في زمن الشحاته حتي العشق كان لا يرهق عاشقيه

في زمن الشحاته حتي العشق كان لا يرهق عاشقيه


03-25-2009, 08:23 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=190&msg=1237965838&rn=2


Post: #1
Title: في زمن الشحاته حتي العشق كان لا يرهق عاشقيه
Author: بابكر عثمان مكي
Date: 03-25-2009, 08:23 AM
Parent: #0

أنا من جيل الشحاتة

كنت أنام تحت شعاع القمر في ( حوشنا الوسيع )
متدثرا بثوب أمي و ملاءة قطنية الملامح ..
احدد من (عنقريبي) المهتوك بالحب والملصوق بالمحبة وسط عناقريب إخوتي
ملامح الطوب الذي يقبع في حائط بيتنا وركائز الباب وشجرة النبق
و برغم خفوت ضوء القمر الا أنني كنت الحظ شكل زيرنا العتيق في الفناء
وصوت تلك القطرة التي تسقط منه مبللة حيز الطين الرطب
كان صمت الليل لغة أمان .. وضوء القمر رسالة حنان يومية وان غاب
كان ثمة مايدعوا إلي الشعور بالحبور ..
ربما هو الدفيء الأسري الذي يعم بيتنا والذي افتقدناه فيما بعد في كل مراحل حياتنا .
كانت صلاتنا لا تحمل التناقض وكانت وجوهنا لا تعرف الخوف وكان ديننا ليس حكرا لسياسة وجهة
كل الناس يؤمنون ويعملون .
كان العالم يحضرنا من مذياع لايحمل المؤامرة ولا تسكنه الهواجس .
كانت أرجلنا تحملنا إلي السوق في (مراسيل ) علي لظي نهار حار .. او صباح بارد
فنستمتع بالسلام في الطريق ..
ابواب تفتح ..
وأخري مفتوحة
لا احد يخاف من احد
ولا احد يظن علي احد

كيف حالك آجنة .. ابوك شديد .. سلم عليه قوليهو حاج الطاهر بيسلم عليك ..

ومن لايعرفك يهديك السلام علي باقة اطيب منها ..

زودتني حاجة ميمونة ربطة ليمون كاملة وهي تحملني السلام لأمي ..
وتطلب مني أن أسألها العفو لله والرسول .

حينما حدثت امي بكت ...

لم يمضي يوم او يومين الا وسمعنا بخبر وفاتها .. فارتبط الليمون الأخضر في ذاكرتي
بوجه ميمونة الوضيء

لم يغشني ود الأغبش الجزار قط ..
كان ينتهرني بحب وهو يضرب بساطوره رجل الخروف بدقة ثم يكيل اللحم دون أن يسألني عن ثمنه ..

قول لي أبوك ده عشان ملاح (أم رقيقة) يمشي فيها (السيوسيو )
كناية علي جودة الطبخ وحلاوة الطعم ، ثم انه كان يدرك مزاج أبي في الطعام جيدا

تلك المشاوير بقفة الملاح جعلتني رجل لا اعرف أن أجيد فن التجارة فليس لي دخل بالسعر قط ..
الذي يدفع هو والدي وقد لايحاسبوه حيث ان الأمر كان تبادليا محضا ليس فيه رائحة مصلحة نفاذة
وإنما كانت رائحة الإيثار والحب هي التي تملأ المكان .
كنت أري الفقراء أغنياء وكنت لا أري أغنياء كان الجو العام كله جو عفة وتعفف ومحبة ..
الخير يسكن الجميع .. الناس الأماكن ..


حتي العشق كان لايرهق عاشقيه ..

وأنت عابراً تنتقي زهرة برية
وتسكنك إشارة ثوب مورد لبنت الجيران او لغريبة جاءت تحضر زفة عرس
أقاربها ..

كان العشق بسيطا وغير ملوث

حتي عند الكوارث يسكن الحب ضفاف النيل .. فيفيض فياضانات 1988 ..
أرهقتني الخضرة والجمال علي ضفاف رفاعة ..
فحملت قلبي علي يميني وانا احمل شوال تراب لأكمم به فاه النيل المتمرد
غير ان قلبي كان يصرخ من جمال آخر فاض حتي تدفق .

وبعد ذاك العام سكت النيل أن يفيض كما سكت عن الحب أيضا ..

وبدأ صوت الكنائس البعيدة يرن في الجوار
وأصوات جوقة أسواق عكاظ ترن في الآذان ،
تعرفنا علي جوازات السفر ..
وعرفنا قيمة العملة
ولم يعد يستدين أبي
ولم يداعبني ود الاغبش بعباراته الضاحكة ..

حتي أنه لم أعد أحمل قفة الملاح .

فقد وضعتها .. وحملت حقيبة



ولا أزال

Post: #2
Title: تحياتي ذيكو
Author: مها عبد الله
Date: 03-25-2009, 01:22 PM
Parent: #1

Quote: كان العشق بسيطا وغير ملوث

حتي عند الكوارث يسكن الحب ضفاف النيل .. فيفيض فياضانات 1988 ..
أرهقتني الخضرة والجمال علي ضفاف رفاعة ..
فحملت قلبي علي يميني وانا احمل شوال تراب لأكمم به فاه النيل المتمرد
غير ان قلبي كان يصرخ من جمال آخر فاض حتي تدفق .

وبعد ذاك العام سكت النيل أن يفيض كما سكت عن الحب أيضا ..


كان العشق بسيطاً وغير ملوث يا له من تعبير ، نقاء سريره وعفة مُحبين و كان هنالك ( أخوان بنات ) ،ورفاعه تلك المدينه التي ترقد علي ضفاف الأزرق ما بين أحلام أهلها البسيطه المتواضعه ، المدينه التي لم تخنع لحاكم ولم يستزل أهلها لسلطان ، عانت مثلها مثل بقية مناطق التهميش بوطن ( لا يُحتمل تسمية الإتجاهات شمال وجنوب ، فالبرق الذي يُسمي قبلي ، يكون قبلي مهما ذهبنا في عمق المسافات والإتجاهات الأربعه)
العزيز بابكر
تحياتي

Post: #3
Title: Re: تحياتي ذيكو
Author: بابكر عثمان مكي
Date: 03-25-2009, 03:02 PM



العزيزة مها ،،،

صديقة الجذور ..

سعيد انك هنا


Quote: في الطريق التقي شوق رفيقة دربه وصباه
تركت مابيديها من أشغال
ولوت ضفيرتها الهاربة
وهرولت في اتجاهه مستبشرة بفرح طفولي معافي

سألته بحنان أين تذهب ؟؟.. .........

أخبرها بأنه يريد اكتشاف عمق البئر .... فبكت .

إنتفض الغراب طائراً من حافة البئر منزعجا" لقدومه
ووشوشت له سيقان النباتات الطفيلية تخبيء زواحفها
وتفتقت الورود كأنها تود أن تحادث براءة صبي كالفراشة لا يعلم مصيره القادم ..
وعند حافة البئر وقف ..
أغمض عيينه وكتم أنفاسه حتى تعرق جبينه
وشعر بالدوار ..
هذه المرة كان الدوار اعنف
بقدر غياب أنفاسه

ثم سقط غير عابئاً بقانون الاتزان ..

الخروج من الوطن يعادل هذا السقوط