قطر ... والمغامرات السياسية

د. أحمد البغدادي*
لا تستهدف هذه المقالة النيل من قطر, أو تقليل الاحترام لها حكومة وشعبا, بل الهدف توضيح الصورة التي تحاول الحكومة القطرية أن تظهر فيها أمام العالم, وهي صورة لا تخلو من طابع المغامرات السياسية غير المحسوبة, وبما هو خارج قدرتها كدولة صغيرة الحجم, والسكان, وبالتالي ضعف تأثيرها الدولي سياسيا واقتصاديا.
أولى هذه المغامرات تتمثل في العلاقات السياسية والاقتصادية مع الكيان الصهيوني, واللقاءات المتكررة من دون هدف واضح مع المسؤولين الإسرائيليين, وقد توجت هذه المغامرة بزيارة الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريس لقطر العام الماضي, وهو الحدث الذي تجاهلته قناة "الجزيرة" رغم أهميته الاستثنائية. ماذا يمكن أن تستفيد قطر من هذه العلاقات? تقريبا لا شيء سوى عملها بمبدأ " "خالف تُعرف ". وحيث يقف العالم العربي يمينا, تقف قطر شمالا! قطر ليست علامة فارقة أو رقما صعبا في الصراع العربي ¯¯ الإسرائيلي, ومن ثم فتأثيرها جدا محدود.

ما تقوم به قطر من فتح لباب اللجوء السياسي لكل من هب ودب على وجه الأرض, حتى ولو كان إرهابيا أو تحوم حوله الشكوك, من دون أي ضوابط قانونية واضحة لعملية اللجوء السياسي. وكلنا يعرف حادثة الاغتيال الشهيرة لاثنين من المواطنين المنتمين لأوروبا الشرقية على الأراضي القطرية.

التدخل المستمر في قضايا الصراع السياسي غير الخليجية, مثل السعي إلى إحداث المصالحة بين السودان وحركة "العدل المساواة", وهي محاولة آلت إلى الفشل الذريع, فقد استمر الصراع بين الطرفين وحبر اتفاق النوايا لما يجف بعد, نظرا إلى وجود أطراف أخرى غير هذين الطرفين داخل السودان نفسها, فضلا عن أن قضية دارفور قد أخذت بُعدا دوليا, لا تستطيع قطر التحكم فيه. وللأسف أن قطر لم تنتبه الى حقيقة أن الرئيس السوداني إنما لجأ إلى هذه المصالحة بعد أن استنفد حظه على المستوى الدولي, وأصبح من الممكن أن تُصدر المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال للرئيس السوداني. وقد أعلنت مندوبة الولايات المتحدة في المنظمة الدولية أن مصالحة الدوحة لن تؤثر في هذا الموضوع.
المؤتمرات المتتالية بشأن الحوار الديني الذي فشل العام الماضي, ومنتدى العلاقات بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامي الذي اختتم حلقاته النقاشية اخيرا, لم تؤد إلى أي نتيجة عملية ملموسة على أرض الواقع.

كل ما سبق لا يمثل تجربة سياسية جديدة, إذ كانت دولة الكويت سباقة لمثل هذه الدبلوماسية المتسرعة في مرحلة ما قبل الغزو العراقي. لقد كانت دبلوماسية الدولار التي فشلت في استقطاب تأييد الدول التي عاشت على المنح الكويتية طويلا, لقضية الكويت عام 1990. ودولة قطر تكرر اليوم الأخطاء نفسها. وفي مقابل كل هذا الزخم والحراك السياسي الدولي, هناك العديد من المشكلات المحلية في قطر في ما يتعلق بالتركيبة السكانية, أو الخدمات العامة. وبرغم كل المظاهر, إلا أن لا يمكن للحكومة القطرية أن تنكر أنها عاجزة عن توفير المياه لمزروعاتها في الصيف, وهو ما شاهدته بنفسي منذ سنوات.

وإذا كان نصيب مغامرات السياسة الخارجية الكويتية الفشل الذريع, فان من الممكن لقطر أن تتعلم من الدرس الكويتي, وهو أن الدولة التي تمارس مثل هذه المغامرات ستخسر في نهاية المطاف حتى دورها الإقليمي. ومن المعروف من مبادئ استمرارية الدولة ما قاله المفكر الروماني الشهير شيشرون , من ضرورة الا تكون الآمال أكبر من المنجزات, حتى لا تفشل الدولة أو تسقط سياسيا. وعلى ما يبدو أن قطر تحقق هذا المبدأ السياسي الصالح لكل زمان ومكان في تاريخ ومستقبل الدولة.
دولة قطر تسعى الى آمال طموحة تتجاوز قدراتها كدولة صغيرة, وستضيع أموالها وتتبخر في ما لا فائدة منه لو استمرت في مغامراتها السياسية. والدليل على ذلك أنه رغم كل الجهود القطرية للمصالحة بين النظام السوداني وحركة" العدل والمساواة", لم تسفر المصالحة برغم طولها سوى عن اتفاقية حسن نوايا فشلت في أول اختبار لها على أرض الواقع! ورغم ذلك لا تزال قطر على قناعتها أنها تستطيع حل المشكلة!

* كاتب كويتي

------------------
http://www.al-seyassah.com/editor_details.asp?aid=4549&...name=أحمد%20البغدادي

سلام يا ياسـر،

وكثير من الدول العربيـة تغار من قطـر.. هـذه حقيقـة ويمكن متابعتها سياسيـا فى الأحداث الفائتـة.

الأخ ابوريش، تحياتي:
أعتقد أن قطر تحاول لعب دور إقليمي أكبر من حجمها في إطار سعيها لأن تصير قوة في المنطقة، ولكني لا أعتقد أنها تملك المقومات التي تؤهلها للعب هذا الدور، فقوتها الاقتصادية والعسكرية والسياسية لا تمكنها من انجاز ما تتطلع إليه، أهميتها لا تتجاوز أهمية دول خليجية أخرى كالإمارات والكويت دعك من السعودية.