في رحيلِ صاحبِ "صحو الكَلِماتِ المنسيَّة": لكنَّما "نورُ" النَّشيدِ لا يخبو للشاعرعصام عيسى رجب

في رحيلِ صاحبِ "صحو الكَلِماتِ المنسيَّة": لكنَّما "نورُ" النَّشيدِ لا يخبو للشاعرعصام عيسى رجب


02-11-2009, 12:04 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=190&msg=1234350267&rn=4


Post: #1
Title: في رحيلِ صاحبِ "صحو الكَلِماتِ المنسيَّة": لكنَّما "نورُ" النَّشيدِ لا يخبو للشاعرعصام عيسى رجب
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 02-11-2009, 12:04 PM
Parent: #0

(ا)

"بِدايتي نهايتي
بِدايةٌ لآخرَ
وكلُّ سالكٍ دروبَ عمرِنا
أفاضَ قطرتين مِن رحيقِ عمرِهِ لنا
فواصِلُ الزًّمانِ والمكانِ لَمْ تُبدِّدِ الرصيدَ المُحتمي
بنوحِ هذي الريحِ
في مواردِ الأسى بعالمي
وجدانُنا الطروبُ
عاشَ وهلةَ العذابِ في الحضورِ
في الشرودِ، في الغيابِ،
في ارتباكِ غمرةِ الدِّلاءِ
في ينبوعِ أُغنية ......." – النَّور عثمان أبَّكَر "ينبوعُ الأُغنية"

لعلَّ أجملَ ما يربِطُ على القلبِ ألا يذهبَ حزناً إثرَ راحلٍ جميلٍ مثل "النَّور عثمان أبَّكر"،
هو أنَّ ما يرحل هو الجسد، ولكن يبقى ما أودَعَه خزانة الخلود ما بقيَ الشِّعر الشِّعر
والنَّشيدُ النَّشيد .......

يُذكَرُ اسم "النَّور" عندنا في السودان، وحيثما وُجِدَ هؤلاء السُمرُ الذين يطربون حدَّ الطربِ
لزُمّّارِ حَيَّهم، فيحضرُ الاحتفاءُ الجميل بجمالِ "النَّور" وصحبهِ الجميلين، وهمُ كُثرُ ...........
ويُذكَرُ الشَّعرُ الذي يُرعِشُ القلبَ وينفُخُ في سامِعِهِ وقارئهِ من جمالِ روحِهِ وجلالِها .......
يُذكَرُ دِيوانهُ البَهي "صحوُ الكَلِماتِ المَنسيَّة"، مثلما يُذكرُ "العودةُ إلى سِنَّار" لمحمَّد
عبدالحي و "بعضُ الرحيقِ أنا والبرتقالةُ أنت" لمحمَّد المكي إبراهيم و "البحرُ القديم"
لمصطفى سند ودوواين أخرى لجميلين آخرين ......

هؤلاء هم المُعادِل الأسمر عندنا لـ "محمود درويش" و "صلاح عبد الصبور" و "أمل دنقل"
و "حجازي" "نزيه أبو عفش" و "شوقي بزيع" و "الثبيتي" و ........

ولا ضيرَ إنْ لم يعرفهم سوانا، إلا قليلا ....... وهلْ أجملُ مِنْ كرامةٍ لنبيٍّ في وطنِهِ .....؟!

(ل)
"..... فلمَّا اغتربت عام 1983 م، إنقطع اتصالي تماماً بالمتروكة وصارت في عداد
المفقودات، لكن "النَّور عثمان أبَّكر" كان كالعادةِ نجدةً لي ..... فقد اكتشف النسخة
التي يحتفظ بها من الرواية في منزله عام 2000 م واستحضرها إلى قطر ثم أرسلها لي
في الرياض" – إبراهيم إسحق "من مقدمة روايته (فضيحة آل نورين)

أذكرُ أولَ عهدي بـ "النَّور" سنة 2000 م، أخبرني وقتها الروائي الكبير "إبراهيم إسحق"
أنه لا يملك نسخة من مخطوطة روايته (فضيحة آل نورين)، وأنَّ نسخةً منها في عُهدةِ صديقه
"النَّور"، فقلتُ له سآتيك بها ولو بعد حين ...... وهاتفتُ "النَّور"، وكانت تلك المرَّة
الأولى التي أُكلمه فيها، فأرسلها لي بعد أيام قليلات ...... أذكرُ حين دخلتُ على
"إبراهيم" وبين يدي مخطوطته فتهلَّلَ وجه كما لم أره مِن قبل وقال لي وهو يُمسِكُ بها
بكلتا يديه: أهلاً بالإبن الذي غاب عن أبيه عشرين سنة وتزيد ....... إذ كان فرغ من
كتابتها عام 1973 م ...... وتلك سيرة مُوجِعة أخرى مِن سيرة أدباء السودان والنشر
والانتشار خارج فضاءات بلدهم إلى أن يُبدِّل اللهُ من حالٍ إلى حالِ .......

(ن)
سيذكرُ كُتَّابُ السودان أنَّ "النَّور" رغم هجرته الباكرة (1979 م) مِن السودان إلى
قطر (1) كان حاضراً كأجملِ ما يكون الحضور في الخاطرة والذاكرة الثقافية
السودانية ...... إذ لا يخلو حديث أو كتابة عن الشعر والشعراء في السودان
دون ذكر "النَّور عثمان أبَّكر" على قِلَّةِ (نِسبيَّاً) ما نشر مِن أعمال شعرية بدأها
بـ "صحو الكلمات المنسيَّة" عام 1973 م و "غناء للعشب والزهر" مِن بعد سنتين
بعدها، ثم نشر بعد ذلك ديوانيه "أتعلم وجهك" و "النَّهر ليس كالسحب" .......
وفي ظنِّي أنَّ "النَّور" أكثر وأميز مَن تمثَّل "مدرسة الغابة والصحراء" المعروفة
في سيرة الأدب السوداني، وأشعاره تشهدُ أكثر مِن سواها بذلك .......

ولعلَّ أصدقاءه "إبراهيم إسحق" والشاعر "عالم عبَّاس محمَّد نور"وآخرين يضيئوا
لنا هذا الجانب في سيرة "النَّور" وجوانب أخرى لاتعرف الأجيال الجديدة من
أدباء السودان عنها إلا النذر اليسير .......
ويجدرُ هنا ذِكرُ كتاب الرَّحالة الألماني "جوستاف ناختيقال" الموسوم بـ "سلطنة
دارفور: أقاليمها وأهلها وتاريخهم" والذي يرصد رحلته إلى دارفور سنة 1874 م
كـ "آخر من شاهد سلطنة دارفور العظيمة ووثَّق تاريخها وهي في آخر حلقة من
حلقات انهيارها وسقوطها عام 1874 م" مثلما ذكر "عالم عبَّاس" وهو يقدَّم لهذا
السِفْر التاريخي القيِّم الذي ترجمه مِن الألمانية "النَّور عثمان أبَّكَر" وراجع نصه
العربي "عالم عبَّاس" وقد صدر الكتاب عن دار عَزَّة للنشر والتوزيع – الخرطوم
سنة 2004 م .......
وكم نرجو أنْ تنهض أسرة راحلنا الكبير بأمر نشر أعماله التي لم تُنشر بعد،
وما مِن شك أنَّ أصدقاءه ومحبِّيهِ سيكونون على أتمِّ استعداد حتى ترى تلكم الأعمال
النَّور قريباً قريبا ..........

(و)
سأذكرُ لـ "النَّور" موقفين:
أولهما حين كنت في إحدى مكتبات الخرطوم سنة 2004 م، فقال لي صاحبها والذي
تحوي مكتبته ديواني اليتيم المنشور سنة 1999 م (الخروج قبل الأخير) أن
"النَّور" كان عنده في المكتبه وأنَّه قال لشاعرٍ مهاجر آخر كان في صحبته ويريد
أن يقرأ ما يكتبه الجيل الذي جاء مِن بعدهم، قال له عليك بهذا الديوان ......
أذكر أني كلَّمته هاتفيِّاً أشكره على حسنِ ظنهِ بكلماتي المِسْكِيناتِ وتواعدنا أنْ
نلتقي بعد يومين في ذات المكتبة ولكنْ ما التقينا ..... وها قد ضاع ذلك الموعد
واللقاء إلى حينٍِ مِن الغيابِ يقصرُ أو يطول .........

وثانيهما حين دعاه "مهرجان الشارقة للشعر العربي" في دورته الرابعة في
يناير 2005 م، فاعتذر بأشغال أُخَر ورشَّحني للجنة المهرجان ...... وكانت تلك
المرّة الأولى التي أشارك فيها في مهرجان شعر عربي .......

(ر)
"بلا مأوى
تُطاردُني عيونُ الموتِ في المنفى
تدُسُّ الجمرَ في قلبي
وروحي لم تزلْ تصبو
إلى ترنيمةٍ نشوى
إلى أنشودةِ الحبِّ
وما تُنديهِ كفُّ الفعلِ
خلفَ سحابةِ الجدْبِ ......" – النَّور عثمان أبَّكَر "سيرةٌ ذاتية"

رحِمَ اللهُ شاعرنا الكبير "النَّور عثمان أبَّكَر" صاحبَ الكَلِمات التي ستواصِلُ
مِن بعد رحيلهِ صحوَها الجميل طويلاً طويلا، وستبقى ما بقي النشيد عصيَّةً
على النسيانِ والموت .......

____________________________________________________________
في مدينة الدوحة بقطر، كان "النَّور" مِن كِبار القائمين على أمر
مجلة الدوحة منذ إقامته هناك سنة 1979 م ..... مثلما كان من الطاقم
الذي عمل على إحياء هذي المجلة الثقافية العتيدة في العام 2008 م
وبعد توقف استمر أكثر من عشرين عاماً ........

Post: #2
Title: Re: في رحيلِ صاحبِ "صحو الكَلِماتِ المنسيَّة": لكنَّما "نورُ" النَّشيدِ لا
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 02-11-2009, 01:33 PM
Parent: #1

(ن)
سيذكرُ كُتَّابُ السودان أنَّ "النَّور" رغم هجرته الباكرة (1979 م) مِن السودان إلى
قطر (1) كان حاضراً كأجملِ ما يكون الحضور في الخاطرة والذاكرة الثقافية
السودانية ...... إذ لا يخلو حديث أو كتابة عن الشعر والشعراء في السودان
دون ذكر "النَّور عثمان أبَّكر" على قِلَّةِ (نِسبيَّاً) ما نشر مِن أعمال شعرية بدأها
بـ "صحو الكلمات المنسيَّة" عام 1973 م و "غناء للعشب والزهر" مِن بعد سنتين
بعدها، ثم نشر بعد ذلك ديوانيه "أتعلم وجهك" و "النَّهر ليس كالسحب" .......
وفي ظنِّي أنَّ "النَّور" أكثر وأميز مَن تمثَّل "مدرسة الغابة والصحراء" المعروفة
في سيرة الأدب السوداني، وأشعاره تشهدُ أكثر مِن سواها بذلك .......

Post: #3
Title: Re: في رحيلِ صاحبِ "صحو الكَلِماتِ المنسيَّة": لكنَّما "نورُ" النَّشيدِ لا
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 02-12-2009, 08:29 AM
Parent: #2

سأذكرُ لـ "النَّور" موقفين:
أولهما حين كنت في إحدى مكتبات الخرطوم سنة 2004 م، فقال لي صاحبها والذي
تحوي مكتبته ديواني اليتيم المنشور سنة 1999 م (الخروج قبل الأخير) أن
"النَّور" كان عنده في المكتبه وأنَّه قال لشاعرٍ مهاجر آخر كان في صحبته ويريد
أن يقرأ ما يكتبه الجيل الذي جاء مِن بعدهم، قال له عليك بهذا الديوان ......

Post: #4
Title: Re: في رحيلِ صاحبِ "صحو الكَلِماتِ المنسيَّة": لكنَّما "نورُ" النَّشيدِ لا
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 02-12-2009, 12:25 PM
Parent: #3

سيذكرُ كُتَّابُ السودان أنَّ "النَّور" رغم هجرته الباكرة (1979 م) مِن السودان إلى
قطر (1) كان حاضراً كأجملِ ما يكون الحضور في الخاطرة والذاكرة الثقافية
السودانية ...... إذ لا يخلو حديث أو كتابة عن الشعر والشعراء في السودان
دون ذكر "النَّور عثمان أبَّكر"