حرسوه الغفراء اللئام!! صورة الغفير في أشعارالشايقية

هل الغفراء أو من نسميهم أيضا الحراس، لئام؟ هل هم قساة قلوب وليس لديهم رحمة ويتميزون بالشراسة كما تصورهم أغانينا؟ يوصف الغفير أحيانا بأنه شقي وملعون ولا يبتسم ولا يرد السلام..

لماذا لا ننصف الغفراء ونحترمهم حيث أنهم يؤدون ما يناط بهم من عمل على الوجه الأكمل. فأعمال الحراسة أو الغفارة تتطلب الحزم واليقظة وإلا سيتعرض المحروس للخراب أو الضياع.

حاولت أن أرصد ما ذكر في بعض أغنيات الطمبور التي تصور الغفير أو الحارس فوجدت الشعراء يصفونهم بأشنع الأوصاف . فالغفير كما تصوره أغانينا يقابلك دائما وهو عابس الوجه ، تحدثه فيشيح بوجهه عنك، تتود اليه فلا يقابل ذلك إلا بالنفور. حتى الشعراء في الأدب العربي القديم يصفونهم ببعض تلك الصفات. قال ذو الرمة:

إذا جئتها ردني عابس
رقيب عليها لها حارس

وهو هنا يصف الحارس بالعبوس.

تعالوا معي نستعرض بعض ماورد في أشعار أهلنا الشايقية حول الصورة النمطية للغفير.
وشعراؤنا عادة ما يشبهون محبوباتهم بأنواع الزرع المختلفة كالنخيل والمنقة والبرتكان وشجر البان وشتول الأنناس وما الى ذلك.

يقول شاعرنا حسن الدابي عليه الرحمة في إحدى قصائده :
سيدو الحارسو لِكّي خطابو
ينبح ديمة الله أصابوا
طول الليل مبارا كلابو
شايل حربتو وكوكابو
الدرب البنندلابو
حجرو قال يجيب لي خرابو
حتى الطير يحاحي اسرابو
قفل للنمل ديدابو

ويلاحظ أن الحارس هنا هو نفسه صاحب الزرع المحروس. وصفه الشاعر بأن خطابه لكّي أي لا منطق له وهو مسلح بالحربة والكوكاب ولم يكفه ذلك بل استعان كذلك بالكلاب الأمر الذي مكنه من حجر الطريق على الناس. ولم يقف عند هذا الحد ، فهو أيضا يحاحي الطير ويمنعه من الاقتراب من هذا الزرع وحتى النمل لا أمل له في الوصول حيث أن الممرات (الديداب) التي يسلكها أقفلت.

وفي قصيدة أخرى يقول نفس الشاعر :

حراسك شقي وملعون
ماب يبسم يفرلو سنون
ختاك جوة خلف حصون
من قولة سلام مغبون

أنظر كيف وصف الشاعر الحارس هنا بأنه شقي وملعون ولا يبتسم ولا يرد السلام.

وفي الأبيات التالية يحاول الشاعر (حسن الدابي) زيارة المحبوبة ولكنه يجد المعاكسة من الغفير أيضا والذي لم يمنعه من الزيارة فحسب ولكنه أساء اليه أيما إساءة ونعته بأنه عوير ولا يستحق أن ينال شرف رؤية المحروسة.

مرة ليها مشيت زيارة
عاكسوني اهل الغفارة
قالوا زي شوفتك خسارة
ياخي سيبنا بلا عوارة

أما الغفير في الأبيات التالية فهو ليس آدميا، بل تمساح (دود). والمحبوبة هنا داخل بحور أي محروسة داخل جزيرة بين بحرين فإذا كنت تجيد السباحة وغامرت بالاقتراب فإن التمساح لك بالمرصاد :
لجة بحورو ماب يتخادو
والعام كلو دودن صادو

وأحيانا تكون المحبوبة محروسة بالانس والجن أيضا مما يجعل الاقتراب منها مستحيلا وحتى لمس أسوار مسكنها يتعذر:

نقلة بانة فاتحة زهورا
دق مع الفجر بابورا
بالجن والانس مغفورة
ممنوع حد يلمس سورا
أما الحارس – الديدبان- في الأبيات التالية فلديه أوامر صريحة بفتح النار وإزهاق روح كل من يقترب :

تاق لحظني وجفل الجموح
ديدبانو يفرط الروح

وفي الأبيات التالية يشبه الشاعر محبوبته بشتيلة المشرق وهو من أنواع التمر الرطب حلو لذيذ – والأبيات أيضا للشاعر حسن الدابي رغم أنها تغنى في قصيدة شادية ما عارف الت الله تراني بزرع وشاعرها هو المرحوم عبد الله كنه، تقول الأبيات:

تمير المشرق البشيل مفدع
الغتيت حراسو بي فرارو يجدع

الحارس كما ترى يا صديقي رجل في غاية القسوة وغتيت و لا يتورع في استخدام الفرار لارهاب كل من يحاول الاقتراب من تمير المشرق.

أغاني المرحوم النعام آدم القديمة مليئة أيضا بمثل هذه الصور النمطية للغفير، تجده يصف الغفير باللؤم كما في أغنية مشتاقين :
لئام غفراهو للزول ماب يدورو
وكذلك يصفهم أيضا باللؤم في قصيدة بقيت قيام، حيث يقول فيها عن الغفير:
حرسوه الغفرا اللئام

وفي أغنية ضهب شيبون وهي قديم النعام الذي لا يبلى يقول عن الغفير:

أخضر وفي الجروف مزروع
جيت أنا داير أشوف النوع
وقف حراسو قال ممنوع

وهذا هو الشاعر السر عثمان الطيب أيضا وصف الغفير بأنه لا يتهادن في قصيدته بريدن لي شقاي زادن في ايه لو بالسلام جادن وهي من قصائده القديمة ، يقول السر عثمان:

بحورن مرة ما اتخادن
غفيرن مابي يتهادن

ودعونا نرجع الى شاعرنا حسن الدابي، فهو في هذه المرة يحاول استعمال الحيلة مع الغفير ويحاول اقناعه بأن يطلب مقابلة المحبوب للحظة فقط إلا أن الغفير يقابله بآذان صماء ويصده ويتعلل بأنه يخشى من رؤسائه الذين لن يرحموه إذا وافق وسمح له بالدخول:

يا غفيرا عليك الرسول
لحظة بس انظرا ما في طول
جيت اشوف الاناناس شتول
منو ازمن طولت طول
قال لي: فوت اختاني يازول
إنت جنيت ولا مخلول
افرض اتلقاني مسؤول
ولي جابك انا شن أقول

وهذا هو أحدهم وأظن أنه شاعرنا ود الزومة في قصيدة عيوني كفاكن دموع، يختلق المعاذير لزيارة المستشفى لرؤية محبوبته الممرضة ولكن الغفير له بالمرصاد ويخبره بأن وقت الزيارة انتهى وأوامر الطبيب صريحة بمنع الدخول

للدخول الدكتور نهى
الزيارة دا مش وكتها
يا قلبي وين تلقى الردتها


ولعل شاعرنا الأستاذ محمد سعيد دفع الله هو الشاعر الوحيد الذي شذ عن هذه القاعدة. فهو لم يلعن الغفير ولم ينعته بأقبح الصفات كما يفعل الآخرون ، بل تمنى أن يكون هو غفيرا. يقول شاعرنا في إحدى قصائده ، وهي من قديمه :

نقلة بانة دابة صغيرة
مالو أنا لو صبحت غفيرا

ولك يا صديقي أن تتخيل شاعرنا محمد سعيد دفع الله وهو يجلس مكان الغفير لابسا البردلوبة الكاكية والرداء الذي يصل منتصف الركبة ويلف القلشين في رجليه ويحمل في يده نبوتا ويجلس لحراسة تلك البانة الصغيرة.

ـــــــ

تحياتي لكم جميعا

مامان

العزيز مامان
لك الشكر على هذه الدراسة التوثيقية والتي تتناول جانبا مهما شكّل وما زال بعدا ثقافيا في تراث الشايقية ....



قدر ما احاول اتخيل صورة الوالد وهو بالبردلوبة الكاكي تجيني صورة الغفراء بتاعين المحطة وهم يقومون بمساككتنا من الحفير و جارين ورانا بجريد التمر والبلمو فيهو ده الله قال بي قولو يلحقنو ليك محيطات سمحات فوق الضهر العريان........

الحبيب مامان
لك التقدير على هذه الرؤية الثاقبة
وتصورى لمحمدسعيد دفع بعد الصورة التي رسمتها له

Quote: لعل شاعرنا الأستاذ محمد سعيد دفع الله هو الشاعر الوحيد الذي شذ عن هذه القاعدة. فهو لم يلعن الغفير ولم ينعته بأقبح الصفات كما يفعل الآخرون ، بل تمنى أن يكون هو غفيرا. يقول شاعرنا في إحدى قصائده ، وهي من قديمه : نقلة بانة دابة صغيرة مالو أنا لو صبحت غفيرا ولك يا صديقي أن تتخيل شاعرنا محمد سعيد دفع الله وهو يجلس مكان الغفير لابسا البردلوبة الكاكية والرداء الذي يصل منتصف الركبة ويلف القلشين في رجليه ويحمل في يده نبوتا ويجلس لحراسة تلك البانة الصغيرة.

بالبردلوبة والرداءوالقشلين والنبوت كان سيكون من اسجم انواع الحراس في العالم يستدعي تدخل امريكي سريع لاسيما وانه ليس مأجوراً فقط للحراسة انما عنده اغراض اخري تقود للغيرة والقتل

لقد ورث اخونا الاستاذ عبد الله محمد خير ايضا حقه الشرعي من الشعراء القدامي في وصف ونعت الحراس بالقساوة واللؤم وهو ابن مدرسة من ذكرت من شعراء الشايقية والقرير
يقول عبد الله محمد خير
في قصيدته جيدن جيتي تدي قلوبا جما

يل غفيرك لاوي راسو واضانو صمَّا
ومن عبيرك ما بعشِّم زول في شمَّة

واعتقد ان هذا من اسوأ الحراس وذلك للصم الي يحجبه من سماع البشر ولكنه رغم ذلك لم يكتف به بل ذاده بربط الرأس ووصل به اللؤم ،ليس الى حد منع الرؤية والتلصص ، انما الى منع الشم الذي يمكن ان يتم من مسافات بعيدة ، فسلطتة تمتد الى ابعد من مسافات السمع والشوف

وفي احدى اغاني النعام يرد بيت لا اعرف شاعره
وهو

سور في سور وسيدو معلي سورو
والجيران ما قادرين يزورو
ولكن تبدو الحراسة هنا اخف

الإبن جدو والأخ ياسيكو..تحياتي لكما وشكرا على التعقيب.

ولعل القراء لاحظو في تعقيب الابن جدو استخدامه كلمة الوالد عندما جاء الحديث عن شاعرنا الفحل محمد سعيد دفع الله.. وأرجو أن يسمح لي جدو بأن أقدمه لأعضاء البورد... جدو أيها الإخوة هو الدكتور علي محمد سعيد دفع الله ابن الشاعر محمد سعيد دفع الله . وقد تخرج من كلية الطب جامعة الزعيم الأزهري العام الماضي وكان الأول على دفعته وأحرز جائزة علم الجراحة.. نتمنى له مستقبلا باهرا في هذا المجال الذي نحن أحوج ما نكون اليه.

أخونا ياسيكو شكرا على التعقيب. وبيت شاعرنا الكبير عبد الله محمد خير بالجد بليغ.. وأتمنى أن تغوص فيما لديك من أشعار وتشكن منها الأبيات المناسبة للموضوع وتنزلا ..

تحياتي

مامان

مامان
جدو
ياسيكو

برضو فى

حجرو ومنعوه المروق
يا الله من نيرانو محروق

والحاصل أن هذا المحبوب الذى وضع فى حجرة وحدت حركته قد وصف وصفا من الممكن أن نقول أنه سافر

فتمامة البيت
نهدو يا دوبو بدا المروق
رافع الفستان منو لا فوق

احسن شي للحراسة ان تكون بدون حراس بشر بل تكون موانع اخري
سور في سور وسيدو معلي سورو
والجيران ماقادرين يزورو

الأخ مامان
تحياتي

عارف لو كان الحب صحيح ما أعمي كانت المحبوبه البيغنوا ليها قطعت صلتها بالشاعر وصلطت عليه الحله كلها...الحراس عادة ما يكونون الأب والأم والأخوان....يعني بالعربي الفصيح يبقي الراجل مش بيغني ليها ويتغزل فيها وبس...لا...دا بالواضح بيقول لها ..يا بنت اللئام الكعبين السعرانين الفسلين...وما يخلي ليهم جنب ينتكو عليهو..لكن المسيكينه الحب عاميها عن دا كله ...تحياتي

حميد قال عن البوليس ايام النميري
يغفروا طلمبة البنزين
يقيفواعلي البنوك خفراء
يحرسواالقصر للتلفان وللبليل زنا ودعرة
ويقوموا مع الصباح وزراء
شنو الحارسنوا يافقراء؟؟؟؟؟؟؟؟؟

مامان
الود والتحية والتقدير
وحمد الله علي سلامة عودتك للمنبر وانا ادري ان كل ماتكتب هو رحيل الي الجذور

لانك اصلو ما انفكيت من العرق الضرب مدادي في الجرف المباري النيل
ولا انحليت من الوعد القديم للسمحة والعشق النبيل واصيل
ومابتقدر

احتفل بظهورك وغاية الجمال ان تعطر هذا المنبر بعبق الشمال واصالة القول
طبعا يامامان ديل غفراء زمان الما بتنفع معاهم لا رشوة ولا تحنيس


لك ولكل الداخلين السلام والتقدير


عبدالله جعفر

ابت نفسي الأ ان تنضم لهذه الكوكبة ..من ابناء بلادي لنعزف سيفونية الترحاب بعودة " مامان " ...لان الرجل لا يكتب الا السمين ...من تراث بلادنا ..وتنطلق كلماته ..من صميم الاصالة
لك التحية والود "مامان" ...ولا شك ان الغفير ..كان يلعب دورا مهما ...في حياة الناس ..لانه يمثل العدل ..في توزيع مياه المشروع لكل السواقي..طبعا هذا جانب مما يقوم به ..وللغفير في الزمن السابق .. شكل مميز ..البرنيطه ام ريش والقلاشين..والرداء الكاكي ولا ادرى لماذا خطر ببالي "العم الصول " شقاق" لانه كان ايضا يقوم باعمال الغفارة في مدرسة مروي الثانوية ..لكنها غفارة من نوع آخر .وهي ضبط النظام ..
وتحياتي ..

الأخوان الكرام ود العجمي/أبويسرا/نايل1/عبد الله جعفر/القرير

تحياتي لكم جميعاعلى مشاركاتكم وأنا ما زلت في انتظار إضافات منكم ومن الأخوة الآخرين حول صورة الغفير.. أخونا محمد سعيد دفع الله زودني ببعض الأبيات من الأغاني وهي ليست من شعره:

الأبيات الآتية من أغنية المنقة منقولة كلمات الشاعر خضر محمود وغناء المرحوم النعام آدم:

قصيبة لفت الجزيرة
دايما غضبان غفيرة
يلاقي الناس بتكشيرة
أروح أفتح مع السيرة
لأنها معدوم نظيرة

ومن شعر المرحوم حسن الدابي في أغنية بي نيرانو محروق، يقول الشاعر:

قلت آخد منو وأضوق
سيدو قال لي دا ماهو للسوق
قت لو مرضان خليك شفوق
قال لي حتى إن مت بالشوق
قال لي فوت عجل بالمروق
لا تحوم بي جمبي خازوق

ومن الأغنيات التي يؤديها الفنان عثمان اليمني وأظنها من كلمات الشاعر سيد أحمد أبو شيبة، تقول الأبيات التي ذكر فيها الغفير:

يا شتيلة المنقة ام خلف
قايمة بين النيل والجرف
رحت بي عند السور ألف
الغفير قال لي وقف
أنا لا بشحد ولا بسلف
وعندي ممنوع حتى القرف

up

مامان والاخوة الاحباب
مالقيتلكم اغنية بمدلول البوست لكن شيلو دي صبارة

up

up