Post: #1
Title: يوم المسرح العالمي ..... البورداب المسرحيين وكل أهل المسرحفي السودان عام جديد من الابداع
Author: زهير عثمان حمد
Date: 03-27-2009, 04:33 PM
في البداية التحية من كل فلبي لمسرحيي بلادي وكل مبدع كل عام وأنتم بخيرأوغستو بوال: تلك الحقيقة المخبّأة هذه السنة، كُلّف المسرحي البرازيلي أوغستو بوال، مؤسس «مسرح المقموعين»، بكتابة الرسالة التي ستُقرأ بكلّ اللغات، في كل المسارح والفضاءات الثقافيّة، لمناسبة اليوم العالمي للمسرح ـ 2009. هنا النصّ العربي للرسالة
تعيش المجتمعات الإنسانية كافة حالةً فرجويةً في حياتها اليومية، وتُنتج عروضاً في مناسباتها الخاصة، على اعتبار أنّ تلك الحالة الفرجوية هي شكل من أشكال التنظيم الاجتماعي. حتى العلاقات الإنسانية تبدو ـــــ على غفلة منّا ـــــ مصمّمة على نحو مسرحي لجهة استخدام الفضاء، ولغة الجسد، واختيار العبارات، وتنويعات الصوت، علاوة على طرح الأفكار والمشاعر المتناقضة. كل شيء يدور على الخشبة، نحياه نحنُ على أرض الواقع: المسرح هو نحن. ولا تقتصر العروض الفرجوية في حياتنا على حفلات الأعراس والمآتم، بل تمتدّ لتطال طقوساً يومية ألفناها إلى درجة إغفالها، تماماً كما هي الحال مع تبادل التحية الصباحية والقهوة وأشكال الحب الخجولة ونوبات الانفعال الجارفة والاجتماعات واللقاءات الدبلوماسية... كلّها من صنوف المسرح. إحدى مهمات الفنّ الرئيسة هي جعل الناس أكثر إحساساً بعروض الحياة اليومية التي يُعتبر فيها المؤدّون متفرّجين أيضاً، وحيث يتوارى الحدّ الفاصل بين المكان والمسرح. نحن جميعاً فنانون. ومن خلال ممارسة المسرح، نتعلّم التقاط ما عجزنا عن رؤيته بسبب اعتيادنا إياه، رغم أنّه ساطع سطوع الشمس. كلّ ما يغدو مألوفاً يصبح غير مرئي: وهنا، يأتي المسرح ليلقي بقعة ضوء على منصّة الحياة اليومية. لقد أدهشنا في أيلول (سبتمبر) الماضي ذلك الانكشاف المسرحي: نحن الذين خلنا أننا نعيش في عالم آمن رغم الحروب والمجازر وصنوف التعذيب التي تحدث فعلاً، لكن بعيداً عنّا... نحن الذين كنّا نعيش بأمان مع أموالنا المودعة في المصارف أو عند شركات محترمة في البورصة... استفقنا أخيراً لنجد أنّ الأموال أصبحت هباءً منثوراً، مجرد أشياء افتراضية لا وجود لها، مجرد اختراع وهمي ابتكره اقتصاديون غير وهميين طبعاً، وغير جديرين بالثقة. كان كلّ شيء أشبه بعرض مسرحي رديء، حبكة سوداء حيث الرابحون قلّة والخاسرون كثر. شُغل مسؤلو الدول الغنية بعقد اجتماعات سرية بحثاً عن حلول سحرية... فيما بقينا نحن، ضحايا تلك القرارات، نمارس دور المتفرّج في المقاعد الخلفيّة. قبل 20 سنة، أخرجت عرضاً بعنوان «فيدرا» لراسين في ريو دي جانيرو. كان ديكور المسرح فقيراً، اقتصر على جلود الأبقار المرمية على الأرض، وحولها قضبان الخيزران. يومها، اعتدتُ أن أخاطب الممثلين قبل كل عرض بالقول إنّ الحكاية التي كنّا نختلق أحداثها يوماً بعد آخر، قد انتهت، وإنّه لا يحق لأحد أن يكذب ما إن تعبر قدماه تلك الخيزرانات. المسرح هو تلك الحقيقة المخبّأة. حين نعبر ظاهر الأشياء إلى بواطنها، سنجد أشخاصاً قامعين ومقموعين في كل المجتمعات والمجموعات الإثنية، وفي كل الطبقات والتصنيفات الاجتماعية. سنرى عالماً قاسياً وظالماً، وعلينا أن نسعى لإيجاد عالم بديل لأنّنا نعلم أن ذلك ممكن. الأمر كلّه رهنٌ بإرادتنا. وهذا العالم نبنيه باعتلائنا الخشبة، ومسرح حياتنا الخاصة أيضاً. لنشارك في هذا العرض الذي يوشك أن يبدأ. ولدى عودتكم إلى منازلكم، مارسوا تمثيل عروضكم الخاصة مع أصدقائكم، لتدركوا تلك الأشياء التي لم تكونوا قادرين قبلاً على رؤيتها لمجرد أنّها واضحة وضوح الشمس. المسرح ليس مجرد حدث نعايشه، بل هو أسلوب حياة وطريقة عيش. إنّنا جميعاً مؤدّون. فأن تكون مواطناً لا يعني مجرد العيش في كنف مجتمع، بل السعي لتغييره.
إضاءة بهذه المناسبة
في الذكرى التاسعة لتأسيس «المعهد الدولي للمسرح» (IIT) وقف رئيسه، الفنلندي أرفي كيفيما، أمام جمهور المسرحيين المجتمعين في فيينا (النمسا)، واقترح تخصيص يوم عالمي للمسرح. كان ذلك في 1961. وفي 27 آذار (مارس) 1962، افتتحت باريس «مسرح الأمم»، فاختار المعهد هذا التاريخ ليكون الطبعة الأولى من «اليوم العالمي للمسرح». مع السنوات تحوّل الموعد تقليداً تحتفل به مسارح العالم، وتمثّل الكلمة التي تلقى في المناسبة لحظتها الأبرز، إذ يكلّف المعهد سنوياً شخصيّة مسرحيّة أو أدبيّة بارزة، بكتابة رسالة يصار إلى ترجمتها إلى لغات عدّة، وتسافر حول العالم. الكلمة الأولى كتبها الفرنسي جان كوكتو، وتلاه مبدعون كبار من أمثال بيتر بروك (1969، ثم 1988)، بابلو نيرودا (1971)، أوجين إيونيسكو (1976)، وصولاً إلى المسرحي الكندي البارز روبير لاباج العام الماضي. وشاركت ثلاث شخصيّات عربيّة في هذا التقليد: سعد الله ونّوس (1996 - الصورة)، فتحيّة العسّال (2004)، وحاكم الشارقة سلطان بن محمد القاسمي (2007).
|
|