Post: #1
Title: لقاء مع أبو الطيب المتنبّي
Author: البعيو
Date: 06-01-2003, 12:23 PM
يا عشاق الشعر !! لقاء مع امبراطور الشعراء المتنبي !! لا يفوتك !! مقامة المتنبي
{شـاعـر الدنيــا وشـاغـل الناس}
لقيت أبا الطيب أحمد بن الحسين ، بعد بضع سنين ، وهو من الشعراء المحسنين , فكلما سألنا عن الأخبار ، أجاب بالأشعار :
قلنا : من أنت ؟ قال : أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبـي * وأسـمعت كلماتي من به صممُ
الخيل والليل والبيـداء تعرفني * والسيف والرمح والقرطاس والقلمُ
قلنا : أما ترى السفهاء ، ينالون العظماء . قال : وإذا أتتك مذمتي من ناقص * فهي الشهادة لي بأني كامل
قلنا : نراك تعبت في طلبك للمجد . قال : جزى الله المسير إليك خيرا * وإن ترك المطايا كالمـزاد
قلنا : أما ترى أن المجد يتعب ؟ قال : لولا المشقة سادَ الناس كلهمو * الجود يفقر والإقدام قتال
قلنا : نرى السلف يتأثرون عند سماع القرآن ونحن لا نتأثر ؟ قال : لا تعذل المشتاق في أشواقه * حتى يكون حشاك في أحشائه
قلنا : نرى المنافق أحياناً يبكي ؟ قال : إذا اشتبكت دموع في خدود * تبين من بكى ممن تباكى
قلنا : نرى واحداً من الناس يعادل أمة في الفضل ؟ قال : وإن تَفُقِ الأنام وأنت منهم * فإن المسك بعض دم الغزال
قلنا : نرى لك حسّاداً كثيرين ؟ قال : أبدو فيسجد من بالسوء يذكرني * فلا أعاتبه صفحاً وإهوانا
قلنا : بعض الناس غلب عليه سوء الظن ؟ قال : إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه * وصدق ما يعتاده من توهم
قلنا : القوميّون العرب يهددون إسرائيل من خمسين سنة ؟ قال : وإذا مـا خـلا الجـبــان بأرض * طلـب الطعـن وحـده والنـزالا
قلنا : نعرف أغنياء ألسنتهم سخيّة وأيديهم بخيلة . قال : جود الرجال من الأيدي وجودهمو * من اللسـان فلا كانـوا ولا الجودُ
قلنا : من يتأمل الشريعة يملكه حبها . قال : وما كنت ممن يملك الحبُّ قلبَه * ولكن من ينظر عيونك يعشقِ
قلنا : نسمع لأعداء الإسلام شبهات يثيرونها عنه ؟ قال : ولله سِرٌّ في علاك وإنما * كلام الورى ضرب من الهذيان
قلنا : ما رأيكم في الدنيا ؟ قال : لحا الله ذي الدنيا مناخا لراكب * فكل بعيد الهم فيها معذب
قلنا : والمال ؟ قال : إذا المال لم يرزق خلاصاً من الأذى * فلا الحمد مكسوبا ولا المال باقيا
قلنا : بعضهم يستطيع أن يكون أفضل فلا يفعل ؟ قال : ولم أر في عيوب الناس عيباً * كنقص القادرين على التمامِ
قلنا : عرفنا من تمنى الموت لسوء حاله . قال : كفا بك داءً أن ترى الموت شافيا * وحسب المنايا أن يكن أمانيا
قلنا : بعضهم لا يتأثر بالنقد . قال : من يهن يسهل الهوان عليه * ما لجرح بميّت إيلام
قلنا : نحن نردد اسم الرسول صلى الله عليه وسلم ; ولو قصرنا في العمل بسنته . فقال : نحن أدرى وقد سألنا بنجد * أطويل طريقنا أم يطولُ وكثير من السؤال اشتياق * وكثير من ردِّه تعليلُ
قلنا : بُلينا بمثقفين عندهم ألقاب بلا حقيقة . قال : أُعيذها نظراتٍ منك صادقةً * أن تحسب الشحم فيمن شحمه ورم
قلنا : أظنه لابد من مجاملة بعض الناس في هذه الحياة . قال : ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى * عـدوّاً له ما من صـداقتــــــه بُدُّ
قلنا : كان للعلماء قدر عند الناس واليوم جُهِل قدرهم . قال : أتى الزمانَ بنوه في شبيبته * فسره وأتيناهُ على هرم
قلنا : نرى العظماء لا يبالون بالمصاعب . قال : إذا اعتاد الفتى خوض المنايا * فأهـون ما يمر به الوحولُ
قلنا : بعض الناس يستفيد من نكبات الآخرين . قال : كذا قضت الأيـام ما بين أهلهـا * مصائب قوم عند قوم فوائد
قلنا : ما رأيك في الزمان . قال : ربما تحسن الصنيع لياليـ * ـه ولكن تكدر الإحسانا
قلنا : والمـوت . قال : الموت آتٍ والنفوس نفائس ** والمستغر بما لديه الأحمق
قلنا : الذين ينكرون الحقائق . قال : وكيف يصح في الأذهان شيء * إذا احتاج النهار إلى دليل
قلنا : ومن خير جليس ؟ قال : أعز مكان في الدنا سرج سابح * وخير جليس في الأنام كتابُ
قلنا : هل الرأي أفضل أو الشجاعة ؟ قال : الرأي قبل شجاعة الشجعان * هو أولٌ وهي المحل الثاني
قلنا : ما أحسن وسيلة لقضاء الحاجات ؟ قال : من اقتضى بسوى الهندي حاجتَه * أجاب كل سؤالٍ عن هلٍ بلمِ
قلنا : أراك تجامل الناس قال : ولما صار ود الناس خبا * جزيت على ابتسام بابتسامِ
قلنا : وكيف حالك الآن ؟ قال : وحيد من الخلان في كل بلدة * إذا عظم المطلوب قل المسـاعـد
قلنا : نراك تسرف في المديح أحيانا . قال : وقد أطال ثنائي طول لابسه * إن الثناء على التِّنبال تنبالُ
قلنا : نراك أحياناً لا تصل لمقصودك . قال : ما كل ما يتمنى المرء يدركه * تجري الرياح بما لا تشتهي السفنُ
قلنا : متى تزور أحبابك ؟ قال : أزورهم وظلام الليل يشفع لي * وأنثني وبياض الصبح يغري بي
قلنا : ما رأيك في شعرك ؟ قال : وما الدهـر إلا من رواةِ قصائـدي * إذا قلت شعراً أصبح الدهر منشدا
قلنا : ما رأيك في اللئام ؟ قال : إذا أنت أكرمت الكريم ملكته * وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا
قلنا : ما رأيك في الناس ؟ قال : إنا لفي زمن ترك القبيح به * من أكثر الناس إحسانٌ وإجمالُ
قلنا : نراك تحسن القول ولا تعطي شيئاً . قال : لا خيل عندك تهديها ولا مال * فليسعد النطق إن لم تسعد الحالُ
قلنا : بعضهم يسهر على اللهو وبعضهم على العبادة . قال : ما الذي عنده تدار المنايا * كالـذي عنده تدار الشمولُ
قلنا : ما رأيك في أهل العشق ؟ قال : تفنى نفوسهمو شوقاً وأدمعهم *في إِثر كل قبيح وجهه حسنُ
قلنا : ماذا تقول في مقام الرسول صلى الله عليه وسلم ؟ قال : إذا تغلغل فكر المرء في طرف * من مجده غرقت فيه خواطره
قلنا : لماذا عاداك حسادك ؟ قال : أعادى على ما يوجب الحب للفتى * وأهدأ والأفكار فيّ تجولُ
قلنا : يسيء لنا بعض الناس فنستفيد من إساءتهم ؟ قال : رب أمر أتاك لا تحمد الفُعَّا * ل فيه وتحمد الأفعالا
قلنا : بعض العداوة نافعة . قال : ومن العداوة ما ينالك نفعه * ومن الصداقة ما يضر ويؤلمُ
قلنا : بماذا عاقبت حسادك ؟ قال : إني وإن لُمت حسّادي فما * أنكر أني عقوبة لهمُ
قلنا : ما أحسن الحلل الملبوسة ؟ قال : ورفلت في حلل الثناء وإنما * عدم الثناء نهاية الإعدامِ
قلنا : ما أحسن ما خلّف الإنسان بعد موته ؟ قال : كفل الثناء له برد حياته * لما انطوى فكأنه منشورُ
قلنا : بعضهم يكثر من الحلف ؟ قال : وفي اليمين على ما أنت واعده * ما دل أنك في الميعاد متهمُ
قلنا : من أحق الناس بالمجد ؟ قال : أحقهمو بالمجد من ضرب الطلى * وبالأمـر من هانت عليه الشدائد
قلنا : ما الأمن والخوف ؟ قال : وما الخوف إلا ما تخوفه الفتى * وما الأمن إلا ما رآه الفتى أمنا
قلنا : نحن بين خوف ورجاء . قال : وأحلى الهوى ما شك في الوصل ربه * وفي الهجر فهو الدهـر يرجو ويتقي
قلنا : بلينا والدهر ما بَلي . قال : إذا ما لبست الدهـر مسـتمتعاً به * تخرقت والملبوس لم يتخرقِ
قلنا : نحن نحاول كتم مشاعرنا فما نستطيع . قال : بادٍ هواك صبرت أم لم تصبرا * وبكاك إذ لم يجر دمعك أو جرى
قلنا : بعضهم يضع من علماء الإسلام . قال : من كان فوق محل الشمس موضعه * فليس يرفعه شيء ولا يضعُ
قلنا : ما وصف من أراد العلياء ؟ قال : كثير سهاد العين من غير علة * يؤرقه فيما يشرفه الفكر
قلنا : تزداد همتنا عند قراءة سير السلف ؟ قال : فلا تسمعاه ذا المديح فإنه * شجاع متى يذكر له الطعن يشتقِ
قلنا : أظنه لا يُهرب من المـوت ؟ قال : نعد المشرفية والعوالي * وتقتلنا المنون بلا قتالِ
قلنا : بعضهم لا يرضى إلا بالمحل العالي . قال : على قدر أهل العزم تأتي العزائم * وتأتي على قدر الكرام المكارم
قلنا : ما رأيك في الحمَّى ؟ قال : وزائرتي كأن بها حياءً * فليس تزور إلا في الظلام
قلنا : والفراق ؟ قال : لولا مفارقة الأحباب ما وجدت * لها المنايا إلى أرواحنا سبلا
قلنا : صف لنا نفسك ؟ قال : خلقت ألوفاً لو رجعت إلى الصبا * لفارقت شيبي مُوجَع القلب باكيا
قلنا : أما ترى فصاحة بعض الناس ؟ قال : إذا سمع الناس ألفاظه * خلقن له في القلوب الحسد
قلنا : ما أحسن صفات المتقي لربه ؟ قال : عليك منك إذا أُخليتَ مرتقبٌ * لم تأت في السر ما لم تأت إعلانا
قلنا : بعضهم يخشع ظاهره فحسب ؟ قال : وإطراق طرف العين ليس بنافـع * إذا كان طرف القلب ليس بمطرقِ
قلنا : ما أجمل كلام ؟ قال : فهو المُشيَّع بالمسامع إن مضى * وهو المضاعف حسنه إن كُرّرا
قلنا : هل للموت من طبيب ؟ قال : وقد فارق الناس الأحبة قبلنا * وأعيا دواء الموت كل طبيب
قلنا : الناس اختلفوا في معاني أبياتك ؟ قال : أنام ملء جفوني عن شواردها * ويسهر الناس جرّاها ويختصمُ
قلنا : أُدميت قدما رسول الله صلى الله عليه وسلم ; لما عاد من الطائف فما تعليقكم ؟ قال : إن كان سركمو ما قال حاسدنا * فما لجرح إذا أرضاكمو ألم
قلنا : أما ترى سب المنافقين لأهل الدين ؟ قال : ما أبعد العيب والنقصان من شرفي * أنا الثريا وذان الشيب والهرمُ
قلنا : نحن نطمع في لقاء رسولنا صلى الله عليه وسلم; في الآخرة . قال : وما صبابة مشتاق على أمل * من اللقاء كمشتاق بلا أمل
قلنا : عندنا شريعة فهل نضيف إليها تجارب الآخرين . قال : خذ ما رأيت ودع شيئاً سمعت به * في طلعة البدر ما يغنيك عن زحلِ
قلنا : ماذا تقول لو طلب منك وصف الرسول صلى الله عليه وسلم; ؟ قال : الشمس من حساده والنصر من *أين الثلاثة من ثلاث خلاله مضت الدهور وما أتين بمثله * قرنائه والسيف من أسمائه من حسنه وإبائه ومضائه * ولقد أتى وعجزن عن نظرائه
قلنا : هل لحسد الحاسد من دواء ؟ قال : سوى وجع الحساد داو فإنه * ولا تطمعَنْ من حاسد في مودة إذا حل في قلب فليس يحول * وإن كنت تبديها له وتنيل
قلنا : لمن يكتب النصر ؟ قال : لمن هوَّن الدنيا على النفس ساعة * وللبيض في هـام الكماة صليل
قلنا : لو عدت شيخ الإسلام وهو مريض فماذا تقول ؟ قال : كنت قلت : المجد عوفي إذ عوفيت والكرم * صَحَّت بصحتك الغارات وابتهجت وراجع الشمس نور كان فارقها * وما أخصك في برء بتهنئة وزال عنك إلى أعدائك الألم * بها المكارم وانهلت بها الديم كأنما فقده في جسمها سقم * إذا سلمت فكل الناس قد سلموا
قلنا : بعض الناس يتقدم إلى المعالي بشجاعة ؟ قال : هو الجد حتى تفضل العين أختها * وحتى يكون اليوم لليوم سيّدا
قلنا : كيف نعاقب الأحرار إذا أخطؤوا ؟ قال : وما قتل الأحرار كالعفو عنهمو * ومن لك بالحر الذي يحفظ اليدا
قلنا : هل تصلح الشدة مكان اللين والعكس ؟ قال : ووضع الندى في موضع السيف بالعلى * مضر كوضع السيف في موضع الندى
قلنا : ماذا تقول لحبيبك لو مرض . قال : وإذا صح فالزمان صحيح * وإذا اعتل فالزمان عليل
قلنا : أما تخشى أن يشوه الإسلام من قبل بنيه . قال : وكيف تعلّك الدنيا بشيء * وأنت بعلّة الدنيا طبيب
قلنا : ألا ترى كيف تقلب بنا الزمان . قال : وصرنا نرى أن المتارك محسن * وأنّ خليلاً لا يضر وصولُ
قلنا : نشكو قلة الإنصاف من أهل زماننا . قال : ولم تزل قلة الإنصاف قاطعة * بين الرجال وإن كانوا ذوي رحم
قلنا : أحياناً نشكو ما بنا إلى الأصحاب . قال : ولا تَشَكَّ إلى خلقٍ فتشمته * شكوى الجريح إلى الغربان والرخم
قلنا : كيف نعامل الناس ؟ قال : وكن على حذر للناس تستره * غاض الوفاء فما تلقاه في عدة ولا يغرك منهم ثغر مبتسمِ * وأعوز الصدق في الأخبار والقسمِ
قلنا : هل يشعر الناقصون بنقصهم ؟ قال : كدعواك كلٌّ يدّعي صحة العقل * ومن ذا الذي يدري بما فيه من جهلِ
قلنا : معنا علماء بين أظهرنا ونرى الناس لا يستفيدون منهم . قال : وليس الذي يتبّع الوبل رائداً * كمن جاءه في داره رائد الوبل
قلنا : خلاصة تجربتك مع الناس ما هي ؟ قال : ومن عرف الأيام معرفتي بها * فليس بمرحوم إذا ظفروا به وبالناس روى رمحه غير ظالم * ولا في الردى الجاري عليهم بآثم
قلنا : هل تحب الهدية ممن تحب ؟ قال : وما أنا بالباغي على الحب رشوة * ضعيف هوىً يبغي عليه ثوابا
قلنا : هل من رسالة ؟ قال : يا من يعز علينا أن نفارقهم * وجداننا كل شيء بعدكم عدمُ
قلنا : وداعاً . قال : رحلت فكم باك بأجفان شادنٍ * عليّ وكم باك بأجفان ضيغم
قلنا : لا تبك على فراقنا . قال : قد كنت أشفق من دمعي على بصري * فاليـوم كل عزيز بعدكم هانا (1)
__________________ (1) من كتاب ( مقامات القرني ) للشيخ عائض بن عبد الله القرني "حفظه الله" .
__________________
|
Post: #2
Title: Re: لقاء مع أبو الطيب المتنبّي
Author: Ahlalawad
Date: 06-01-2003, 12:43 PM
Parent: #1
تحية لك البعيو وشكرا .
فهو المُشيَّع بالمسامع إن مضى * وهو المضاعف حسنه إن كُرّرا
فعلا ، هكذا شعر المتنبي . من أجمل ما قرأت له ويحضرني الآن قوله يمدح سيف الدولة
وقفت وما في الموت بد لواقف .. كأنك في جفن الردى وهو نائم
|
|