ذكرى تخليد كروان الحقيبة بادى محمد الطيب

ذكرى تخليد كروان الحقيبة بادى محمد الطيب


02-07-2009, 04:00 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=190&msg=1234018816&rn=1


Post: #1
Title: ذكرى تخليد كروان الحقيبة بادى محمد الطيب
Author: omar alhag
Date: 02-07-2009, 04:00 PM
Parent: #0


Post: #2
Title: Re: ذكرى تخليد كروان الحقيبة بادى محمد الطيب
Author: مطر قادم
Date: 02-07-2009, 04:10 PM


الا رحم الله بادي محمد الطيب فقد كان نجمه الذي كان بيننا وعلقه في سماوات الغياب

Post: #3
Title: Re: ذكرى تخليد كروان الحقيبة بادى محمد الطيب
Author: مطر قادم
Date: 02-09-2009, 02:26 PM
Parent: #2

الاستاذ عبدالله محمد عبدالله ( فلوت) يكتب ....بادى محمد الطيب ...كوكب آخر فى سماء الخلود

بادى محمد الطيب ...كوكب آخر فى سماء الخلود

فى موسيقى ( انت حكمة ) التى ضمنها حافظ عبدالرحمن البومه ليل العاشقين ،
الذى نذره لكرومة ، التزم فى مقطوعته النص الغنائى كما اداه صالح السلف ، وقد لجأ حافظ الى الصولو محاكيا المغنى ، والى التبادل مع الفرقة التى اخذت موقع الكورس ، ولما اقتربت الاغنية من خواتيمها انبرى حافظ فى تلوين رشيق لمصرع البيت الأخير ( و اليلومنى ... فى هواك يا سيدى غلطان ) وكما يدرك القارئ فان التنويع الغنائى ، الذى لازم هذا المقطع قد استقر فى قلب كلاسيكيات الغناء لدينا ، مما رسخه كرومه و خلده بادى محمد الطيب الذى رحل عنا قبل
قليل. فكأنى به الآن يقود جوقته الفخيمه ، فى زيه الناصع الفضفاض ، ناشرا جدائله التى وخطها الشيب وبللها العطر ، منطلقا يشق عنان السماء ، باسما ، وسيما ، قوى النبرات ، تشع نغمات صوته الآسرة ، و هو يبادل كورسه فى سلاسة و جزل : ( واليلومنى ... خليه اليلومنى ... واليلومنى ، يا سيدى غلطان ) فى تلوين لا ينقطع و لا يفنى ، مستعرضا صوته الفريد و موهبته الفذة ، وفوق ذلك كله روحه الطليقة . ان بادى فى تسجيلاته العديدة و حفلاته التى لا تحصى قد انزل هذا المقطع ، على قصره ، منزلا فذا فى مسيره الغناء فى بلادنا وكســـبه مرجعية فى مجال التلوين الغنائى و الصوتى .
ذات ليلة ، كان بادى يغنى منفردا فى ( توتى) لمجموعة من معجبيه فانطلق يقود مستمعيه فى كورس عفوى ( و اليلومنى ..... خليه اليلومنى ، و اليلومنى ... ياسيدى غلطان ) ينثر الفرح و يضئ السماء فوق النيل ، ادهشنى - انا الذى كنت أظن أنى عرفت جماع حيله و فنونه – بما لم يخطر لى على بال . أية عبقرية تلك التى تسعفه بكل هذه التنويعات لمقطع فى غاية القصر ؟ فوق كل ما عرفنا من تنويعاته الشهيرة ، جاء بادى تلك الليلة بأخرى فى النهايات العليا و الدنيا لصوته الواسع ، تأتيك مزمومة من الحلق تارة ، مكتومة من الصدر تارة أخرى ، يستعير من اساليب الكرير و الحمبى و الطمبور و مدارس الغناء المعاصر من خضر بشير الى عبدالعزيز داؤود ، ثم يجود بصولو على (الرق ) منتقلا بأنامله بين الاطار والجلاجل و السطح الرقيق فى رشاقة تستنطق تلك الالة وترتقى بها الى مصاف الات التعبير النغمى ، فى لحظة نادرة من لحظات الصفاء و الاريحية.

سألته ليلتها ، كيف تستطيع ان تلون هذا المقطع بهذه السلاسة والكثافة ؟ قال ( والله ما عارف اقول ليك شنو ، أول حاجة كرومة ما خلى فيهو فرضا ناقص ....... لكين انا دايما قبال الكورس ما يتم كلامو بكون بقيت على بصيرة ... بقول البيجينى و ربك كريم ) ، يجئ قول بادى هذا مطابقا لكلمة للوى آرمسترونج فى وصفه لكيفية الارتجال فى الجاز الامريكى ( انت تسند الآخرين و تستمع اليهم فى نفس الوقت ... ياتى دورك وفى جزء من الثانية قبل ان تشرع فى العزف ستعرف الى ان أين تتجه ) ...عملاقان باعدت بينهما المسافات وسبل الحضارة و جمعت بينهما العبقرية . لهم لويسهم و لنا بادينا ، و كل قوم بما لديهم فرحون.

لم تكن أغانى ( حقيبة الفن) تلك قد نالت هذا الاسم عندما شرع فنانوها بدءا بعبدالله الماحى فى تسجيلها على الاسطوانات فى عشرينات القرن المنصرم ، وقد كان حصاد رحلاتهم الى مصر كم هائل من التسجبلات ، تعهدت بها هناك شركات استقدمتهم و تكفلت بمكافآتهم و نفقات سفرهم و اقامتهم مثل كايروفون و بيضافون و بارلوفون و غيرها ، و وكلاء محليون من امثال البازار ، اكتشفوا سـوقا رائجة لسلعة انجذب الناس اليها فى يســر و انبهار ، فكان أن بدأت ثورة الاستماع الثانية ، حين حرر الفونوغراف الاغنية من قيد بيت الحفلة الى رحابة المقاهى والمتاجر و البيوت التى اقتنى اهلها تلك الآلة الحاكية العجيبة . ساعد انتشار الاسطوانات على تغيير تقاليد الاستماع ومكن الناس من الاستمتاع بنصوص مطولة ما كانت الاحاطة بها قبلا فى مقدور سواد الناس ، و اكسب الفنانين و الشعراء صيتا و نجومية . و لنشر هنا الى ان مصانع الشبراويشى بمصر كانت قد أطلقت اسم ( كرومة ) على أحد عطورها و زينت قنينته بصور له ، الى جانب عطرين آخرين حملا اسمو رسم السيدين على الميرغنى و عبدالرحمن المهدى ! شغل سـوق؟

لكن التسويق لم يكن لوجه السوق وحده فثمة اجندة اخرى ، سواء اعلنت فوعيت أم اضمرت فغابت عن الناظرين . لن يغيب عن بالنا ان تلك القصائد التى ترسمت خطى الشعر العربى فى بنيتها و محتواها و رموزها هى بعض مما ورط موسيقانا و اغانينا فى الدوران فى فللك الاغنية العربية ( المصرية ) و عربنة صورة المحبوبة فى الذهن السودانى ( العربسلامى – باجمال حسن موسى ) فمن ليل الضفاير المسدل الى الوجه القمر و الحاجب الهلال و الصدير النافر و الحشا المبروم و التقل المرجرج كالخايض الوحل ، تشكلت صورة لحبيبة أنشئت فى خيال الشعراء على مثال عنيزة امرئ القيس و ليلى قيس ، بيضاء من غيرسوء فاقع لونها تسر الناظرين ، يذكرنا من ادعى وجودها بمن نظروا امتدحوا قميص فرعون الذى لم يوجد ابدا .
استمر انتاج نسخ معدلة لتلك الحبيبة المفارقة ، حسب السوق و الطلب الى يومنا هذا ، ووقع فى فخها معظم شعراء الاغانى الا من اسعتصم بمنهاج قويم كشعراء الواقعية الاشتراكية ( الدوش ، محجوب شريف على عبدالقيوم ، مبارك بشير و من تبعهم باحسان ، أو آ خرون كصديق مدثر و صلاح حاج سعيد ) لا يحتمل هذا المقال كثيرا من الخوض فى هذا المبحث الذى قد أعوده يوما ما . ما ارجو أ ن اشير اليه هنا هو قول طريف لبادى ، مفاده ان هذه الصورة المثالية للحبيبة التى روجها الغناء خلقت حافزا قويا لدى فتياتنا للتزين و السعى لتجسيدها على الواقع ، تشبها فى المظهر و تقمصا فى المسلك ... ( ياخوى ناس الكريمات و البواريك و البدرة ديل نص قروشن اللتنا نحن و ناس السينما ) وقد أصاب. من المستفيد من كل ذلك و من هما طرفا الاالالاستثمار؟ فى هذه المعادلة ؟ مجال كتابة اخرى .

انطلق صوت بادى محمد الطيب فى نهاية الخمسينات ، مثالا للتينور السودانى المحبب ، بجلاء نغماته و ووضوح نبراته وامتاز بمقدرة فائقة على التطويع و التنويع و سهولة الانتقال من منطقة صوتية لأخرى و احساس دقيق بالايقاع و الزمن الموسيقى ، وهى مؤهلات كانت جديرة بأن تضعه بين فرسان الاغنية الحديثة بلا جدال ، لكن بادى آثر ان يكون حيث هو ، ان يظل تلميذا وفيا لكرومة و سرور و الامين برهان و عبدالله الماحى وغيرهم ، مسخرا وقته و جهده فى تحقيق نصوصهم و الحانهم و صقلها و تقديمها الى معجبيه ، مازجا فى حفلاته بينها و اغانى الثراث الحماسية منها والخفيفة ، و ما عرف بالغناء الشعبى ...استمع اليه وهو يؤدى ( الكواكب احتفلوا بالقمر ) أو ( قائد الاسطول) أو ( الواعى ما بوصوه ) أ و ( يا جميل يا سيد الذكرى ) لتر كيف كان بادى استاذا فى مجاله ، قادرا على الانتقال بصوته من لون الى لون والولوج بمستمعيه من حال الى حال ، فى سلاسة المتمكن القدير .
كان بادى عفا جم التواضع ، أنافته و نظافته الباديتان ما هما الا بعض مما فى اعماقه . وفيا لذكرى زملائه ، حين توفى الفنان المجدد أحمد الطيب خلف الله استبد ببادى حزن لازمه زمنا طويلا ، شاجنته فى أمر أحمد مـرة ، سرح ببصره طويلا ثم استل ضفيرة من شعره المرسل الفواح ، قربها من أنفه فى هدوء وقال فى أسى ( الناس ما بتعرف مكانة احمد ، لكين لو ما احمد ، كتير من اخواننا ديل ما كان ظهروا ) و مضى يحدثنى عن احمد الطيب و محمد احمد عوض و ريادتهما ، و عن صوتيهما واسلوبيهما . لفت بادى نظرى ذات يوم الى فئة من الفنانين الذين وصفهم بالزهاد ، كرمضان زايد و ايوب فارس وأعاننى على النظر اليهم بعين تتفحص و تسبر ، فظللت أتساءل : ما الذى اقنعهم بالبقاء فى هامش الساحة و هم القادرون على الارتكاز فى قلبها؟ أهو رفضهم لعلاقات الانتاج التى سيطرت عليها والشللية التى ادارتها؟ ام عدم اقتناعهم بما يصاحب البقاء فى تلك الساحة من تنازلات على مستوى المسلك الشخصى ؟ أم احساسهم بالتناقض الذى تنطوى عليه نصوص الاغانى و مفارقتها البينة للواقع ؟ .

فى حال سخائه ، يحدثك بادى حديث العارف المحب ، عن الجاغريو ، و بابا ، وكان يحفظ عن ظهر قلب كلمات وزير الثقافة الاسبق المرحوم عمر الحاج موسى حين نعى للشعب السودانى المطرب الشعبى الاشهر( ابراهيم ادفرينى) . ويكشف بادى عن المام العارف المدقق اذ يحدثك عن الفوارق بين اايقاعات هؤلاء و اولئك من قبائل السودان و شعوبه ، وأساليبهم الصوتية . كان بادى ساخرا عذب العبارة ، فى معرض تعليق له على رأى لى موجزه اننا لم نحظ بصوت فى نقاء صوت رمضان حسن الا لدى زيدان ايراهيم ، قال بادى : يا استاذ خلينا من ناسك البتدارقو بالعدة ديل ، ات كان ما سمعت المريود احمد طه ؛ ســميك ما سمعتو؟ ( يقصد الفنان الشعبى عبدالله محمد ) لكين تعال اللقول لك ، ادقش لا فوق و لا تحت و شوف الناس الفى خلا الله و الرسول ، على اليمين اصواتن تسـطل ، لكين ما كل زول بيجى العاصمة و ببقى فنان .
كان بادى حفيا بذكرى استاذيه سرور( 1901-1947) و كرومة (1907-1947) و معاصريبهم و من تبعهم فى لاحق العقود. كان يحزنه ان يعمد الجاهلون الى الخوض فى اعمالهم دون دراية بنصوصها و الحانها و مقاصدها ، و يحزنه أكثر أن يجد هؤلاء قبولا من الاجهزة الرسمية ، التى كان بادى يرى - محقا - أن عليها حماية هذا التراث من المتغولين. ذاك هو بادى محمد الطيب ، فنان أعاد لحقيبة الفن بهاءها و ارجع الى حظيرتها جماهير المستمعين و المؤدين ، كان مرجعا فى نصوصها و شخوصها ، و فى الحانها و أزمانها . وقف منفردا ، بعد ان سادت الثنائيات ساحاتها زمنا ، كصنوه الفذ الآخر عوض الجاك الذى ارتحل مختتم السبعينات . أضاف بادى الى الحقيبة من ابداعه ومن عصره الكثير . فقد كان متابعا لتطور الاغنية الحديثة ،ممتلئا بفولكلور أواسط السودان ، مراقبا لما يجرى فى سوح ما عرف بالغناء الشعبى ومشاركا فيه . كان قادرا على اكتشاف ما يدس من موتيفات الحقيبة و التراث فى جديد الالحان ، يفاجئك بقوله ( صاحبك لطش دى ...) و يأتيك بالبرهان ساطعا قويا ، ثم يقول كاشفا عن ذاته المتسامحة الرضيه ( لكين مالو ؟ ما كلو حقنا ... ولا شنو ؟) ولبادى آ راء فى زملائه الفنانين يوجزها دونما استطراد ، تسأله عن عوض الجاك فيقول ( ده فنان الفنانين !!) و عن عبدالمنعم الخالدى ، فيضحك قائلا : (الجنا دة ان ختا العوارض ما بتلحق) .وفى سيرة الفنان الراحل خلف الله حمد ، قال بادى ( كان جبت لى زولا غنى الكان داكا زيو ، من هسى لى يوم الدين ، بديك الدايرو، و امشى اقسمو معاهو ) ، ولم يكن بادى يرى خضر بشير الا شخصا من كون آخر ( ات قايل خضر بيغنى للناس القدامو ديل ؟ خضر ده روحو فى بلدا طيرو عجمى )... وعن مصطفى سيداحمد قال بادى ( زولك ده ان شال ليهو رق نحن ما بناكل معاهو عيش) ، و لعل من اكثر اللحظات امتلاء بالفن و التطريب لحظة تبادل فيها بادى و مصطفى سيداحمد أداء اغنيتى ( قائد الاسطول ) لسرور و ( بدر الحسن لى لو لاح ) لاحمد الطيب ، كانا مثل زهرتين تتبادلان الاريج و العبق ، أو كوكبين تجاورا فى سماء لصلاح عبدالصبور : و نور كل كوكب ي خامر النور الذى يبثه رفيقه، و لا يذوب فيه

أدين فيما كتبت هنا – على شحه - للصديق الموسيقار أزهرى عبدالقادر ، الذى نعى بادى فى بوست له فى سودان للجميع ، أخص أزهرى بتعزية حارة فى بادى ، فأزهرى احد القلائل الذين واظبوا على التواصل عبر خطوط الانماط الموسيقية بعقل منفتح و قلب عاشق و نفس ذات سخاء و وفاء . تعزية أخرى أمدها الى زملاء بادى و معجبيه ، اؤلئك الذين أطلوا على عالمه الفريد و موهبته النادرة بدءا بالراحل على المك الذى قال ( ان المعدن الذى صيغت منه حنجرة بادى قد خلق خصيصا ، و بالقدر اللازم لذلك الغرض !!! ) لعل ثلاثتهم ،عليا و مصطفى و بادى يواصلون فى مكان ما من سماء الخلود ما انقطع من أسمار الارض ، يتأملون الوانها ، يستعرضون اشعارها و حسانها و اشجانها و يستعيدون الحانها ، فسلام عليهم فى الخالدين.

Post: #4
Title: Re: ذكرى تخليد كروان الحقيبة بادى محمد الطيب
Author: omar alhag
Date: 02-10-2009, 07:47 AM
Parent: #3

شكرا
مطر قادم

ويا عكاشة همتك معانا

Post: #5
Title: Re: ذكرى تخليد كروان الحقيبة بادى محمد الطيب
Author: omar alhag
Date: 02-10-2009, 08:12 AM
Parent: #4

الدعـــــــــــــــــــــــــوة للجميع