كوالالمبور ـ بغداد وبالعكس

كوالالمبور ـ بغداد وبالعكس


03-29-2003, 03:44 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=2&msg=1048949080&rn=3


Post: #1
Title: كوالالمبور ـ بغداد وبالعكس
Author: ديامي
Date: 03-29-2003, 03:44 PM
Parent: #0

سماءُ ُ "كُوالا"

د. حسن محمد دوكه
[email protected]



سماءُ ُ "كُوالا" – هذه الأيام – تُبرقُ و تُرعدُ و تُمطرُ دمعاً مُشعّاً محموماً يُفارقُ العقلَ المُهادن .. بينما يَشتعلُ فضاءُ ديارِ "الرّافدين " حريقاً يطالُ التواريخَ وعمقَ الأنسنه ..



"...إني لأعجبُ كيفَ يُمكنُ أَن يخونَ الخائنون ؟

أَيخونُ إنسانٌ بلاده ؟

إن خانَ معنى أن يكونَ .. فكيف يُمكنُ أن يكون ؟

الشمسُ أجملُ في بلادي من سواها ، و الظّلامُ ..

حتى الظّلامُ هناك أجملُ .. فهو يحتضنُ العراق ... "



(من قصيدة "غريبٌ على الخليج "، للشاعر العراقي بدر شاكر السّياب)





يا كاملَ و مجموعَ حزمةِ الأحباب المبعثرين - تشتُّتاً - في بقاع و (أكواع) الدنيا .. يا أيها المترفون ببعضِ حلمٍ ما غابَ إلاّ لِيعودَ أكثرَ حضوراً ، و( الأيام دُول) ، .. إنّها " أحلام " ، أُسمِّيها أو تُسمِّيها المنافي المسكونةُ بِ (الدّمارِ الجيني) في عوالمِ ركونِ سِربنا العتيقِ إلى مساكنةِ الأمل الغياب.. تلكم الفتاةُ العراقيةُ الملامحِ و الصفاتِ و الأملِ والأصولِ المنتميةِ إلى هذا الكمِّ الموروث فضاءً من السُّلطاتِ المرجعية ، و المتحكّر منبتاً و تاريخاً و واقعاً و غداً عصياً على السائدِ و المعاشِ، و المرفوض بالطّبعِ (كروموسومياً) عروبياً و أعرابياً بل اِستعرابيا وأعجميا يتحرّر من ربقة (الكاوبوي) .. حيث تتنازعُ الأزمانُ و الأيامُ عمرَها- أي أحلام - بين العشرين و ثالِثها .. و تمتطي سروجَ حلمِها نسائمُ (دجله) و شطحاتُ (الفرات) و بعضُ (دفقات) النيل .. الدمعُ انداح مدراراً يترقرق – لمن يعرف و يعي - يغزو مقلتيها ليُثيرَ باعثاً فيهما الألقَ الإنسانويَ آن غادرنا المطعمَ العربيَ الكائنَ نواحي (Bukit Bintang) أي " تلُّ النجمةِ " باللغة الماليزية .. حيث قدَّر الرَّحمن إقامَتنا بمدينةِ الَّربيعِ الدائم (كوالا لمبور) وُجهةِ السُّياح -عربيهم و غربيهم – إلى جنوب شرق آسيا، .. و بعد عشاءٍ أمّه (سبعتُنا) محتفين بوداعِ صديقٍ حميم شاءت الأقدارُ أن يكون من سعيدي (الطفش) العولمي إلى بلاد العم سام و بوش و بنتِ خالنا (المشاتره) قونداليزا و ابني جدّتنا (المتماهيين يانكياً) كولن و بروكس – هذين الأسدين المحاصرين ب- الكوسموبوليتان- و المغيّبِ عن ناصعِ تواريخِ دهاليزِ أدغالِ معارفِ و حِكَمِ و مآلاتِ ديارِ النشأة الأولى (أفريقيا الأم) .

حكمةُ الدَّمعِ السرمديةُ يا أحلامُ ، أنها لا تعرفُ ضفافاً سوى اِثنتين هما : الفرحُ السخي ، أو الحزنُ الممض .. فإلى أيِّ الضِّفافِ تتجه مراكبُ دمعكِ يا فتاةَ الوجعِ المدرِّ لأحزان عوالم ِ الأرضِ المُمنَطقةِ انبهاراً يشعل آبارَ صحونا الممتطي فرسَ الهروب ، و ليس آبارَ نفط (تكساس)، موطنِ (البُوشبليريين) ؟ .. يا نوّارةَ بغداد، و مشعلاً في بلاد جنوب الشرق الآسوي في إيراقِه الإنسانوي .. يبدو أن السؤال يعمِّق المأساة ، و يشي بالبوح عن هذه الغربة المضروبة على كامل قبائل الشتات في عالم أصمٍّ لا يطرب - في نزوةٍ هستيرية - إلى ما سوى (دوي) محلقات و قاذفات و قاتلات (بي فيفتي تو ) B 52 ، تلكم السمفونيات اللاإنسانية (اليانكية) المترعة بالوعد بعالمٍ لايشجيه غيرُ الدمار الممتطي لكل خيول الأمم التي كانت متحده ، و تصريحاتُ (الخال) عنان وهو ينأى – معرفياً- عن حقول (مانديلا) المورقةِ و المزدهرةِ في عنفوانها الإنساني الأصيل الآتي بعون الخالقِ الجبّار و المتكبِّر على كلِّ (بوشٍ أو شارونٍ أو بليرٍٍِ أو عُروبيٍّ ) يتهتلر.

قناة (العربية الدُّبيانية) محدثةُ البثِّ الفضائي المصاحب (لأبابيل) العولمة و القطب الأحادي في مارس الثالث من أعوام الألفية الثالثة الممهورة بنظام عالمي (أَجَد) ، تحاول تبصير المتجاوَزين معلوماتياً بما يدور في أروقة (البصرة) و (البنتاقون) مصحوبةً بتحليلات (لقمان أحمد " المذيع السوداني" ) .. و مناوشات وزير الإعلام العراقي الكلامية (الحارقة) و النافية لكل مزاعم الغزاة . و فجأةً يحيل (ريموت) المطعم انجذاب الحاضرين إلى ال (CNN) حيث يحاول (جيم كلانسكي) هذا المذيع لامع الصيت الإعلامي (العولمي) من الكويت، متابعةَ تقدُّمِ القوات (البليربوشيه) تجاه قصف كروموسومات العقل الجمعي لأحلامِ تلكم الفتاة التي قذفت بها الحاجةُ الإنسانية الملحَّةُ إلى ديار (الملايو) حيث يمتد الوهمُ الحياتيُّ مُنشرّاً ليشمل بعضَ مَن يلهج لسانه بالمعاشِ – إلاّ مَن رحمَ الله - ، و تصبو آماله إلى المرجعيةِ الإسلاميةِ ( كُنتم خيرَ أمةٍ أُخرجت للناس ... ) مصدِّقين و سائرين على السبيل ، و مؤمنين بما سُطِّر على جبين الخلقِ من أقدار. و بينما – نحن – نستمتع و ننتشي و نحتفي بما لذَّ و طاب من طعامٍ عربي ذي نكهةٍ بغدادية ، و عبيرٍ (رشيدي) ، و طعمٍ (مأموني) .. كانت أحلام تُغالب الابتسامَ في مشقّةٍ آسيوية – عربوناً – لزبائن أوجبت قوانينُ الخدمة منحَهم أقصى درجاتِ الارتياح و التبسُّط .. و لكن ، على مَن تنطلي هذه الابتساماتُ الصفراوية ..؟ و هل نحن ( تعولمنا) أو (تغرّبنا) أو (تعرّبنا) رسمياً و- ليس شعبياً- إلى هذه الدرجة من التسطيحِ يا أحلام ؟.. امرأتين و خمسة رجال من ديار السودانوية كنّا نبثُّك ما يُعين على التماسك و أنت تعانين الأمرّين .. غربة في ديار الملايو ، و دمعة تترقرق في حجر مقلتيك و أنت تشاهدين أضواء المضادات لقاذفات محور الشر (الباكنهامي) ذي السقف الأبيض المنعوت بالبيت .. و أي بيتٍ تحلمين به ، أو تمرحين فيه يا أحلام ؟ . و على غير وعدٍ برجوع الذّاكرةِ (الزولية) إلى منابع صحوها الفجائي العنيد ، أدركتُ نفسي أسوحُ في عوالم (هنا أم درمان) عامَ سبعةٍ و ثمانين من الألفية المنقرضه ، حيث كان المخرج المبدع (محمود ياسين) يرعى و يعدُّ و يُخرجُ برنامج (عندما يكتمل القمر) ، و كانت (نجوى الشفيع) تكتب متدفقةً إنسانويةً تُحيلُ ضبابَ واقعنا فراشاتٍ من الأمل اليجيء.. قالت في إحدى تلكم الحلقاتِ من اكتمالِ القمر: " هناك عند الأفقِ الحزين .. أرسلت نظراتِها باكيةً تشتكي ، كزورقٍ وهميٍّ في عُرضِ البحرِ يُقاسي الغرق .. كطفلٍ يبحثُ عن أمان .. كانت نظراتُها وديعةً ترتجف ، سكنت عُمق نظرتي ... كلماتُها صامتة .. عِتابُها مرير .. كانت أحلامُها قويّةً قُوّةَ الوحوش .. واهنةً كبيتِ العنكبوت .. و عجزت أن تقول ... " و هكذا امتطى الماضي سروجَ الحاضرِ لتنعمَ أو تشقى " أحلامُ " بالمطر العولمي و الدّمع (اللامبوري) مرتين على الأقل.

و لنا عوده بمشيئة الله

Post: #2
Title: Re: كوالالمبور ـ بغداد وبالعكس
Author: ديامي
Date: 03-29-2003, 03:52 PM
Parent: #1

شكرا لك أخي حسن دوكه وكأني كنت ثامنكم وأنتم تودعونه وكأن التاريخ قد اعاد نفسه إلى يوم 23يونيو حيث كانت نفس الجلسة وفي نفس المكان ونفس الاشخاص وكنت أنا المحتفى برحيله عن تلك المجرة التي نعمنا بجواركم فيها حينا من الدهر ، لكن هذه المرة فقد تمت بدوني ، حتما سنلتقي هناك وسنحتفي بك فرحا لا وداعا

Post: #3
Title: Re: كوالالمبور ـ بغداد وبالعكس
Author: عزيز
Date: 03-29-2003, 04:13 PM
Parent: #2

الحبيب ديامى
لك التحية والحب
والتحية ندية للاخ الحبيب الاذاعى المبهر دكتور حسن دوكه هذا الرائع متحف الجمال
ولك الشكر على هذه الململة الساخنه فى جوف الحقيقة والالم المرير وتلكم الحروف الصادقة التى نسجت بها
تحياتى لاسرتك الكريمة ولكل الاخوة والاخوات فى بلاد الملايو التى تركنا بها قلوبنا تمرح فيها حبا وهياما