|
|
 الحكومة وصحيفة (الشرق الاوسط)..حالة خصام!
|
مقداد خالد
(الرأي العام)
الدراسة التى أجرتها وزارة الخارجية عن التناول الأخبارى للشأن السودانى ربما تكون قد كشفت النقاب عما يمكن أن يكون سبباً لإستثارة د. مصطفى عثمان، فقد رصدت الدراسة التى اجريت قبل شهر تقريبا من صدور مذكرة الجنايات الدولية ورود أخبار السودان السياسية والعسكرية، والإقتصادية فى دول المجموعة العربية (210) مرات منها (97) عبارة عن أخبار إيجابية، و(55) خبراً محايداً، فيما جاء(55) خبرا يحمل سمة السلب، وهو ما تعده الحكومة السودانية أمراً مزعجاً.
ورغم ان صحيفة (الشرق الأوسط) لا تنتمي - جغرافيا- الى اعلام الدول العربية، الا انها تحتل موقع الصدارة ضمن خارطة الاعلام العربي، وتلعب دوراً كبيراً فى تشكيل الوجدان وصنع القرار بالمنطقة العربية لإمتلاكها مكاتب ولها مراسلون فى المنطقة العربية كافة كما يضم أسطولها نخبة من صحفيي المهجر أصحاب الخطوط الليبرالية المتأثرة بالثقافة الغربية ما يجعلهم فى أحايين كثيرة فى حالة من التماهى مع هذه المواقف الغربية الأمر الذى ربما وضعهم فى خانة إستعداء للحكومات العربية والإفريقية .
ولكن هذه الفرضية او الاستنتاج قد لا يصمد كثيرا نظرا الى ان «الشرق الاوسط» يرى البعض بأنها تعبر -بوجه من الوجوه- عن بعض مواقف المملكة العربية السعودية مما يعني ان الثقافة الغربية ليست هي السبب دائما في حالة العداء التي تحكم علاقة الصحيفة ببعض الحكومات العربية ومنها السودان.
وتعد كتابات عبدالرحمن الراشد خير إنموذج لجنوح (الشرق الأوسط) نحو ما يمكن ان يسمى بالمعارك المفتوحة مع الحكومة اذ درج الراشد على تخصيص حيز من كتاباته لمهاجمة الحكومة السودانية، إضافة لكثير من المقالات التى تنتقد وبشدة الحكومة على خلفية طرد (13) منظمة أجنبية تعتبرها -دينا مقلد- الكاتبة بالصحيفة مصدر إعتماد لمعظم سكان أقليم دارفور المضطرب هذا غير الكتابات التى تصور الصراع الدائر فى إقليم دارفور كتصفية للجنس الإفريقى من قبل عناصر عربية ما يعد خنجراً مسموماً يغرز فى خاصرة الخرطوم التى تتوقع المؤازرة الإعلامية من الإعلام العربى. كما ظلت الصحيفة ترسل دعوات للبشير فى عدد من منابرها للتعامل مع محكمة الجنايات الدولية الأمر الذى تعده الخرطوم خطاً أحمر ومعياراً للتمييز بين الصديق والعدو.
وقبل عدة أيام تم وصف فتوى لهيئة علماء المسلمين في صحيفة «الشرق الاوسط» على أنها فتوى (رجالات الأمن) فى مسعى لإيجاد مخرج مناسب لمنع البشير من السفر للخارج (زار 3 عواصم بعد القرار الى الآن).
كما جرت قبل ايام ردود بين دكتور مصطفى عثمان وسفير السودان بالسعودية من جهة وبين صحيفة «الشرق الاوسط» من جهة اخرى حول ما نسب الى د.مصطفى في مؤتمره الصحفي بالرياض، ورغم ان الصحيفة نشرت رسالة د.مصطفى والسفير السوداني كاملة، الا انها لم تكتف بالرد عليها فقط بل اضافت رابطا على موقعها الالكتروني قالت انه يحمل نص حديث د.مصطفى.
ويرى البعض ان الهجوم الكثيف الذي تتعرض له الحكومة السودانية في صحيفة الشرق الاوسط يضع أكثر من علامة استفهام حول ما اذا كان بالضرورة ان يتسق الخط التحريري للشرق الاوسط مع سياسة المملكة العربية السعودية بصفة عامة كما يشاع ام انه يمكن ان يخالفها في بعض الاحيان ولكن بالقدر الذي يدل على ان الصحيفة مستقلة؟!
ويقول فتح الرحمن محجوب استاذ الاعلام ان معظم المؤسسات الإعلامية العربية وتلك الممولة من جهات حكومية _بشكل أو بآخر_ لا تتطرق لمعالجة القضايا السلبية التى تمس الحكومات العربية الا في حالة العداء المكشوف، وشدد على صعوبة الفصل بين قضايا الإعلام وقضايا التمويل.
وفى ذات المنحى أكد عبدالله محمد أحمد وزير الثقافة والإعلام السابق أن معظم الصحف العربية بعيدة عن الإستقلالية وتعمل على مساندة دول ومتخذى قرار فى مقابل إعانات سرية، وعن صحيفة (الشرق الأوسط) أكد عبدالله أنها موجهة من قبل جهات لديها مخاوف من السودان، وأشار عبد الله الى ان (الشرق الأوسط) أجرت عدة إتصالات بوزارة الثقافة والإعلام إبان فترة استوزاره لإصدار طبعة من داخل الأراضى السودانية وأردف: لكنها عادت وفضلت لندن التى وجدت فيها فضاءً رحباً لإنتقاد معظم الأنظمة العربية فى مقابل السكوت عن أخرى.
وبغض النظر عن العلاقة غير الجيدة بين الحكومة وصحيفة (الشرق الأوسط) ، الا انه يبدو ان مدينة لندن التى تتخذها الصحيفة مقراً لها وتعطي الصحيفة نوعا من الحرية،يؤكد أن الجغرافيا لا تكتب التاريخ فقط ولكن الحاضر ايضا.
|
|
 
|
|
|
|
فدوى الشريف
كمال ادريس
محمد عبدالقادر سبيل
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست