * وهو المضاعف حسنه إن كُرّرا

قلنا : هل للموت من طبيب ؟
قال : وقد فارق الناس الأحبة قبلنا * وأعيا دواء الموت كل طبيب

قلنا : الناس اختلفوا في معاني أبياتك ؟
قال : أنام ملء جفوني عن شواردها * ويسهر الناس جرّاها ويختصمُ

قلنا : أُدميت قدما رسول الله صلى الله عليه وسلم ; لما عاد من الطائف فما تعليقكم ؟
قال : إن كان سركمو ما قال حاسدنا * فما لجرح إذا أرضاكمو ألم

قلنا : أما ترى سب المنافقين لأهل الدين ؟
قال : ما أبعد العيب والنقصان من شرفي * أنا الثريا وذان الشيب والهرمُ

قلنا : نحن نطمع في لقاء رسولنا صلى الله عليه وسلم; في الآخرة .
قال : وما صبابة مشتاق على أمل * من اللقاء كمشتاق بلا أمل

قلنا : عندنا شريعة فهل نضيف إليها تجارب الآخرين .
قال : خذ ما رأيت ودع شيئاً سمعت به * في طلعة البدر ما يغنيك عن زحلِ

قلنا : ماذا تقول لو طلب منك وصف الرسول صلى الله عليه وسلم; ؟
قال : الشمس من حساده والنصر من *أين الثلاثة من ثلاث خلاله
مضت الدهور وما أتين بمثله * قرنائه والسيف من أسمائه
من حسنه وإبائه ومضائه * ولقد أتى وعجزن عن نظرائه

قلنا : هل لحسد الحاسد من دواء ؟
قال : سوى وجع الحساد داو فإنه * ولا تطمعَنْ من حاسد في مودة
إذا حل في قلب فليس يحول * وإن كنت تبديها له وتنيل

قلنا : لمن يكتب النصر ؟
قال : لمن هوَّن الدنيا على النفس ساعة * وللبيض في هـام الكماة صليل

قلنا : لو عدت شيخ الإسلام وهو مريض فماذا تقول ؟
قال : كنت قلت :
المجد عوفي إذ عوفيت والكرم * صَحَّت بصحتك الغارات وابتهجت
وراجع الشمس نور كان فارقها * وما أخصك في برء بتهنئة
وزال عنك إلى أعدائك الألم * بها المكارم وانهلت بها الديم
كأنما فقده في جسمها سقم * إذا سلمت فكل الناس قد سلموا

قلنا : بعض الناس يتقدم إلى المعالي بشجاعة ؟
قال : هو الجد حتى تفضل العين أختها * وحتى يكون اليوم لليوم سيّدا

قلنا : كيف نعاقب الأحرار إذا أخطؤوا ؟
قال : وما قتل الأحرار كالعفو عنهمو * ومن لك بالحر الذي يحفظ اليدا

قلنا : هل تصلح الشدة مكان اللين والعكس ؟ قال :
ووضع الندى في موضع السيف بالعلى * مضر كوضع السيف في موضع الندى

قلنا : ماذا تقول لحبيبك لو مرض .
قال : وإذا صح فالزمان صحيح * وإذا اعتل فالزمان عليل

قلنا : أما تخشى أن يشوه الإسلام من قبل بنيه .
قال : وكيف تعلّك الدنيا بشيء * وأنت بعلّة الدنيا طبيب

قلنا : ألا ترى كيف تقلب بنا الزمان .
قال : وصرنا نرى أن المتارك محسن * وأنّ خليلاً لا يضر وصولُ

قلنا : نشكو قلة الإنصاف من أهل زماننا .
قال : ولم تزل قلة الإنصاف قاطعة * بين الرجال وإن كانوا ذوي رحم

قلنا : أحياناً نشكو ما بنا إلى الأصحاب .
قال : ولا تَشَكَّ إلى خلقٍ فتشمته * شكوى الجريح إلى الغربان والرخم

قلنا : كيف نعامل الناس ؟
قال : وكن على حذر للناس تستره * غاض الوفاء فما تلقاه في عدة
ولا يغرك منهم ثغر مبتسمِ * وأعوز الصدق في الأخبار والقسمِ

قلنا : هل يشعر الناقصون بنقصهم ؟
قال : كدعواك كلٌّ يدّعي صحة العقل * ومن ذا الذي يدري بما فيه من جهلِ

قلنا : معنا علماء بين أظهرنا ونرى الناس لا يستفيدون منهم .
قال : وليس الذي يتبّع الوبل رائداً * كمن جاءه في داره رائد الوبل

قلنا : خلاصة تجربتك مع الناس ما هي ؟
قال : ومن عرف الأيام معرفتي بها * فليس بمرحوم إذا ظفروا به
وبالناس روى رمحه غير ظالم * ولا في الردى الجاري عليهم بآثم

قلنا : هل تحب الهدية ممن تحب ؟
قال : وما أنا بالباغي على الحب رشوة * ضعيف هوىً يبغي عليه ثوابا

قلنا : هل من رسالة ؟
قال : يا من يعز علينا أن نفارقهم * وجداننا كل شيء بعدكم عدمُ

قلنا : وداعاً .
قال : رحلت فكم باك بأجفان شادنٍ * عليّ وكم باك بأجفان ضيغم

قلنا : لا تبك على فراقنا .
قال : قد كنت أشفق من دمعي على بصري * فاليـوم كل عزيز بعدكم هانا (1)

__________________
(1) من كتاب ( مقامات القرني ) للشيخ عائض بن عبد الله القرني "حفظه الله" .



__________________





Post: #2
Title: Re: لقاء مع أبو الطيب المتنبّي
Author: Ahlalawad
Date: 06-01-2003, 12:43 PM
Parent: #1


تحية لك البعيو وشكرا .

فهو المُشيَّع بالمسامع إن مضى * وهو المضاعف حسنه إن كُرّرا

فعلا ، هكذا شعر المتنبي . من أجمل ما قرأت له ويحضرني الآن قوله يمدح سيف الدولة

وقفت وما في الموت بد لواقف .. كأنك في جفن الردى وهو نائم