الأستاذ إسماعيل العتباني شمس للمدنية والحداثة في السودان

الأستاذ إسماعيل العتباني شمس للمدنية والحداثة في السودان


02-02-2009, 09:56 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=190&msg=1233565008&rn=0


Post: #1
Title: الأستاذ إسماعيل العتباني شمس للمدنية والحداثة في السودان
Author: Al-Mansour Jaafar
Date: 02-02-2009, 09:56 AM

فقدت حركة الثقافة المكتوبة في السودان ابروفاً أصيلاً هو الأستاذ إسماعيل محمد أحمد العتباني أحد مؤسسى نادي الخرجيين الذي تولدت في صراعات المصالح داخله أكبر الأحزاب السودانية الحاضرة كما إن إسماعيل كان مؤسساً وعمدة للصحيفة الغراء "الرأي العام" التي فتح بها مجالاً هادئاً في الصحافة السودانية التي تنازعتها الطوائف والأحزاب القاطنة في محل تمركز الدولة .

دخل "أستاذ الأجيال" الحياة العامة مع مطلع الثلايثينيات مرسخاً في السودان مع قيم المدنية وطلاقة التعبير قيم التثبت والتحقق والنقاش وقد ثبت بهم الأستاذ إسماعيل العتباني قيمة عليا في الحياة الثقافية السودانية وهي قيمة تناسب النص وتناسقه إنشاءاً وخبراً ووزنه عيناً وفحصاً، ونجماً وشعاعاً.

وفي هذا الوزن الديالكتيكي بين عناصر الخبر وسياقه العام وسياق فهم وتحليل ظروفه وعناصره وتوفير مكائن الإتعاظ به إكتسبت صحيفة الرأي العام مع تغير الحكومات مقاماً محموداً بين التكنوقراط أصحاب التخصصات المهنية في العلوم الطبيعية والطب وفي العلوم الإجتماعية والإقتصادية والثقافية والسياسية وفي علوم الرياضيات وقد كان التكنوقراط أقل عدداً من عددهم في هذا الزمان: ندرة الذهب في الأرض.

ومن الممكن أن تكون لمدينية وثقافة وتعلم حي أبوروف والعتبانية أثر مقدر في تفتح مواهب الإستاذ الرأحل وأثر مقدر في نمو عطائه، كما إن إنكشاف المصالح الطائفية وطبيعتها المالية قد يكون له أثر في فرض خط التنوع وإحترام الأراء المختلفة - بقدر ما- وإزجائها أجمعين في جريدة الرأي العام .

مما أتذكره من كتاب الرفيق الأستاذ محجوب محمد صالح عن تاريخ الصحافة السودانية في نصف قرن إنه أشر على نقاط الحداثة التي إرتبطت بالرأي العام وصاحبها وكتب فيها وفيه ذخيرة أندلسية .

وقد مثلت الرأي العام جزءاً من المحور الثقافي لنقل التفكير السائد من الأسلوب الثنائي النقاط الأبيض الأسود إلى أسلوب ثلاثي النقاط ذا ألوان عددا، فيها تجد أراءاً متنوعة ذات أسس متنوعة، وإن كان ذاك من الصحيفة لسبب ما فقد كان جملةً يمثل إضافة مفيدة قدمها جهد الأستاذ إسماعيل العتباني إلى الذهن السوداني .

ويعد الأستاذ الراحل إسماعيل العتباني من منارات السودان ليس في مجال الصحافة والأعمال الأدبية والتجارية المواشجة لها بل وفي المجال السياسي والحزبي وراد الفصل بينهما –إلى حد ما- عن طبيعة الأداء الإعلامي في جريدته وقد كان في كل فريداً مأئزاً مميزا.

وقد ذكره أساتذة السودان وعلماءه بلقب الأستاذية وأشادوا بجهده وجهد صحيفته مما يجعل جهد الرجل وإسمه حرياً بأن يصير محوراً لجهد سوداني أفريقي وعربي في تعلم الصحافة وفي تعليم الإعلام، أن تؤسس له جامعة إعلامية بإسمه، يمكن بدايتها بتسمية بعض الشرائح الدراسية بإسمه .

وبدلاً من تداعي الدولة في مأتمه، كان الأنجع أن ترفع الدولة بإسمه شهادات وأوسمة تحمل إسمه تمنح للمائزين في مجال العمل الأعلامي ، وأن تسمى بإسمه بعض الطرق في مدن السودان.

منذ زمان قديم في تاريخ تعلم وخدمة الإعلام قبع صحافيي السودان بين الهواية والإحتراف والسبهللية والتمركز حتى قدم الأستاذ إسماعيل العتباني فأثرى جانباً من الحداثة في تنظيم المهنة وزاد الطبيعة النظامية في ترتيب أموالها ووظائفها ترتيب القواعد والأدآب للغة.

في كل لم تخلو أعماله من أخطاء، وفي نقده الآخرين كان ناقداً عملياً يبدأ في أمور الكتابة بتقديم نموذج مختلف تقاس عليه الأمور سطوراً لها وعنوانا تنهج به.

بغيابه ثم بفقده حرمت بلادنا من نيل كامل فليرحم الله الإستاذ إسماعيل العتباني ويلزم أسرته الصبر واالسلون، وليتبدل فقد الصحافة السودانية في الرجل بتوكيدات عملية على بعض القيم التي قدرها وهي قيم الصدق والأمانة والوفاء لذا فإكراماً لذكراه فلتكن أعمال الصحافة السودانية حرية بالصدق في إحقاق حرية وكرامة الإنسان، وبالأمانة في صدق الكلمة والتعبير، والوفاء بعهد حقوق الإنسان في ذاتها وفي مجتمعها، ذاك العهد الذي وخط حرية الكلمة وثبتها في تاريخ الصحافة، أيما كانت الطبقة التي تدافع هذه الصحيفة أو تلك عن مصالحها .