Post: #1
Title: في حي عشوائي جنوب الخرطوم ..بسبب المسلسل ... أم تفقد طفليها حرقا !!
Author: كمال حامد
Date: 02-06-2009, 04:21 PM
يوم الأربعاء الرابع من فبراير 2009 وبعد صلاة العشاء حان وقت المسلسل في تلفزيون أم درمان ، وهو وقت لو تعلمون تتجمد فيه إهتمامات الكثيرين ، وربما تتجمد عقول البعض منهم أيضا ، ففي هذا الوقت تتحلق الأسر أمام التلفاز ، وتصير زيارات الزوار مسيخة لاطعم لها. في مثل هذه الساعة تتشوق حليمة مثلها مثل الآلاف لتعيش ولو للحظات في عالم وهمي يبيع السعادة الزائفة مجانا لمن يرغب ، ولكن حليمة لم تكن إنسانا عاديا. كانت هناك عقبات تواجه حليمة لا بد من التغلب عليها يوميا في سبيل قضاء هذه الساعة من متعة المشاهدة ، وأول هذه العقبات عدم إمتلاك الجهاز السحري بسبب الفقر ـ فكان لزاما عليها أن تتوجه لمنزل أحد الجيران للمشاهدة ، وهي عادة تلاشت في أحيائنا ولا شك . لم يعد هناك من يطرق بابك ليشاهد التلفاز عندك ، كان هذا يحدث ربما منذ أربعون عاما في بدايات ظهور جهاز التلفزيون حين كان إقتناء هذا الجهاز مدعاة للتفاخر والفشخرة وترك باب البيت مفتوحا للراغبين في الدخول والمشاهدة. لكن حليمة في تلك المنطقة العشوائية كانت لا تزال تعيش تلك المرحلة . وكانت العقبة الثانية هي كيف ترتب أمور أطفالها الثلاث الذين تركهم زوجها لها مغادرا للدار الآخرة قبل شهور قليلة . أصغرهم مصعب وعمره خمسة أشهر فقط ، ويليه النور وعمره ثلاثة أعوام . أما أكبر الأولاد فهو موسى وعمره خمسة أعوام . في ذلك اليوم قامت حليمة بتجهيز طعام العشاء لأبنائها وكان قليلا من لبن البودرة مزجته بكثير من الماء وبعض السكر ، وفتت فيه بعض بقايا الرغيف الذي أحضرته من منزل الأسر التى تعمل عندها ، وأكل الأطفال وشبعوا ، ورضع الصغير وشبع شبعته الأخيرة. وفي تلك العشة المتواضعة استسلم مصعب لنومة سريعة هانئة تسللت تحت أجفانه وفمه مازال ملتقما ثدي أمه. أما موسى والنور فأكلا حصيلة كفاح اليوم ورقدا نظيفين ، فأمهما وبالرغم من تلك الحياة البسيطة المتواضعة ، كانت تحرص أشد الحرص على نظافتهما واستحمامهما اليومي قبل الخلود للنوم. ولم تمض لحظات حتى داعب الكرى أجفان النور الصغيرة فاستسلم لسلطان النوم ، وبهذا إكتملت الترتيبات. موسى بقي مستيقظا ، فقررت أخذه معها ، فسنه تسمح بذلك ، وهو على أية حال مرافق واحد ولن يزعج الجيران حضوره معها خاصة وأنه كان متعشيا. وغادرت حليمة بعد أن أغلقت باب العشة على الطفلين لمزيد من التأمين ، وتركت بالداخل شمعة متقدة لتوفير بعض الإضاءة والإطمئنان حتى لا يشعر أحدهم بالخوف من الظلام إذا استيقط أثناء غيابها. ويبدو أن حليمة تعودت على هذا الإجراء الإحترازي مرات ومرات ، وهو إجراء عادي ، ومطلوب أيضا لأن بيت حليمة لم يكن فيه ترف إسمه كهرباء ، فهذا ترف يشاهد في بيوت الآخرين من بعيد . وصلت حليمة لبيت الجيران الذي كان يبعد عن بيتها عدة بيوت ومعها موسى الذي سيكون الناجي الوحيد معها ، وبدأ المسلسل وعالم من متعة المشاهدة ومتعة الخيال . وفي تلك العشة يحدث أمر ما سيظل مجهولا أسقط تلك الشمعة من مكانها ، ماهو ؟ تحرك أحد الأطفال وهونائم فركلها برجله ؟ أم زحزحتها فأرة ؟ أم ماذا ؟!! لا أحد يعلم. وبدأ لسان اللهب في الزحف على محتويات العشة المتواضعة ، ومع لسان اللهب يبدأ تصاعد الدخان الخانق ، وكل ذلك وباب العشة مغلق ولا أحد يشعر ، حليمة غارقة بعيدا في متعة متابعة المسلسل. مصعب ولصغر سنه وأشهره الخمس ولإستغراقه في النوم لعله لم يشعر بشي ، خاصة مع تضافر الدخان الخانق مع سلطان النوم ، وهكذا غادر مختنقا ربما قبل أن يغادر محترقا.غادر هذه الحياة التي لم يع ولم يذق فيها شيئا سوى حنان دافق من أم تأويه وإياها عشة متواضعة ، لعلها بالنسبة له لا تقل عن أفخم قصور الدنيا طالما كانت تحتويه وأمه وأخويه يلاعبانه ويناغيانه. أما النور ذو الأعوام الثلاث فيبدو أنه إستيقظ بسبب الإختناق ، وحاول أي يقاوم فأتجه لباب العشة محاولا فتحه دون جدوى ، ولعله صرخ مستنجدا بأمه ، ولم يسمعه أحد ، وحاصرته ألسنة العذاب والدخان الخانق ، وقاوم النور وقاوم بكل رجولة الطفل الصغير محاولا فتح الباب ، ولكن حصار النار والدخان والموقف الرهيب كان أقوى. وحليمة مستغرقة مع الجارات في المتابعة ، وبالقرب منها موسى وقد مال عليها نائما ، وحدها تلك الدقائق التي تأخر فيها النوم من السيطرة على أجفانه هي التي أنقذته من حصار اللهب والدخان ، ولحظات المسلسل تمضي ، والنيران تزحف وتتمكن من محتويات العشة ، وتدريجيا تعلو ألسنة اللهب وتعلو وتعلو ، ويبدأ الجيران الأقربون في التنبه لما يحدث ، وتتعالى الأصوات والصراخ . وتصل الأصوات والصرخات إلى حيث تجلس أم الشهداء الصغار الذين صعدت ارواحهم للسماء ، ويبدأ جميع من في الدار المغادرة والتوجه إلى مصدر اللهب ، وتغادر حليمة مع المغادرين ، وكلما إقترب الجميع من مصدر اللهب كلما بدأت الحقيقة المرعبة في التكشف أمام حليمة . بيتي ... أولادي !!! صرخت حليمة وأغمي عليها. وتدافع الجميع وتعاونوا في إطفاء النيران بجهودهم الذاتية ، وفي بقايا العشة كان هناك بقايا السرير حيث كان يرقد مصعب وقد احترق تماما ، أما المجاهد الصغير النور فقد عثروا على بقايا عظامه بالقرب من الباب فاستنتجوا أنه خاض معركة رجولية ضد اللهب والدخان والباب المغلق. لم تنم تلك المنطقة يومها ، ولم تنم حليمة ، وفي ذلك الحي العشوائي وفي تلك اللحظات ذابت فوارق العصبية والقبيلة أمام مصيبة الفقر وقلب أم يحترق مع أطفالها ، وسجل الجميع أروع صور المساندة والتعاضد. =========================== القصة حقيقية والأسماء مستعارة
|
Post: #2
Title: لا إله إلا الله
Author: Ameer Elfatih
Date: 02-06-2009, 08:04 PM
Parent: #1
لا حول ولا قوة إلا بالله
|
Post: #3
Title: Re: لا إله إلا الله
Author: سناء عبد السيد
Date: 02-06-2009, 08:30 PM
Parent: #2
Quote: أمام مصيبة الفقر وقلب أم يحترق مع أطفالها |
الفقر هنا ما عنده اي دخل
السبب هو الجهل و الاهمال
كيف تترك اطفال في هذة الأعمار و في هذة الساعة المتأخرة من الليل - وحدهم
هذة نتيجة حتمية للأهمال
|
Post: #4
Title: Re: في حي عشوائي جنوب الخرطوم ..بسبب المسلسل ... أم تفقد طفليها حرقا !!
Author: عاطف عمر
Date: 02-06-2009, 08:40 PM
Parent: #1
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
لعن الله الجهل والإهمال
|
Post: #5
Title: Re: في حي عشوائي جنوب الخرطوم ..بسبب المسلسل ... أم تفقد طفليها حرقا !!
Author: كمال حامد
Date: 02-08-2009, 09:02 AM
Parent: #4
أمير الفاتح و عاطف: نعم ، لا حول ولا قوة إلا بالله ، اللهم آجرها في مصيبتها وأبدلها خيرا منها سناء : لكن الإهمال سببه الجهل ، والجهل سببه الفقر ، ولا موش كده؟ ولو كان الفقر رجلا لـ......
|
|