مَنْ يَسْتأمِنُ للقِطِّ الجَبَلى؟!

مَنْ يَسْتأمِنُ للقِطِّ الجَبَلى؟!


04-09-2003, 06:45 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=2&msg=1049910306&rn=0


Post: #1
Title: مَنْ يَسْتأمِنُ للقِطِّ الجَبَلى؟!
Author: zumrawi
Date: 04-09-2003, 06:45 PM

مَنْ يَسْتأمِنُ للقِطِّ الجَبَلى؟!


بقلم: كمال الجزولي





كشف تصريح نسبته «الشرق الأوسط» لوزير الخارجية السودانى عن طلب تقدمت به حكومته إلى الادارة الأميركية للضغط على إريتريا لوقف دعمها للمعارضة السودانية وطردها من أراضيها (الرأى العام، 31/3/2003م). وفى اليوم التالى سارع الوزير إلى نفى الخبر، موضحاً أن «الطلب الذى تقدمت به الحكومة لأميركا» كان «لحث إريتريا على وقف استهدافها الأراضى السودانية«، وذلك، على حدِّ تعبيره، «للعلاقة الخاصة التى تربط بين واشنطن وأسمرا، ودفعاً لحرص الولايات المتحدة على استقرار الأوضاع فى السودان والاقليم« (الرأى العام، 1/4/2003م).


هكذا، ومن حيث رمى التصريح الثانى إلى «نفى« الخبر الأصلى، فإنه، على العكس، زاد فى «تأكيده«! ذلك بالنظر لكونهما «التصريحان قائمين، فى الواقع، على قاسمين مشتركين مؤكدين: أولهما أن ثمة طلباً قدمه النظام السودانى للادارة الأميركية «للتدخل« فى الأزمة الناشبة بينه وبين النظام الاريترى، وثانيهما أن موضوع «التدخل» المطلوب هو «وقف استهداف النظام الاريترى للأراضى السودانية». وبما أن القاصى والدانى يعلم، ولا بُدَّ، أن الدعم السياسى واللوجستى الذى تجده المعارضة السودانية من حكومة أسمرا ظل هو محل الشكوى الدائمة لحكومة الخرطوم، طوال السنوات الماضية، فإن محاولة «النفى» الواردة ضمن التصريح الثانى تصبح، إذن، وفى المحصلة النهائية، بلا معنى!


ومع ذلك فليس مما يشغلنا هنا، كما قد يتبادر للأذهان، الاستغراق فى التعريض ببنية هذا القول السياسى من زاوية افتقاره لتماسك المنطق الداخلى، فهذا مما لا يندر أن يصادفك فى غالب كدح الدبلوماسية حين تجد نفسها، بإزاء لهوجات القرار السياسى، مضطرة للقيام بوظيفة «مُمتصِّ الصدمات« فى السيارة، فتصيب حيناً وتخيب أحياناً! الأهم والأخطر هو انكفاء النخبة الاسلاموية الحاكمة، بأسرها، على رغبة سياسية يتيمة، نخشى أنها باتت تسدُّ عليها كل آفاق البصر والبصيرة، فى أن ترى معارضيها مسحوقين، بين يوم وليلة، لحدِّ الفناء، حتى لو كان ثمن ذلك فرش السجاد الملوكيِّ أمام «التدخلات» الأجنبية، الأميركية تحديداً، و«تمكينها» من مفاتيح الخيارات الوطنية كافة، سواء كان ذلك على مستوى الشأن الداخلى، كما حدث ويحدث الآن فى مفاوضات ماشاكوس وكارن «برعاية» أجنبية، أميركية بالأساس، والتى ما ينفك طرفاها، الحكومة والتيار الرئيس فى الحركة الجنوبية المسلحة، ينزلقان، يوماً عن يوم، من موقع «الذات» إلى موقع «الموضوع»، أم كان ذلك على مستوى العلاقات الخارجية، الجيوبوليتيكية بالأخص، كما فى طلب الحكومة المؤكد« للتدخل الأميركى بينها وبين النظام الاريترى، بينما عقلها لا يكاد يكفُّ لحظة، فى الواقع، عن التفكير الرغبى فى إمكانية أن تفضى خطوة كهذه إلى خنق المعارضة، والقضاء عليها، من فوق كل الآمال الوطنية المجهضة التى ما انفكت تتداعى، طوال السنوات الماضية، إلى تسوية سلمية تاريخية تجعل للسودان مخرجاً سياسياً، على غرار تجربة جنوب أفريقيا.


ويكتسى أهمية خاصة، فى هذا السياق، التصريح الذى أدلى به مؤخراً الفريق (م) عبد الرحمن سعيد نائب رئيس التجمع الوطنى الديمقراطى،التنظيم المعارض المتهم بتعكير الجبهة الشرقية بدعم من اريتريا، حيث قلل من أهمية لقاء البشير ـ قرنق بنيروبى يوم الأربعاء الماضى، واصفاً إياه بأنه «لقاء علاقات عامة» لن يؤثر فى سير المفاوضات «لا سلباً ولا إيجاباً» (!) ومُؤكداً، فى ذات الوقت، على أن السلام الدائم لن يصنعه طرفان، وأن الحل الجزئي لن يقود إلا الى المزيد من الأزمات، وأنه لا سبيل لتحقيق السلام الدائم دون مشاركة القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدنى كافة (الأيام، 1/4/2003م).واستطراداً، فإن هذه هى، بالفعل، الرؤية التى تجمع عليها الآن كل القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدنى. النوبيون مثل شعبى حكيم يقول:


«لا يوضعُ القط الجبليُّ فى الجيب» (!) وأميركا، الآن، هى قط العالم الجبلى (!) لكنَّ الحكومة، فى ما يبدو، أضحت تستأمِنُ «للتدخُلَ» الأميركى فى شئون البلاد بأكثر مما تستأمِنُ لمجرد الجلوس للتفاوض مع المعارضة السودانية ذاتها، ولو لترميم شروخات الجبهة الداخلية التى تشكل المسارب الأكثر ملاءمة لمشاريع الهيمنة الاستعمارية، دع عنك ترميم ما بينها وبين جيرانها من شروخ (!) وطلبُها للتدخُّل الأميركى، هذه المرَّة، جاء مشفوعاً بثقتها فى «حرص الولايات المتحدة على استقرار الأوضاع فى السودان والاقليم»، على حدِّ تعبير السيد وزير الخارجية (!) ولو ساق أيَّ سبب بخلاف ذلك لأصاب توفيقاً أكثر (!) بل إن الطلب جاء، من عجب، فى وقت تحبس فيه شعوب الأرض قاطبة أنفاسها، واضِعة يدها على قلبها، لتشهد، بعيون واجفة، ما يجرى فى العراق، وما أدراك ما العراق، على شاشات التلفاز، لحظة بلحظة، وليس من كتب التاريخ، ولتشهد من خلال ذلك، ضِمناً، الرجعة الدراماتيكية للاستعمار بشكله المباشر نفسه، ووصفته القديمة ذاتها، القائمة فى قوة «البارود»، والتأويل النفعى «للانجيل»، والترويج لأكذوبة «عبء الرجل الأبيض»، وواجبه «الأخلاقى» فى إنقاذ الشعوب المتخلفة، والأخذ بيدها على مدارج الحرية والمدنية والحضارة الحديثة، بينما عينه، فى الحقيقة، لا تنزل، لحظة، عن خيرات هذه الشعوب وثروات بلدانها! هذا هو الدرس البسيط الذى توفره خبرة شعوبنا الأليمة مع الاستعمار،


ولا استطيع أن أصدِّق أنه لم تعد لدى النخبة السودانية الحاكمة ثمة قليل من الفطنة لإدراكه، حتى ولو بمعيار مصالحها هى نفسها (!) وبما أن خبرة العراق توفر الآن نسخة طازجة من هذا الدرس، فلربما لا يحتاج المرء لأن ينتظر طويلاً كيما يرى بأم عينيه أن أميركا، إذا ما قدر لها أن تستكمل احتلالها الآثم للعراق، لن تطأ بحذائها مقدرات البلاد وأهلها وقواها السياسية المعارضة قبل أن تطأ النظام الحاكم أولاً! فمن ذا الذى يضع القط الجبليَّ فى جيبه، من؟

Albayan Newspaper
Bayan Alarbaa

Post: #2
Title: Re: مَنْ يَسْتأمِنُ للقِطِّ الجَبَلى؟!
Author: Elmosley
Date: 04-10-2003, 02:05 AM
Parent: #1

زمراوي العزيز عليها ان تشرب اللبن وتنوم بدري
وتسمع الكلام

Post: #3
Title: Re: مَنْ يَسْتأمِنُ للقِطِّ الجَبَلى؟!
Author: zumrawi
Date: 04-10-2003, 03:25 AM
Parent: #1

كلام صاح ياموصلى
والغريب انو تراجع السلطة عن ثوابتها للقوى الخارجية كان متوقع من فترة طويلة