Post: #1
Title: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Agab Alfaya
Date: 04-15-2004, 03:38 PM
Parent: #0
مدخل :
كثيرا ما ينزلق الحديث عن الهوية من المستوى المعرفي إلى المستوى الأيديولوجي . ويمكن تصنيف القراءات التي تحاول مقاربة سؤال الهوية السودانية إلى نوعين من القراءات . قراءة تنطلق في الإجابة على السؤال من الهنا والآن ، من اللحظة التاريخية المتشكلة والتي هي في حالة تشكل ، من المكون الثقافي والعرقي الموضوعي المعطى على أرض الواقع بكل تجلياته وتعيناته المتعددة والمتشابكة . هذه القراءة يمكن وصفها بالقراءة المعرفية . وقراءة أخرى تنطلق في توصيف الهوية لا مما هو كائن فعلا ، بل مما يجب أن يكون . لا من الواقع المتشكل على الأرض ، بل من الرغبة في إعادة تشكل هذا الواقع . لذلك فهي تعمد في مقاربتها لسؤال الهوية إلى الانتقاء والنفي والغربلة لمكونات الواقع الثقافية والعرقية حتى يتلاءم مع رغبتها الأحادية في تشكل هذا الواقع . ويمكن وصف هذا النوع من القراءات بالقراءة الأيديولوجية . ولا أقصد بالأيديولوجيا هنا المعنى السياسي والعقائدي وحسب بل أقصد بها منظومة التصورات والمفاهيم التي لا تقوم على أسس موضوعية في الواقع .
ومن هنا تهدف هذه الورقة إلى تقديم قراءة نقدية لمقالة الدكتور عبد الله على إبراهيم " الآفروعربية أو تحالف الهاربين " (1) والتي أزعم إنها تنتمي إلى القراءات ذات الصبغة الأيديولوجية في توصيف الهوية الثقافية والعرقية للذات السودانية . ويأتي اهتمامنا بهذه المقالة من الاحترام الخاص الذي تحظى به كتابات الدكتور عبد الله على إبراهيم عند جمهور المثقفين . فهو رجل ذو أسلوب متميز جاذب في الكتابة وله مساهمات مقدرة في الكتابة الصحفية وفي القصة ، والمسرح إلى جانب تاريخه السياسي وخلفيته الفكرية المعروفة .
وقد حظيت مقالته موضوع هذه القراءة النقدية دون غيرها من كتاباته ، باهتمام زائد ، ووجدت القبول والاستحسان عند قطاع كبير من أولئك المهمومين بسؤال الهوية السوداني . وقد بلغ الإعجاب بهذه المقالة حدا جعل بعض الذين يحملون أفكارا تقف أصلا على النقيض تماما مع الأفكـار التـي انتهـى إليـها د0 عبـد الله ، يثنون عليها ويستأنسوا ببعض ما جاء فيها من آراء من كتاباتهم حول مشكلة الهوية . ومن هؤلاء أخص بالذكر الأستاذ حسن موسى في مقالته : " شبهات حول الهوية " (2) والدكتور عبد الله بولا في مقالته : " شجرة نسب الغول في الهوية السودانية " (3) . فحسن موسى وصف المقالة بـ " السديدة " وبولا ، الذي يكن إعجابا خاصا لكتابات وأسلوب عبد الله على إبراهيم ، حيث لا يكف عن الاقتباس من تعابيره والاستشهاد بأقواله ، يصف المقالة بـ " الجلال والفرادة " .
وبالرغم من أن مساهمات هؤلاء الثلاثة د0 عبد الله بولا وحسن موسى في مقاربة سؤال الهوية يمكن أن تندرج جميعها تحت خانة القراءات ذات الصبغة الأيديولوجية الا انها تقف علي طرفي نقيض في نزعتها الايدولوجية. فبينما تقف قراءة د0 عبد الله على إبراهيم بنزعتها الرامية لنفى المكون الأفريقي على الطرف الأيمن تقف قراءة كل من حسن موسى وبولا في سعيها للتقليل من وربما نفى المكون العربي الإسلامي ، على الطرف الأيسر . وسوف تعمل هذه الورقة على كشف وتعرية النزعة الأيديولوجية لكلا الطرفين من خلال إبراز التناقض في الخطاب على المستوى المصرح به والمسكوت عنه ، ومن خلال عقد المقارنات ، كل ما أمكن ذلك ، بين الخطابات الثلاثة لابراز تباين المواقف في القضية الواحدة .
نفى المكون الأفريقي عن الذات السودانية
والفكرة الأساسية لمقالة د0 عبد الله " الآفروعربية أو تحالف الهاربين " تقوم على مناهضة حقيقية تعد عند المؤرخين والباحثين من البديهيات وهي حقيقة أن سكان شمال السودان هم عرب أفارقة أو آفروعرب على حد تعبير الورقة . يقول في مبتدأ مقالته " القصد من هذه الكلمة أن تتفحص نقديا مفهوم الآفروعربية الذي استقر كتوصيف لثقافة الجماعة الشمالية العربية المسلمة على النيل والبـوادي 00 " (4) ويقول أن نقده سيأتي منصبا بصورة رئيسية على المفهوم كما صاغته جماعة الغابة والصحراء 000 التي حاولت أن تؤسس رؤيتها الشعرية والثقافية على الآفروعربية كمشروع حضاري . وهو المشروع الذي رمزوا له بالغابة والصحراء في دلالة التصالح بين الدغل والبادية بين الثقافة العربية والثقافة الافريقية في السودان . (5)
لاحظ نزعة الإقصاء والانتقاء ونفى الآخر التي تأبى إلا أن تطل برأسها منذ البداية وذلك في تعريفه لسكان شمال السودان بـ " الجماعة العربية المسلمة على النيل والبوادي " فهو يسقط من سكان الشمال من لا يقيمون على النيل والبوادي ، حتى تستقيم نظرته الآحادية في توصيف سكان الشمال القائمة أصلا على نفى صفة الأفريقانية عنهم .
ولكن قبل الخوض في استقراء مزيد من الآراء التي انتهى إليها د0 عبد الله في نقده للآفروعربية ، يجدر بنا الوقوف عند العنوان لتحليله وتحديد ماذا يعنى مفهوم الآفروعربية عنده ؟ وما المقصود بتحالف الهاربين ؟ وممن يتكون هذا التحالف ؟ ومن هم الهاربون ومما يهربون ؟ وإلى أين ؟
* قدمت هذه الورقة بندوة :السودان الثقافة والتنمية ،التي نظمها مركزالدراسات السودانية بالقاهرة في الفترة من :4- 6 اغسطس1999 والتي تزامنت مع تكريم المركز للطيب صالح وذلك بالمجلس الاعلي للثقافة بمصر تحت رعاية الدكتور جابر عصفور. * فكرت كثيرا في اعادة صياغة بعض التعابير والافكار واستبدال بعض الكلمات ،لكن اخيرا استقر راي ان اعيد نشرها هنا كما هي منشورة بكتاب الندوة.
|
Post: #2
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Agab Alfaya
Date: 04-15-2004, 04:04 PM
Parent: #1
في تعريفه للآفروعربية ، يقول د0 عبد الله : " الآفروعربية في نظر دعاتها ، هي عمل واع لاستعادة الدم الزنجي ودراسة الجانب من ميراثنا والذي أهمل لمدة طويلة وأعنى التراث الزنجي " (6) ويقتبس هذا التعريف من كلمة لمحمد عبد الحي ، أحد أبرز دعاة الآفروعربية . ويقول : " وقع مجاز الغابة والصحراء للشاعر النور عثمان أبكر وهو في محيط أوربا الحضاري الذي يقول عنه النور : " رفض هويتي الأفريقية حين أفكر ورفض هويتي العربية حين أكـون " (7) ومن واقع هذا التعريف يمكن القول أن مفهوم الآفروعربية يعنـي عنـد د0 عبد الله القول بأن سكان شمال السودان عرقيا وثقافيا هجين عربي أفريقي . ولكن ما المقصود بتحالف الهاربين ؟ هل الوظيفة النحوية للحرف " أو " التي تتوسط العنوان هنا تفسيرية وفي هذه الحال تكون الآفروعربية أو تحالف الهاربين ، وبالتالي تكون الآفروعربية شيئا غير تحالف الهاربين ؟ !
وفي هذا السياق يقول د0 عبد الله : " … فدعاة الآفروعربية لم يلقوا وهم في ريعان الشباب من ثقافاتهم العربية الإسلامية ما يروى غلتهم من الحب والتعبير ، فاضطروا إلى الهرب بأجندة الريعان والشغف إلى فردوس أفريقي مطموس في تكوينهم الأثنى .. ولأن رحلتهم لم تقم على فهم وتعاطف مع سجن الثقافة العربية الإسلامية الذي هربوا منه ، أو معرفة بالثقافة الأفريقية التي هربوا إليها كان حصادها مؤسفا " (
إذن وضح الآن أن المقصود بتحالف الهاربين هنا هو هروب دعاة الآفروعربية من " سجن " الثقافة العربية الإسلامية إلى تكوينهم الأفريقي المطموس على حد تعبير الورقة . وبالتالي تصبح الوظيفة النحوية لـ " أو " التي تتوسط عنوان المقالة ، تفسيرية وليست تخييرية . وعليه يمكن أعادة كتابة العنوان وقراءته كالآتي : " الآفروعربية هي تحالف هاربين . " أي أنها دعوة للهروب من الثقافة والهوية العربية الإسلامية إلى الثقافة والهوية الأفريقية . وهنا نجد أنفسنا بتحليل العنوان قد أمسكنا بالمفاصل الأساسية في قراءة د0 عبد الله لتوصيف الهوية السودانية . فهو لا يرى مساهمة جماعة الغابة والصحراء ، لرد الاعتبار للمكون الأفريقي ، محاولة للاعتراف بحقيقة تاريخية وواقع ماثل بشحمه ولحمه ، بل يراها مجرد نزوة عابرة لمراهقين لا هم لهم سوى الفرار من محرمات الثقافة العربية الإسلامية إلى الثقافة الإفريقية لإشباع غرائزهم البوهيمية .
والحقيقة أن الدكتور لا يجد من حجة للتدليل على هذه البوهيمية سوى الاستشهاد برحلة محمد المكي إبراهيم والنور عثمان أبكر إلى أوربا عام 1962 ، وبقصائد محمد المهدي المجذوب التي عرفت بالجنوبيات والتي كتبها في واو بالجنوب في الخمسينات قبيل اندلاع التمرد الأول عام 1955 ، يقول : " لقد سافر محمد المكي وزميله النور عثمان أبكر في رحلة إلى ألمانيا الغربية لقضاء عطلة صيف 1962 ضيفين على جمعية الصداقة السودانية الألمانية . ولقد أملت البوهيمية والشغف بالترحال على مكي أن يمد إقامته إلى عام آخر تغيب فيه عن الجامعة . " (9) لاحظ قوله " قد أملت البوهيمية " فلماذا سوء القصد المبيت هذا في وصف رحلة مكي وأبكر إلى أوربا بالبوهيمية ؟ أليس ثمة هدف نبيل آخر غير غير هذه البوهيمية المزعومة ؟! لماذا لم يكن القصد من الرحلة الانفتاح على الحضارة الغربية والتعرف عليها من كثب في سياق توثيق الروابط بين الشعوب كما فعل آلاف من جيلهم والأجيال السابقة لهم ، خاصة وأن الدعوة جاءت من جمعية الصداقة السودانية الألمانية ؟!
ولكن مهما يكن من أمر هذه الرحلة ألا يكفى أنها ردت هؤلاء ( الهاربين ) إلى وعيهم بذاتهم وفتحت أعينهم لرؤية الأشياء على حقيقتها فتنبهوا إلى تحقيق الذات يكمن في البحث في ثقافاتهم لا في ثقافة الغير " ألم يقل د0 عبد الله في تعريفه للآفروعربية بأنها " اكتشاف للجذور قام به هؤلاء الشعراء بعد تغرب في ثقافة أوربا " ولكنهم لم يعودوا من رحلة الاكتشاف هذه صفر الأيدي و " بالحامض من رغوة الغمام ، " كما وصفهم ، بل عادوا باستعادة الوعي بانتمائهم الأفريقي الذي تنكروا له طويلا وما يزال د0 عبد الله يتنكر له ويجرده من كل فضيلة ولا يرى فيه سوى فرار آخر شبيه بفرارهم إلى أوروبا ، حيث يقول : " فرار الأفروعروبيين إلى النسبة الأفريقية مشابهة لرحلة مكي البائسة . " (10)
أما الاستشهاد بشعر المجذوب للدلالة على بوهيمية جماعة الغابة والصحراء فأمر يفتقر إلى الموضوعية من كل الوجوه . فهو أولا ، ينكر عليهم " تعميد المجذوب الذي هو في سن أباءهم أبا روحيا لمشروعهم الشعري " (11) ومع ذلك يعود ويتخذ من شعره دليلا لوصفهم بالبوهيمية . وثانيا : أنه في نقده لقصائد المجذوب التي كتبها في الجنوب ، لم يفعل أكثر من ترديد نفس الانتقادات التي سبق أن وجهها جماعة الغابة والصحراء لهذه القصائد ، وذلك رغم احتفالهم بها ، باعتبارها باكورة لنوع الشعر الذي يريدون له الذيوع ، فهو يقول أن قصائد المجذوب أساءت إلى الجنوبي عندما صورته في صورة بدائي نبيل " لا هم له سوى اللعب والرقص والسكر ، وأن هذه الصورة وهمية لا تصمد أمام الواقع . (12) وهذه بالضبط نفس عبارات محمد عبد الحي التي وردت في سياق نقده لقصائد المجذوب والتي أوردها د0 عبد الله في قوله : " جاء عبد الحي بمصطلح البدائي النبيل ، إلى حلبة نقاش العلاقات الثقافية في كلمته القيمة . فقد خلص عبد الحي من دراسة القصائد التي اشتهرت بالجنوبيات من شعر المجذوب ، إلا أنها قد صورت الجنوبي في صورة وهمية هي صورة البدائي النبيل . " (13) إذن طالما أن جماعة الغابة والصحراء قد اتخذوا هذا الموقف النقدي من " جنوبيات " المجذوب التي يصفها د0 عبد الله بالبوهيمية فلا معنى لاتخاذها ذريعة للاحتجاج بها عليهم .
وفي محاولته للتشكيك في وعى المجذوب بانتمائه الأفريقي ، لا يملك د0 عبد الله إلا أن يلحقه هو الآخر بركب الهاربين إلى الكـون الأفريقـي ويقـول : " المجذوب يشبه تحالف الهاربين في يأسه من إصلاح الثقافة العربية الإسلامية " فهو قد خلع عباءة الحضارة العربية بمحرماتها ونواهيها الكاسية ليصطنع بدائيا نبيلا في الجنوب يصوب به ذهنيا علل وآفات تلك الثقافة . " (14)
الحقيقة أن موقف المجذوب من قضية الانتماء الأفريقي لم يكن موقفا هروبيا عارضا الغرض منه اشباع رغبات مكبوتة ونزوات عابرة لم تجد لها منفذا في محيطه العربي الإسلامي . فلم يكن للمجذوب رغبات مكبوتة يخشى من التعبير عنها في الشمال حتى يفر لإشباعها في الجنوب . فقد كان يملك الشجاعة الكافية للتعبير عن نزواته بلا خوف ولا وجل . وكانت أشعاره سجلا صادقا لتجاربه في الحياة بكل ما فيها من حسنات وسيئات . أسمعه يقول وهو في الشمال في قصيدة " راية الحانة " ويمكنك أن تقرأ " راية الأنداية . " (15)
مريسـتنا مـلأت برمـة على فمها يستدير القمـر تلـوح رايتهـا فوقنــا شراعا يعود بنا من سفر يوشــوش متكئـا دلـق عليه جلال النهى والخطر تقعــده بيننـا كلاعـب لها عرق كالجمان أنتثـر تناولني فأسيغ الشــراب واجرع من قرع معتبـر وتطعمني من قديد الشواء وتطرفني بعجيب السـير حفظت لها ودها شاكـرا وتحفظ ودي ست النفـر
ولمن أراد المزيد فليراجع ديوانه " الشرافة والهجرة "
ولقد أصاب د0 بولا عندما قال : " إن المجذوب أنشغل بصدق لا مراء فيه بموضوع اعتبار المكون الزنجي بالذات في مسألة الهوية الثقافية السودانية بل هو أول من جرؤ من أبناء جيله من قبيل أولاد العرب على أن يدعو جهرة لأصول زنجية في جملة تكوينه . وهذه تحتاج إلى شجاعة كبيرة في بلد يتبرأ فيه الناس من العرق الزنجي تبرؤهم من الجذام . " (16)
وقد عبر المجذوب عن هذا الوعي المبكر بالانتماء الأفريقي ، في أشعاره من قبل أن تهتدي إليه جماعة " الغابة والصحراء " وقبل أن يسافر للعمل بالجنوب في مطلع الخمسينات . فمثلا في ديوانه " نار المجاذيب " توجد قصيدة بعنوان : " الفجر الكاذب " (17) يقول أنه كتبها في بورتسودان عام 1953 بمناسبة توقيع اتفاقية تقرير المصير التي قادت إلى استقلال السودان . والفجر الكاذب لعله يقصد به هنا الحصول على الاستقلال . فبينما كان الناس فرحين بتقرير المصير كان الشاهر يتوجس خيفة مما سيؤول إليه الحال بعد الاستقلال ، خاصة الوضع في الجنوب . وكأنه بشفافية الشاعر كان يتنبأ بانفجار الأوضاع الذي قاد إلى التمرد الأول عام 1955 . في هذه القصيدة بعد أن يعبر عن تعاطفه الصادق مع قضية الجنوب ، يجاهر صراحة في نهايات القصيدة ويفخر بعرقه الزنجي وانتمائه الأفريقي ويقول :
وعندي من الزنج أعراق معاندة وأن تشدق في أشعاري العرب
ويرجع وعى المجذوب المبكر هذا ، بمسألة الهوية السودانية إلى تأثره بحمزة الملك طمبل الشاعر والناقد الأدبي الذي طواه النسيان ، فعاد المجذوب ولفت إليه الأنظار . (1 وكان طمبل من أوائل من حاولوا إصلاح المعادلة المختلة للهوية السودانية عندما نبه أبناء جيله في المقالات التي بدأ نشرها عام 1927 في جريدة حضارة السودان ، إلى ضرورة الالتفات للخصوصية في الذات السودانية وعدم الاكتفاء بتقليد العرب القدماء في أشعارهم وإبراز المكون الأفريقي المحلي . وكانت دعوة طمبل في ذلك الوقت المبكر غريبة ومستنكرة ، فأثارت مقالاته غضب الكثيرين ممن يعدون أنفسهم عربا إقحاطا ، الأمر الذي اضطرت معه جريدة الحضارة إلى التوقف عن نشر مقالاته فأكملها ونشرها في كتاب عام 1928 بعنوان " الأدب السوداني وما يجب أن يكون عليه " .
|
Post: #3
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Agab Alfaya
Date: 04-15-2004, 04:14 PM
Parent: #1
مغالطة الواقع والتاريخ
ولعل القارئ يتساءل عن الأسباب والمبررات التي حدت بالدكتور عبد الله إلى نفي المكون الأفريقي ، الثقافي والعرقي عن سكان شمال السودان . يعتقد د0 عبد الله أن القول بأن سكان السودان الشمالي هجين عربي أفريقي هو قول خاطئ يستند إلى فكرة خاطئة روج لها المؤرخون والباحثون الأجانب الذين كتبوا عن تاريخ السودان ثم تبعهم في ترديد هذه الفكرة الخاطئة المؤرخون والباحثون السودانيون . يقول : " … تقف دعوة الآفروعربية بيلوجيا على ما روجه المؤرخون والأثنوغرافون خلال هذا القرن من أن سكان شمال السودان هجين عربي أفريقي . " (19 ) فهارولد ماكمايكل ، يصف الخليط من النوبة القارة والعرب ، ممن أقاموا على النيل من القرن التاسع إلى القرن الرابع عشر ، كهجين أفروعربي " ويقول أن بقية المؤرخين تبعوا ماكمايكل في دعوته هذه وذكر منهم من الأجانب ج. ترمنغهام ووليام آدمز ومن السودانيين يوسف فضل وحامد حريز وحيدر إبراهيم .
ولكن ما وجهة اعتراض الدكتور على أن سكان شمال السودان هجين عربي أفريقي ؟ في الواقع أنه لا يجد أي حجة موضوعية لمناهضة هذه الحقيقة التاريخية سوى اللجوء لنظرية المؤامرة وافتراض سوء النية المبيت لهؤلاء العلماء والباحثين الذين قالوا بأفروعربية شمال السودان . يقول : " وقد صدرت هذه النظرية ، نظرية الهجنة العربية الأفريقية في سياق نقد أولئك المؤرخين والأثنوغرافين لمزاعم النسابة السودانيين من أهل الشمال في إلحاق أهلهم بنسب عربي صريح . وقد ساءهم إسقاط النسابة لاختلاط الدماء العربية والأفريقية في من عدوهم عربا أقحاحا . " (20)
لاحظ أنه يقول : " وقد ساءهم أي ساء هؤلاء المؤرخين الذين قالوا بأن سكان شمال السودان هجين عربي أفريقي ، ساءهم أن يلحق أهل الشمال نسبهم بنسب عربي صريح . فكأنما دافع هؤلاء المؤرخين ليس بالبحث عن الحقيقة التاريخية بوازع من الأمانة العلمية وإنما دافعهم هو الغرض والهوى بقصد النكاية في السودانيين الذين يعدون أنفسهم عربا أقحاحا ولا أدرى أية إساءة يمكن أن تلحق بهؤلاء المؤرخين إذا ثبت لهم أن سكان شمال السودان عرب أقحاح . ولكن د0 عبد الله هنا يمارس نوعا من الإسقاط الشخصي في اتهامه لهؤلاء المؤرخين . فقد سبق له أن أصدر بحثا في تحقيق شجرة نسب الجعليين بعنوان : " الحصن المنيع البأس في اتصال إبراهيم جعل بأصله العباس " انتهى فيه إلى صحة نسب الجعليين إلي العباس العدناني العربي . والحقيقة أن د0 عبد الله هو الذي ساءه أن يلحق هؤلاء المؤرخين نسب الجعليين الذين يعدهم عربا أقحاحا بالعرق الزنجي الأفريقي . ولكن مهما يكن من أمر فإن الحقيقة التي انتهى إليها الباحثون بأن سكان شمال السودان هجين عربي أفريقي لا تنفى أن بعض القبائل تنحدر من نسب عربي صريح كالجعليين مثلا ، فالحديث هنا ليس عن قبيلة بعينها وإنما عن أمة ، عن الخصائص المشتركة لهذه الأمة .
لكن د0 عبد الله يأبى إلا أن يواصل تشكيكه في نوايا المؤرخين والطعن في أمانتهم العلمية بدعوى أنهم أرادوا الحط من قدر السودانيين عندما الحقوهم بالنسبة الأفريقية . " … أن دعوى الهجنة في أصولها العرقية عند ماكمايكل وتجلياتها الثقافية عند ترمنغهام تنطوى على فرضية انحطاط " (21)
ولكنه لا يأتي بالأقوال المباشرة الدالة على فرضية الانحطاط هذه وإنما يستنتجها استنتاجا من كتابات هؤلاء المؤرخين . يقول : " فقد جاء عند ماكمايكل ما يوحى بأن الدم العربي أرفع من الدم الزنجي " وجاء عند ترمنغهام " أن الهجين العربي الأفريقي قد سرب من العقائد إلى الإسلام ما أدخله في الوثنية " وأن ترمنغهام " رد عصبية البقارة التي ناصروا بها المهدية إلى غلبة الدم الأفريقي . " (22) لاحظ أنه قال " فقد جاء عند ماكمايكل كما يوحى . " أي أن ماكمايكل لم يقل أن الدم العربي أرفع من الدم الأفريقي ، وإنما أوحى إلى الدكتور عبد الله بذلك إيحاء . لكن من أين جاء هذا الإيحاء ؟ هذا ما لم يذكره . أما إشارة ترمنغهام إلى أن الهجين العربي الأفريقي قد سرب من العقائد إلى الإسلام ما أدخله في الوثنية ، فلا أدرى كيف تنطوي على فريضة انحطاط الدم الأفريقي ؟ وما علاقة الوثنية بانحطاط الدم أو سموه ؟ فالوثنية مرحلة من تطور الوعي البشري مرت بها كل الشعوب ، حتى العرب لما جاء الإسلام وجدهم قوم وثنيـون .
وأخشى أن تكون تهمة الدكتور لهؤلاء المؤرخين بالقول بانحطاط الدم الأفريقي ، ما هي إلا اسقاطات لآراءه الشخصية وقد حاول صياغتها بطرق ملتوية بالالتفاف حول آراء المؤرخين والطعن في نواياهم والتشكيك فيها حتى تبدو هذه الاسقاطات للقارئ وكأنها هي آراءهم وليتهرب هو من المسئولية . وحتى لا نطلق الكلام على عواهنه كما يقولون ، لابد من الإشارة إلى أن مسوغ هذه الاسقاطات تعود إلى مواقف سابقة كان قد اتخذها الدكتور من قضية الهوية السودانية . فقد أسس هو ونفر من أصدقائه في نهاية الستينات ( 1968 ) جماعة أدبية أطلق عليها ( أبادماك ) ، وقيل أن هذا الاسم من اختيار د0 عبد الله نفسه . (23) وكما هو معروف أن أبادماك هو الإله الأسد ، إله الحرب والصحراء ، في الحضارة المروية النوبية القديمة . وتحررت تحت عبادته مروى من سلطة الفراعنة المصريين وتخلت عن الكتابة بالهيروغلوفية إلى الكتابة باللغة المروية . وكأنما أراد الدكتور أن يتبرأ من موقفه السابق من الهوية السودانية من خلال إدانة هؤلاء المؤرخين الذين قالوا : " أن الخليط من النوبة القارة والعرب هجين عرب أفريقي " فقد بدأ له قول ترمنغهام بامتزاج الثقافة العربية بالثقافة الأفريقية الوثنية ، كأنه محاولة لاتهام الإسلام بالوثنية للحط من قدره .
أما قول الدكتور أن ترمنغهام " قد رد عصبية البقارة التي ناصروا بها الثورة المهدية إلى غلبة الدم الزنجي فيهم " لا أفهم كيف يمكن أن ينطوي على فريضة انحطاط فهل الحمية القتالية التي ناصر بها البقارة المهدي لا تحتمل سوى تفسير واحد سوى غلبة الدم الزنجي ولنفترض أن السبب المباشر لهذه الحمية هو غلبة الدم الأفريقي فيهم ، هل سيكون في هذه الحالة النسبة للدم الزنجي أعلاه من قدره أم للحط من قدره ؟ وهل فعلا أن البقارة يغلب عليهم الدم الزنجي مقارنة ببقية القبائل العربية الأخرى في السودان ؟ مرة أخرى أخشى أن يكون الأمر إسقاط آخر يكشف عن موقف عدائي للدكتور من الثورة المهدية حاول أن يعبر عنه بالالتفاف حول رأي ترمنغهام من خلال الحط من قدر الدم الزنجي الذي ناصر الثورة المهدية . ولنفترض جدلا أن ماكمايكل وترمنغهام وكل الذين كتبوا عن تاريخ السودان قد قصدوا الإساءة إلى السودانيين والحط من قدرهم عندما قالوا أن دماءهم العربية قد اختلطت بالدماء الزنجية . فهل يعد ذلك مبررا كافيا للسودانيين للتنكر لأصولهم الأفريقية والتنصل من انتمائهم لافريقيا؟!
|
Post: #4
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Agab Alfaya
Date: 04-15-2004, 04:20 PM
Parent: #3
تهمة تحجيم الانتماء للعروبة والإسلام
ولكن د0 عبد الله لا يرى في دعوة جماعة الغابة والصحراء لرد الاعتبار للمكون الأفريقي ، إلا مؤامرة تهدف بوعى إلى تحجيم انتماء السودان للعروبة . يقول : " الآفروعربية في نظر دعاتها هي عمل واع لاستعادة الدم الأفريقي . " ثم يضيف مباشرة : " وقد قصدت هذه الاستعادة للدم الأفريقي أن تحجم بوعى انتماء السودان الشمالي للعروبة … " (24) ويستدل على ذلك بأقوال لجماعة ( الغابة والصحراء ) مثل قول النور عثمان أبكر : " لست عربيا ولكن … " (25) وقول محمد عبد الحي : " انتماءنا للعرب تكبرا أجوف " ، وقول محمد المكي إبراهيم : " أننا أنكرنا أفريقيتنا في تلهفنا لذلك الانتماء الأكبر … " (26) فهل مثل هذه الأقوال القصد منها تحجيم الانتماء للعروبة أم أن القصد منها أصلا الاعتراف ولأول مرة بالعنصر الأفريقي ، العرقي الثقافي ورد الاعتبار له ، والذي ظلت الأجيال السابقة على جماعة الغابة والصحراء تتنكر له وتداريه وتخجل من التصريح به . فالنور عثمان أبكر رغم أنه ينحدر من أصول أفريقية إلا إنه لم ينكر انتماءه للعروبة . وقوله : " لست عربيا ولكن … " يثبت انتماءه للعروبة أكثر مما ينفيه . فكما يقولون ، نفى النفى إثبات وبين النفى والإثبات يكمن سؤال الهوية السودانية . فهو عربي وليس عربي في ذات الوقت وهذه حقيقة من لحم ودم وليست محاولة للنيل من العروبة بأية حال . خاصة إذا قرأت هذه العبارة في ضوء العبارة اللطيفة التي أوردها النور في حديثه عن فكرة الغابة والصحراء التي عنت له وهو في محيط الحضارة الأوروبية التي يقول عنه : " رفض هويتي الأفريقية حين أفكر ورفض هويتي العربية حين أكون " فالأوروبي ينظر إليه ثقافيا وفكريا كعربي وعرقيا كأفريقي . وأعتقد أنه لا يوجد توصيف للهوية السودانية أصدق وأبلغ من توصيف النور هذا ، والذي أوحى له بمصطلح " الغابة والصحراء " للدلالة على تلاقح الثقافة العربية بالثقافة الأفريقية .
ولا يقدح في مصداقية عبارة النور عثمان أبكر رد صلاح أحمد إبراهيم الغاضب بكلمته المشهورة " نحن عرب العرب " فيجب قراءة هذه العبارة في السياق الذي قيلت فيه وألا نحملها أكثر مما تحتمل . فصلاح في الأصل مثل النور لا ينحدر من أصول عربية قحة . فهو من أصل دنقلاوي نوبي . ويذكر بولا في مقالته (27) " شجرة الغول في الهوية السودانية " أنه سأل صلاحا مرة عن سبب هذه العبارة المسرفة في نظره ، " نحن عرب العرب " . فرد صلاح ، أنها جاءت وليدة ثورة الغضب على الحملة المعادية والشامتة للعرب في أعقاب هزيمة 1967م . ويقول أن صلاحا سئل مرة عن هويته في حوار مع جريدة الشرق الأوسط فأجاب : أنا الهجين عنترة فكأن صلاح بعد سنين طويلة وبعد انحسار ثورة الغضب يعود ويردد ما سبق أن ردده النور في قوله : " لست عربيا ولكـن " . مع ملاحظة أن صلاح قال قولته " أنا الهجين عنترة " وهو نفس المحيط الأوروبي الذي قال عنه النور أبكر أنه يرفض هويته الأفريقية حين يفكر ، ويرفض هويته العربية حين يكون .
أما قول محمد عبد الحي في قصيدة " العودة إلى سنار " الذي يكثر الاستشهاد به للإشارة للهوية السودانية التي ليست عربية صرفة ولا زنجية صرفـة .
- بدوى أنت ؟ - لا . - من بلاد الزنج . - لا . - أنا منكم تائه ، عاد يغنى بلسان ويصلي بلسان .
هذا التوصيف الشعري للهوية السودانية ينبغي أن يؤخذ في عمومياته . فلا خوف فيه لمن أراد أن يبقى بدوى كامل العروبة أو أن يلحق نسبه بالعباس أو بسبطى النبي الكريم الحسن والحسين . كما لا خوف فيه لمن أراد أن يحتفظ بزنوجته كاملة . فالشاعر هنا يتحدث عن القواسم المشتركة التي توحد الأمة السودانية لا عن الخصائص التي تميز القبائل بعضها عن بعض . ولعل أكبر دليل على ذلك أن محمد عبد الحي نفسه ينتمي إلى أرومة لا تخالطها قطرة دم زنجي واحدة ومع ذلك يتحدث عن نفسه كسوداني يجمع بين خصائص الزنوجية والعروبة . والوعي الأممي ( نسبة إلى أمة ) وعى متقدم على الوعي العشائري والقبلي ، لكن الانتساب إلى الأمة لا يلغي الانتساب إلى القبيلة بالطبع . وهنا يحضرني مثال ساطع يعكس كيف يمكن أن يكون الانتماء للآمة متقدما ومتجاوزا للانتماء الضيق للقبيلة . كانت جمعية الاتحاد التي تمخضت عنها جمعية اللواء الأبيض التي قادة ثورة 1924م ، قد أصدرت كتابا يضم القصائد التي قيلت في أحد أعياد المولد النبوي فكتب سليمان كشه في إهداء الكتاب " إلى شعب عربي كريم " (2 فاعترض على عبد اللطيف وطلب منه أن يكتب بدلا عن ذلك : " إلى الشعب السوداني الكريم " وكان هذا الخلاف سببا في عدم انخراط سليمان كشه في جمعية اللواء الأبيض . فهل يعتبر اعتراض على عبد اللطيف على سليمان كشه تحجيما للانتماء للعروبة أم أنه تصحيح لمعادلة مختلة ومحاولة رائدة في تجاوز الانتماء العنصري الضيق إلى الانتماء القومي الأوسع . فلو طبقنا معايير د0 عبد الله سوف نجد أنفسنا وقد رجعنا مائة سنة للوراء إذ إننا في هذه الحال سوف نناصر سليمان كشة ضد على عبد اللطيف ، ولكن أعتقد لا أحد على استعداد الآن أن يعلن مناصرته لسليمان كشة صراحة في هذه الواقعة .
لذلك ما رضيت للدكتور عبد الله بـولا أن ينسـاق وراء افتراضــات د0 عبـد الله الخاطئة حينما أصدر حكمه القاطع على رؤية جماعة الغابة والصحراء بأنها " لا مجال فيها لمشروعية الاختلاف ثم البقاء ضمن الوطن الواحـد . " (29) ويقول " سأتفق مع عبد الله على إبراهيم في أن اضطراب منطق هذه المدرسة وفساد حجهها يلتمسان أصلا فـي أطروحـة الهجنـة التـي ( اقترحوها ) اجندة لتصالح الدغل والغابة فهذه الأطروحة تجرد المشروع المقترح من كل مجال لوجود ثقافات خارج الهجنة وليس فيها مجال حتى لخيار هوية زنجية مستقلة " .
إن الانتماء للوطن الكبير لا يلغي بالضرورة الانتماء للقبيلة والعشيرة ، ففي ظل هذا الوطن البوتقة يظل الانتماء للقبيلة موجودا وتظل الخصوصية موجودة . إن الحرص على الاحتفاظ بدم بعض القبائل العربية نقيا من مخالطة الدم الزنجي يجب ألا يحجب عنا الرؤية الموضوعية للأشياء فالقول بالآفروعربية للسودان لا ينفي خصوصية القبائل العربية التي تدعى لنفسها نسبا عربيا قحا كما لا ينفي خصوصية القبائل الزنجية الكاملة الزنوجة ، ولو أخذنا بمنطق د0 عبد الله في رفض الأفروعربية بحجة أن هنالك قبائل عربية صرفة وليست هجين لوجدنا أنفسنا نشكك حتى في اسم السودان كأسم علم على السودان المعروف الآن . لأنه ليس كل سكان السودان سود ، فهنالك البيض أيضا . وربما حاجج هؤلاء البيض في تغيير اسم السودان إلى " البيضان " .
ولكن الدكتور عبد الله على إبراهيم لا يكتفى باتهام دعاة الأفروعربية بالتآمر لتحجيم انتماء السودان للعروبة بدعوى الهجنة ، فحسب بل يذهب إلى اتهامهم أيضا بالتآمر على الإسلام ، يقول : " لا تهدف الأفروعربية إلى تحجيم الانتماء العربي الصريح وحسب بل إجراء تحسين جذري للمكون العربي الإسلامي عن الذاتية السودانية . " ويضيف " … فاستعادة التراث الأفريقي في نظر الآفروعربيين ، ليست مجرد تصحيح لمعادلة مختلة وإنما المقصود منها هو تهريب أجندتهم الاجتماعية والفكرية إلى الثقافة العربية الإسلامية الغبشاء المتشددة بقصد حملها على التلطف والسماحة . " (30)
وللتدليل على تآمر الآفروعربيين على الثقافة الإسلامية ، يورد أقوالا لمحمد المكي إبراهيم ، منها أن مكي يرى يرى أن الكثير من القيم الاجتماعية النبيلة السارية دخيلة على تكويننا النفسي لأن الدم الأفريقي يرفض هذا التشدد ويأخذ مكي على الثقافة العربية مخاطبتها العقل دون الروح . ولهذا خلت الفنون الراقية مثل الرقص والنحت والتصوير ولاكتساب هذه الفنون يشترط مكي استعادة امتلاك الدم الأفريقي الجاري في عروقنا . " وقول مكي أن احتكاك العربية باللغات سيؤدي إلى تغييرات في قواعد اللغة العربية يساعد في التساهل في قوانين النحو . كذلك يورد تخوف محمد المكي من الدعوات المتشددة في الإسلام التي يرى أن عوامل الجهل والتخلف قد مكنت لها وأبعدتها عن معدن الإسلام الأصيل الداعي إلى الحب والتسامح .. ويرى مكي أن السودان بواقع الهجنة قد كان منبعا للفتاوى الجريئة وللتخفيف عن الناس وتيسير اللقاء بالله عبر كل الدروب وتلاقى البشر حول إله واحد وحب واحد ، ولذلك فأنه يرشح السودان أن يلعب دورا قائدا للتسامح والأحياء في مجال الديانات .
ويذهب الدكتور في اتهامه لجماعة الغابة والصحراء بالتآمر ضد الثقافة العربية والإسلامية إلى الحد الذي يقول فيه : " أنهم أرادوا من خلال استردادهم المكون الأفريقي .. أن يدسوا مشروعا خاصا بهم في تفكيك محرمات الحضارة العربية الإسلامية التي سدت على يفاعتهم منافذ الأشباع " (31) فهو لا يرى في رد الاعتبار للمكون الأفريقي في الذات السودانية سوى محاولة يائسة لخلع الانتماء للعروبة والإسلام : " وعندي اجمالا أن خلع وتحجيم الهوية أو الثقافة العربية هو إما غش ثقافي أو يأس " (32) وهكذا تتحول دعوة الأفروعربية إلى التسامح الديني ونبذ التعصب مع اللغات الأفريقية ، إلى تآمر لخلع العروبة والإسلام وإلى غش ثقافي ويأس ؟!
وهنا أترك المجال للأستاذ حسن موسى وللدكتور عبد الله بولا للرد على اتهامات د0 عبد الله ضد الآفروعربية . فهما قد انجرفا وراء الإشادة المتحمسة بالورقة والتي لا تخلو من ( مجاملة ) وغضا الطرف عن كشف التناقضات الصارخة للورقة فوقعا ضحية التناقض . لأن التواطؤ مع التناقض لا يولد إلا المزيد من التناقضات فتحولت أقوالهم ضد جماعة الغابة والصحراء إلى دفاع في مواجهة اتهامات د0 عبد الله . فمأخذ حسن موسى على الأفروعربية هو طرحهم لخيار مشروع ثقافي واحد هو خيار الثقافة الإسلامية ، يقول : " أن مشكلة مشروع الهوية في مساهمة الغابة والصحراء هي أنه مشروع يقوم على الرجوع " ، ولكنه " رجوع ملغم بخيار ثقافي مسبق هو خيار الثقافة الإسلامية " (33) أما دكتور بولا فأنه لا يرى غبارا على أطروحة الغابة والصحراء سوى الإبقاء على الثقافة الإسلامية بكامل عدتها وعتادها ، يقول : " أن مشروع جماعة الغابة والصحراء لدى الوهلة الأولى يبدو متماسكا معافى من أدواء المركزية الذاتية للثقافة العربية ، بيد أن النظر الفاحص يكشف رؤى الثقافة العربية بكامل عدتها وعتادها في أجندة هؤلاء الشعراء وفي تعبيرهم . " (34)
إذن بينما حسن موسى وبولا ينعيان على جماعة الغابة والصحراء تمسكها بخيار الثقافة العربية والإسلامية بكامل عدتها وعتادها ، ويريان فيها تكريسا لهيمنة الثقافة العربية الإسلامية وتمركزها ، يرى د0 عبد الله على إبراهيم النقيض من ذلك تماما ويقول أن جماعة الغابة والصحراء تعمل على دس مشروعها العلماني في تفكيك محرمات الحضارة الاسلامية وإنها ما هي إلا محاولة يائسة وغش ثقافي يهدف إلى خلع السودان عن الانتماء لثقافته العربية ومحيطه الإسلامي . فمن اليائس إذن ؟ ومن الذي يمـارس غشـا ثقافيـا حسب تعبيـر د0 عبـد الله ؟ لقد وقع حسن موسى وبولا في المصيدة التي نصبها د0 عبد الله ، مصيدة التآمر على العروبة والإسلام ، ليس من قلة كياسة ولكن من فرط حبهما للدكتور عبد الله وثقتهم المفرطة في كل ما يكتب .. ولكن من الحب ما قتل !!
وعين الرضا عن كل عيب كليلة وعين السخط تبدى المساويا !
|
Post: #5
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Agab Alfaya
Date: 04-15-2004, 04:24 PM
Parent: #4
البحث عن كبش فداء
ولكن بعد أن يصف ( مشروع ) جماعة الغابة والصحراء بأنه محاولة يائسة لتفكيك محرمات الثقافة العربية والإسلامية وبأنه يهدف إلى تحجيم الانتماء إلى العروبة والإسلام ، يعود ويصف هذا المشروع في خاتمة مقالته بأنه صورة من صور الخطاب الإسلامي ، يقول صفوة القول أن الأفروعربية صورة من صور الخطاب الإسلامي الغالب في السودان ، " (35 )
فكيف يستقيم ذلك ، كيف يكون خطاب الأفروعربية علماني ليبرالي يهدف إلى تفكيك محرمات الحضارة العربية وتحجيم الانتماء للعروبة والإسلام ثم يكون في ذات الوقت صورة من صور الخطاب العربي الإسلامي الغالب ؟! وهنا بيت القصيد ! فوصف الدكتور لخطاب جماعة الغابة والصحراء بأنه صورة من صور الخطاب العربي الإسلامي ، في نهاية مقالته ، ما هو إلا إسقاط ومحاولة لالقاء الطعم الأخير وذر الرماد في العيون لغض الأنظار عن تناقضات خطابه ذو النعرة العروبية المتطرفة . وقد نجحت خطة د0 عبد الله في الإسقاط أيما نجاح . فقد التقط العلمانيون والديمقراطيون من ذوى اليسار الطعم ، وطفقوا يصوبون سهامهم الصدئة نحو جماعة " الغابة والصحراء " والتي وجدوا فيها كبش الفداء الذي يحملونه وزر خطاياهم والمشجب الذي يعلقون عليه إخفاقاتهم وإحباطاتهم المزمنـة .
فحسن موسى ، يحمل المسئولية الكاملة لجماعة الغابة والصحراء في التمهيد لظهور سلطة الجبهة الاسلاموية ، ويقول في هذا السياق : " … لمحمد عبد الحي وشركائه نصيب الأسد في المسئولية الأخلاقية بقدر ما عبدوا الطريق لسلطة الصيارفة الاسلاموية وسوغوا مقولاتهم الغوغائية على مراجع العروبة والإسلام … " (36) ثم يطلق للسانه العنان للافتئات عليهم قائلا : " فهم قوم لم يرعوا حرمة الإبداع ولم يعوا دور المبدع كمعارض وكخارج ، وانساقوا وراء إرضاء الدولة المخدمة بغشامة لا تليق برجال في ذكائهم ، وهم يستحقون اللعنة بقدر ما تتسع الشقة بين رهافة حسهم الجمالي وغلظة تواطئهم الاجتماعي .
ولا يملك د0 بولا رغم حصافته إلا أن يشايع حسن موسى في قذف جماعة الغابة والصحراء بمزيد من اللعنات بعد أن يحملهم المسئولية هو الآخر في التمهيد لولادة الغول ( الاسلاموي ) ويقول : " عليهم اللعنة بقدر ما بددوا شاعريتهم العظيمة في مراوغة حقائق الواقع الصادمة ، عندما آثروا المسكنات الغنائية الرقيقة على مراويد ومباضع النقد الكاوية الشافية . " (37) وهل يملك الشاعر الحقيقي يا دكتور بولا في أي زمان ومكان ، سوى المسكنات الغنائية الرقيقة ؛ أما المباضع والمراويد الكاوية فلا أظن أن للشاعر والفنان فيها نصيب . ولكن من ذا الذي يراوغ حقائق الواقع الصادمة حسب تعبير بولا ؟ شعراء الغابة والصحراء أم الدكتور عبد الله على إبراهيم ؟!
وهنا أحمد للدكتور بولا أنه أشار في استحياء إلى مراوغة د0 عبد الله على إبراهيم " لحقائق الواقع الأولية الصادمة ، في قوله : " هنالك مساحة من السديم .. في وعى كثير من مثقفي اليسار الديمقراطي في السودان معافاة من النظر النقـدي ، تستقر فيها أحكام الثقافة العربية الإسلامية المستعلية في أمن وأمان .. وفي ظني أن من مساحة السديم هذه ، قد صدرت عن صلاح وعبد الله مواقف من سلطة الغول الاسلاموي لا تزال مبعث حيرة وأسف جمهور قرائهما " (3 وذلك في معرض تعليقه على مقولة صلاح أحمد إبراهيم " نحن عرب العرب " والتي يقول أن عبد الله على إبراهيم قد ناصره فيها . ولكن أقول لدكتور بولا ، لماذا هذا الحياء في التعبير عن الحيرة والأسف أزاء مثل هذه المواقف ولديك ما يكفي من المباضع والمراود الكاوية الشافية لتفجير هذه المواقف المتناقضة بدلا من تركها تنوم في أمن وأمان في مساحة السديم تلك لتغبش وعى الكثيرين من قراء د0 عبد الله على إبراهيم ؟
فإذا كان المرحوم صلاح أحمد إبراهيم قد اجتاز مساحة السديم التي أشار إليها د0 بولا في الوعي بسؤال الهوية وأعلنها صراحة على الملا : " أنا الهجين عنترة " فأن الدكتور عبد الله على إبراهيم لا يزال يصر بأن القول بالهجنة أو بآفروعربية شمال السودان ما هو إلا مؤامرة لتحجيم انتماء السودان للعروبة والإسلام ، ويختتم مقالته بعبارة حاسمة وقاطعة لا لبس فيها ولا غموض قائلا : " أن أفضل الطرق عندي أن يكف أبناء الشمال العربي المسلم عن خلع حضارتهم بدعوى الهجنة . " (39) فلا يوجد هنا سديم ولا يحزنون ، بل موقف واضح يكشف عن نعرة عروبية اسلاموية ، كل هدفها مراوغة حقائق الواقع الصادمة للحفاظ على خلوص ونقاء الدم العربي بأي ثمن . فالاحتجاج كما يقول : " بحقوق الأفريقيين المعاصرين أو ممن يزعم الأفروعربيين أن دمهم كأسلاف قد استقر فينا خطة سلبية جدا . " فمن الذي مهد الطريق لسلطة " الصيارفة خطة الاسلاموية " وهيأ المهاد لولادة " الغول الاسلاموي " ؟ خاصة وأن للدكتور عبد الله على إبراهيم مواقف عملية ساهمت في تكريس وترسيخ سلطة الإسلام السياسي .
|
Post: #6
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Agab Alfaya
Date: 04-15-2004, 04:31 PM
Parent: #5
الجنوب وحكاية الطبعة الجديدة من ( إنسان سنار )
أن اضطراب منطق الدكتور وفساد حجته لا يكادان يستقران على حال فهو بعد أن انتهى إلى خطاب جماعة الغابة والصحراء ، صورة من صور الخطاب العربي الإسلامي ، يعود مرة أخرى ويتهم الأفروعربيين بأنهم يتخذون من الدفاع عن حقوق غير المسلمين من حملة الثقافة الأفريقية حيلة لدس مشروعهم العلماني ، يقول : " أن خطة الأفروعربيين لاستخدام المكون الأفريقي فيهم وحقوق الجنوبيين لنصرة آراءهم في الحياة السياسية والاجتماعية ، هي خطة مكشوفة للغلاة من الدعاة الإسلاميين .. فهم يرون الليبراليين من الآفروعربيين أنما يدسون مشروعهم العلماني وراء تظلمات الجماعات الأفريقية غير المسلمة .. وهذه الخطة الآفروعربية في نظر الغلاة مجرد حيلة في علم الحيل . " (40) إن الدكتور في محاولته للتشكيك في خطاب الآفروعربيين الليبرالي الرافض لمشروع الدولة الدينية ، يضطر لتبنى حجج غلاة الإسلاميين ورفعها في وجه جماعة الغابة والصحراء وغيرهم من أصحاب الخطاب العلماني الليبرالي .
ليس هذا فحسب بل يذهب إلى حد وصف الدفاع عن حقوق المواطنة لكافة المواطنين بغض النظر عن الدين والعرق واللون بأنه عمل سلبي ، يقول " فالاحتجاج بحقوق الأفريقيين المعاصرين أو ممن من يزعم الأفروعربيين أن دمهم كأسلاف قد استقر فينا هو خطة سلبية جدا . " (41) لاحظ إصراره على نفي العنصر الأفريقي عن الذات السودانية في قوله " أو ممن يزعم الأفروعربيين أن دمهم لأسلاف قد استقر فينا " .
وبدلا من الدفاع عن حقوق الأقليات غير المسلمة من حملة الثقافة الأفريقيـة ، يرى الدكتور أن على أبناء الشمال العربي المسلم أن يدافعوا هم أولا عن حرياتهم داخل ثقافتهم العربية الإسلامية يقول : " الطريق فيما أرى ، إلى اطمئنان الجنوبيين وغيرهم من حملة الثقافة الأفريقية إلى أمنهم الثقافي ، يمر عبر تصدى العرب المسلمين للنعرات وأنواع التحريم التي تغص بها ثقافتهم تصديا بالأصالة عن أنفسهم ، لا نيابة عن أحد .. فالأصح في نظري مثلا أن يدعو من يزعم أن الخمر حرية شخصية إلى كامل حرياته الشخصية كعربي مسلم ، لا أن يتخفى وراء نسبته إلى أفريقيا .. " (42 )
ربما يبدو هذا الكلام أول وهلة وجيها ، ولكن لا يركنن أحد إلى شئ من ذلك ، فأي محاولة لإشاعة الديمقراطية والحريات داخل الثقافة العربية الإسلامية ما هي إلا مؤامرة في نظر الدكتور لتحجيم وتفكيك الثقافة العربية الإسلامية . فبعد أسطر قليلة من هذا الكلام الجميل عن الحرية والديمقراطية يقول الدكتور في خاتمة مقالته : " لقد أرادت الآفروعربية باستردادها المكون الأفريقي في العربي المسلم ، أن …… تدس خلال ذلك مشروعا خاصا في تفكيك محرمات الحضارة العربية الإسلامية التي سدت على يفاعتهم منافذ الإشباع . " (43) فالمطالبة الحريات الفردية تتحول عند الدكتور إلى بوهيمية وإلى هروب وإلى دسيسة . ألم يقل الدكتور في حديثه عن فرار الآفروعروبيين إلى النسبة الأفريقية ، " … استعادة التراث الأفريقي ، في نظر الآفروعروبيين ، ليس مجرد تصحيح لمعادلة مختلة ، وإنما المقصود منه هو تهريب أجندتهم الاجتماعية والفكرية إلى الثقافة العربية الإسلامية الغبشاء المتشددة بقصد حملها على التلطف والسماحة . " (44)
ثم كيف يكون الحديث عن علاقة الدين بالدولة ووضع الحريات والحقوق الديمقراطية داخل الثقافة العربية الإسلامية مسألة لا تخص الجنوبيين وغيرهم من حملة الثقافة الأفريقية ، كما أشار الدكتور في قوله : " ولا أحسب أن حملة الثقافة العربية الإسلامية . " (45) أليسوا مواطنين من الدرجة الأولى ، ألا يكونوا أول من سيتضرر في حالة فرض الدولة الدينية الإسلامية عليهم مثلا . صحيح أن البعض ربما يتحجج برفضه لمشروع الدولة الدينية بحقوق غير المسلمين ولكن ليس بالضرورة كل من يدافع عن هذه الحقوق هو محتال أو متخفى وراء تظلمات غير المسلمين .
والحقيقة أن تحفظات الدكتور على الاحتجاج بحقوق غير المسلمين من حملة الثقافة الأفريقية إنما تكشف عن رغبته الدفينة في عدم التمازج والاندماج بين الثقافتين العربية والأفريقية . فهو بعد أن نفى أن يكون هنالك تمازج قد حدث في الماضي بين الثقافتين نتج عن سكان الشمال يعود الآن وينفي أي إمكانية للتمازج والتلاقح في الحاضر أو المستقبل وتصل به الرغبة في عدم التمازج بين الثقافة العربية والثقافة الأفريقية حدا يجعله يرفض الوصف التقليدي للسودان بأنه البوتقة التي تنصهر فيها العناصر الثقافية في ثقافة جامعة ، فهو يقول تتفق الآفروعربية مع أكثر قسمات الخاب العربي الإسلامي " محافظة وتبشيرية وهي نظرية السودان البوتقة التي تنصهر فيها كل المفردات الثقافية في ثقافة جامعة " (46) ، فحرصه على نقاء الدم العربي والثقافة العربية الإسلامية من التلوث بالدم الزنجي والثقافة الزنجية يجعله يرفض الانخراط في ثقافة جامعة تضم وتمثل كل السودانيين بمختلف ثقافاتهم وأعراقهم . وهو لذلك يختم مقالته بالدعوة إلى أن تظل كل ثقافة قائمة بذاتها في استقلال عن الثقافة الأخرى ويقول : " فأهدى السبل إلى السلام والنهضة الثقافية في السودان هو الإقرار بقوامين أو أكثر للثقافة السودانية . قد تمتزج وقد تتبادل التأثير والتأثر ، مع احتفاظ كل منها باستقلال الدينامية … " (47)
لذلك يقرر بكل بساطة أن الأفروعربية كصيغة للتمازج بين الشمال والجنوب " لم ترق للجنوبيين … " (4 ولا يجد للتدليل على ذلك سوى الاستشهاد بقصيدة لشاعر جنوبي نشرت بجريدة إنجليزيـة عـام 1965 بعنـوان ( الوحدة المغلفة بالسكر ) يورد منها :
تفترض الوحدة وجود فريقين فريقين متفقين على التآزر لكن من غير المنظور أن تقوم الوحدة على أشلاء آلاف الضحايا ولا على فوهات بنادق جيش منفلت مأمور أن يستأصل شأفة الجنوبيين …
واضح من هذه الأبيات أن الشاعر لا يرفض مبدئيا دعوة الأفروعبية للوحدة والتمازج الثقافي بين الشمال والجنوب القائمة على الاعتراف المتبادل ولكنه يرفض أن تأتى هذه الوحدة بالإكراه وقوة السلاح . والملاحظ أن الدكتور لا يشير في هذا السياق إلى الوقائع على الأرض ولا إلى الأطروحات الجادة لرموز ثقافية وسياسية هامة من أبناء الجنوب الذين لا يرفضون الآفروعربية كصيغة مثلى للتعايش والتمازج السلمي بين الثقافتين العربية والأفريقية .
ولكن الدكتور يختلق سببا آخر يفترضه افتراضا حتى يبدو رفض الجنوبيين للآفروعربية مقبولا في نظره وهو القول بأن جماعة الغابة والصحراء تهدف من خلال مشروعها للتمازج بين الشمال والجنوب إلى إنتاج طبعة لاحقة للإنسان الجنوبي من " إنسان سنار " وانطلاقا من هذا الافتراض وحده يصدر حكمه برفض الجنوبيين الآفروعربية بقوله : " الجنوبيين محاذيرهم كثيرة ، الصادق منها والمخترع ، حيال عرب الشمال … وستبدو لهم الدعوة إلى إعادة إنتاجهم عبر التمازج الثقافي كطبعة لاحقة لإنسان سنار نوعا من الغش الثقافي لا الحوار . " (49) فهو يريد أن يوحي بأن هنالك قالب أو نموذج جاهز عند جماعة الغابة والصحراء يودون صب الإنسان الجنوبي فيه . هذا الإنسان النموذج لا وجود له في خطاب الآفروعروبيين فهم يدعون إلى حوار وتلاقح مفتوح بين الثقافتين من غير تحديد نتيجة هذا الحوار سلفا .
وللتأكيد على تكافؤ هذا الحوار المفتوح الذي يدعو له جماعة الغابة والصحراء أعود وأشير إلى أقوال محمد المكي إبراهيم التي أوردها الدكتور في سياق اتهام الآفروعروبيين بتحجيم الانتماء للعروبة والإسلام . يقول د0 عبد الله : " أن محمد المكي غي إطار دعوته للمزيد من التمازج بين الشمال والجنوب ، يرحب بقدوم المرأة الجنوبية إلى مدن الشمال التي علبت المرأة داخل أسمك وأطول ثياب ، فنساء مدن الشمال سيجدن منافسة من أختهن الأفريقية التي اعتادت معاملة الرجل كند وانطبعت بالسلوك والمتحرر المنطلق في كل مسارب الحياة . وأمام هذه الدفعة من التحرر يمكنا أن نلمح على قسمات الرجل السوداني ، العربي المسلم في المدينة ، ملامح التسامح والتقدم والتخلص من تقاليد الكبت والرجعية القديمة . (50) فأين " إنسان سنار " هنا في خطاب الآفروعروبيين الذي يزعم د0 عبد الله أن جماعة الغابة والصحراء تود إنتاج طبعة لاحقة منه عبر إنسان جنوب السودان .
ولعل الحديث عن " إنسان سنار " استوحاه الدكتور من قصيدة محمد عبد الحي استعمل سنار هنا كرمز شعري للإشارة للتمازج والتلاقح بين العرب والأفارقة . فالعودة هنا ليست عودة إلى الزمان والمكان ، ليس عودة إلى سنار عاصمة السلطنة الزرقاء ، إنما عودة في مستوى الذات ، الذات السودانية التي هي نتيجة هذا التلاقح . سنار رمز للحظة الزمنية التي حدث فيها هذا التمازج وهذا التلاقح . أن جماعة الغابة والصحراء لا يطرحون سنار كنموذج لدولة دينية يودون إرجاع الناس إليها مثلما يود الإسلاميون إرجاع الناس إلى نموذج دولة المدنية الإسلامية .
لعل الكثير من سوء الفهم تجاه مساهمة ( الغابة والصحراء ) في توصيف الهوية السودانية مرده إلى عدم وضوح مفهوم ( العودة إلى سنار ) في أذهان الكثيرين . لقد ظن البعض أن المقصود بالعودة إلى سنار ، العودة إلى السلطنة الزرقاء . حتى أن حسن موسى رغم تركيزه الحديث عن " التاريخانية " يحتج على جماعة ( الغابة والصحراء ) " قائلا : " لقد عرف تاريخ السودان أكثر من ماض مجيد وأكثر من مدينة فاضلة قبل سنار ، الماضي الفونجي كمروي القرن الثالث قبل الميلاد أو دنقلا ، النوبة المسيحية ، أو سوبا فكلها مدن عامرة بالرموز غير أنها مدن سابقة على دخول العروبة والإسلام وهي مدن لا تثير اهتمام منظري الغابة والصحراء الذين يرون تاريخ السودان يبدأ مع دخول العرب المسلمين . " (51)
أن العودة إلى مروي أو دنقلا أو سوبا لا تتم بإلغاء الحاضر أي إلغاء المكون الثقافي والتاريخي الذي بدأ في التشكل منذ قيام مملكة سنار وحتى اليوم . وهي نظرة غير تاريخية وغير واقعية . أما العودة إلى سنار فهي بالضرورة عودة إلى مروى وإلى دنقلا وإلى سوبا لأن سنار هي اللحظة الزمنية التي تلاقت عندها كل حضارات السودان السابقة على الحضارات العربية الإسلامية . هي اللحظة التي استوعبت كل اللحظات التاريخية السابقة عليها واللحظات الحاضرة التي تشكلت وما زالت في التشكل سنار هي الحاضر وإلغاؤها أو القفز فوقها هو إلغاء وقفز فوق الحاضر .
|
Post: #7
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Agab Alfaya
Date: 04-15-2004, 04:33 PM
Parent: #6
صيغة تسع الجميع
والحقيقة لا توجد قراءة في توصيف الهوية السودانية ، أصدق من قراءة جماعة الغابة والصحراء ذلك لأنها تنطلق من الواقع العياني الملموس وتتطابق معه . وبالتالي يمكننا أن نصف هذه القراءة بأنها قراءة معرفية وليست أيديولوجيـة . لذلك فأن وصفها بأنها ( مشروع ) أو ( خطاب ) يمكن أن يعد وصفا غير دقيق . فالأفروعربية عند جماعة الغابة والصحراء ليست تصورا نظريا لما يجب أن تكون عليه الهوية السودانية بقدر ما هي توصيف لما هو واقع فعلا . وأي توصيف بديل للآفروعربية لا يعدو أن يكون ذو بعد واحد يقوم على نفى الآخر . فإذا قلنا مثلا أن السودان بلد عربي خالص العروبة فلا يستقيم ذلك إلا بنفي العناصر الأفريقية ، وإذا قلنا أنه بلد أفريقي خالص الأفريقانية لا يستقيم ذلك إلا بنفي العناصر العربية الإسلامية . ولا مخرج إلا بالإقرار بالبعدين العربي والأفريقي في بنية الهوية السودانية .
ولتقييم مساهمة جماعة ( الغابة والصحراء ) تقييما سليما لابد من النظر إليها في السياق التاريخي الذي ظهرت فيه ، وهي فترة الستينات من القرن العشرين حيث كانت حركات القومية العربية بزعامة جمال عبد الناصر وأحزاب البعث في أوج ازدهارها . وفي أفريقيا وأمريكا اللاتينية كانت هناك حركة الزنوجة بزعامة ايمى سيزار وليوبولد سينغور . في هذه الظروف واجه جماعة الغابة والصحراء سؤال الهوية ففطنوا إلى أن السودان حالة خاصة يجمع بين العروبة والأفريقانية فتفتق تفكيرهم عن صيغة تجمع بين المكونين العربي والأفريقي في الهوية السودانية فكانت صيغة الغابة والصحراء أو الآفروعربية .
ولكن الدكتور عبد الله على إبراهيم يعتبر نوعا من التوفيقية والوسطية والطوباوية ويقول أن الآفروعربية " دعوة إلى الوسطية السعيدة " ولكنها مع ذلك " لم تسعد أحدا " كما يقول " فحيلتها للتوسط بالهجنة مردودة " (53) أن الوسطية والتوفيقية لم تعد صفة سلبية كما كنا نقرأ ذلك في الماضي في الأدبيات الماركسية الأرذوكسية . فمع الانفجار المعرفي أصبحت الوسطية والتوفيقية هي النظرة الأقرب للنظرة العلمية والعملية للواقع . وفي مسألة الهوية الثقافية والعرقية لشعب متعدد الهويات مثل الشعب السوداني تصبح الوسطية هي الصيغة المثلى للاعتراف المتبادل بين الأطراف وبالقواسم المشتركة التي توحد بينها في ثقافة جامعة .
وسوف تضح لنا قيمة مساهمة ( الغابة والصحراء ) أكثر إذا قارنا بين موقف هذه الجماعة وموقف الدكتور عبد الله من مسألة الهوية . ففي الستينات بينما فطنت هذه الجماعة إلى أفروعربية الشخصية السودانية أختار الدكتور الانحياز إلى الجانب الأفريقي ممثلا في الحضارة المروية القديمة فأنشأ هو ومجموعة من أصدقاءه جمعية ( أبادماك ) الأدبية . ثم ها هو الآن يعود وينحاز كلية للجانب الذي تجاهله في الماضي ، الجانب العروبي الإسلامي ويعمل بكل وسعة لتنقية هذا الجانب من أي آثار أفريقية . وفي كلا الموقفين يأبى الدكتور إلا أن يكون احادى النظرة بينما ظل موقف الآفروعروبيين ثابتا من مسألة الهوية لأنه الموقف الأكثر تاريخانية وموضوعية وواقعية . وبالتالي يمكننا القول أن الأفروعربية هي الصيغة التي تسع الجميع إلا من أبى والذي يأبى هو الذي يغالط حقائق الواقع والتاريخ الصلدة . تسع العربي القح الذي يريد أن يلحق نسبه بالحسين أو العباس ، وتسع الذي يريد أن يظل زنجيا كامل الزنوجة ، كما تسع الآفروعربي الذي يجمع بين الانتمائين العربي والأفريقي .
عبد المنعم عبد الله عجب الفيا
|
Post: #8
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Agab Alfaya
Date: 04-15-2004, 04:36 PM
Parent: #7
الهوامش والمصادر :
(1) قدمت ورقة الدكتور عبد الله ابراهيم"الافروعربية او تحالف الهاربين " إلى الجمعية العربية للعلوم السياسية بجامعة الخرطوم – ندوة الأقليات بالوطن العربي المنعقدة فـي 28 فبرايـر إلـى 1 مارس 1988 ، ونشرت بمجلة المستقبل العربي – المجلد الخامس – العدد الثاني 1987م ثم نشرت بكتاب الثقافة والديمقراطية في السودان الذي صدرت طبعته الأولى من دار الأمين ، القاهرة ، عام 1991م . (2) حسن موسى شبهات حول الهوية – مجلة كتابات سودانية – العدد الثالث ، أبريل 1993 ، ص 3 – 17 . (3) د0 عبد الله بولا – شجرة نسب الغول – مجلة مسارات جديدة ، العدد الأول أغسطس 1998 ص 45 – 76 . (4) عبد الله على إبراهيم ، الثقافة والديمقراطية في السودان – مقال الأفروعربية أو تحالف الهاربين ، دار الأمين – القاهرة ، الطبعة الثانية 1999م ص 15 . (5) المصدر نفسه ص 15 (6) المصدر نفسه ص 17 (7) المصدر نفسه ص 17 ( المصدر نفسه ص 20 (9) المصدر نفسه ص 20 (10) المصدر نفسه ص 20 (11) المصدر نفسه ص 21 (12) المصدر نفسه ص 21 (13) المصدر نفسه ص 21 (14) المصدر نفسه ص 22 (15) محمد المهدي المجذوب – الشرافة والهجرة – دار الجيل ، بيروت ، الطبعة الثانية ، 1982م ، ص 14 (16) د0 عبد الله بولا ، شجرة نسب الغول ، سبق ذكره ص 49 (17) محمد المهدي المجذوب ، نار المجاذيب ، دار الجيل ، بيروت ، 1982م ، ص 219 (1 د0 محمد إبراهيم الشوش ، الشعر السوداني الحديث ، معهد الدراسات العربية العالية ، القاهرة ، 1962 ، ص 145 (19) د0 عبد الله على إبراهيم ، الثقافة الديمقراطية في السودان ، مقال الأفروعربية أو تحالف الهاربين ، سبق ذكره ، ص 16 (20) المصدر نفسه ، ص 16 (21) المصدر نفسه ، ص 16 (22) المصدر نفسه ، ص 17 (23) د0 عبده بدوي ، الشعر في السودان ، عالم المعرفة الكويت ، العدد ، مايو 1980م ص 252 ، وأنظر أيضا ، عبد الهادي الصديق ، أصول الشعر السوداني ، ص 167 (24) د0 عبد الله على إبراهيم ، الثقافة والديمقراطية في السودان ، سبق ذكره ص 17 (25) المصدر نفسه ، ص 18 (26) المصدر نفسه ن ص 18 (27) د0 عبد الله بولا ، شجرة نسب الغول ، سبق ذكره ، ص 55 (2 د0 يوشيكو كوريتا ، على عبد اللطيف ، ترجمة مجدي النعيم ، مركز الدراسات السودانية ، القاهرة ، ص 28 – 29 (29) د0 عبد الله بولا ، شجرة نسب الغول ، سبق ذكره ، ص 51 (30) د0 عبد الله على إبراهيم ، الثقافة والديمقراطية في السودان ، سبق ذكره ، ص 18 (31) المصدر نفسه ، ص 26 (32) المصدر نفسه ، ص 25 (33) حسن موسى ، شبهات حول الهوية ، سبق ذكره ، ص 13 (34) د0 عبد الله بولا ، شجرة نسب الغول ، سبق ذكره ، ص 53 (35) د0 عبد الله على إبراهيم ، الثقافة والديمقراطية في السودان ، سبق ذكره ، ص 26 (36) حسن موسى ، شبهات حول الهوية ، سبق ذكره ، ص 13 (37) د0 عبد الله بولا ، شجرة نسب الغول ، سبق ذكره ن ص 53 (3 المصدر نفسه ، ص 56 (39) د0 عبد الله على إبراهيم ، الثقافة والديمقراطية في السودان ، سبق ذكره ن ص 26 (40) المصدر نفسه ، ص 25 (41) المصدر نفسه ، ص 26 (42) المصدر نفسه ، ص 25 (43) المصدر نفسه ، ص 26 (44) المصدر نفسه ، ص 18 (45) المصدر نفسه ، ص 25 (46) المصدر نفسه ، ص 23 (47) المصدر نفسه ، ص 26 (4 المصدر نفسه ، ص 23 (49) المصدر نفسه ، ص 24 (50) المصدر نفسه ، ص 18 (51) حسن موسى ، شبهات حول الهوية ، سبق ذكره ، ص (52) د0 عبد الله على إبراهيم ، الثقافة والديمقراطية ، ص 23 (53) المصدر نفسه ، ص 24
|
Post: #9
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Bashasha
Date: 04-15-2004, 04:47 PM
Parent: #1
ياعجب كيفك يعني بوستاتي الكتيرة او مسيخة، حقها راح! اهو ده الكلام، لانو ده موضوع الساعة وعلة السودان حقيقة. فكما خلقنا من الماء كل شئ حي، فازمة الهوية عندي هي اساس كل مشاكلنا في السودان. فزي انشتاين، ده "اليو نيفايد فييلد ثيوري" بالنسبة لي!
الاخ اسامة الخواض وعدني بي عمل مشترك في الحتة دي، لحدي الزمن داك، خليي اعمل "لوبي" واجيبو بي جاي.
لسة ما قريت ولا سطر غير العنوان، فياني الجاي جاي!
|
Post: #10
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Agab Alfaya
Date: 04-15-2004, 08:13 PM
Parent: #9
يا اهلا وسهلا بالبشاشة
بوستاتك ما مسيخة وحقها ماراح ،محفوظ ويمكن تكون ليها الفضل في انو خلتني انكت الموضوع دا
يلا انت واللوبي بتاعك واسامة الخواض علينا جاي نحن في انتظاركم
|
Post: #11
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: محمد حسن العمدة
Date: 04-15-2004, 08:24 PM
Parent: #10
الحبيب عجب الفيا والله موضوعك دسم ويستحق المتابعة والمشاركة كدي النكملو ونعقب بعدين ربنا يسهل ويدينا الزمن قول امين لكين اقول ليك وباختصار شديد العرب ديل مااااااا نجيضين واحسن النتختاهم
|
Post: #12
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Abdel Aati
Date: 04-15-2004, 08:35 PM
Parent: #9
لي عودة
عادل
|
Post: #13
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Agab Alfaya
Date: 04-16-2004, 06:20 AM
Parent: #1
الاخ الحبيب محمد حسن العمدة
الف مرحب وكدي نرجاك لما تكمل وبعدين نطق الحنك
الاخ الاستاذ العزيز عادل عبد العاطي في شوق لمساهماتك واراء ك النيرة
|
Post: #14
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Dr.Elnour Hamad
Date: 04-16-2004, 11:01 AM
Parent: #13
شكرا منعم على هذا البوست الممتاز
ولقد سعدت به، خاصة بعد وصول استاذنا عبد الله بولا إلى المنبر، وأرجو أن يصل إلينا حسن موسى قريبا.
أراحتني الفقرة أدناه، من ورقتك، أيما راحة. فقد كان في نفسي شيء من اختزال، الأخ الدكتور عبد الله علي إبراهيم، لدوافع جماعة الغابة والصحراء، في جانب واحد. ولم استسغ بخاصة، إشارته، مما جرى به قلمه، وما حلا له وصفه، بإملاء البوهيمية على مكي تمديد إقامته عاما، في أوروبا. وأرجو من أن أتمكن من العودة لهذا البوست، الشديد الأهمية.
Quote: والحقيقة أن الدكتور لا يجد من حجة للتدليل على هذه البوهيمية سوى الاستشهاد برحلة محمد المكي إبراهيم والنور عثمان أبكر إلى أوربا عام 1962 ، وبقصائد محمد المهدي المجذوب التي عرفت بالجنوبيات والتي كتبها في واو بالجنوب في الخمسينات قبيل اندلاع التمرد الأول عام 1955 ، يقول : " لقد سافر محمد المكي وزميله النور عثمان أبكر في رحلة إلى ألمانيا الغربية لقضاء عطلة صيف 1962 ضيفين على جمعية الصداقة السودانية الألمانية . ولقد أملت البوهيمية والشغف بالترحال على مكي أن يمد إقامته إلى عام آخر تغيب فيه عن الجامعة . " (9) لاحظ قوله " قد أملت البوهيمية " فلماذا سوء القصد المبيت هذا في وصف رحلة مكي وأبكر إلى أوربا بالبوهيمية ؟ أليس ثمة هدف نبيل آخر غير غير هذه البوهيمية المزعومة ؟! لماذا لم يكن القصد من الرحلة الانفتاح على الحضارة الغربية والتعرف عليها من كثب في سياق توثيق الروابط بين الشعوب كما فعل آلاف من جيلهم والأجيال السابقة لهم ، خاصة وأن الدعوة جاءت من جمعية الصداقة السودانية الألمانية ؟! |
|
Post: #15
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Agab Alfaya
Date: 04-16-2004, 09:24 PM
Parent: #1
شكرا استاذي الدكتور النور حمد وانت دائما تضي بوستاتي بوجودك الباهي وفي انتظار اشراقاتك اتمني ان ينضم الينا دكتور عبد الله ابراهيم ودكتور بولا
كما ارجو ان يتشرف المنبر بعضوية الدكتور حسن موسي قريبا
|
Post: #17
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Muna Abdelhafeez
Date: 04-17-2004, 00:22 AM
Parent: #15
عجب الفيا.. كيف الحال.. الموضوع القديم المتجدد.. تمطرر اياديكم دوماً في صحراءنا.. لي عودة.. نخلي الموضوع فوق..
|
Post: #20
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Agab Alfaya
Date: 04-17-2004, 05:29 AM
Parent: #17
الاخت العزيزة مني عبد الحفيظ افتقدناك والله وجودك معانا يسعدنا في انتظار مناوشاتك الظريفة
|
Post: #16
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: osama elkhawad
Date: 04-16-2004, 11:56 PM
Parent: #1
شكرا العجب على دعوتك الكريمة لي
وساعود بعد ان انتهي من القراءة الثانية
اكرر شكري مرة اخرى
ودمت
المشاء
|
Post: #18
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: aymen
Date: 04-17-2004, 00:47 AM
Parent: #16
الاخ عبد المنعم شكرا علي هذا المقال الرائع لم اجد في وصف العقلية (او النفسية) التي يستعملها د. عبد الله علي ابراهيم، ادق من اسقاطات..... و الواقع ان مكمايكل ذكر في غيرما موضع ان هماء هذه القبيلة او تلك contaminated بدماء افريقية او نوبيه.. ثم انه يستهجن ان الرواة المحليين تجاهلوا الدم النوبي او العربي في نسبتهم او شجرة نسبهم.. هل كانت كلمة contaminated هذه هي ما دعاة الي الاعتقاد بان مكمكايك قد قيم الدم العربي كارقي و الافريقي كدم ادني؟؟
|
Post: #22
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Agab Alfaya
Date: 04-17-2004, 05:39 AM
Parent: #18
الاخ ايمن الف مرحب بك ومبروك المولود
حتي لو افترضنا ان مكمايكل قصد الاستخفاف بالدم الزنجي فان ذلك ليس مدعاة لتنكر السودانيون لاصولهم الافريقية ومبررا كافيا لدكتور عبدالله ان ينظر الي الدعوة لرد الاعتبار للمكون الافريقي بانها دعوة للبوهيمية والمشاعية او انها تعبير عن واقع مطموس
|
Post: #21
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Agab Alfaya
Date: 04-17-2004, 05:31 AM
Parent: #16
يا الف مرحب بالاخ الاستاذ اسامة الخواض
شكرا كثيرا علي الزيارة
وفي انتظار مساهماتك النيرة
|
Post: #19
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Bashasha
Date: 04-17-2004, 03:37 AM
Parent: #1
سلام ياعجب الفيا، عارف، والله جاني طمام عديل كده او قربت اطرش من كلام المدعو عبدالله هذا!
يا لعار اليسار والحزب الشيوعي تحديدا، من وجود عقلية متخلفة ومتحجرة، وكارهة لذاتها كهذا العبد الله، بين صفوفه!
فالرجل مسكون بكم هائل من الخزعبلات تتصل في ذهنه المسترق بالانسان الافريقي والثقافة الافريقية!
كل هذا الاستعلاء والعنتظة والرجل لا يخرج عن كونو زنجي يتوهم العروبة، وليس بعربي بي اي صورة من الصور!
ماعشان كده قلنا وبنكرر القول، كيف لافرق ما بين يمين ويسار السودان المصري الانجليزي، القديم، متي اتصل الامر "بمقرن" العروبة!
لهذا من الصعب التمييز ما بين دكتور حسن مكي ودكتور عبدالله في الحتة دي.
وهذا يفضح سر مغازلة دكتور عبدالله للانقاذ، ذبدة السودان القديم، ودولة اقلية الجلابة، الشمالية، العروبية، زورا وبهتانا.
لافرق عندي اطلاقا ما بين عبدالله هذا، ومنظر النازية قوبيني في نظرتو الدونية للانسان الاسود، وارتباطه في مخيلة عبدالله هذا بالانحطاط والرذيلة!
يا للهول!
ماعشان كده احنا بنتكلم عن عقلية الشمال النازية، ونظام الفصل العنصري، كاساس لدولته، ونظامها الاجتماعي والسياسي والاقتصادي!
خليني اجم نفسي شوية واجيك صادي، لاني ابدا مااتخيلت اقرأ كلام غث وركيك كهذا، من ناس المفترض فيهم ينجزوا مشروع البديل، لسودان الاحتلال الثنائي، مش يعضو عليه بالنواجز، ليعيدوا انتاج نفس قيحو او صديدوا!
يا لعار اليسار!
|
Post: #23
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Agab Alfaya
Date: 04-17-2004, 06:17 AM
Parent: #19
كمال بشاشة
غايتو شيل شيلتك انا ولا قلت قدر دا
لكن كدي مصل ليك ليمونتين تلاتة وتعال صادي
|
Post: #24
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Osman Hamid
Date: 04-17-2004, 09:45 AM
Parent: #23
العزيز عجب الفيا, سلامي ومودتي... قرأت ورقتك قراءة أولي, وسأعود لمواصلة إعادة قراءتها ثانية. والحق أنيّ استمتعت " بالتوهط" في قراءتها. وبالتأكيد, فهي ورقة ثرة, وعميقة, لأنها تحسَسَتْ, أو قل تتزع لأن تحسس سؤال تاريخي وجوهري, متصل بموضوع الهوية, وهو كما تعلم, سؤال, حوله كثير من المسلمات التي تحتاج لمراجعة وتفكيك, جزري, ومر. وما هذه الحروب إلا أحد تمظهرات ذلك السؤال, الذى لم تنجز اجاباته بعد, إن كان هناك -في الحقيقة- إجابة لمثل هذه الاسئلة. شكراً علي المساهمة, ومنتظرين ملاحظات الأصدقاء, واخص منهم بولا وحسن موسى. سلامي مجدداً
عثمان حامد
|
Post: #25
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Agab Alfaya
Date: 04-17-2004, 08:07 PM
Parent: #24
الاخ العزيز عثمان حامد شكرا لك للثناء علي الورقة وفي انتظارك مساهماتك الثرة
|
Post: #26
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Bashasha
Date: 04-17-2004, 09:12 PM
Parent: #1
الاخ عجب.
ذي ماقال ترباس، او شيلتي براي، بشيلة!
جميل جدا اسامة جا بي جاي، كان نفسي اشوفكم في بوست واحد، اهو اتحقق.
يا ريت، ياريت، دكتور عبدالله يجي بي جاي، بالعدم بنحتاج زول يمثل وجهة نظرو، عبد القادر سبيل بكون تمام.
بالنسبة لي وبما اني بمثل وجهة نظر مختلفة تمام الاختلاف، حيث اؤمن بان السودان هو بالفعل افريقيا نفسها، ولا اؤمن بعروبة او حتي بعض عروبة، فيما يتعلق باقصي الشمال، من حيث الملامح، وبصورة اكبر من حيث الثقافة تحديدا.
لا انكر وجود تأثير ثقافي عربي في السودان، قد نختلف في تقدير حجمو وموضعو.
من الجانب الاخر للسودان تأثير عميق في الثقافة العربية نفسها، حتي من قبل ان تعبر البحر الاحمر.
هذا الجانب غير مطروق، في كل الدراسات الاتناولت موضوع الهوية، ثم تعريف الثقافة العربية نفسها، انطلاقا من هذه الزاوية.
ده طوالي بجيبنا لي سؤال المنهج المتبع حاليا، وبالتحديد ماهو مطروح في المقرر المدرسي، كتاريخ للسودان، وعلاقة السودان بالعرب.
هذا المدخل الجديد لدراسة تاريخ السودان، وبالذات القديم، هو سبب اختلافنا الجذري مع ما هو مطروح في الساحة حتي الان.
كده خلينا نسمع رايك في الاول يا عجب وبقية المشراكين، في الموضوع، بالاجابة علي سؤال:
هل السودان عربي، ام افريقي، ام عربي افريقي، او افريقي عربي، ولماذا؟
ما رأيكم، دام فضلكم؟
|
Post: #27
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Dr.Elnour Hamad
Date: 04-18-2004, 03:20 AM
Parent: #26
عزيزي منعم
مرة أخرى أشكر لك إعادة نشر هذا المقال المهم، في البورد. ولي، في البداية، ملاحظات على لغة خطابه، ونَفَسه، اللذين لم يخليا من نبرة حدة، وربما، من شيء من الخشونة، في بعض الأحيان. ولكن هذه الملاحظات، لا تنقص من قدر المقال، مثقال خردلة. ولقد تفضلت أنت، في صدر المقدمة التي كتبتها كتمهيد لنشره هنا، أنك هممت بتعديل بعض العبارات، التي وردت فيه، غير أنك حسمت أمرك، في نهاية الأمر، بأن تدعه على الحالة التي كان عليها حين تم نشره. ولقد حالفك الصواب، في هذا الخيار، دون شك. فكل، أو بعض، ما رأيت تعديله، ربما مثل تأريخا للمرحلة، التي تمت فيها كتابة هذه الورقة، ومن الخير لنا، ولمن يأتون بعدنا، أن يجدوا ذلك التاريخ. أقول هذا، رغم عدم علمي، حقيقة، بما كنت تنوي تعديله، تحديدا، في هذه الورقة. غير أنني حسبت أنك ربما كنت في طريقك لتعديل بعض عباراتها، التي حملت قدرا من الخشونة. وهذا محض افتراض مني، في نهاية الأمر.
ومع ذلك، فالورقة بدون شك، أفضل، من حيث ما ورد فيها من شيء من الخشونة، من كثير من معاصراتها. ولقد اتسم تاريخ سجالنا الفكري، بكثير من العنف اللفظي. وقد تفضل بالإشارة إلى ذلك الدكتور عبد الله علي إبراهيم، في وقت مبكر، وأجد أن إشاراته تلك، صائبة، وقد جاءت في وقتها. والعنف الجسدي، واللفظي، لازمتان من لوازم النمو، التي لا يمكن القفز فوقها "بالعمود". وهي أشبه بمراحل نمو الأطفال. إذ لا يملك الطفل، إلا أن يكون، على ما ينبغي أن يكون عليه، في المرحلة المعينة، التي يمر بها، رضينا، أم أبينا. لا يحفل الطفل بما يسببه مسلكه من إحباط للكبار، لأنه، ببساطة، يرى مسلكه، مسلكا طبيعيا، بحكم مرحلة التكوين التي يعبرها! يعيش الطفل كل مرحلة، من مراحل نموه الأولى، مثلما يعيشها أترابه. فهو يمسح، تفاصيل النمو، مسحا دقيقا. ويأتي في ذلك من الأفعال، ما من شأنه أن يثير حفائظ الكبار. ولقد أوردت هذا المثال، المتعلق بنمو الطفل، لما أرى فيه من وجوه الشبه بنمو الأمم. فالأمم التي تخطو في بدايات معارج نموها، كحالتنا الراهنة، تمر بمرحلة العنف الجسدي، أولا. ثم لا تلبث أن تعبر منه، حين تعبر، إلى مرحلة العنف اللفظي. وهكذا إلى أن يستقيم لها أمرها، في نهاية ألأمر، في رحاب الديمقراطية، فتركز رايتها، بعد رهق طويل، في باحات ثقافة الإختلاف، المهذبة، المتمدينة. وأرجو أن نكون الآن، في أخريات حقبة العنف، الفيزيائي، والفكري. وأن نطوي المرحلتين، في ضربة واحدة.
كتب الأستاذ محمود محمد طه، في مقدمة كتابه، "رسالة الصلاة" الصادرة طبعته الأولى عام 1966:
((إن العصر الذي نعيش فيه اليوم عصر مائي، وقد خلفنا وراءنا العصر الناري.. هو عصر مائي، لأنه عصر العلم.. العلم المادي المسيطر اليوم والعلم الديني - العلم بالله - الذي سيتوج ويوجه العلم المادي، الحاضر، غدا.. وفي عصر العلم، تصان الحرية، وتُحقن الدماء، وتُنصب موازين القيم الصحائح..
البصيري إمام المديح يقول:
شيئآن لا ينفي الضلالً سواهُما نور مفاضٌ أو دمٌ مسفوحُ
وقد خلفنا وراءنا عهد الدم المسفوح، في معنى ما خلفنا العصر الناري، وأصبحنا نستقبل تباليج صبح النور المفاض.. بل إن هذا النور قد استعلن على القمم الشواهق من طلائع البشرية، ولن يلبث أن يغمر الأرض من جميع أقطارها.. وسيردد يومئذ، لسان الحال ولسان المقال، قول الكريم المتعال:
((الحمد لله الذي صدقنا وعده ، وأورثنا الأرض، نتبوأ من الجنة حيث نشاء، فنعم أجر العاملين)).. )) انتهى نص الأستاذ محمود محمد طه
ويبدو أن الوقت قد أزف لكي نخلف وراءنا، حقبة العنف، والخشونة اللفظية. فالعنف اللفظي، علامة على عدم الإستعداد لقبول الإختلاف. وهو أيضا علامة على الإحساس بامتلاك الحقيقة، والوثوق المغلق، من التمكن من ناصيتها، بالقدر الذي ربما خول لنا تقريع الآخر، والعنف اللفظي به، وربما الزراية به، أيضا. وحين رفع الإسلام السيف، في القرن السابع الميلادي، رفعه، لكي يحسم أمر الخلاف، بالعنف، وبالقهر، وبالخوف. وكان ذلك بسبب من حكم الوقت. فالعنف على تلك الهيئة، قد كان لازمة من لوازم تلك المرحلة. ولا أريد ان أتوسع في ذلك، مما يجر إلى جدليات، وإشكالات، محاكمة حقبة ماضية، بمقاييس حقبة أعقبتها، بأربعة عشر قرنا من الزمان. المهم هذه ملاحظات أولية قادتني إليها، قراءة الورقة، إضافة إلى ما أتت به ورقتك، من نصوص، أخذتها أنت من كتابات د. عبد الله علي إبراهيم، ود. عبد الله بولا، ود. حسن موسى.
أحسب أن مداخلاتي في هذا الخيط سوف تتصل، تباعا. فالموضوع كبير، ومتعدد الجوانب. ولسوف أنافش فيه، في كل مرة، جزئية، كلما سمح الوقت. ولا بد أن يجر الخوض في تفاصيله المختلفة، إلى "بلاوي مهببة"، كما يقول المصريون. وقد فتَّحت أنت جوانبه، بشكل كبير. وذلك بالتطرق لعديد القضايا المرتبطة بمشكل الهوية، الذي يجر معه، وبشكل تلقائي، مشكل الثروة، والسلطة. ثم القراءة الإنتقائية للنصوص، ولمسارات التاريخ. يضاف إلى ذلك تلوين الآيديولوجيا لقراءات القارئين، وتأويلات المؤولين. وقد افلحت كثيرا، حين استخدمت "الآيديولوجيا"، وتأثيراتها على تناول القضايا، كعنوان للبوست. ونحتاج، بطبيعة الحال، أن نسمع من د. عبد الله علي إبراهيم، ود. عبد الله بولا، إن سمح وقتهما، حول ما أشرت إليه أنت، خاصة ما بدا لك كتناقضات، أو عدم اتساق، فيما تناولته، من طرحهما. أما حسن موسى فربما طال انتظارنا له، بعض الوقت، وأنا على اتصال به. وأرجو ان يكون دخوله إلى البورد، قريبا.
وأبدأ بما تفضلت أنت بالإشارة إليه، فيما أوردته أنت، مما جرى به قلم الدكتور عبد الله علي إبراهيم، خاصة ما جاء في مقالته، "تحالف الهاربين" والتي جرى نشرها، لاحقا، ضمن كتابه: "الثقافة والديمقراطية في السودان"، الصادر عن دار أمين بالقاهرة. وأعني هنا، تحديدا، إشارته إلى محمد المكي إبراهيم، التي تفضلت أنت بالتعليق عليها. وهي نفس الإشارة التي قلت أنا، في مشاركتي السابقة، أنني لم أستسغها، وذلك حيث قال: (( لقد سافر محمد المكي وزميله النور عثمان أبكر في رحلة إلى ألمانيا الغربية لقضاء عطلة صيف 1962 ضيفين على جمعية الصداقة السودانية الألمانية. ولقد أملت البوهيمية والشغف بالترحال على مكي أن يمد إقامته إلى عام آخر تغيب فيه عن الجامعة)). . انتهى.
لا أخفي، أنني أجد شيئا من نقص الحساسية، في الطريقة التي كُتب بها النص عاليه. فالإشارات، ولربما أجرؤ، وأقول الغمزات، لم تكن موفقة، أبدا، في هذا النص. فعبارة "بوهيمية" عبارة مشحونة بكثير من الدلالات السالبة، خاصة في ثقافة محافظة، كثقافة السودان الشمالي، والسودان الأوسط، وليت الدكتور عبد الله علي إبراهيم، استعاض عنها بعبارة أخرى، أقل شحنا، خاصة، وهو العالم بأساليب الكتابة. والإشارة إلى شخص ما، بمثل تلك الصيغة، لا يخلو من تعريض بالشخص المعني، أراد الكاتب، أم لم يرد. يضاف إلى ذلك، فإن في مضمون الإشارة، ينطوي أيضا، على تأليب لـ "الغول الإسلاموي" واستنفارٍ لأذيال خطابه الطهرانية، الكاذبة، المتمثلة، في مديري طاحونته الإعلامية، والخطابية، وفي الوعي الأخلاقي، الجمعي، الشعبي، المنفوخ بالطهرانية، غير المفحوصة. ثم على من هذا التأليب، وربما الإستنفار، مفصودا كان، ام غير مقصود؟ أعلى شاعر، وتجربة؟!! بله، تجربة قديمة، طواها الزمن، سبق للشاعر أن مشاها، وهو يتلمس خطاه، في مرحلة من مراحل نموه، الروحي، والعقلي، والنفسي، والعاطفي. وإن صح في حق، شاعرنا الكبير، ما أشار إليه، د. عبد الله علي إبراهيم، أو لم يصح، فإن شاعرنا لم يكن، ولن يكون، في نهاية الأمر، بدعا من عموم الفنانين، والشعراء! بما في ذلك شعراء، ((عربسلاميون))، كبار، ربما حسبناهم، من فرط غفلتنا النقدية، مرسلين أخيارا، وملائكة أطهارا.
لقد عاش شاعران كبيران من شعراء العربية في السودان، قسطا من حياتهما في بادية الكبابيش. وقد كان كلاهما محبا لعيش البادية، ولطبيعة البادية. ومن منا لم يقرأ قصيدة "مليط" للعباسي، وقصيدة "أم بادر"، للناصر قريب الله. والمثير لإهتمام، أن الشاعرين ينتميان للبيت الصوفي الطيبي السماني، المعروف في كل أنحاء السودان الشمالي، والأوسط. غير أنهما اشتغلا بالشعر، ولم يشتغلا بالتصوف، كآبائهما، إلا في معنى ما يشترك فيه حقلا الشعر والتصوف، من خصائص، وما أكثرها، وأعقدها من حيث التشابك، والترابط.
فالناصر قريب الله، هو بن الشيخ قريب الله، أبو صالح، الشاعر الصوفي، العارف. وأما محمد سعيد العباسي، فهو بن الشيخ محمد شريف نور الدائم، الملقب بالأستاذ، وقد كان المرشد الروحي، للزعيم التاريخي، السوداني، محمد أحمد المهدي. والشيخ محمد شريف، هو إبن الشيخ الطيب ود البشير، رجل أم مرحى المعروف. عمل الناصر مدرسا في شمالي إقليم كردفان، لفترة من الزمن. أما محمد سعيد العباسي، فقد كان لا ينقطع عن بادية الكبابيش. فهو قد كان يزورها، سنويا. وقد أثبت هذه الزيارات، الأستاذ حسن نجيلة، في كتابه "ذكرياتي في البادية".
وحين أعود سوف أحاول موضعة تجربة محمد سعيد العباسي، والناصر قريب الله، في ذات السياق الذي جرى فيه تناول تجربة المجذوب، وجماعة الغابة والصحراء. أعني سياق ((تحالف الهاربين)) من طهرانية الثقافة العربية الإسلامية، وصرامتها، إلى سماحة الثقافات الزنجية، و"تساهلها الأخلاقي"، "المفترض". وأظن أن كثيرا من الإنتقاء قد جرى في تشكيل هذه المقابلات. أعني الثقافة العربية الشمالية العربية الإسلامية الكابتة، والثقافة الإفريقية المتسامحة. فقد صحب ذلك، فيما ارى، شيء من إسقاط الجزء المنتقى على الكل، لإطلاق ما يشبه الحكم العام، الذي تعوزه أسانيد الواقع
سأقدم فيما سأقوم بعرضه، لاحقا، نتيجة لإعادةٍ زيارة قمت بها لتجربة الناصر قريب الله، ومحمد سعيد العباسي، زعما، مفاده، وجود شبه بين ما قاما به من هروب إلى بادية شمال كردفان، وبين ما قيل أن ((تحالف الهاربين)) قد قام به هربا من كبت مدائن الوسط، المحافظة. فإذا كانت جماعة الغابة والصحراء، قد يممت شطر "الدغل"، كما اشار د. عبد الله علي إبراهيم، من أجل التخفف من قيود الثقافة العربية الإسلامية الصارمة، المتجسدة بشكل كبير، في حواضر الوسط، والشمال، فقد قام الناصر قريب الله، ومحمد سعيد والعباسي، بنفس العمل، ولنفس الأسباب، وذلك حين يمما شطر بادية شمال كردفان، التي وضح لي أنها تتسم بسماحة نسبية، إذا ما قورنت بحواضر الوسط. والطريف أن ماكمايكل، يعتقد أن بادية الكبابيش، هي الأقرب إلى بوادي الجزيرة العربية!! وبناء عليه، فإن الإشارة بالأصبع إلى المجذوب، وجماعة الغابة، والصحراء، وحتى أولئك الذين لا هم لهم في الإبداع، وإنما يريدون فقط، عاصمة تسمح يتناول الخمور، إشارة إنتقائية، وتقتضي الفحص، والتدقيق، والمراجعة.
وحين أعود سأعرض لتفاصيل هذا الأمر.
سأواصل
|
Post: #46
Title: Re: شي عن العنف اللفظي
Author: Agab Alfaya
Date: 04-21-2004, 04:56 AM
Parent: #27
اخي دكتور النور قبل ان ادلف للتعليق عن حديثك الشيق عن العبادي والناصر قريب الله دعني اقف قليلا عند ملاحظتك عما اسميته بالعنف للفظي،تقول
Quote: مرة أخرى أشكر لك إعادة نشر هذا المقال المهم، في البورد. ولي، في البداية، ملاحظات على لغة خطابه، ونَفَسه، اللذين لم يخليا من نبرة حدة، وربما، من شيء من الخشونة، في بعض الأحيان. |
ان كان هناك حدة او خشونة لفظية فهي قطع شك اقل بكثير من الحدة والخشونة التي سادت النصوص الثلاثةالمنقودة ،او قل انها من وحي النصوص المنقودة، اسمح لي ان اعيد عليك بعض النماذج: يقول حسم موسي:
Quote: … لمحمد عبد الحي وشركائه نصيب الأسد في المسئولية الأخلاقية بقدر ما عبدوا الطريق لسلطة الصيارفة الاسلاموية وسوغوا مقولاتهم الغوغائية على مراجع العروبة والإسلام … " (36) ثم يطلق للسانه العنان للافتئات عليهم قائلا : " فهم قوم لم يرعوا حرمة الإبداع ولم يعوا دور المبدع كمعارض وكخارج ، وانساقوا وراء إرضاء الدولة المخدمة بغشامة لا تليق برجال في ذكائهم ، وهم يستحقون اللعنة بقدر ما تتسع الشقة بين رهافة حسهم الجمالي وغلظة تواطئهم الاجتماعي .
|
من الكلمات التي ورت في ورقتي والتي يمكن ان تعد اكثر الكلمات حدة هي كلمة تواطؤ ،و كما تري املتها نفس الكلمة التي استعملها حسن موسي هنا، ويكرر بولا نفس كلام حسن موسي:
Quote: ولا يملك د0 بولا رغم حصافته إلا أن يشايع حسن موسى في قذف جماعة الغابة والصحراء بمزيد من اللعنات بعد أن يحملهم المسئولية هو الآخر في التمهيد لولادة الغول ( الاسلاموي ) ويقول : " عليهم اللعنة بقدر ما بددوا شاعريتهم العظيمة في مراوغة حقائق الواقع الصادمة ، عندما آثروا المسكنات الغنائية الرقيقة على مراويد ومباضع النقد الكاوية الشافية . " |
اما ما جري به قلم عبد الله ابراهيم،فكثير ولا يخفي علي كل قاري النفس الحاد الذي كتب به نقده لجماعة الغابة والصحراء والذي لا تفهم دوافعه الا في اطار تصفية الحسابات او ما عبر عنه اخي هاشم الحسن خير تعبير عندما وصفه باسلوب :فش الغباين.
ساعود حديثك ذو شجون كما يقولون ،
قاتل الله العبودية يا شيخ !!
|
Post: #28
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Hashim.Elhassan
Date: 04-18-2004, 12:02 PM
Parent: #1
الأستاذ عجب الفيا لك التحية مستحقة، على جهدك المقدر في التثاقف الرفيع، و بما تبذل من رجاحة عقل و معرفة، في هذة الورقة وفي سوح المنبر . و هي تحية تستحقها مذ قرأت لك هذه المنشورة لأول مرة خلل العام 1999 - 2000 في اوراق (ندوة السودان: الثقافة والتنمية) وهو السفر الذي اراه واحداً من أهم ما انتجته مثاقفات السودانيين، الكانت فقيدة في الجماعة اللهفانة عليها و لاهثة، حتى حين مركز الدراسات السودانية تهيأ لها بالبعث، ويا ليته يتواصل . و هي كذلك تحية تتجدد مذ اعدت قراءة هذه الورقة مرات أخر، ليس آخرها على هذه الشاشة، بل في نسخة لأوراق الندوة ذاتها إستعرتها من صديق لما تناءت عني أوراقي و تنائيت عنها. ثم تراكم دينك عليّ، بتراكم نقاشاتي حول وفي محتوى هذه الورقة( كنّت بالأمارات حينها مع رفقة قد تتصل بها انت الآن..أذكر مرة سألت ...و اين هو عجب الفيا الآن..اخبرني صديقي مأمون العجيمي، انك قد تكون حللتَ ابي ظبي، بتلك الأيام ذاتها، رحلتُ عنها، وإلا لواصلتك متأدبا.. و فضل هذه الورقة عليّ يفيض إلى كوني عرفت فيها خطة النقد قبل معرفةالنص المنقود. فلمّا نقبت عن د.عبدالله علي إبراهيم في رفوف المكتبات و معارض الكتب، ما بخلت عليّ نزعته التوثيقية و اريحية تبشيره الداوي، بأطروحته ذات الجدل و باعثة بعض الشقاق.. وهاهي الطبعة الثانية من (الثقافة و الديقراطية في السودان) لا تكاد اوراقها تتلامس من فرط تقليبي فيها و إعادة النظر ( فما يعود حسيراً). وكذا اقلب في أوراق بحث حديد الناقدة هو (السودانوعروبية أوتحالف الهاربين)( من فضل هذا المنبر عليّ أن نشره د. أبكر آدم إسماعيل في واحد من خيوطه اللوذعيات) كتبه محمد جلال احمد هاشم، و هو ذروة من تفكيك الخطاب، جليّة في بابها ، و لا تزال تكشف لي عن مكنون المشفَّرات في القول و الخطابات، وعن طموحات المشاريع الكابية حيث مقاتل آيدلوجياتها مما سبق فيه حكم الزمان و متهم بإدمان الفشل الخالد .. وما تفنى عناقيد المسكوت عنه في سوداننا.. ولقد قرأتك من قبل محتفياً بكتاب علي أبي سن عن (ذكرياته و المجذوب) ..والقرين بالمقارن يذكر!!
وحفاوتي بمعرفة النقد قبل المنقود، لأنه كان تنويراً، و مفكاً لقلوووظ الشفرات المصمتة، و مفتاحاً لخبايا النص، مقرباً لما ورائياته ، فلما قرأت النص المعني كنت على بصيرة سابقة فيه وعلى بعض من هدى. و كنت قد رأيت لك حاشية تشير فيها لتعديلات وددت لو إنك تجريها علي بعض كلمات وتعبيرات حسبت أنا إنها بعض من القاسيات و نابني منها نايب( في مثل الثور الأبيض والآخر أخيه)، فذكرت لك ادباً في الإختلاف ساد كل بوستاتك الأخيرة (انا من متعقبيها بلا تعقيب) استفدت منه كثيراً، وشاهد جمِّ يبقى أدبك، على حسن الطوية، و تسامح محمودٍ . و هي (الكلمات و التعابير المفكّر في تعديلها) حتى و إن غلظ بعض لفظها فما فحشت، ما عليك، و إنما الأعمال بالنيّات. و في فقرتَي اول حديث دكتور النور المثبت فوق ، كفاية عني و زيادة في التقعيد المجيد، و مشكَّمة لجموحٍ لو انه يرعوي الجموحُ ، ونحن بعدنا(بنسنِّن) او كما قال السبّاق إلى الخير.. المهم يا سيدي الذي حدث هو، ان د.عبد الله، وبفضلك يا العجب !!أصبح عندي الناطق الرسمي بكثير من القول الرشيد( حتى لا نقول كله) من سيرة و مبحث ومآل التثاقف الأفقي و الرأسي في السودان ، وها أضحت مصائب قوم في ( خطابهم) فوائد لآخرين ، بمن يكشف عن الشيء كما هو عليه..( قديماً قال إبن الهيثم، العالم في البصر ( العلم هو معرفة الشيئ على ما هو عليه) لا كما نتمناه و لا كما يفرض علينا.. هذا، و لا يخلوا عنَّافي د. عبد الله ( كما و لا سوداني واحد في ظني) من محامل أيدلوجية، إن ثقلت يقف بعير العلم في العقبة، كما اشرت بقولة حق يا عجب الفيا . وايضاً في كتابات د. عبد الله شيئ من ميراث فش الغباين السوداني لا يكاد يخفى ( اشار له هو حديثاً في عموده "مع ذلك" عن الأستاذ عبدالله ادم خاطر) حتى تجده يسمي عموداً له في الرأي العام ( لو كنت من مازن) وهذا من بعض بيت الهجاء، غليظ في حق ذهل بن شيبان.. ومع ذلك..فإن الأعمال بخواتيمهاكما قيل، و لخاتمة (تحالف الهاربين) أو (صيغة تسع الجميع).. لي عودة .. و سلام حتى لقاء قريب...
|
Post: #29
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Dr.Elnour Hamad
Date: 04-18-2004, 08:08 PM
Parent: #28
كتب حسن نجيلة، في كتابه "ذكرياتي في البادية"، الصادر عام 1994، في طبعته الخامسة، عن دار الخرطوم للطباعة والنشر والتوزيع، عن رحلات العباسي إلى البادية، ما يلي:
((وفي عام 1932 وأنا في بادية الكبابيش سمعت عنه من البدويين السذج الذين كانوا يحبونه ويجلونه رغم أنهم لا يعرفون عن شعره شيئا، ولكنه كان يعيش بينهم كواحد منهم عدة أشهر من كل عام. كان مولعا بحياة البادية .. يؤثرها على حياة المدن، وقد جاب وديانها وسهولها وجبالها وأحياءها ولم يترك منها مكانا لم يزره ويبق فيه ردحا من الزمن يتملى جماله وروعته. وقليل من البدويين أنفسهم من جاب تلك الصحراء الواسعة مثلما فعل العباسي)) .. ص 170
ويواصل نجيلة:
((ومثلما كان نظراؤه في المدن يحاولون إقتناء السيارات الفارهة، كان همه أن يحصل في كل عام على جمالٍ صُهبٍ لم تشهد البادية في الغرب لها مثيلا ويبدأ بها رحلة من الخرطوم ترقل به وتخدي بين الفلوات، يشده آل، ويخفضه آل حتى يبلغ البادية، فيظل متنقلا بين أحيائها المختلفة حيث يلقاه أحبابه ومريدوه واصدقاؤه بحفاوة البدوي التي لا كلفة فيها ولا رياء.))
ويصف العباسي تلك الرحلات، شعراً فيقول:
لم يبق غير السُّرى مما تُسَرُّ له نفسي وغير بناتِ العيدِ من عيدِ المُدنياتي من رهطي ومن نفري والمُبعداتي من أسري وتقييديِ أثرتها وهي بالخرطوم فانتبذت للغربِ تقذف جلمودا بجلمودِ تؤم تلقاء من نهوى وكم قطعت بنا بطاحاً وكم جابت لصيخودِ نَجِـدُّ، يرفعـنا آلٌ، ويخفضنا آلٌ، وتقذفنـا بيـدٌ إلى بيـدِ
فنوقه تخرج به كل عام من الخرطوم قاصدة به ديار من يهوى ((تؤم تلقاء من نهوى)). والأَم ، هو القصد. قال المتنبي: ((فراقٌ ومن فارقت غير مُذمم، وأَمٌ، ومن يممتُ خير ميمَّمِ)) . وبيت القصيد، في رحلة العباسي مما ورد في وصف رحلته السنوية تلك، هو قوله عن نوقه، بأنهن يدنينه من "نفره" و"رهطه"، ويبعدنه من "أَسْرِهِ" و"قيده". والبيت المشار إليه، بيت مشحونٌ، ومطويةٌ فيه كثير من المعاني، والدلالات، المتعلقة بهذه الرحلة السنوية. ولربما احتاج نشر هذه المعاني، والدلالات إلى توسع، وإلى سوق كثير من القرائن، التي بغيرها لا تكتمل الصورة.
فمن هم يا ترى، أولئك النفر، والرهط، الذين يشتاقهم؟ هل هم مجرد رجال قبائل، تفصل بينه وبينهم هوة تعليمية، ومعرفية كبيرة، خاصة وهو المتعلم إبن البيت الديني الكبير، الذي عرف حياة المدن، وذاق عيش القاهرة، ودرس في مدرستها الحربية؟ أم أن هناك عالم أنثوي أيضا، اندغم ذكره في كلمات مثل، "نفر"، و"رهط"، و"من نهوى"؟ وهل يُستبعد أن تكون من ضمن مغريات ذلك الحج السنوي، علاقة ما، بصويحبات ما، يقدم مرآهن الفطري، للشاعر، سقيا يفتقدها، ويتعطش إليها؟ وهل يُعقل أن يشتاق الشاعر، لرهط من الرجال، ويعبر عن ذلك بروح النسيب، والتشبيب، وبمثل تلك العذوبة، واللوعة، اللتان لا تبينان في تعبيرات الرجال، عادة، إلا حينما يتعلق الأمر بالإشتياق الموجع، إلى الجنس الآخر؟ ثم ما هي هذه القيود، المشار إليها، وما هو ذلك الأسر، الذي أصبحت النوق بمثابة الوسيلة المُخَلِّصَةِ منه؟ هل هو قيد حوائط المدن، ورتابة نمط العيش فيها، وما يبعثه في النفس مرأى أزقتها الخانقة؟ أم هي قيود الثقافة المحافظة، وما تتضمنه من فصل بين الجنسين، ومن تضييق مديني، يفرد أجنحة رقابية مزعجة، على سوانح الوصل؟ ألا تشكل نشأة البيت الديني، والطاقية السلوكية، التي تُلبسها قسرا، نشأة البيت الديني، لإبن البيت الديني، وما يصحب ذلك من توقعاتٍ للمجتمع، على من كان ذلك حاله، طوقا خانقا، وقدرا عصيبا، يصعب الفكاك من براثنه؟. أليس ذلك هو عين ما قاد محمد المهدي مجذوب ليولي وجهه شطر الجنوب، مرسلا تلك الأمنية المتمردة على تراث الأجداد، الخانق ، المحافظ، حيث قال:
وليتي في الزنوج ولي ربابٌ، تميد به خطاي، وتستقيمُ إلى أن يقول: واجترع المريسةَ في الحواري، وأهذر، لا أُلام، ولا ألومُ وأُصرعُ في الطريق، وفي عيوني، يلوح السكرُ، والطربُ الغشومُ طليقٌ، لا تقيدني قريشٌ، بأحسابِ الكرامِ، ولا تميمُ
(لست واثقا من صحة أبيات المجذوب أعلاه، وأرجو التصحيح من الحفظة، أومن من يملك النص الصحيح)
ولقد عاش المجذوب صراعا دراميا، وسم كل حياته، بين رغبته في أن يكون نفسه، ويعيش حياته كفنان، طليق الروح، والعقل، والنفس، وبين أن يستجيب لتوقعات المحيط الإجتماعي له، بحكم تحدره من أسرة المجاذيب الدينية المشهورة في الدامر. وأشكر لك يا عجب الفيا، كونك قد لفت نظري، بمقالتك الممتازة، تلك، إلى كتاب علي أبو سن، ((المجذوب والذكريات)) الذي تفضلت باستعراضه. ولعل أهم ما ورد في تلك المقالة، إشارتك إلى أن الكتاب يمثل فتحا جديدا في أدب الإعتراف، في السودان. إذ لم يجرؤ على اقتحام باب أدب الإعتراف، في تاريخنا الثقافي المكتوب، سوى بابكر بدري. ثم جاء الدكتور، علي أبوسن، بفضل حكم الوقت، متخطيا الرائد، الشيخ بابكر بدري، في ذلك المضمار، بمسافة معتبرة.
في 11/1/1967 كتب المجذوب رسالة إلى علي أبو سن، في لندن، وكان من ضمنها ما يلي.
((واشتد البرد هذا الصباح.. وعدت مساء أمس في منتصف الليل.. وتعشيت عشاء ثقيلا. سجق، وملاح بامية، ولحم محمر .. وأنا ممعود (مريض بالمعدة). وشربت كأس كونياك، وعدت إلى داري مبسوطا.. وفتحت الباب، ونهض شبحان يسلمان عليَّ، ثم شعرت بانقباضهما.. أخي قاضي محكمة مدني الشرعية وأخ لي صغير يقيم معه.. تصور رائحة الكونياك ليلة العيد يا عزيزي.. ولم أبالِ قط، وسلمت وسألت وطيبت خاطرهما.. متعجبا، مبتسما لدهشتهما ـ سافروا في الصباح .. ليتني سافرت إلى الدامر لأرى الصالحين)) .. ص 234 انتهى
وفي 2/11/1966، كتب المجذوب في رسالة أخرى إلى علي أبو سن، في لندن، ورد فيها:
((أحسب أن الأثر الصوفي العميق الذي قام عليه سوداننا الفكري قد إمَّحى إلا من نفوسٍ تعدها على الأصابع.. وقد خطر لي أمس أن استقيل من الخدمة في الحيكومة أو الحوكومة، واصير سائحا يجوب بلاد الله.. وليس معي إلا عصا، وإبريق، وفروة،، وأقلام، وأشعار)).. ص 199
هذان نموذجان يصوران باختصار شديد، حالة الشد والجذب المؤلمة التي عانى منها أبناء الأسر الدينية السودانية في شمال البلاد، ووسطها، من الذين أصبح الشعر والفن، عاملا محركا لحياتهم. وأتصور ضغط حالة الصراع على نفس المجذوب، وهو منقسم بين إرث آبائه الصالحين، وبين تدفق نفسه، واندلاقها في أودية الشعر. ومما ورد في سيرة العباسي يشير إلى نفس حالة الصراع هذه. ولا أعتقد أن المجذوب قد كان ينظر نظرة دونية للزنوجة حين تمنى طلاقة عيشٍ رآها تتميز بها. كما لا أعتقد، أيضا، أن المجذوب متشرب بأيٍ من صور الأخلاقية الطهرانية، القائمة على الإستعلاء الأجوف بالإيمان، أو بالنقاء، أو بالعفاف في صيغته الطهرانية المتزمتة. كل ما في الأمر، أن المجذوب تمنى لو يستطيع أن ييمم شطر الزنوجة، أو قل شطر إرثه الإفريقي، الذي هو جزء من تكوينه، الجسدي، والروحي، والنفسي، والأخلاقي، والذي أضحى يحول بينه وبين ورود معينه، تلك الغواشي الوافدة، من جائحات التشدد الإسلامي، في صيغته الفقهية، الطهرانية، المغلقة. وهي غواشى شابت ممارسات البيوت الصوفية، التي لم تسعفها محدودية تعليمها، وضآلة رأسمالها الفكري، والتأملي، من التحليق في سماوات التصوف، السامقة، في بعدها الإنساني، الكوكبي الواسع.
حين أعود سوف أحكي عن نجيلة والعباسي، و"مهرب" بادية شمال كردفان، الذي مثل للعباسي، وربما للناصر قريب الله، متنفسا، وحديقة خلفية.
|
Post: #36
Title: Re: صدقت اخي هشام الحسن
Author: Agab Alfaya
Date: 04-20-2004, 03:00 AM
Parent: #28
اخي هشام الحسن لقد اسرني اسلوبك في افتراعك نهج خاص في الكتابة لا اقدر علي مجاراته ولا يسعني الا ان اقول لك كتر خيرك علي ما اتحفتني به من كلمات ارجو ان يكن لي فيها نصيب،
لقد اصبت كبد الحقيقة حين قلت :
Quote: وايضاً في كتابات د. عبد الله شيئ من ميراث فش الغباين السوداني لا يكاد يخفى ( اشار له هو حديثاً في عموده "مع ذلك" عن الأستاذ عبدالله ادم خاطر) حتى تجده يسمي عموداً له في الرأي العام ( لو كنت من مازن) وهذا من بعض بيت الهجاء، غليظ في حق ذهل بن شيبان..
|
لا يخفي علي كل متبصر ان دكتور عبد الله قد مارس هذا الاسلوب بمهارة فائقة في نقده لناس محمد المكي ومحمد عبد الله والنور وصلاح،
كنت اتنمي لو كنا التقينا تلك الايام ،تحياتي لمامون العجيمي
|
Post: #82
Title: Re: صدقت اخي هشام الحسن
Author: هاشم الحسن
Date: 04-24-2004, 03:21 AM
Parent: #36
شكراً لك منعم على أن سررت بإفتراعي و أنت الأبرع في الفن و الأطول باعاً.. و قد جاز لي التمني لو أن إلتقيتك في ايامنا تلك..كنت أشد صخباً من حالي الراهن و مناكف..!!
و لو كان في قولك!!
Quote: لا يخفي علي كل متبصر ان دكتور عبد الله قد مارس هذا الاسلوب بمهارة فائقة في نقده لناس محمد المكي ومحمد عبد الله والنور وصلاح، |
بعض المرارة!! فهاك منه في نقده لنفسه من مقالته في تقريظ عبد الله آدم خاطر التي سبقت إشارتي لها في حديث(الغباين)
Quote: يعجبني في كتابات الأستاذ عبد الله آدم خاطر مزاجه المعتدل الرائق، فكلماته التي ينشرها في «الرأي العام» تخاطب العقل وتثق فيه. وتنزل على الروح برداً وسلاما. فهو ليس مثلي (أو حتي الدكتور حسن مكي أو الدكتور الطيب زين العابدين) نصدر في أكثر ما نكتب عن خيبة في عقائدنا الأولى وأسف على خذلان الرفاق القدامي، فيشوب قلمنا العكر. |
ثم، بعد تخريمة قست على بعضهم..يقول
Quote: (هل لاحظ القارئ أنني انصرفت عن عرفاني لخاطر الى نقد الزميل اليساري.. وهذا عين العكر) |
و طبعاً يا منعم، ما من صفاء يعرف إلا بعد عكر..فهوِّن عليك في أخذه بهذه الناصية.. أما المأمون الفِصَيِّح فأظنه يتابع هذا البوست بحكم نشوقه المتأبد في الثقافي و توهطه على سرج الجدل..تصله التحايا.. و تكرم
|
Post: #30
Title: Re: كلمة انصاف في حق دكتور بولا
Author: Agab Alfaya
Date: 04-19-2004, 06:32 PM
Parent: #1
اخي واستاذي دكتور النور حمد اخي العزيز هاشم الحسن احي العزيز بشاشة
اسمحوا لي قبل ان اعود للتعليق علي مداخلاتكم ان اسدي كلمة انصاف في حق صديقي واستاذي الدكتور عبد الله بولا،
اتذكر بعد الانتهاء من القاء ورقتي التي قدمتهابالجلسة الاولي للندوة توجهت الي دكتور عبد الله بولا الذي كان قد حضر لتوه من باريس للمشاركة فتسالمنا وتعانقنا توجهنا سويا لتناول طعام الفطور وكنا ناكل ونشرب ونضحك ونسال عن حال بعض ، ثم تواصلت لقاءتنا ونحن علي هذه الحال مما اثار استغراب الكثيرين حتي ان بعض اصدقاء بولا كانوا ينظرون الي شذرا، طلب مني بولا ان اعطيه صورة من الورقة ،فعاد بعد يومين او تلاتة وناقشني فيهابكل تواضع العلماء ورحابة صدرهم وذكر لي معلومات اسمعها لاول مرة ،بل ووجه بعض اللوم لدكتور عبدالله ابراهيم في المداخلات التي شارك بها في بعض فعاليات الندوة،
كان دكتور حسن موسي ايضا من ضمن المشاركين وكانت المرة الاولي التي اتعرف فيهاعليه ،لكنه لم يناقشني في الورقة وقد عرفت فيما بعد بهذا المنبر ومن الاخ اسامة الخواض انه كتب رأيا سلبيا عن الورقة في جريدة جهنم التي يصدرها،
اما الدكتور عبد الله ابراهيم فقد كان مشاركا لكنه لم يحضر ، وقد بلغني انه مهتم بالورقة وينوي الرد عليها.
اخي دكتور النور واصل افتراعك الحديث الممتع عن الشاعريين المجيدين العباسي والناصر و قصة تعلقهما ببوادي شمال كرفان ولي مداخلة بعد الفراغ عن حديثك
|
Post: #33
Title: Re: كلمة انصاف أيضاً في حق دكتور عبد الله
Author: Muna Abdelhafeez
Date: 04-19-2004, 10:28 PM
Parent: #30
العزيز عجب الفيا..
تحاياي..
أذكر أني قرأت مقال د. عبد الله علي ابراهيم موضوع النقد.. وانا لست من مناصري الدكتور ولا من أضداده .. ولكن سبب اهتمامي بتلك المقالة جزء من اهتمامي بمدرسة الغابة والصحراء الذي كان مرده حب روحي لاشخاصها.. لم يصل إلى قناعات فكرية..
وأقول في هذا الموقع.. أني قرأت تلك المقال في كتاب به مجموعة من المقالات للدكتور عبد الله علي ابراهيم في صيف 99.. أذكر جيداً أن الذي خرجت به من هذه القالة.. أن د. عبد الله ابراهيم ما أراد من الهجوم على جماعة الغابة والصحراء .. إلا فتح النار على الأسئلة التي ليس لها اجابات في الثقافة العربية الاسلامية.. وهذا ما قصده من تحالف الهاربين - حسب تقديري- ربما كان يرى في هؤلاء (اصحاب الغابة والصحراء)أنهم الأكثر كفاءة من غيرهم لنقد الثقافة العربية الاسلامية.. لذلك كان لومه عليهم شديداً..
الذي اود ان اقوله لا توجد ثوابت في مسائل الفكر ومدارس الهوية.. وإلا ما كان الاجتهاد.. ونفس القناعة التي جعلتك يا عجب الفيا تدعو إلى قراءة المدرسة - الغابة والصحراء في ظرفها الزمي - أدعوك لقراءة مقال د. عبد الله في ظرفه الزمني وأسبابه الموضوعية..
اشيد بطريقة نقدك للمقال - فقارئ ورقتك لا يمكن ان يكون له رأي آخر سوى رأيك .. وفي هذا مقدرة في استعمال المنطق والاسلوب البسيط..
السؤال الذي اريده ..
هل انت مقتنع بمدرسة الغابة والصحراء قبل كتابة الورقة اعلاه؟؟؟ وكنت تريد ان تثبت لنفسك قبل الآخرين ان خيار الغابة والصحراء هو الخيار الامثل في مسألة الهوية؟؟
ام انك نقدت ورقة د. عبد الله ومن ثم وجدت ان الغابة والصحراء هم من على حق؟؟؟
وهل يمكن للناقد أن ينقد بنظرة حيادية بحته؟؟ أم ان وجهة نظره تؤثر على طريقة نقده ؟؟ والمسألة ايضاً نسبية - ارجو ان لا تفهم من هذا انه اتهام.. ولكني اريد ان نفتح المزيد من المحاور للنقاش.
وماذا عن الهوية الآن عندك؟؟ هل هي ما زالت الغابة والصحراء؟؟ أم انه التنوع الثقافي داخل الوطن الواحد؟؟ غابة قحة أو صحراء قحة أو غابة وصحراء معاً..
اتمنى ان يجد كل من د. عبد الله ود. بولا الزمن الكافي للمداخلات لإثراء النقاش..
معزتي
|
Post: #37
Title: Re: كلمة انصاف أيضاً في حق دكتور عبد الله
Author: Agab Alfaya
Date: 04-20-2004, 03:04 AM
Parent: #33
Quote: اشيد بطريقة نقدك للمقال - فقارئ ورقتك لا يمكن ان يكون له رأي آخر سوى رأيك .. وفي هذا مقدرة في استعمال المنطق والاسلوب البسيط..
|
د شكرا يا مني وكتر خيرك كتير
|
Post: #31
Title: صحبييييي عجب الفيا
Author: Maysoon Nigoumi
Date: 04-19-2004, 08:08 PM
Parent: #1
كل بوستاتك كالرسائل الغرامية تجعلني أساهر أجادل نفسي اسهو أو أحلم اصرخ لا بد أن ناس البورد سئموا من غزلنا المعلن على البورد طيب ماذا أقول ما كثير لا أستطيع ان أقول فأنا لم أقرأ للأستاذ عبدالله علي إبراهيم و أول عهدي به كانت منذ عودته الأخيرة في التلفزيون كان يتحدث حول الرهق الخلاق و التي أقول بكل صراحة كانت Absolutely boring عفوا ليس لدي رأي موضوعي حولها ثم كان في افتتاح مركز الدراسات السودانية كان ينتقد تجربة اليسار في السودان بالكثير من الفوضى و البديهيات اوووه سيبدو و كأني أستقل من قدره لا أستطيع...فرأي الشارع العام حقيقي يؤثر في ...فما ذكر اسمه إلا و تبعته شهقات إعجاب لذا أنا معجبة ...لكن أحتاج زول يقول لي..أعجب بشنو حتى في الصحافة....لا جديد لكن عموما ما قرأته في الأعلى لا بد أنه ينضوي تحت محاولات الإدهاش إتذكرت أنو مرادف المفكر عندنا في السودان هو المدهش!!!! يعني محمود مفكر مش لأنو قدم منهج للتعامل مع الدين لكن لأنو قال كلام مدهش حاول افصل محمود من الكلام الذي ينسب إليه و لن يسميه أحد مفكر و كذلك الترابي...لا أدري لماذا يلزمني الكثيرون هنا في السودان أن اقول الكليشيه الممل "أنا أختلف مع الترابي لكنه مفكر"!!!!!!لا تهمني كتاب الأحكام السلطانية....لا يرقى حتى لخواطر الشعراوي لكن أقول حقا أنه مفكر في شيء واحد...كل عهود الدكتاتورية هنا في السودان جاءت بالصدفة لكن الترابي هو أول من منهج الدكتاتورية في السودان يعني ادوارد سعيد و الذي اعاد طباعة الامبريالية و لاثقافة حتى عام 2000 يكون زول ساي! و الملام الحقيقي في كل هذه الزوبعة هو أكاديمينا الذين يخضعون للمجاملة و المداراة و أنا ذنبي شنو؟أ أنا التي أورث كل هذا لماذا يكون إرثي مشوها لماذا نحن الوحيدين الذين لا يمكننا حتى التأريخ الممنهج لحركاتنا الشعرية ما عندنا زاتو حركات بالمعنى الدرسناه....بدون جهد النقاد و المختصين تصبح مدرسة الغابة و الصحراء...عفوا سمعت من الشاعر محي الدين الفاتح أن هذه التسمية خاطئة فهي تيار الغابة و الصحراء في مدرسة الحداثة بدون كل هذه الجهود يصبح هذا التيار مجرد محاولات شعرية متقطعة سؤال : هل يمكن تصنيف محمد عبد الحي كبوست(ما بعد)غابة و الصحراء....صاحب مدرسة جديدة خاصة و أن المدرسة السنارية تبني على الغابة و الصحراء ولا تبدو جزء منها ديلك شكلهم زي محاولة خلق ديالكتيك أو حوار بين مكونين بينما السنارية تحاول خلق وحدة للعناصر المفككة...و من هذه الوحدة تعمل حاجة زي العين التي تبصر أو اللسان الذي يتذوق الأشياء من جديد تعليق حول تبني الأفريقانية كمخرج لتحليل المحرمات ماذا عن العري لنسائنا في الوسط العربي ...النيل الأزرق و كده و شكل العلاقة بين رجالنا و نسائنا (رقص...عفوية) المسالة مع سكر و بس Am I making sense? Sleep well bye
|
Post: #40
Title: Re: صحبييييي عجب الفيا
Author: Agab Alfaya
Date: 04-20-2004, 06:16 PM
Parent: #31
Quote: لا أستطيع...فرأي الشارع العام حقيقي يؤثر في ...فما ذكر اسمه إلا و تبعته شهقات إعجاب لذا أنا معجبة ... |
هذه واحدة من الحالات التي استهدفتها الورقة يا ميسون.
Quote: Am I making sense?
|
You are making much sense Mayso
Quote: كل بوستاتك كالرسائل الغرامية
|
دا ما غزل عديل يا ميسو !هسع ناس البورد ديل يقولوا علينا شنو؟
|
Post: #32
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: TahaElham
Date: 04-19-2004, 08:55 PM
Parent: #1
الاستاذ عجب الفيا لقد استهدفكم مرتين بالحوار مرة عندما كتبت عن العلائق بين اللغات الاثيوبية و اللغة العربية لم... حتي... تعقب علي ما كتبت . و استدعيتك للحوار حول مفهوم الدكتور امين معلوف للهوية الذي طرحه في كتابه (الهويات القاتلة) و لم تجب ايضا فاعتقدت انكم لا تريدون التعامل معي لاسباب تعرفونها انتم . حول ورقة الاستاذ محمد جلال هاشم الافروعروبية او تحالف الهاربين ادعوا لقراءاتها بمنهج الاستاذ محمد عبد الخالق ( شبح عود المؤلف) لدراسة روايات الاستاذ الكاتب العاتي الطيب صالح . يجب ان نسأل اولا من اي البني الفكرية و المنطلقات ينطلق الاستاذ محمد جلال هاشم . الدراسة معي ليس فيها ايضاح للمنهج او توضيج للثوابت و المنطلقات . و يعيب هذه الدراسة ايضا انها اوردت اجزاء من افكار العديد من المثقفين امثال الدكتور بولا المرحوم الدكتور عبدالله الطيب و الدكتور عبدالله علي ابراهيم . هذا النوع من الكتابة منحاز سياسيا و يجب مناجزته بالنظر الي تجربة قوات التحالف السودانية في المجالين الفكري ان وجد و السياسي
طه جعفر
|
Post: #34
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Dr.Elnour Hamad
Date: 04-20-2004, 01:57 AM
Parent: #32
وضح من حديث نجيلة، أن في البادية مشاهد أنثوية، وحسنا أنثويا، من النوع الذي يثير خيال الشعراء. خاصة، القادمين منهم، من مدن الوسط، التركية المنشأ، كالعباسي، والناصر قريب الله. ووضح من حديث نجيلة، أن نساء البادية يمضين كثيرا من الوقت في الخلاء، بمفردهن. فهن نساء يتمتعن باستقلالية كبيرة، وبنوع من شدة المراس، وربما شيء من ندية للرجال، لا تعرفه، بذات القدر، نساء المدن في السودان الأوسط. ويحرك كل ذلك المخيال "العربسلامي"، الشعري، وذلك بما يعيد من مشاهد، ورد ذكرها في كتاب الأغاني، وغيره من كتب التراث العربي القديمة. خاصة بعد أن أخذت الحياة العربية تنفلت، قليلا، قليلا، من قبضة الطهرانية الدينية، لتتلمس طريقها في فضاءات الفن والجمال، التي لا تزدهر إلا في أطار معقول من الحرية، والسماح.
ورد في شعر الناصر قريب الله، ما يشير إلى حرية المرأة، البدوية النسبية، واستقلالها النسبي، وبقاءها منفردة في أحضان الطبيعة، بعضا من يومها، كلما سنحت لها سوانح العمل، الذي تشارك فيه الرجال، في كثير من الأحيان. خاصة في أمور مثل، رعاية البهائم، وجلب العلف، والإحتطاب للوقود، وجمع الثمار البرية، وغير ذلك. قال الناصر قريب الله في قصيدته الشهيرة، "أم بادر":
وفتاةٍ لقيتها ثَمَّ تجني، ثمرَ السنطِ في انفراد الغزالِ
وقد أكد حالات الإنفراد هذه،الأستاذ، حسن نجيلة، في سياق آخر، حين حكى عن بدوية وجدها هو وصديق له، بمفردها، في الفلاة. وقد سألت نجيلة، بجرأة، حين رأته بهيئته المدينية على ظهر جمل، إن كان يُحسن ركوب الجمل. واقترحت أن يتسابق ثلاثتهما. وكان أن سبقتهما، وبمسافة كبيرة جداً. ويهمني من قصة تلك البدوية هنا، ما جاء فيها من وصفٍ حيٍ، خطه لها قلم نجيلة. فقد اتسم ذلك الوصف بانفعالٍ انسانيٍ، عفوي، يأسر من يقرأه. كما اتسم وصفه بحريةٍ، وتلقائيةٍ، أظهر فيهما نجيلة، تخففاً كبيراً من قيود الطهرانية، الدينية، النصوصية، المؤسسية.
كتب نجيلة في صفحة 119 من كتابه المشار إليه، عاليه، ما يلي:
((وفجأة ونحن نعلو كثيبا أغبر، برزت لنا فتاة على جملٍ (أصهب). وقد أحست بنا فتوقفت عن المسير لترى من القادم. وللبدويين فضول عجيب في تسنم الأخبار والتعرف إلى كل جديد حولهم. وعرفنا الفتاة، إنها الغفل، لفت ثوبها على خصرها في إحكام وتركت رأسها وعنقها وجانبا من صدرها دون دثار. ونهداها يمرحان في حرية فهي لا تلبس قميصا كأكثر البدويات، وسال شعرها على سالفتيها، وامتدت ساقاها السمراوتان المكتنزتان على عنق البعير والتفتا متعانقتين.. وفي يدها اليمنى سوط، ليس للرقص هذه المرة، وإنما لتحمل به الجمل ليغذ بها السير.
وعجبت ماذا تريد في هذا المكان منفردة؟ وسالها صديقي بعد أن حياها وسألها عن وجهتها، وكان بطبيعة حياته الطويلة بينهم، يعرف أهلها، وهي أيضا تعرفه. أجابت، بعد أن ردت التحية .. ضل بعير أهلي وأنا أبحث عنه. ـ قالت هذا في بساطة ويسر ـ ونظرتُ إليها ملياً، وأنا أعجب في نفسي لفتاة دون العشرين تؤدي كل هذه المهام، فهي بالأمس حول البئر تعاون في سقي الإبل وتعدو حولنا هنا وهناك، مغبرة لاهثة ـ وهي الآن وحيدة في القفر تبحث عن بعيرٍ ضال.. وهي في ساحات المرح راقصة بارعة تحتفي بجمالها وتجلوه لتأسر قلوب الشبان من حولها، وهي أمامي الآن فتاة اقرب إلى الفتي، شدة مراسٍ، وبأسٍ لا تخشى الوحدة في القفر فتجوبه منفردة)).. انتهى نص حسن نجيلة.
مشهد هذه الفتاة، كما صوره قلم نجيلة، ومقارنته لحالها، وهي تساعد على السقيا حول البئر، ثم وهي تضرب في قلب الصحراء، بمفردها، بحثا عن جمل ضال، ثم وهي متزينة، في أبهى زينتها، راقصة، بارعة، في حلبة الرقص، شاحذةً حد أسلحتها الأنثوية، لاصطياد قلوب فتيان القبيلة، إنما يشير إلى كثير من المعاني الإنسانية، في الثقافات الفطرية، التي تسمح للمرأة بالنمو الطبيعي، على مختلف الأصعدة. فهي فارسة شديدة المراس، تضرب في الصحراء، بمفردها، بحثا عن بعير ضال، وهي في احتفالات الحي، أنثى شديدة الوعي بأنوثتها، ترقص في الحلبة، بكل ما يرسله الجسد الأنثوي، الراقص، من رقة، وجاذبية. ويعيد كل ذلك، إلى الأذهان، صرخة الحياة الطبيعية، المدوية، التي سبق أن أطلقتها ولادة بنت المستكفي،من حوالي ألف عام، حين قالت بشموخ، واعتداد أنثوي مخيف، تلك القولة، "الفيمينزمية" المبكرة، التي خلدها لها التاريخ:
أنا والله أصْلُحُ للمعالي، وأمشي مشيتي، وأتيه تيها وأُمْكِنُ عاشقي، من صحن خدي، وأُعطي قبلتي من يشتهيها
الشاهد، أن البادية الغربية، قد قدمت، هي الأخرى، مرتعا لأولئك الشعراء، الذين ضاقوا بوطأة الإختناق في أزقة المدن "العربسلامية" في السودان الأوسط. إذ اكتشفوا حين أوغلوا فيها، عالما آخر، ظل خارج وعيهم المديني، المسور، بتقاليد المحافظة، وحبس النساء في الخدور، ونصوص الفقهاء، اللاصقة على بقايا جدران مدن الوسط التركية المنشأ، والهوية. وجدوا في البادية، عالماً ملؤه الجمال، والسحر، والشاعرية. وجدوا عالما بكرا، نضرا،طازجا، وملهما للخيال الشعري. وربما وجدوا فيه استجابات، وأن قلت، لقرصات الجوع الحسي، الذي تأكل ناره حشاشات الشعراء والفنانين المغتربين بفنهم في بقايا حواضر التركية الراسفة في مخلفات أغلال طهرانية الفقه المظهرية.
وجدوا في مهامه البادية القفر، جمالا، ومراحا، وبراحا، وغموضا، وفضاء ممتدا للمغامرة. قدمت لهم البادية، ببساطة حياتها، وتلقائيتها، وسلاسة مسلك نسائها، واستقلالهن، وجمالهن غير المحجوب، نوعا من الغذاء الروحي، ـ وأقول الروحي، هنا، (بكل قوة عين). وهو زاد يحتاجه الفنان، وتهفو إليه نفسه. فالفنانون، والشعراء، يتعطشون للجمال البشري، المتمثل في هيئة الأنثى. والكلف الإنساني، بالجمال وغامض دلالاته، المندغمة، في مسند الجسد الأنثوي، ليس شأنا سودانيا، أو عربيا، أو إسلاميا، وإنما هو شأن أنساني، وقد ارتبط بالفن يوم أن وُلد، وبقي معه حيثما وُجد، ولسوف يبقى معه، إلى يوم يبعثون. ولعل من غرائب انتصارات الفن على الطهرانية، الكنسية، المتزمتة، رسومات النساء العاريات في أحضان الطبيعة، التي أبدعتها أنامل رسامي عصر النهضة، من الرواد الكبار الذين تحايلوا على القيود، بطرق المواضيع الدينية، التي كانت مفروضة عليهم، على كل حال.
لقد ارتبط الفن بالجمال، وبالحس، وبالجنس، وبالشهوة، وبدلالات كل أولئك، الإعلائية، الترميزية، المنفتحة على عالم المعنى، كما هو ظاهرٌ في النسيب الصوفي، الذي لا ينفصل فضاؤه العرفاني، عن مشاهد الحس، وما يتصل به من أخيلة نفسانية. ومن لا ينظر إلى الفن، شعراً، كان، أم غناءً، أم رسماً، أم نحتاً، إلخ.، من غير أن يستصحب معه، كل هذه الإرتباطات المعقدة، المتشابكة، التي أشرت إليها، عاليه، فهو إنما يتحدث، في حقيقة الأمر، عن شيء هلامي معلق في الهواء، لا علاقة له بالإنسان، أو بعالمنا هذا. وهنا يكمن مأزق "الطهرانية" Puritanism في كل تجلياتها التاريخية، التالد منها، والطريف.
يواصل نجيلة حكيه عن يومياته مع العباسي حين يجيء في زيارة البادية، فيقول، في صفحة 173:
((وكانت نساؤهم وبناتهم من حولنا، في براءة يتقدمن إلى الشيخ العباسي ويقبلن يده في إكبار واحترام. ولقد ذكرت في كتابي (ملامح) كيف كنت أعابثه بشعر الشريف الرضي، كلما قدمت حسناء فارعة القوام ممشوقة القد، فتهوي إلى يده لتقبلها، فأنشده في صوت خفيض والسرور يشع على وجهه المشرق:
أهوى لتقبيل يدي، فقلت: لا! بل شفتي
ويشاركني الإنشاد لأبيات أخرى للشريف الرضي، في مثل هذا الموقف:
ومُقَبِّلٍ كفِّيْ، وددت لو انه، أوما إلى شفتيَّ بالتقبيلِِ (تُقرأ "لو انه" بتخفيفٍ شديد) جاذبته طُرَفَ الكلامِ وبيننا كِبْرُ الملولِ، وذلةُ المملولِ من لي به، والدارُ غير بعيدةٍ، من دارهِ، والمالُ غيرُ قليلِ؟
ولا شك أن اتفاقا من نوع ما، قد نشأ بين نجيلة، وبين العباسي، وهم يخوضان غمار تجربة عيشهما معا في تلك البيئة البدوية، الكردفانية، الشمالية. أعني اتفاقا أصبحا بموجبه، يُسَارَّانِ بعضهما بعضا، بلا كثير كلفة، أو حياء، أو تحفظ. أي أن حالة من المكاشفة، قد حدثت بينهما، أصبحا لا يستحيان معها، من التفكير بصوتٍِ مسموع، أمام بعضهما بعضا. وأكاد أجزم أن نجيلة فد أخفى أموراً، كثيرة أخرى، ربما لم يجد الشجاعة الكافية لإثباتها في كتبه. أو أنه رأى أنه ليس من المستحسن، (إجتماعيا) إثباتها.
ويمضي نجيلة ليورد الأبيات الرقيقة، التالية، عن العباسي، وهو يصور ما تجلبه له تلك الزيارات من أنس:
إن زرت حياً طافت بي ولائده، يفدينني، فعلَ مودودٍ، بمودودِ وكم برزن إلى لقيايَ في مرحٍ، وكم ثنيْنَ، إلى نجوايَ، من جيدِ لو استطعن، وهن السافحات دمي، رشفنني، رشفَ معسولِ العناقيدِ
أما الناصر قريب الله، فقد دس ما جرى بينه وبين الكاهلية، التي وجدها تجني ثمر السنط في انفراد الغزال، في تلافيف قصيدته الشديدة الروعة، "أم بادر". قال الناصر:
وفتاةٍ لقيتها ثَمَّ تجني، ثمر السنط، في انفراد الغزالِ تنمح الغصن، أسفلَيْ قدميها، ويداها في صدرِ آخرَ عالِ فيظل النهدان في خفقان الموجِ، والكشح، مفرطٌ في الهزالِ شاقني صوتها المديد تنادي، والعصافير، ذاهبَ الآمالِ إلى أن يقول: فجزا الكاهليةَ الحبُّ عني، ما جزتني، عن جرأتي، واتصالي
ولكي يتيسر لنا مزيد من الفهم لطبيعة ذلك المسرح، التي ربما غايرت طبيعته، طبيعة مدن الوسط، نعود إلى نجيلة..
حكى نجيلة، في صفحة 91، من الكتاب المشار إليه، عاليه، عن إمرأة عاشقة، شاعرة، مات عنها زوجها في حادث شجار قبلي. وقد كان يختلف إليها في خبائها:
((لست أنسى ما حييت تلك الشادية المحبوبة التي كانت تنشيء الأغاني في سهولة ويسر وفي نظم منسق يدل على الفطرة السليمة والموهبة الخارقة .. زينة بنت معافي، وقد علمت أنها ما تزال حية وإن نال منها الكبر ـ ، سنة الحياة.. وكنت أُلِمُّ بخبائها كلما احسست بإنقباض ووحشة.. أحبًّتْ رجلاً، واسعدتها الأقدار فتزوجت به، ونعما معا ثم قُتل في حادث مفاجيء مؤلم.. ووهبت حبه، وذكراه حياتها فلم يدخل قلبها رجل آخر، وذوبت مشاعرها في أغانٍ موجعةٍ تذكر فيها حبها الذي ومض في حياتها كبرق خاطف واختفى.. ووجدت في الأغاني التي كانت تبعثها جياشة تنفيسا لما تعاني من حزن عميق. وكنت إذا جئت دارها تلقاني أبوها أو أخوها، أو أمها في ترحاب بالغ صادق، وأسرعت هي إليَّ محتفيةً وجلسنا معا.. وليس في البادية هذا الإنفصال الذي يتميز به المجتمع عندنا. فالمرأة تستقبل زوار زوجها أو أخيها وترحب بهم وتكرمهم، وقد يجلسون جميعا معا. فالدار واحدة وليس بها غرف منفصلة فلا خشية ولا سوء ظن)).. انتهى ص. ص. 91-92.
واضح أن هذه البيئة، التي وصفها نجيلة، هنا، فيها كثير مما هو مختلف عن بيئة مدن الوسط، التركية المنشأ، المكبَّلَة بكثير من أخلاقيات النصوصية الفقهية. ولذلك، فيمكن القول، وربما باطمئنان شديد، أن كلف العباسي، والناصر قريب الله ببيئة بادية شمال كردفان، قد مثلا رغبة، في التخفف من قيود مدن الوسط. فالهجرة، أو "الهرب" وفق منطوق مقترح الأخ الدكتور عبد الله علي إبراهيم، لم يكن، صوب الجنوب، وحده، من جماعة الغابة والصحراء. وإنما صوب الفضاء المتفهم للطبيعة البشرية، والصديق للفن، ولروح الفنان. وهذا البراح الإنساني، متوفر على نحو ما، في حياة الجماعات الرعوية البسيطة، ممن لم تفسد عليهم مؤسسات الفقه الرسمية، أسلوب حياتهم، بخلقها نمطا للعيش عقيما، خانقا، ومفتعلا. وهذا المتنفس كان متوفرا في الريف البدوي الذي أحبه كل من العباسي، والناصر. وهو نفس الريف الذي هفا إليه قلب المجذوب، واستلهمه جماعة الغابة والصحراء في رجعاهم السنارية.
لقد أدخلت حواضر الوسط، التركية المنشأ، روحا جديدا على الحياة السودانية. روح لم تعرفه نساء الريف، في حياة الوسط. فالنساء في إقليم السودان الشمالي، لم يكن في يوم من الأيام، نساء خدور. بل قد كن نساء حقول، وسباحة في النيل، وعبور له إلى الجزائر، المتقطعة هنا، وهناك، في وسطه، سقيا للزرع، وجلبا للعلف، ومشاركة في كل جزئيات صناعة الحياة. وهذه التقاليد القديمة، في شأن الحرية النسبية للمرأة السودانية، تقاليد متجذرة، في دولة سنار، وقبلها في الدويلات المسيحية، ورجوعا حتى العهدين المروي، والنبتي. والردة التي لحقت بالمرأة السودانية، في حواضر الوسط، بفعل نمط الحياة التركي، قد تكررت مرة أخرى، على أيدي التيارات الفكرية، الطهرانية، المتزمتة الوافدة، مما مثلته الجبهة القومية الإسلامية، في كل أطوارها، منذ أن صدعت، بخطباها السلفي، الإقصائي، المنبت الجذور عن تربة السودان. وفد بلغت تلك الردة أوجها، علي أيدي الجبهة القومية الإسلامية السودانية، إبان حقبة نميري الأخيرة، وفي بدايات حكم الإنقاذ الحالي، حين أصبح من واجبات الشرطة أن تسأل أي رجل وإمراة ضمتهما مركبة، أو جمعهما مجمع، عن وثيقة زواجهما، أو ما يثبت أنهما من ذوي المحرم!! ورغم ذلك الكلف السلفي، والتمثل للنموذج السعودي، فقد خرجت الحياة السودانية، من براثن الغول الإسلاموي. فوقف مبهوتا، محتارا.
الشاهد أن البراح، والسماح، وكفل حق النمو للأفراد، دون تعمد للحفر في ضمائر العباد، ودون ارتباك أمام ما هو أصلا، من طبيعة الحياة، خاصية تغلب عليها الروح الإفريقية. وما من شك، أن إسلام إفريقيا، لم يعد هو إسلام جزيرة العرب. لقد روًّض الأفارقة إسلام الصحراء، ومَدَّنُوه. فعلوا ذلك وهم يأخذونه من أيدي المتصوفة، لا من متون الفقه الصفراء. وهذا حديث ربما طال، وأتركه حين أجد الوقت لزيارة مالي، وتمبكتو القديمة، وربما بعض الفضاءات السنغالية، والموريتانية..
حين أعود سأعقب على ما تفضل به الدكتور عبد الله علي إبراهيم من ضرورة خلق مساحة للسماح في داخل الثقافة العربية الإسلامية، به تتسع دوائر الحرية الشخصية، والحرية السياسية، بدلا من "الهروب" إلى أفياء الثقافات الأخرى. وهذه دعوة سديدة، رغم ما يمكن أن يساق فيها من ملاحظات، لا تمس جوهرها كثيراً. وبالتالي لا تنقص من قدر تلك الدعوة. وهذا يجر إلى الساحة، وبالضرورة، فكر الأستاذ محمود محمد طه، الذي أرى أن الدكتور عبد الله علي إبراهيم، قد تجنب الخوض فيه كثيرا.
|
Post: #35
Title: Re: الاخ العزيز طه جعفر طبعا دا ما ممكن يحصل
Author: Agab Alfaya
Date: 04-20-2004, 02:04 AM
Parent: #1
كتب الاخ الاستاذ طه جعفر يقول
Quote: الاستاذ عجب الفيا لقد استهدفكم مرتين بالحوار مرة عندما كتبت عن العلائق بين اللغات الاثيوبية و اللغة العربية لم... حتي... تعقب علي ما كتبت . و استدعيتك للحوار حول مفهوم الدكتور امين معلوف للهوية الذي طرحه في كتابه (الهويات القاتلة) و لم تجب ايضا فاعتقدت انكم لا تريدون التعامل معي لاسباب تعرفونها انتم .
|
بالله ياطه انت تاريك شايلوا قدر دا وانا ما عارف
يا اخي قول بسم الله دا كلام شنو دا ؟
بس عشان تعرف انو كلامك ما صاح عليك الله راجع بوست الحبشية والعربية في ارشيف 2003 او في مقالات مميزة حتلقي ردي عليك ،
اما احالتك الي امين معلوف فلا اذكر في اي بوست كانت،الشي المؤكد هو انني لم اقرا لك كلاما من هذا القبيل، بحث محمد جلال جري حوله نقاش في هذا البورد لمدة طويلة وسوف احاول انزاله مرةاخري لو امكن
ثق يا اخ طه انني لا احمل لك سوي المودة والاحترام ولا يوجد اي سبب يجعلني اغلق ابوب الحوار دونك، اتذكر اننا التقينا ايام الندوة بالقاهرة مع محمد عبد الخالق، تحياتي له
|
Post: #38
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: osama elkhawad
Date: 04-20-2004, 05:41 AM
Parent: #1
الاخ الفيا حتى نستعدل النقاش ارجو توضيح الاتي:
ذكرت ان بولا وحسن موسى هم ايديولوجيون في فهمهم للثقافة السودانية
وذلك من خلال نفيهم للمكون العربي الاسلامي
وحسب معرفتي بكتاباتهم فهم اساسا كانوا ينتقدون الايديولوجيا
فارجو توضيح هذه النقطة
المسالة الثانية انك قلت ان عبدالله على ابراهيم ينفي المكون الافريقي في
الثقافة العربية
وانا اعتقد ان هذا ليس صحيحا ولا يمكن ان يصدر من مفكر وكاتب بحجمه
مهما اختلفنا حول ارائه
فارجو توضيح هذه النقطة ايضا
وارقد عافية
المشاء
|
Post: #41
Title: Re: وكيف تكون آلايدلوجيا يا اسامة؟
Author: Agab Alfaya
Date: 04-20-2004, 07:37 PM
Parent: #38
يا اهلا وسهلا بالاخ اسامة الخواض بدات حديثك قائلا:
Quote: حتى نستعدل النقاش ارجو توضيح الاتي:
|
لا اظن ان النقاش به اي عوج ،حتي الان، يا اخ اسامة، فكل المتداحلين جاءت مشاركاتهم في صلب الموضوع
Quote: ذكرت ان بولا وحسن موسى هم ايديولوجيون في فهمهم للثقافة السودانية
وذلك من خلال نفيهم للمكون العربي الاسلامي
وحسب معرفتي بكتاباتهم فهم اساسا كانوا ينتقدون الايديولوجيا
فارجو توضيح هذه النقطة
|
تقول يا اخ اسامة " حسب معرفتي بكتاباتهم،فهم اساسا كانوا ينتقدون الايديلوجيا" اي كتابات تقصد؟ اناهنا اتحدث عن نصوص معينة ومحددة جدا اوردتها واشرت الي المصادر التي اخذت منها هذه النصوص ، انا هنا انطلق من نصوص ولا انطلق من خلفية معرفتي المسبقة ببولا وحسن موسي واظن هذه من ابجديات القراءة ، وانت سيد العارفين،
لا احكم علي النص من شخصية صاحبه وخلفيتي عنه وانما احكم علي ما يقوله النص. هل تحتاج مني ان اذكرك بنظرية موت المؤلف وما جرته علينا من نكد؟ رغم راي الذي تعرفه فيها، اعتقد انني تحدثت باسهاب من داخل هذه النصوص عن البعد الايديولوجي الذي قاد ثلاثهم الي التناقضات التي انتهوا اليها، ها هي نصوص عبدالله بولا وحسن موسي واجهها اعد قراءتها بدون قناعات مسبقة ثم تعال واثبت انها لا تنطوي علي اي قدر من الايدولوجيا وانا اكون سعيد بذلك.
Quote: المسالة الثانية انك قلت ان عبدالله على ابراهيم ينفي المكون الافريقي في
الثقافة العربية
وانا اعتقد ان هذا ليس صحيحا ولا يمكن ان يصدر من مفكر وكاتب بحجمه
مهما اختلفنا حول ارائه
|
تقول يا اخ اسامة:"وانا اعتقد هذا ليس صحيحا" انت تتحدث عن قناعات وعقائد مسبقة وهذه هي آلايدلوجيا في قمتها، وانا اتحدث عن نصوص صريحة وقاطعة،و لا تحتاج الي اي تاويل ولا اظن ان هنالك ضرورة ان اعيد عليك هذه النصوص فهي اوضح من الشمس والمسالة لم تقف في حدود النصوص بل تعدتها الي المواقف العملية، المشكلةانك وضعت صورة معينة في ذهنك تحولت هذه الصورة الي عقيدة،او قل الي ايدولوجيا وبالتالي فانت غير مستعد ان تسمع اي شي من شانه ان ينال من تلك الصورة المثاليةاو يصطدم معها، وهذه مشكلة القطاع العريض من قوي اليسار الماركسي الذي لا يزال يراهن علي عبدالله ابراهيم باعتباره المفكر الناطق باسمه رغم كل شي , اليس هذا هو الاستلاب بعينه ؟وكيف تكون الايدلوجيا اذن يا اسامة؟ مع احترامي الشخصي لعبدالله ابراهيم ممثلا لنفسه،
ارجو ان تعيد قراءة الورقة بذهن مفتوح ،ونحن في انتظارك
|
Post: #39
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Elmosley
Date: 04-20-2004, 12:43 PM
Parent: #1
فوق
|
Post: #42
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Agab Alfaya
Date: 04-20-2004, 07:41 PM
Parent: #39
دائما فوق يا الموصلي ومشتاقين كتير
|
Post: #43
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: AbuSarah
Date: 04-20-2004, 09:09 PM
Parent: #1
الاستاذ عجب الفيا
تحية طيبة،،
رغم اني ما زلت متتبعا قراءة هذه الورقة النقدية والتي يكنني ان اسميها " نقد النقد" ، الا انني اقدر جهدك البناء في تأسيسها.
لي اراء حولها كثيرة من منظور اجتماعي بعيدا عن الايدولوجيا الحزبية سوف اتحدث عنه لا حقا بعون الله الا اني اود ان الفت الانتباه وبعيدا عن النظرة الاعتذارية الانشدادية تجاه نقد من سبقونا لماذا لا يكون استقدامنا لحلقات من النقد بقدر ما تقتضي مسيرة واقع السودان الثقافي والاجتماعي اليوم....
هل حين اجتمع نخبة من الجنوبيون في ادير عام 1992م ليقيموا تجربة الجبهة الاسلامية في سياق علاقة السودان الشمالي بالجنوبي وخلصوا " الى ان السودان قد تطور في اتجاهين افتراقيين ، هما العروبة في الشمال " متوجة في نظام الانقاذ وشريعته" والزنوج في الجنوب " ممثلة في حركة الرفض التي تقودها الحركة الشعبية" هل كان هذا التوصيف خاطئا بمعطيات الواقع التي افضت الى ما يسمى بتقرير المصير.... وهل هذا يمكن ان يصنف بناءا على رؤيتك في مقدمات قراءتك اعلاه بانه ايديولوجيا ام ان هناك واقع اجتماعي وحراك هوية حقيقي افضى الى مثل تلك المواقف شمالا وجنوبا...
هل الواقع السوداني بعافية الى درجة ان كل من يطالب بتفكيكه او اعادة تشكيل العقل فيه يعتبر بغير واقعي وانه مجرد ايدولوجيا اواتوبوبيا؟ وصف المؤرخ الغربي الشهير ارنولد توينبي وصف حالة السودان حين سؤل عنها في الثمانينات بقوله " ان مشكلة السودان هي مشكلة افريقيا التي تنقسم على نفسها قسمين" في اشارة واضحة بان الخلية البيولوجية السودانية شمالها وجنوبها شرقها وغربها لم تخلو تماما من المؤثرات الجينية افريقية كانت او عروبية هذا على مستوى العرق البشري الذي لم يجد له نقاء في عالم اليوم سواء كان حاميا او سامياخاصة في شمال السودان.
اوروبا وامريكا التي تبدو اليوم نموذجا رائعا في تطبيق نموذج للدول التي تقوم على مبدآ المواطنة وصلت لهذا الحال بعد جهد جهيد بغض النظر عن مسالة الحروب بل هناك سجال فكري نقدي عنيف ركز حول الاسس التي تقوم عليها الدولة : فهل اس الاساس في ذلك هو العرق ام اللون ... اللسان ... ام هو ارادة العيش والبقاء بناء على روابط التاريخ والمصير المشترك بين مكونات تلك الدولة بتنوعها.
الاعتزاز بعرق او نقائه لا يمكن ان تتجرد منه النفس البشرية ولذا كنت دوما وما زلت اقول فيما يتعلق بحالة السودان لا نريد عربيا ان يتجرد من عروبته مثلما لا يسرني ان يتنكر زنجيا لزنجيته فان حدث هذا فهذا يعني ان هناك وطن زائف لا يقوم على هوية معترف بها ومتصالح معه في الذوات الفنية لمواطينه.... فليعتز الكل بمكنونه على مستوى ذاته عشيرته قبيلته ولكن عليه ان يتواضع حين يتعلق الامر بالدولة السودانية التي ينبغي ان يفتخر المرء بكل ما هو متمبيأ في ارضها من انسان وثقافة.
اتمنى ان تواصل في ورقتك لتخاطبك معطيات الواقع الراهن المتشظي منذ يونيو 1989م والذي افرز اشكاليات عديدة المطالبة بتفكيكها لا يصنف في خانة الايديولوجيا بقدر ما هو ينصب في خانة الحراك الاجتماعي ووفق قوانين التطور الطبيعي للعقل السوداني ووعيه وادراكه بضرورة التعايش في وطن اسمه السودان له هوية غير متنازع فيها شرقية كانت او غربية....
ودمتم
ابوساره
**************************************************************** مكتوب لك الدهب المجمر تتحرق بالنار دوام
|
Post: #44
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Alia awadelkareem
Date: 04-20-2004, 11:03 PM
Parent: #43
فوق
|
Post: #45
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: haneena
Date: 04-21-2004, 01:30 AM
Parent: #44
الاخ عجب الفيا والمتداخلين شكرآ لهذا البوست والنقاش الراقي
قرأته منذ البداية وشاركت بالصمت
لكم الود شكرآ عجب الفيا مرة أخري
|
Post: #50
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Agab Alfaya
Date: 04-21-2004, 06:00 PM
Parent: #45
الاخت العزيزة حنينة نورت والله شكرا ليك علي الطلة والمتابعة الرصينة وعارفك ما بتقصري يا نبع الحنان
الاخت الاستاذة عالية يا الف مرحب بالزيارة وسوف نردها قريبا ودائما نشوفك فوق
|
Post: #51
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Agab Alfaya
Date: 04-21-2004, 06:06 PM
Parent: #43
Quote: الاعتزاز بعرق او نقائه لا يمكن ان تتجرد منه النفس البشرية ولذا كنت دوما وما زلت اقول فيما يتعلق بحالة السودان لا نريد عربيا ان يتجرد من عروبته مثلما لا يسرني ان يتنكر زنجيا لزنجيته فان حدث هذا فهذا يعني ان هناك وطن زائف لا يقوم على هوية معترف بها ومتصالح معه في الذوات الفنية لمواطينه.... فليعتز الكل بمكنونه على مستوى ذاته عشيرته قبيلته ولكن عليه ان يتواضع حين يتعلق الامر بالدولة السودانية التي ينبغي ان يفتخر المرء بكل ما هو متمبيأ في ارضها من انسان وثقافة.
|
فتح الله عليك اخي ابو سارة هذا ما رمت اليه الورقة تحديدا وبعد ان تكمل قرائة الورقة سوف يتضح لك ذلك، ارجو متابعة بقية الردود لجلاء الامر اكثر
|
Post: #47
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: osama elkhawad
Date: 04-21-2004, 05:47 AM
Parent: #1
Quote: ان تيار الغابة والصحراء وقع ضحية لسلطة الخطاب الانثروبولوجي الكولونيالي –ذي التمركز الاوروبي- في تبنيه لمفهوم "البدائية". ولم ينج من تاثير ذلك الخطاب مفكر انساني مثل الاستاذ محمود محمد طه وسنبين ذلك في حينه.
|
اولا دعوني اعلن رايي في تيار الغابة والصحراء , والذي لم يصدر بيانا ابداعيا يوضح رؤيته للعالم و الثقافة السودانية والابداع.
فعلى الصعيد الابداعي ارى ان له مساهمة شعرية رفيعة, لكنه كمشروع ثقافي يتسم بالاختزالية التبسيطية للمكونات المتعددة والمتشابكة للثقافات ولا اقول الثقافة السودانية. فهو حصر المسالة كلها في تيار عروبي واخر افريقي .
واحيانا كثيرة كان ذلك" الافريقي" يعني فقط جنوب السودان كما في حالة محمد المكي ابراهيم . والذي يعتقد ان بالجنوب ثقافة واحدة وليست ثقافات متعددة. ويعود ذلك في جزء كبير منه كما ا وضح ذلك مقال عبد الله على ابراهيم الى ان تيار الغابة والصحراء وقع ضحية لسلطة الخطاب الانثروبولوجي الكولونيالي –ذي التمركز الاوروبي- في تبنيه لمفهوم "البدائية". ولم ينج من تاثير ذلك الخطاب مفكر انساني مثل الاستاذ محمود محمد طه وسنبين ذلك في حينه.
كما ان تيار الغابة والصحراء تيار غير ديمقراطي من خلال تبنيه لفكرة البوتقة والتي اشار اليها بالمعية مدهشة عبدالله على ابراهيم في مقاله الذي اغضب الفيا. واسمحوا ان استصحب في المرات القادمات التجربة الامريكية الثرة في مجال التعددية الثقافية. وساعود في حينه لتبرير اهمية ومبرر ذلك الاستصحاب.
اعتقد ان ورقة الفيا لم تنجح في التدليل على فرضية من الفرضيات التي تبنتها الورقة. والفرضية تتعلق بقراءة بولا وحسن موسى ذات الطابع الايديولوجي و التي تسعى الى" التقليل من وربما نفي المكون العربي الاسلامي".
ببداهة المنطق لا يستقيم هذا الكلام لان الكاتبين اصلا محسوبان على الجماعة العربية الاسلامية. وقدر من بسالتهما المعرفية تاتي من ذلك الاعتبار.
وبالرغم من ذلك الانتماء الثقافي بحسب النشاة الا انهما ما قصرا ابدا في فضح المركزية الثقافية العربية الاسلامية. كما ان لحسن موسى تجربة في استلهام الحرف العربي في نصوصه التشكيلية. وارجو ان يقوم التشكيليون مثل النور حمد وبولا بالقاء الضوء على تلك التجربة . فمبدع مثل هذا لا يمكن ان يقلل من قدر الثقافة العربية الاسلامية او ينفيها كمكون من مكونات الثقافات السودانية.
ان الاستشهادات التي اوردتها الورقة لا تشير من قريب ولا من بعيد الى نية بولا وحسن موسي للتقليل من او نفي المكون العربي الاسلامي. لكنها في المقابل تكشف الاسس الايديولوجية المستترة لتيار الغابة والصحراء وتطور ذلك التيار.
واذا كانت ورقة عبد الله علي ابراهيم " الجليلة والفريدة والسديدة " كما يرى بولا وحسن موسى بحق, قد حللت الاسس الواهية والجذور اللاواعية في الخطاب المؤسس لتيار الغابة والصحراء,فان بولا وحسن موسى كانا ينقدان ذلك التيار في تطورة , وهذا مقام جليل من مقامات البحث لم تنتبه اليه ورقة الفيا .
وقد اشار بولا وحسن موسى الى ما ال اليه حال ذلك التيار حين اندلعت الحروب الثقافية وانهار نموذج" المصهر". فما كان من رموز ذلك التيار الا الانحياز الى" الصحراء", تاركين" الغابة وهي تحترق".
واعتقد ايضا انه حتى على المستوى الابداعي فان رموز ذلك التيار تبنت خيار الصحراء وسنعود لذلك في وقت اخر كما سنتناول الاضافة التي قدمتها ورقة عبدالله على ابراهيم , وفي ذلك اصدر من اتفاق مع بولا وحسن موسى حول اهمية هذه الورقة. وهذه مقاربة تختلف مع الفكرة الاساسية التي انبنت عليها ورقة الفيا
ارقدوا عافية المشاء
|
Post: #48
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Bashasha
Date: 04-21-2004, 06:21 AM
Parent: #1
والله يا اخوانا واخواتنا حتسهلوا الموضوع شوي لو كل متداخل ورانا بالاول هو جاي من وين، في موضوع هوية السودان كشعب .
بلاحظ في تغليب شديد للجانب الابداعي للمذكورين في ورقة الاخ عجب، مما يبعدنا قليلا عن موضوع الهوية.
الاخ اسامة اتمني تشرح لينا ماهية الثقافة العربية في السودان. من جانبي هذه مسلمة لا اساس لها من الصحة. ثقافة السودان افريقية بحتة مع تأثير عربي عرضي، تسرب الينا مع الاسلام عامة والاسلام السياسي تحديدا.
|
Post: #49
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Dr.Elnour Hamad
Date: 04-21-2004, 07:27 AM
Parent: #48
وُلد العباسي عام 1880، وحين اندحرت جيوش المهدية في كرري، أمام حملة كتشنر، عام 1898، كان عمره 18 عاما. وبعد عام من احتلال كتشنر للخرطوم، أرسله والده، الشيخ محمد شريف نور الدائم، إلى الكلية الحربية في القاهرة، إستجابة لطلب من كتشنر. وحين عاد العباسي، من بعثته في القاهرة، عاد إلى حياة التتلمذ الصوفي على أبيه، وظل يصحب أباه في جولاته بين أم درمان، وبين بادية الكبابيش. وكان أبوه يقوم بتلك الجولات، في الأرياف البعيدة، بحكم أنه شيخ، الطريقة السمانية. وحين توفي والده، في 1907، كان عمر العباسي 27 عاما. ويبدو أن رحلاته مع أبيه، كمريد، وتلميذ في طريق التصوف، قد تحولت، بعد وفاة والده، إلى رحلات شاعر، عرف بالتجربة، أن في تلك البادية متنفسا، وبراحا، لم يعرفهما في مدن الوسط. ((راجع كتاب، "في الأدب السوداني المعاصر" للدكتور، حسن أبشر الطيب. الطبعة الأولى، 1971، الدار السودانية. ص. ص. 32-33)).
الشاهد أن كثيرا ممن نشأوا في بيوت صوفية، أصبحوا شعراء. وذلك بحكم ارتباط التصوف، والبيوت الحاملة لإرث التصوف، بالأدب وباللغة، وبالقراءة، والكتابة، وبالتراث في عموم أشكاله المرقومة. يضاف إليهما التراث الشفاهي المروي الذي تحفظه، وتداوله البيوت الصوفية، جيلا، بعد جيل. فالوجدان الصوفي، والوجدان الشاعري، مخلوقان من مادة واحدة، فيما أزعم. والشاعر الكبير، والصوفي الكبير، يتشاركان مساحة كبيرة جدا، فيما يتعلق بالقدرة على التعرف على مواطن الجمال في المحيط، في مما يلي الهيئات العينية، والتجسيدات، ومما يلي المعاني، وما ينجذب نحوها، من طرف الهيئات، والتجسيدات، والتعيينات، وهي تتسامى وتتحول إلى دلالات ترميزية، إعلائية. ولا غرو أن أصبح كل من العباسي، والناصر قريب الله، ومحمد المهدي مجذوب، شعراء كبارا. فكلهم نشأوا في بيوت صوفية كبيرة. غير أن عالم الشعر اجتذبهم بحريته، وأنسه، وحلاوته، وقلة تكاليفه. في حين طردهم عالم التصوف، بجفافه، ووحشته، وكثرة تكاليفه، وصرامته. فكان أن هجروه، على الرغم من أنه كان تراث آبائهم، وأجدادهم. وقد مال المجذوب، بحكم نشأته الصوفية، إلى الأستاذ محمود محمد طه، في شبابه، وأصبح من الأعضاء الأوائل في الحزب الجمهوري، غير أنه، سرعان ما ابتعد عن حركة الجمهوريين، وعاد للعيش، في عوالمه الشعرية. وسوف أبحث في صلة المجذوب بالجمهوريين، وتأرجحه بين الشعر، وبين عالم الأستاذ محمود محمد طه، في سانحة أخرى. وربما أفعل ذلك، في سياق كتابي آخر، منفصل.
كتب الدكتور حسن أبشر الطيب، في كتابه المشار إليه عاليه، ما نصه:
((فد تغزل العباسي غزلا ماديا، دفعته إليه ظروف الحرمان والتزمت الشديد الذي عانى منه جيل العباسي عامة، ورفقاء العباسي، خاصة الذين نشأوا نشأته الدينية المتصوفة الملتزمة لقواعد أخلاقية صارمة في السلوك. وقد كانت البادية أحسن حالا في الإعتراف بهذه العاطفة الإنسانية إذا قورنت بالمدن في ذلك الحين، لأن طبيعة الحياة فيها تجعل اختلاط الفتيات والفتيان أمرا مألوفا مقبولا)).. انتهى نص الدكتور حسن أبشر الطيب.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا، ما الذي جعل حواضر الوسط محافظة، بل، وربما متزمتة، في حين بقي الريف أقل تزمتا. ويبدو أن المنطقي، والمنسجم، في مثل هذا الوضع، هو أن يكون العكس. أي أن يكون الريف متزمتا، والحواضر منفتحة. فلو سلمنا بتلازم ظاهرة المدينة، فيما نفهمه عنها، من ارتباطات، عضوية، بكثرة المعارف، وباتساع الأفق، يضاف إلى ذلك أنماط الإنتاج ـ كما يحلو للماركسيين ـ ثم الإختلاط بالأجناس، والثقافات الأخرى، فكيف إذن صارت المدينة محافظة، بل ومتزمته، وظل الريف، وهو مظنة العقائد، والتشدد، أكثر سماحة، وأكثر اعترافا بالحياة الطبيعية، وأكثر فسحا للمرأة في ممارسة الأنشطة، وفي الحركة. خاصة وأن الريف الذي أتحدث عنه، ليس الريف الإفريقي الأصيل، الذي ظل محافظا على منظومة ثقافته القديمة، وإنما الريف ((العربسلامي)) في السودان الشمالي، والأوسط. وقد كنت اسمع من ابي الذي وُلد مع نهاية المهدية، قصصا، وصورا عن ريف منطقة ودالترابي، التي تبعد خمسين ميلا جنوب الخرطوم، تجعل هذه الريف المجاور لأكبر حواضرنا، لم يكن يختلف، فيما يخص وضع المرأة، وحركتها، وزيها، عما ورد من وصف لبادية الكبابيش، وغيرها من بوادي شمال كردفان.
في الأوضاع الطبيعية، تنشأ المدينة، عادة، كامتدادا طبيعي، للريف الذي يحيط بها، ولكن في طور جديد. ولذلك فإن السمات التي تميز ذلك الريف الذي تمخض عن تلك المدينة، تنتقل بصورة من الصور، إلى تلك المدينة. الشاهد، أن هناك حلقة مفقودة، فيما يخص عاصمتنا، وما يخص حياة "الصفوة العربسلامية" الممسكة بمقاليد الأمور، في منطقة الوسط. هذه الحلقة المفقودة، هي التي تفسر هذا الوضع المقلوب. أعني، مدينة، وصفوة متزمتة، وريف متسامح ونمط حياته، طبيعي. خاصة أن ريفنا يشارك مدينتنا عموميات الثقافة الإسلامية، وغيرها من المؤثرات الشرق ـ أوسطية، الأخرى.هي تخرج من
ويقود هذا السؤال في تقديري، إلى إعادة فحص التأثيرات التركية، على المدينة السودانية، الحداثوية. والمدينة السودانية الحداثوية، هي نبت تركي، في الأساس. وقد ارتبطت البيوت الصوفية بالحكام الأتراك، في حقبة ما قبل المهدية، وارتبطوا ببقايا تلك الحقبة التي استمرت في حقبة الحكم الثنائي. وقد تنازل الصوفية، فيما أرى، عن كثير من إرثهم الصوفي، وتشربوا الكثير من رؤية الفقهاء، والوعاظ، والرسميون، من رجال الدين.
من ينظر إلى مدينة سواكن، التي هي مدينة تركية، يرى تمددا تركيا أصيلا، في نسيج الحياة السودانية. فمعمار سواكن هو معمار، ثقافة الحريم، و"السلملك"، و"الحرملك"، و"المشربيات" المعلقة على صفحات الأبنية، في الطوابق العلية، والتي تبدو ناتئة مثل صندوق خشبي محلي بزخارف الرابيسك. من هذه الشرف المغطاة بشبكة خشبية متقاربة الجزيئات، ترقب النسوة المحبوسات، والمحجوبات وراء الجدران، الشارع من حيث يرين العابرين، ولا يراهن العابرون. وقد جاءت التركية إلى السودان بفقهائها، ووعاظها، وقضها وقضيضها من الدين المؤسسي الرسمي، في نسخته العثمانية, ولا أستبعد أن يكون كل ذلك الجيش من الوعاظ الرسميين، وغيرهم من رجال الأغدارة الدينية، ممن كانوا يظنون أن أهل هذه البلاد التي أتوا إليها، (السودان) قوم وثنيون، وعلى ضلال بعيد. وربما حسبوهم أباحيين، ولا يعرفون تنظيما لعلاقاتهم. ويجب ألا يغيب عن بالنا أن الإسلام العثماني، المتزمت، هو ذات الإسلام، الذي قاد أتاتورك، أن يوغل في التطرف، في الوجهة الأخرى، ميمما شطر أوروبا، تاركا الإسلام وراء ظهره، ومعه حروف اللغة العربي، ذاتها.
أما أريد أن أخلص إليه هنا، أن المدينة السودانية، وذهنية الصفوة التي أدارت مقاليد المدينة السودانية، شيئان وافدان، أو على اقل تقدير، تغلب عليهما السمات الأجنبية، التي ليس لها امتداد، متجذر في المساق التاريخي، الذي أنتج هيئة الريف السوداني، كما نعرفها. والمدينة السودانية، التركية، والمدينة السودانية الإنجليزية المصرية، مدينتان منقولتان، من سياق حضاري، وثقافي آخر، Transplanted. وإلى تلك البداية غير الطبيعية لمدينتنا، ترجع تخلقات جدلية المركز والهامش، عندنا. تلك الجدلية التي تشعبت، واستشكلت، وتشابكت دوبها. وهذا ما قاد لكي يصبح سؤال الهوية لدينا، سؤالا شائكا، ومحيرا، وربما مملا.
يبدو أنني لن أتمكن من مناقشة دعوة الدكتور عبد الله علي إبراهيم، هذه المرة، كما وعدت. وذلك، فيما يتعلق بضرورة استخراج مساحة للحرية السياسية، والحرية الشخصية، من داخل الثقافة العربية الإسلامية. وقد أـشرت في المرة السابقة، أن هذا النهج ظاهر في معالجة الأستاذ محمود محمد طه. واشرت غلى أن الدكتور عبد الله علي إبراهيم، قد أشار إلى تلك الوجهة، وذلك، بدل أن نهرب، بعيدا، لنتفيأ ظلال ثقافات أخرى ضمها وطننا. غير أن الدكتور عبدالله علي إبراهيم، أغفل ذكر مساهمة الأستاذ محمود محمد طه. ولا أعرف أحدا سار في الوجهة التي تحدث عنها، الدكتور عبدالله، بمثل ما فعل الأستاذ محمود. ومع ذلك، لم يشر الدكتور إلى ذلك الإسهام، في ذلك السياق، ولا مجرد إشارة. وهنا موضع لتساؤل، وربما لملامة، إن سمح لي الدكتور عبد الله.
لم أف بذلك الوعد، بالحديث في تلك الوجهة التي تفضل الدكتور عبد الله علي إبراهيم، باقتراحها على من أسماهم "تحالف الهاربين. غير أنني سوف أوفي بذلك الوعد، حين يوصلني مسار الكتابة إلي هناك. وعلى الرغم من أنني لم أوفِ بوعدي الأول، هذا، فهانذا تأخذني غوايات الكتابة إلى قطع وعدا آخر، وذلك بالحديث عن محاولة اليسار، إحداث إنقلاب ثقافي، "أروربي التوجه" في الشمال، عن طريق استخدام بندقية الحركة الشعبية. فقد فشل اليسار عبر تجربته المطربة، في حواضر الشمال، في زحزحة البنية الثقافية "العربسلامية" في الوسط، وفي خلخلة دعاماتها المنغرسة في تربتي السلطة والثروة. وقد ظلت هذه البنية تعيد انتاج نفسها، متمددة في الريف، الذي لم تكن لها فيه مواضع قدم كبيرة. تمددت هذه البنية، في العقود الثلاث الأخيرة، بهوية المدينة التركية، العثمانية، المنقولة، لتمحو كثيرا من معالم الهوية الأصلية، التي ظلت باقية في الريف، منذ العهد المروي، وعبر الممالك المسيحية، ومرورا بسلطنة الفونج.
وسأواصل
|
Post: #54
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Bakry Eljack
Date: 04-21-2004, 10:32 PM
Parent: #49
الاخ عجب الفيا وبقية الحضور هنا
ظللت اتابع هذا الحوار منذ بواكيره,
اعتقد ان الدراسة تتمتع بالتماسك والموضوعية فى عمليات الحفر التى تميزت بها و ان كنت اتشكك فى ان مفهوم مدرسة او تيار الغابة والصحراء تجاه مسألة الهوية كان بهذا النضج الذى اظهرته فى دفاعك عن رؤيتهم ومدي مقاربتها للواقع.
اما فيما يخص كتابات الدكتور عبد الله على ابراهيم فاعتقد انه من الكتاب المثيرين لكثير من اللقط , اما انا بدوري بالرغم من اننى قرأت الكثير للدكتور الا اننى وحتى هذه اللحظة لا ادري منطلقاته و كيفية صياغته لمقدماته النظرية التى دون ان يبرهن على سلامة بناءها فاذا به يخلص للنتائج, وفى نظري ان كتابات عبد الله على ابراهيم على الاقل فى نظري كقاريء عادي من نوع الكتابات المائية التى ليس لها لون ولا طعم ولا رائحة كالوصف الفيزيائى للماء بل هى يصعب الامساك بها و التنبؤ باتجاهات الكاتب.
قرأت للدكتور عبد الله على ابراهيم مقالا قبل ايام فى سودانايل بعنوان السهم فى كنانته كنت احاول ان انقل منه جزئية, تحدث فيه عن تجربة الاستاذة فاطمة احمد ابراهيم وفى خضم المقال بدأ يتحدث عن تامر المستعمر على علمنة الدين الاسلامى و عن دور الاستعمار فى تغييب دور الدين , وفى ظنى ان الدكتور عبد الله على ابراهيم ان ما يقوم به اقل ما يوصف به انه من المبشرين الجدد لمشروع ثقافى احادي ثقافته الاسلاموعربية و مقدسه الاسلام الذى لا ادري ان كان سينتهى بنا الى الاسلام المدرسى ومن ثم الاسلام السياسى ام الاسلام الشعبى او الصوفى.
اما موضوع الهوية و بالرغم من اننى قرأت معظم ما كتب فى هذا الاتجاه الا اننى ما زلت اعتقد ان الموضوع لم تقدم فيه البحوث والدراسات التى تعادل حجم الانفس التى ذهبت كضحية لحالة الاستقطاب الهويوي ان جاز التعبير و التى يعيشها السودان منذ قيام الدولة الحديثة صنيعة وموروثة الاستعمار. ساظل اتابع الحوار وربما ادلو بدلوي حينما يكمل ما بداه دكتور النور و الاستاذ الخواض . وقبل ان اغادر لا بد لى ان اشيد بالمجهود العظيم الذى بذل فى هذه الدراسة اخى عجب
ولى عودة
بكري الجاك
|
Post: #56
Title: Re: الداعية الجديد ..والغيبوبة الثقافية
Author: Agab Alfaya
Date: 04-22-2004, 05:39 AM
Parent: #54
يا اهلا وسهلا بالاخ الاستاذ بكري الجاك حقيقة افتقدناك في الفترة الاخيرة خلصت في حدثك عن عبدالله ابراهيم الي القول :
Quote: وفى ظنى ان الدكتور عبد الله على ابراهيم ان ما يقوم به اقل ما يوصف به انه من المبشرين الجدد لمشروع ثقافى احادي ثقافته الاسلاموعربية و مقدسه الاسلام الذى لا ادري ان كان سينتهى بنا الى الاسلام المدرسى ومن ثم الاسلام السياسى ام الاسلام الشعبى او الصوفى.
|
هذه هي بالضبط الحالة التي يمثلها عبد الله ابراهيم الان، وهي حالة لم تبدا اليوم ،بل مهد لها منذ كتاباته الاولي ، وهجومه علي الافروعربية كان احدي تجليات هذه الحالة، لذلك لم يكن غريبا ان يصف طرحهم لرد الاعتبار للمكون الافريقي بالمؤامرة العلمانية لتفكيك الشريعة الاسلامية وتحجيم الانتماء العربي الاسلامي ،
ارجو ان تكون قد قرات سلسلة مقالاته في الدفاع عن تطبق الشريعة والقضاة الشرعيين وتقريعه للاستعمار الانجليزي لتطبيقه القانون المدني بدل قوانين الشريعة الاسلامية،وهذه المقالات يعتبرها هو شخصيا من اعظم الاعمال التي انجزها وقد تفرغ لها خصيصا ، هذا ما ذكره لنا في جلسة مصغرة ضمتنا في ابو ظبي قبل نحو عامين،
رغم كل ذلك وناس اسامة الخواض لسع عايشين في غيبوبة ثقافية، يزمرون ويطبلون وما عارفين الي اين تقودهم الزفة ؟؟!
|
Post: #52
Title: Re: تناقضات الخطابات الثلاثة بين النفي والاثبات !
Author: Agab Alfaya
Date: 04-21-2004, 08:40 PM
Parent: #1
الاخ اسامة الخواض الاخ بشاشة الاخ دكتور النور كل الاحباب المتابعين والمساهمين
نبعت فكرة هذه الورقة من ملاحظة ان كل او معظم المساهمات او الخطابات التي تتصدي للحديث عن مسالة الهوية السودانية،تنطلق من نظرة احادية ، تمثل بعدا واحدا وتهمل او تتنكر لبقية الابعاد المكونة للذات السودانية في عمومياتها الكلية. فذووا النزعات والتوجهات العربية الاسلامية لا يرون سوي البعد العربي الاسلامي .بينما لا يري ذوي النزعات والتوجهات الافريقية ومن شايعهم من العلمانيين واهل اليسار ،لا يرون سوي البعد الافريقي ويابوا ان يعترفوا بالبعد العربي الاسلامي ،والذي ينظرون اليه كمعوق لمشاريعهم الحضارية. وحيث ان النظرة الاحادية هي دائما نظرة غير واقعية وغير علمية ،لانها تعكس تتطلعات وطموحات صاحبها اكثر مما تعكس الواقع،لذلك وصفناها بالنظرة آلايدولوجية. ولا يسلم من هذه النظرة الايدلوجية ، غير الواقعية حتي كبار الكتاب والمنظرين في قضايا الثقافة السودانية،الذين صاروا رموز ثقافية يشار اليهم بالبنان، وقد تجلت هذه النظرة الاحادية بشكل اكثر سطوعا في خطابات ثلاثة من اشهر وابرز كتاب القوي الديمقراطية والتقدمية ،وهم :الدكتور عبدالله علي ابراهيم والدكتور عبد الله بولا والدكتور حسن موسي.
من هنا ندلف للاجابة علي تسآؤلات واعتراضات الاخ اسامة الخواض ، يقول اسامة:
Quote: اعتقد ان ورقة الفيا لم تنجح في التدليل على فرضية من الفرضيات التي تبنتها الورقة. والفرضية تتعلق بقراءة بولا وحسن موسى ذات الطابع الايديولوجي و التي تسعى الى" التقليل من وربما نفي المكون العربي الاسلامي".
|
قبل ان نعلق علي فرضية بولا وحسن موسي دعونا نبدا بفرضية عبد الله علي ابراهيم نفي المكون الافريقي عن سكان شمال السودان او من وصفهم بالجماعة العربية المسلمة بالشمال"
يبدا دكتور عبدالله بالاعتراض علي الفرضية التاريخية بان سكان شمال السودن هم عربة افارقة او افارقة استعربوا ويقول ان هذه مقولة غير صحيحة روج لها المستشرقون للاساءة للسودانيين ثم روج لها من بعدهم الكتاب السودانيين من امثال يوسف فضل ،وحامد حريز وحيدر ابراهيم ، لذلك لا يري في محاولة الغابة والصحراء لرد الاعتبار للمكون الافريقي في هوية سكان شمال السودان سوي مؤامرة لتحجيم انتماء السودان للعروبة والاسلام ، حيث يقول :
Quote: " الآفروعربية في نظر دعاتها هي عمل واع لاستعادة الدم الأفريقي . " ثم يضيف مباشرة : " وقد قصدت هذه الاستعادة للدم الأفريقي أن تحجم بوعى انتماء السودان الشمالي للعروبة … " |
ويضيف
Quote: " وقد قصدت هذه الاستعادة للدم الأفريقي أن تحجم بوعى انتماء السودان الشمالي للعروبة … " |
ويضيف
Quote: " … فدعاة الآفروعربية لم يلقوا وهم في ريعان الشباب من ثقافاتهم العربية الإسلامية ما يروى غلتهم من الحب والتعبير ، فاضطروا إلى الهرب بأجندة الريعان والشغف إلى فردوس أفريقي مطموس في تكوينهم الأثنى .. |
ويضيف
Quote: " لا تهدف الأفروعربية إلى تحجيم الانتماء العربي الصريح وحسب بل إجراء تحسين جذري للمكون العربي الإسلامي عن الذاتية السودانية . " ويضيف " … فاستعادة التراث الأفريقي في نظر الآفروعربيين ، ليست مجرد تصحيح لمعادلة مختلة وإنما المقصود منها هو تهريب أجندتهم الاجتماعية والفكرية إلى الثقافة العربية الإسلامية الغبشاء المتشددة بقصد حملها على التلطف والسماحة . " |
ويضيف
Quote: " أنهم أرادوا من خلال استردادهم المكون الأفريقي .. أن يدسوا مشروعا خاصا بهم في تفكيك محرمات الحضارة العربية الإسلامية التي سدت على يفاعتهم منافذ الأشباع " |
ويضيف
Quote: " وعندي اجمالا أن خلع وتحجيم الهوية أو الثقافة العربية هو إما غش ثقافي أو يأس " |
اذن وضح الان ان عبد الله ابراهيم ينفي اي مكون افريقي في الذات السودانية لسكان شمال السودان ،ويصفه بانه واقع مطموس لا وجود له وان اي محاولة للزعم بان هنالك مكون افريقي يرد الاعتبار له ما هي الا دعوة للبوهيمية والغرائزية والعلمانية ! ومن هنا ياتي موقفه المناهض لجماعة الغابة والصحراء التي تقول ان هنالك مكون اخر في الذات السودانية بخلاف العنصر العربي وهو المكون الافريقي ينبغي الاعتراف به ورد الاعتبار اليه،
نفي المكون العربي الاسلامي :
اماموقف حسن موسي وعبدالله بولا،المناهض للغابة والصحراء فينطلق من وجهة نظرة مغايرة تماما لوجهة نظر عبدالله ابراهيم ،اذ انه يقوم علي فرضية تقول بتبني الغابة والصحراء الكامل للثقافة العربية الاسلامية ، يقول حسن موسي :
Quote: " أن مشكلة مشروع الهوية في مساهمة الغابة والصحراء هي أنه مشروع يقوم على الرجوع " ، ولكنه " رجوع ملغم بخيار ثقافي مسبق هو خيار الثقافة الإسلامية " |
ويقول بولا :
Quote: " أن مشروع جماعة الغابة والصحراء لدى الوهلة الأولى يبدو متماسكا معافى من أدواء المركزية الذاتية للثقافة العربية ، بيد أن النظر الفاحص يكشف رؤى الثقافة العربية بكامل عدتها وعتادها في أجندة هؤلاء الشعراء وفي تعبيرهم . |
فيا للمفاجاة ! ان اتهامات عبدلله ابراهيم للغابة والصحراء تتحول الي دفاع في وجه اتهامات بولا وموسي والعكس صحيح، فبينما حسن موسى وبولا ينعيان على جماعة الغابة والصحراء تمسكها بخيار الثقافة العربية والإسلامية بكامل عدتها وعتادها ، ويريان فيها تكريسا لهيمنة الثقافة العربية الإسلامية وتمركزها ، يرى د0 عبد الله على إبراهيم النقيض من ذلك تماما ويقول أن جماعة الغابة والصحراء تعمل على دس مشروعها العلماني في تفكيك محرمات الحضارة الاسلامية وإنها ما هي إلا محاولة يائسة وغش ثقافي يهدف إلى خلع السودان عن الانتماء لثقافته العربية ومحيطه الإسلامي .
فما هو سبب هذا التناقض ؟
السبب النظرة الايدلوجية الاحادية الجانب ! فكلا الطرفين يعجز ان يري الرؤية الرمادية التعددية،فيري الاشياء اما سوداء او بيضاء، فعبدالله ابراهيم لا يريد ان يري الاخر، غير العربي في المكون الثقافي والاثني لانسان شمال السودان، وحسن موسي وبولا ،لا يرضيان عن الغابة والصحراء الا اذا شطبت من اجندتها اي مرجعية للثقافة العربية الاسلامية!! لذلك وبكل بساطة يحمل بولا وحسن موسي جماعة الغابة والصحراء مسئولية المشروع الحضاري للجبهة الاسلامية/ الانقاذي ،فقط لانهم قالوا ان السودان بلد عربي افريقي ،لذلك لا يستحقون سوي اللعنة .
Quote: " … لمحمد عبد الحي وشركائه نصيب الأسد في المسئولية الأخلاقية بقدر ما عبدوا الطريق لسلطة الصيارفة الاسلاموية وسوغوا مقولاتهم الغوغائية على مراجع العروبة والإسلام … " |
ويقول بولا:
Quote: " عليهم اللعنة بقدر ما بددوا شاعريتهم العظيمة في مراوغة حقائق الواقع الصادمة ، عندما آثروا المسكنات الغنائية الرقيقة على مراويد ومباضع النقد الكاوية الشافية . " |
اما دكتور عبد الله ابراهيم الذي قال في افريقيا ما لم يقله مالك في الخمر فلا يلقي منهم سوي التبجيل والتقديس !ولتذهب افريقيا الي الحجيم!
اظن وضح الان يا اسامة الخواض نزعة بولا وموسي، نفي المكون العربي والاسلامي ، مثلما وضحت من قبل نزعة عبد الله ابراهيم لنفي المكون الافريقي ، ومن هنا جاء ت النتيجة التي خلصنا اليهافي مستهل الورقة : "وبالرغم من أن مساهمات هؤلاء الثلاثة د0 عبد الله بولا وحسن موسى في مقاربة سؤال الهوية يمكن أن تندرج جميعها تحت خانة القراءات ذات الصبغة الأيديولوجية الا انها تقف علي طرفي نقيض في نزعتها الايدولوجية. فبينما تقف قراءة د0 عبد الله على إبراهيم بنزعتها الرامية لنفى المكون الأفريقي على الطرف الأيمن تقف قراءة كل من حسن موسى وبولا في سعيها للتقليل من وربما نفى المكون العربي الإسلامي ، على الطرف الأيسر ."
ومع كل هذه التناقضات لا يملك حسن موسي الا وان يصف ورقة عبد الله ابراهيم بالسديدة ،ولا يملك بولا الا ان يصفها" بالجلال والفرادة "
المراجع : انظر الورقة ونواصل
|
Post: #53
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: osama elkhawad
Date: 04-21-2004, 09:56 PM
Parent: #1
رغم اعتراضي على الكيفية التي اولت بها ورقة الفيا ما اوردته من اراء لبولا وحسن موسى حول تيار الغابة والصحراء, الا انني ساكتفي بايراد ما سعت الورقة لاثباته , وما قاله الفيا ردا على ما قلناه بخصوص اخفاق الورقة في اثبات تلك الفرضية
فالورقة تقول الاتي تقف قراءة كل من حسن موسى وبولا في سعيها للتقليل من وربما نفى المكون العربي الإسلامي ، على الطرف الأيسر
ورد الفيا علينا يحكي عن فرضية معاكسة لفرضية الورقة حين يقول:
اماموقف حسن موسي وعبدالله بولا،المناهض للغابة والصحراء فينطلق من فرضية تقول بتبني الغابة والصحراء الكامل للثقافة العربية الاسلامية
وهذا الخلط الغريب مدعاة لان يقوم الكاتب باعادة النظر في فرضيته تلك
اما بخصوص مقال عبدالله على ابراهيم فاعتقد ايضا ان الورقة لم توفق في فهم منطق المقال القائم كما قلنا على فضح العقلية الشبه استشراقية للخطاب النظري لتيار الغابة والصحراء ووقوعه اسير الخطاب الانثروبولوجي الكولونيالي والذي لم يسلم من سلطته حتى الاستاذ محمود محمد طه
وساعود للكلم عن التاويل الخاطئ للورقة لكل من اراء بولا وحسن وموسى وكذلك اخفاقها في القراءة المتانية لمقال عبد الله على ابراهيم الرائع والذي تعتقد ورقة الفيا ان كل من يشيد به يقول ذلك من باب المجاملة
وارقدوا عافية
|
Post: #55
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: yumna guta
Date: 04-22-2004, 04:24 AM
Parent: #53
لى فوق لانى مستمتعة جدا بالبوست ده رغم انى باقرأ كل يوم منه صفحة واحدة بس
الله يديك العافية يا عجب الفيا و بقية الاخوة و الاخوات المشاركين
|
Post: #57
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Agab Alfaya
Date: 04-22-2004, 05:42 AM
Parent: #55
الاخت العزيزة يمني جودة وجودك معانا يسعدنا شكرا للمتابعة الرصينة
|
Post: #58
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: osama elkhawad
Date: 04-22-2004, 06:06 AM
Parent: #1
الاعزاء المتداخلين والمتابعين
سلام
ارى ان نحاول ان نملك المتابعين للبوست مقال عبدالله على ابراهيم موضوع الخلاف بيننا انا وعبدلله بولا وحسن موسى ومن اشادوا بالمقال من ناحية والاخ العجب من ناحية اخرى
لقد اضعت نسختي واحاول الان ان اعثر عليها وسط اكوام من الورق والفواتير
فارجو ممن له الامكانية لنشر المقال في البوست ان يسدي لنا فضلا سيمكن المتداخلين والمتابعين على حد سواء من متابعة الحوار بشكل اكثر معرفية
اقتراحي ينطلق من ان مساهمات بولا وحسن موسى معروفة على الاقل بالنسبة لجيلنا وقد اثبت تلك المعرفة في ترحيبي ببولا واكد قولي الروائي الحسن بكري
وعندما حاولت ان انبه العجب لتلك المعرفة بدا يتحدث عن موت المؤلف وهي مقولة غير صحيحة لكنه يريد ان يقول انني قلت ما قلت فقط لانني اعرف المؤلف او المؤلفين
لقد خاض العجب في سيرة" موت المؤلف" لبارت بمنحى مغاير تمام لما قصد اليه بارت وبتاثير من بعض الاكاديميين العرب ممن لا يعرفون بارت وما قاله يشبه تماما مقالته عن اصداء السيرة في اعمال الطيب صالح وساعود للتعليق في وقته حول عدم معرفته الكافية بالامر
وارى انه اي العجب ليست له خلفية كافية عن كتابات بولا وحسن موسى
والا ماقال ما قاله من اراء خاطئة حول موقفهما من الثقافة العربية الاسلامية
كما ان ما اورده العجب له علاقة بما تجاهلته الورقة اي موقف بولا وحسن موسى من سيرورة تيار الغابة و الصحراء وموقفه من التغيرات الاجتماعية والحروب الثقافية وورقة الفيا تتجاهل تطور تيار الغابة والصحراء في التاريخ
اشدد على ان ايراد مقال عبدالله على ابراهيم مهم
لان القراءة الخاطئة كما في حالة ورقة العجب تنتج فهما خاطئا عند القراء ممن لم يقراوا مقال عبد الله على ابراهيم
وايضا اهمية الامر تنبع من ان العجب الى الان يتهرب من التعليق على ما قلته عن تاثير الخطاب الانثربولوجي الكولونيالي في الصياغة النظرية المتهاكلة لتيار الغابة والصحراء من خلال مساهمة محمد المكي ابراهيم تاثيرالخطاب الانثربولوجي حتى على" الخطاب المحمودي"
كما انه اي الفيا تهرب من راينا حول عدم ديمقراطية تيار الغابة والصحراء من خلال تبنيه اي التيار لمفهوم البوتقة او المصهر كما يرى عبد الحي
وقد اشار مقال عبدالله علي ابراهيم الى ان تيار الغابة والصحراء تبنى مفهوم ان السودان هو بوتقة تنصهر فيها كل المفردات الثقافية في ثقافة جامعة ما .
وقد تجاهلت ورقة الفيا ورده الاشارة لما قلناه عن "البوتقة" مما يكشف عن قراءتة الخاطئة لكل من خطاب بولا وحسن موسى ومقال عبدالله على ابراهيم
اعتقد ان النور حمد تنبه الى ما قاله عبد الله على ابراهيم حول عسف الثقافة العربية الاسلامية ومساهمة الخطاب المحمودي في مناهضة عسف تلك الثقافة
واتمنى من النور حمد ان يتحدث لنا عن موقع الخطاب المحمودي من تيار الغابة والصحراء باعتبار ان الخطاب المحمودي في حدود الفهم العام له يندرج ضمن "الصحراء" المهم ارقدوا عافية
المشاء
|
Post: #59
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: هاشم الحسن
Date: 04-22-2004, 06:50 AM
Parent: #1
الأخ عجب الفيا و المتداخلات/ين الكريمات والكرام سلامات أخي شكراً على الترحيب الكريم في حديقة القول هذه و في الحقيقة إني لمحتفٍ بنفسي إذ هي تمرح في ساحة للتفاكر الحميد، حال هذه الساحة، وفيها تتثقف و يمتلئ خاوي وفاضها.. كنت قد و عدت بالرجعة مهتديا بقراءة أخرى في المقال بعيد الغور خالصاً إلى خاتمته الموسومة (صيغة تتسع للجميع)، وفي المقالات المتوازية و المتقاطعة معه. ثم سبتني المداخلات الثرة من جميع المتداخلين حتى سرحت مع غزلانها أبعد من أم بادر و حَمْرَتيها.. ثم في اطلاعة قارئة، وجدت مدخلاً لعودتي، كالعرجا لي مراح النُصاح، يلزمها ما تتوكأ عليه، في قول للاستاذة منى عبد الحفيظ من مداخلتها عاليه (وماذا عن الهوية الآن عندك؟؟ هل هي ما زالت الغابة والصحراء؟؟ أم انه التنوع الثقافي داخل الوطن الواحد؟؟ غابة قحة أو صحراء قحة أو غابة وصحراء معاً..) !! فقلت في دخيلتي ، والله سؤالها في محله !!، الرجل من أهل البحث و التنقيب و حفّار عتيد، ربّما غيّر رأيه منذ 1999 وما عاد يتبنى الورقة بما هي عليه، ومن كانوا في مثل حاله ، هُم على قلق، كأن الريح تحتهم عاصفة...نعلت الشيطان من كل بد، و تذكرت أنني متجه للفكرة ، دون المفكر، لأناقشها بخضّم من عدم إقتناعي بها، و محض مخاضة ضحلة من الفكر العليل ( وما نحن إلا من بلد قالت عن مدهشيه (أو مفكريه)، ميسون النجومي الثائرة في صدق يكاد لا يصدق من شدة صدقه ( وإن أحسسته حامضاً و حارقا... و لكن، كما الليمون و الشطة )، ( إتذكرت أنو مرادف المفكر عندنا في السودان هو المدهش!!!! و أنا ذنبي شنو؟أ أنا التي أورث كل هذا لماذا يكون إرثي مشوها...) وقالت ( ما عندنا زاتو حركات بالمعنى الدرسناه....بدون جهد النقاد و المختصين تصبح مدرسة الغابة و الصحراء.. بدون كل هذه الجهود يصبح هذا التيار مجرد محاولات شعرية متقطعة)فبصمت على هذا بالعشرة ، ثم حمدت الله ان قيض مثل نقدك هذا الزي العجب لمثل ذاك النقد الإبراهيمي السنين في نقد الآفروعروبية للواقع و من ثم فرارها عنه إلى الحلم كمثل شغل الملامتية مع الظاهر و إسماعيل مع الربابة... ولكن.. هكذا، تتسلسل المعارف من الجهالات و الأنوار من الظُلم ، ويتناسل الفكر ، فلا يعود المفكر هو (الغرائبي و المدهش) فقط..إنظر حُسن صدفة إتفاقها (ميسون) في الإشارة، مع عبد علي إبراهيم في كيف قتل غياب النقد و تطبيقه الفكر العظيم لمحمود محمد طه و احال كل الحفر و الهدم و البناء الجمهوري إلي حولية سنوية في إحياء ذكرى التنفيذ.. طبعاً لا يقلل إتفاقها معه في الحته دي من حقها عندي في أن تحسبه مع الرجال الجوف المحشُوَّة رؤوسهم بالحشيش أو كما جاء في قول توماس ستيرنز إليوت الشهير.. و لو لي ان أزيد على قول ميسون لقلت : وما كان لها( الغابة و الصحراء) ان تصبح أكثر من مدرسة في الشعر السوداني الحديث ، ولا أن تضحى آيدلوجيا ( الآفروعربية) أو مشروعاً و خطاباً بين الخطابات المتصارعة و بي محامينها كمان !!، لولا مثل هذه ( هذه الورقة التي نناقشها ، كمثال) و هاتيك المحاولات ، لتقعيدها في نثريات النقد التي تستهدف العقل و ليس الذائقة ، و من ثم ، الحملات الإستكشافية إلى تراثيات الأثنوغرافيا و الأنثروبولوجيا الإستشراقية الكانت النائمة كغولٍ عجوز قبل غنائيات التروبادوريين العظام.. فأيقظوه و حالفوه على النصر . فلم ينتصر لهم ولا لنفسه..لأنو زمانو فات و غنايو مات بعد فاطنة السمحة ما استوطنت السودان و المحلّقون كترو... و من ثم تلت ذلك مقالات الساسة المثقفين أو المثقفين الساسة من بلاد المبتلين بالأيدلوجيات!!.فأرتبطت ، ما كان مجرد شعر يحلم باليوتوبيا السياسية في بلاد من صراع و غبائن ، بمعنى الآيدلوجيا و بكونها مشروعاً و خطاباًلابد أن يجد من الكواهل ما يتحمل العبء و الرسالة، و من الحطابين من يحتطب فيه قطعاً ناجزاً ، ليبني بيت خطابه الخاص أو مجرد حسادة!! ..فقط كما سيرة الآيدلوجيات.. في الفقرة الأولى من فصل الخاتمة ( صيغة تتسع للجميع) نفى منعم عن الآفروعربية كل رابطة لها بالأيدلوجيا( المبهوتة مابعد حداثياً) أو بالخطاب من حيث تعلقه بالأخيرة، أو بحالة كونها مشروعاً، في صيرورتها الخارجة عن عباءة الشعر إلى بزّات الأفندية و طموحاتهم الحداثية في بلد يستغرقه عناق التكوينات و البنى القرووسطية، الأكثر من حميم، لأحبولات الجغرافيا السياسية و التواريخ المستقطَِبة و مستقطِبَة...قالQuote: (والحقيقة لا توجد قراءة في توصيف الهوية السودانية ، أصدق من قراءة جماعة الغابة والصحراء ذلك لأنها تنطلق من الواقع العياني الملموس وتتطابق معه . وبالتالي يمكننا أن نصف هذه القراءة بأنها قراءة معرفية وليست أيديولوجيـة . لذلك فأن وصفها بأنها (مشروع أو خطاب ) يمكن أن يعد وصفا غير دقيق . فالأفروعربية عند جماعة الغابة والصحراء ليست تصورا نظريا لما يجب أن تكون عليه الهوية السودانية بقدر ما هي توصيف لما هو واقع فعلا . وأي توصيف بديل للآفروعربية لا يعدو أن يكون ذو بعد واحد يقوم على نفى الآخر . فإذا قلنا مثلا أن السودان بلد عربي خالص العروبة فلا يستقيم ذلك إلا بنفي العناصر الأفريقية ، وإذا قلنا أنه بلد أفريقي خالص الأفريقانية لا يستقيم ذلك إلا بنفي العناصر العربية الإسلامية . ولا مخرج إلا بالإقرار بالبعدين العربي والأفريقي في بنية الهوية السودانية .) |
التشديد من عندي!! وفي الحق، عندي، أن كل سيرة الأفروعروبية هي سيرة الآيدلوجيا الكليمة كمن سبق ويلحق. عدم تجسدها في ملكوت الحزب و الدولة لا ينقص من ذلك شيئاً...!! وفي بعض تعريف الأيدلوجيا جاء أنه: (إنها تفكير يتبلور في منظومة مفاهيمية حول المجتمع البشري، بناه ، و ماهياته و آليات وأتجاهات حركته من ماضٍ ما إلى المستقبل . هذه المنظومة المفاهيمية، بما توفره لمجموعة بعينها ، من أسس معرفية، وطاقة الدفع اللازمة لتحقيق أهدافهم ومصالحهم، غالباً ما تعبر عن نفسها في فكر سياسي يتحدد شكلاً في كيانات حزبية تسعى في تكتيكات الحصول على السلطة، وتخطط لكيفية و غائية إستخدامها. وعادة ما تكون قيمة أومعيارية أخلاقية ما ، كامنة في جذور أي آيدلوجيا)... هل يمكننا الإتفاق ان ليس كل الفكر صحيح و ما كل ما يتمناه المرء يدركه!! وأن بعض الأيدلوجيات الكانت، أو لم تزل ، في حكم المؤودة من البداية في الشروط الموضوعية /العلمية / المعرفية، أو لأنها خديجة!!! أو فقط لأنها لم تفارق نوعها في الحلم إلى محكم التفكير أو إحكام العلم و اواصل
|
Post: #61
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Dr.Elnour Hamad
Date: 04-22-2004, 07:26 AM
Parent: #59
لا تضم المكتبة السودانية، في سؤال الهوية، أدبا موسعا، حسب علمي، بقدر ما تضم أوراقا، نتلقفها من هنا، تارة، ومن هناك، تارة أخرى. والأوراق لا تصلح لبناء المفاهيم المُعَقَّدة المُقَعَّدة، فالورقة البحثية، والمقالة الصحفية، لا يمكن بحكم طبيعتهما، أن تحملا أكثر من إشارات هنا، وهناك، لما يريد الكاتب، التأسيس له. وربما جاء الوقت الذي يجب أن نتجه فيه إلى مناقشة مشكل الهوية، بشكل موسع. أعني بشكل يستصحب معه إعادة لقراءة تاريخنا، الذي كُتب بشكل فيه الكثير من الإبتسار. ولكي أضرب مثلا، لمثل ذلك الإبتسار، أسوق مثلا، من واقع حالي. فلقد تلقيت تعليمي في السودان، منذ الإبتدائية، وحتى لحظة التخرج من كلية الفنون، وأكملت في ذلك ستة عشر عاما من (الزحيح) المتواصل من درج، إلى درج، ومن فصل إلى فصل، ومن مدرسة إلى مدرسة، ولم أعرف، رغم كل تلك السنوات، من الدرس، والتحصيل، شيئا ذا بالٍ، عن سوبا، وطامة الخراب، التي حلت بها، في عام 1504. وما من شك، أن القرن السادس عشر، لا يمثل تاريخا موغلا في البعد، إن نظنا إليه بمقياس التاريخ للزمن. ويكفي فقط، أن نعرف أن ما جرى لسوبا قد حدث بعد أكثر من ألف عام، من البعثة المحمدية. ومع ذلك، فنحن نعرف عن تفاصيل الحياة في الجزيرة العربية، قبل الإسلام، وبعده، أكثر مما نعرف عن سوبا التاريخية، قتيلة القرن السادس عشر، والتي تقع على بعد عشرة أميال جنوب عاصمتنا الخرطوم!!
ربما لا يعرف أكثريتنا، نحن الذين تلقينا تعليمنا، في ظل مناهج التعليم في السودان، في حقبة ما بعد الإستقلال، عن حياة أهل سوبا، وثقافة أهل سوبا، سوى أن إمرأة داهية، من طراز ساحرات الأساطير، إسمها عجوبة، قد لعبت دورا محوريا، في خراب تلك المدينة. ويبدو أن تحالف العنج والعبدلاب قد قضى على تلك المدينة قضاء مبرما، فلم يُبق من آثارها شيئا، يهتدي به الدارسون. هذا إن كان للدارسين في بلادنا، إهتمام أصلا، بسيرة مدينة مسيحية، نزل عليها البلاء ضحىً، فأختفت من وجه البسيطة!
يضاف إلى ذلك أن التاريخ عندنا قد ظل، ولا يزال، يُكتب بوعي آيديولوجي، إسلامي، مُسْتَبْطَنْ. وأذكر أننا عندما كنا صغارا، كنا معجبين بخراب سوبا تلك، بمعنى من المعاني، وكنا متحالفين مع العنج، والعبدلاب. ومن درسونا، كانوا يدرسون الآيديولوجية الإسلامية، الحربية الإستئصالية التي لا ترى بأسا في أن يقتحم الإسلام حصون المدن، (غير المسلمة) ويحيلها إلى حطام، وربما رماد. وكل هذا بحاجة إلى مراجعة، إن أردنا أن نفهم تاريخنا، على نحو يعيننا على عيش الحاضر، في أبهى تجلياته، ورؤية المستقبل، ببصر حديد. نريد أن نعرف كيف كان الناس يعايشون بعضهم بعضا، مسلمين وغير مسلمين، عربا، وافدين، إلى أرض السودان، كانوا، أم آفارقة أصلاء، متجذرين في تربة إفريقيا، في الفترة الممتدة منذ العهد المروي، ومرورا بالعهد المسيحي، حتى قيام، ما سمي بالسلطنة الزرقاء. نريد أن نقرأ تحليلا موسعا، مدركا، وعالما، ومحررا من قيود الفكر، لحالة التحول التي أحدثتها، نشأة سلطنة الفونج، في نسيج التعايش بين القبائل السودانية، والثقافات السودانية. نريد أن نفهم دور سنار، في تشكيل، وصياغة، حالتنا المستشكلة الراهنة.
سنار التي هام بها أهل الغابة والصحراء، ليست، في تقديري، سوى نقطة متأخرة، جدا، في مسار تحولات معقد. وهي نقطة يحيط بها غموض كثير، فيما أرى. وربما مثلت، في تقديري، مجرد بقعة من الرمال المتحركة، التي لا تصلح لكي نؤسس عليها بنيانا متماسكا.
لقد كان في هيام محمد عبد الحي، بسنار، شيء من الحنين، لحالة وسطية، متخيلة، ربما رأى فيها الشاعر، لحظة تاريخية مفتاحية، مثلت في أفق تمنياته، وفي دفق عاطفته الرومانسية، عصا سحرية، ومخرجا جماليا، سعيدا، هنيئا، من معضلة الهوية. فلربما رأى شاعرنا الكبير، محمد عبد الحي، في تلك اللحظة التاريخية، التي جمعت، بين الأفارقة (العنج) والعرب (العبدلاب) لحظة ميلاد لجنين جديد. غير أن محاولة دس كل صراعات السلطة، والثروة، في ذلك الجراب التاريخي، السناري، برفع الشعار، من شاكلة (أفروعروبية) لا تلمس أصل الجرح. فهي محاولة، فيها ما يشبه إدخال الفيل في جرة، أو في (كستبانة) ولربما صح في تلك المحاولة "التأصيلية السنارية" قول بولا، وحسن موسى، بأنها تصب في خدمة الأوضاع الراهنة، والمؤسسة القابضة الراهنة، وتجميل الراهن، بما لا يستحقه، فعلا. فضلا عما يمكن أن تحتويه من صرف للأنظار عن مظان مواطن التحليلات الأعمق، والإجابات الأشمل.
لا يخفى على من يقرأ شعر عبد الحي، وحنينه إلى عالمه ذاك الملون، بكل ألوان الأماني العذاب، والذي أبدع عبد الحي، حقا، في رسمه، ـ وعبد الحي، صائغ ماهر في رسم، ونقش المعاني، ومن المجودين لصنعتهم ـ لا يخفى على من يستطيع إدخال رجليه، في حذاء عبد الحي، ما قام به من اسقاطٍ بعدي، لتصوراته البَعْديةَ الزاهية، على عالم قَبْلِي، لم يكن، في حقيقته، بمثل تلك الشاعرية. بل ولا قريبا منها! استل محمد عبد الحي، بمهارة فائقة، نموذج الشيخ إسماعيل، صاحب الربابة، ذلك العاشق الأسطورة الذي تنسب إليه بعض الخوارق، وبعض صور الخروج على قواعد ما هو مرعي. فهو، فيما يبدو من سيرته، ممن (سَلَّم لهم الناس بحالهم). وهذا النموذج، نموذج معروف في التجربة الصوفية، خاصة من يسمون بـ "الملامتية". ويقول المُسَلِّكُون من مشائخ الصوفية، أن مثل هؤلاء، مجاذيب، يُسَلَّم لهم بحالهم، ولكن لا يقتدى بهم! ويحيل التأصيل الصوفي هذه الظواهر الخارجة على مألوف الناس، إلى مرجعية باطنية، تحكيها قصة الخضر وموسى. فقد كان الخضر، الذي يمثل الباطن، (الحقيقة) يقوم بأفعال، يستنكرها، موسى الذي يمثل الظاهر (الشريعة). وقد تعلق كثير من قراء عبد الحي، بنموذج الشيخ إسماعيل، صاحب الربابة، الذي نفض عنه عبد الحي الغبار، وأخرجه، من أضابير السلطنة الزرقاء، وخلق منه أيقونة للعشق هام به الكثيرون، لكونه قد أحيا بصورة من الصور، بقايا حسية ضائعة، أوشك ان يقتلها التزمت الفقهي الإسلامي.
وما تفضل به الدكتور عبد الله علي إبراهيم، من أن في بعض نزوع أهل الغابة والصحراء، يندغم غرض في التحلل من قيود الثقافة العربية الإسلامية، المحافظة، المتزمتة، قول صحيح. غير أني أضيف إليه نزوعا آخرا، مشابها، يظهر جليا، في سيرة كل من العباسي، والناصر قريب الله، والمجذوب. وأريد من ذكر هذه النماذج، إلى القول بأن الإبداع، في كل قممه، السامقة، إنما مثل نزوعا، وتململا للخروج من قيود التزمت، والمحافظة. وليسمح لي الدكتور عبد الله، بالإختلاف معه بأنني لا أرى ما يعيب في ذلك النزوع، أبدا. بل بالعكس!! إنني ربما رايت فيه ظاهرة صحة! ومن علامات صحته عندي، أنه نزوع عبّر عنه كبار مبدعينا الذين أشرت إليهم عاليه. فنزعة التحرر، نزعة طبيعية. والنفوس التي ترضى القيد، الثقيل، غير الضروري، وتتصالح معه، نفوس ميته، ولا خير فيها. والأمة التي تعيش في تاريخها، أكثر مما تعيش حاضرها، وتتفاعل معه، أمه تعيش حالة يباس الضفادع في بياتها الشتوي، هذا إن لم تكن قد عبرت إلى حالة الموات الأكيد.
حين أعود سأتحدث عن الحسية الشهوانية، في شعر المجذوب، والناصر، والعباسي، والحقيبة، وأعود بذلك للظاهرة السودانية، المدهشة، المتمثلة في كون ريفه متحرر نسبيا، ومدينتة متزمتة!! تزمتا يفرض على الأدباء، والفنانين شد الرحال، و"الهرب" حسا، أو معنى!! وكل ذلك مرتبط بموضوع الهوية، والله أعلم!
|
Post: #64
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: هاشم الحسن
Date: 04-22-2004, 07:40 AM
Parent: #59
وصلة للمداخله عاليه
وفي بعض تعريف الأيدلوجيا جاء أنه: (إنها تفكير يتبلور في منظومة مفاهيمية حول المجتمع البشري، بناه ، و ماهياته و آليات وأتجاهات حركته من ماضٍ ما إلى المستقبل . هذه المنظومة المفاهيمية، بما توفره لمجموعة بعينها ، من أسس معرفية، وطاقة الدفع اللازمة لتحقيق أهدافهم ومصالحهم، غالباً ما تعبر عن نفسها في فكر سياسي يتحدد شكلاً في كيانات حزبية تسعى في تكتيكات الحصول على السلطة، وتخطط لكيفية و غائية إستخدامها. وعادة ما تكون قيمة أومعيارية أخلاقية ما ، كامنة في جذور أي آيدلوجيا)... هل يمكننا الإتفاق ان ليس كل الفكر صحيح و ما كل ما يتمناه المرء يدركه!! وأن بعض الأيدلوجيات الكانت، أو لم تزل ،هي في حكم المؤودة من البداية خضوعاً للشروط الموضوعية /العلمية / المعرفية، أو لأنها خديجة!!! أو فقط.. لأنها لم تفارق نوعها في الحلم إلى محكم التفكير أو إحكام العلم إذن..لو جوَّزتم لي خلط التوصيف بالرأي، و هو خطل ، أرجو عفوكم عنه بما يبيحه حكم البورد فيمن كان قليل وقت يكرسه للتجويد.... أقول فإذا نظرت لهذا التعريف( المبذول ايضاً للنقد) ، أو ما يقاربه من تعريفات، ثم أعدت النظر في مقالة الآفروعروبية مقارباً لحالها فيه، لوجدت فيها كل خصائص الأيدلوجيا ( و لو كانت المؤودة )، لأنها:
*فكر سال له وبه الحبر على الورق القليل، ( فيما هو غير شعر، من صحف و كتب وحواشي). وتجلى في كثير من الرحيق الخلاسي أو خطر في جلد الفهد و هو يقطِّر من الشعر أصدقه حلاوة و الذي هو بالتالي أكذب الفكر، كما في الموروث العتيد. ولكنه كافٍٍ للهفى الخطابات الكليّة التي توافق هواهم و ترضي وطنيتهم الفائقة الجوع و المتقريِّفة لفكر محلي ( لا شيئ في كونه محلياً يساويه بكونه سديداً، كما العكس صحيح) . و هو أيضاً، أعني الفكر، أكثر من كافٍ لمحصوري الأزمة المستحكمة من امر البلد (وقع ليهم في جرح)، الذي اصبح ومنذ فجر الإستقلال ، يجري التنازع على المصالح فيه تنازعاً مستطيلاً و مستعرضاً . وغالباً ما أُبتسر التعبير عن هذا التنازع ، من باب الإستقطاب الذميم ، في كونه هو نزاعات الهوية لا غير، رغم أنها ليست كله.. المهم هو، أن منظومةً مفاهيمية ما تبلورت و سعى في حقها سعاة حداد اللسان و من ناس النم العالي و الحسيس بما له في قابليات الإستئناس عند الأهالي ما له..يعني بروباقاندا و فعالة كمان.. أذن فقد توفرت المدرسة على نظام من المفاهيم، هو ، حسب ناقديه، برّاق في الشعر، و لكنه كابٍ في التنظير و التقعيد بما لا يمكنه من إستقطاب قدر معتبر في المثقفين إذ لا يبلغ عند بعضهم حد تجويد الحيثية و منهجية الإثبات الواجبة فكرياً ..ولا ساعدته أحوال البلاد و العباد الجارية على إنفراط عتيد، من الأنتشار واسعاً ، ولا مكنته صفويّة الدعاة (بحكم الإنفصام المشهود للمثقف عن الجماهير في بلاد العالم الثالث وليس كصفة شخصية لأي منهم) من بلوغ غايات في الجماهيرية مما ترجوه الآيدلوجيات .. وعليه، ظلّ (عقده ناقص ما هو تام ).. ** ورغم أنه ما من حزب و لا تنظيم بعينه تبنى الآفروعربية منهجاً في أُطره الآيدلوجية، إلا ان بعض الممارسة السياسية و نوع ما من التبني قد توفرت لها في خطاب شمولية السبيعينات و جهد المراهنين عليها من المثقفين( بعض رهانات الحداثة كارثية) من محازبي عساكرها (الذين عندهم أن الملكي في الأساس كُهنَة و لا يفسحون له إلا قدر أن يبصم).. فلقد أجرى بها بعض محسوبي النظام حسابات خبطهم العشواء ( وهنا أزعم زعماً يخصني وحدي وأرجو مناقشته لو أمكن؟؟، إن ما ظلت تبشر به أفاعيل الحكم و (القول الثقافي) النميرية كلها، على قارعة منابرها الصائتة بالجناس و البديع، أو المقروؤة أو الحاكمة و السيادية، هو من بعض ما إنسرب في وعي متكلميها من حلم و آيدلوجيا (أو العكس) الأفروعروبية !! إنظر في خطاب رجال كعمر الحاج موسى و جعفر محمد علي بخيت و منصور خالد( في تلك المرحلة) مثلاً..ولا يخفى على الناس بعد، أن المبشرين بها غابة و صحراء، ما كانوا على شقاق فصيح مع مايو و لا حقيقة أن مخاصميها (مع حبهم للغابة و الصحراء الجغرافيتين) كانوا في زمرة من شاقق مايو و شق عليها عصا الطاعة.. و لو اسعفتني الذاكرة، أعتقد ان المرحوم محمد عبد الحي (أنبت الله على ذكراه حديقة الورد الأكثر عبقاً)، اعتقد أنه، ولفترة قصيرة على أيام التعددية الأخيرة ، كان في وداد ووصل بالحزب الوطني الإتحادي .. إذن و بالرغم عن كل تحولاته الباذخة يظل هو منظر الآفروعربية الأطول باعاً و الأخير بيعاً ، لا ينسي حاجة الفكرة إلى حزب..إن عدم تحققها الكامل في مايو لا يقطع رجاءه فيها و من حزب (الوسط التأريخي) و هو القائل باكراً منذ العام 1963 (وفق ما ورد في مقالة تحالف الهاربين)____ أن تمازج الثقافات في السودان معلق بحركة التصنيع التي بوسعها ان تزيل البقية الباقية من العوائق بين الجنوب و الشمال____ و هذا قولٌ في آليات التغيير الإجتماعية مما يليق بالآيدلوجي----> المنظِّر---> السياسي---> ذي المشروع أكثر من لياقته بالشاعر أو الواصف للواقع من مثل علماء النبات و الحشرات الذين ملأ منعم المكان الخالي منهم في الجملة بإقحامه لجماعة الغابة و الصحراء و جعل من الآفروعروبية مرادفاً تاماً لعلم التصنيف TAXONOMY لمّا أورد القول بأن( فالأفروعربية عند جماعة الغابة والصحراء ليست تصورا نظريا لما يجب أن تكون عليه الهوية السودانية بقدر ما هي توصيف لما هو واقع فعلا) *** ومما توفر للآفروعبية من لوازم المشروع الإجتماعي ، طليعةٌ من المبشرين والدعاة لم و لا يألون جهداً في الدعوة إلى توسطها بين المتقابلات (كصيغة إعتراف متبادل مرة < بين العربي و الأفريقي> ، و مرة صيغة علمية لوصف الواقع العياني الملموس < حيث إندغام المكونين معا واقع و أكيد >) لا يدحض في تبشيرهم ولا في خطابه، أنه قد غلبتهم عليه تشظِّيات الشعر و الشعراء فلما لم يتفَّرغوا للبحث الذي يحتاجونه ، طفقوا يستعيرون من هنا الحالم ، و هناك المستشرق ، حتى صارت التخريجات الفكرية كجبة الأنصاري خارجاً من كرري، على ترقيعها، مليئة بالثقوب. مثلاً في هذه الورقة موضوع هذا البوست ، و قدر ما قريت فيها ، فأنا تائه أبقى بين العرقي / الإثنوغرافي و الثقافي/الحضاري ، ما عرفت الحدود، متى يتداخلان و متي ينفصلان في مكوِّن الإنسان الأزرق ( السنّاري الحديث وليس القديم) ****لما كل ما سبق ، بالإضافة لإصرار منعم الفّذ على إنكار كل صلة للآفروعربية بالآيدلوجيا/ المشروع/ الخطاب وبدلاً عن ذلك، وصلها حميماً بالمعرفة المحايدة و بالعلمية (و سلطة الحقيقة المطلقة و العاتية التي كانت لازمة فيه قُبَّال حكاية اللاحتمية الملعونة) في و صف الظواهر كما هي عليه فقط( وهذا الإنكار و الوصل هو ظاهرة آيدلوجية بإمتياز..إنظر في علاقة كل ما تذكر من آيدلوجيات بلفظة العلم!!). وهذا الوصل لا أجد ما يسوغه عندي كقناعة في الفكر و ليس كأمنية في الحلم.. و لا هو( الفكر) وجد ما يسوقّه في سوق (الله أكبر) العامرة بالمتداعين للآيدلوجيات في مساعيهم نحو مشاريع للتحديث أو في الحداثة ، و من هؤلاء عبد الله بولا و حسن موسى و عبدالله علي إبراهيم . من الذين عاتبتهم يا منعم في ورقتك ونعيت عليهم تكالبهم على جنازة الآفروعربية ضرباً و تقطيعاً ...ويشهد الله ما و جعت زولاً غيرك يا منعم!! و و صف عبد الله علي إبراهيم لها بالتوفيقية و الطوباوية و الوسطية السعيدة لخير و أرأف بها من وصف نصر حامد ابي زيد لخطاب حي و مليء بالحيوية كمشروع اليسار الإسلامي في (الدين و الثورة لحسن حنفي) بالتلفيقية صراحة وليس مواربة..حتىميراث فش الغبائن السوداني ما يقطع بمثل هذا القطع الناشف..فلنتعزى بذلك!! لكن بعد دا كلو.. الجماعة ديل، في رأيي الشويَّة و قليل ، ناس عندهم مشاريع يريدون بناءها وخطاب يريدون إعلاءه ، في ارض هي ملك مشاع لكن لسة فيها بقية من قبب فكرية و بويتات آيدلوجية و أسمال راية منكوسة لا يزال يشاغبهم بها أثر لا تستحيل قراءته، من شعارات المشروع طيب الذكر.... كل ما يمكن ان يبقى من آيدلوجيا... إذن ، فلا بد لمن كان مثلهم، من هدمه/ها.. ولا يكتفون..اليسار/اليمين/الطائفية/العربسلامية/الرسالة الأولى/الرسالة الثانية/...وإلى ما لا آخر... عِد
الآيدلوجية..كالفرعون..لا تقوم الا على انقاض اخرى..
فيا منعم لا تهرب بالآفروعروبية من نصيبها في النقد و مجابدة الأفكار بإلباسها لبوس المعرفة المتعالية عن كل غرض ، ودع (الأزرق) لنفسه التي هو عليها و ليس التي (كانت) في العودة إلى (سنار) و يا ليتنا نعيد النظر في القول السديد: ( فأهدى السبل إلى السلام و النهضة الثقافية في السودان هو الإقرار بقوامين (أو أكثر) للثقافة السودانية. قد تمتزج هذه القوامات و قد تتبادل التأثير و التأثر، مع إحتفاظ كل منها بإستقلال الدينامية من حيث المصادر و الترميز و التوق) و للمقوسات الصغرى من دوال الآفروعربية لي عودة و تبقون على خير
|
Post: #60
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: osama elkhawad
Date: 04-22-2004, 07:16 AM
Parent: #1
اخي هاشم عرفت تماما سبب عدم مشاركة بولا في البوست والسبب ان الفيا لا يملك المعرفة المناسبة للحوار مع بولا وحسن موسى وها انا احاول ان اقنعه ان ما قاله مجاف للحقيقة وايضا للحق
ارجو ان يعيد الفيا تقييمه لما كتبه كما كنت تتوقع انت والمسالة ليست معركة وانما بحث عن الحقيقة ولن يضيره شيئ لو انه اقر بغلطه
وساعود المشاء
|
Post: #67
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: هاشم الحسن
Date: 04-22-2004, 08:21 AM
Parent: #60
حبابك ياأسامة وصباح الخير أخي المشاء
أما هذا
Quote: عرفت تماما سبب عدم مشاركة بولا في البوست والسبب ان الفيا لا يملك المعرفة المناسبة للحوار مع بولا وحسن موسى وها انا احاول ان اقنعه ان ما قاله مجاف للحقيقة وايضا للحق |
فلا أعرفه ..
وانا نفسي دخلت على هذا البوست بزاد قليل في المعرفة أرجو ان يزيد بالحوار والمثاقفة و يا ليت بولا و حسن موسى و عبدالله يشاركوننا هنا..فقد شكوتُ لبولا قلة ماكان متاحاً لنا من إبداعه و فكره في بوست دكتور النور الرائع بما هو أكثر من مجرد الترحيب..وأتابعك انت ايضاً هناك في المناداة بنشر ( مصرع الإنسان الممتاز) وما تأتي به في هجاء مديح العصامية..
و إن كنت معك في
Quote: ارجو ان يعيد الفيا تقييمه لما كتبه كما كنت تتوقع انت |
ليس لأنني على قناعة بغير فكرته فقط.و لا لأن الأستاذة منى عبد الحفيظ توقعت مثل هذه المراجعة و تساءلت عنها. ولكن، فقط ، لأن المراجعة من سمت الباحثين عن الصواب و إن عابها الأستاذ منعم على عبد الله علي إبراهيم في إشارة لرحيله من أيدلوجيا الشيوعيين و خطابهم في الهوية، إلى العربسلامية، بالفكر و الموقف مما قد لا يكون دقيقاً..كما أظن معك أن إنزال ورقة ( الآفروعربية أو تحالف الهاربيين) في هذا البوست سيساعد في جلاء الصورة و كشف دقائقها للمتفحص .. والمسالة كما قلت Quote: انما بحث عن الحقيقة |
..يا ليتني لو كنت أصبر على طباعتها.. ولكن هل تصبرون أنتم؟؟؟لا أظن!! ولن يضيرناجميعاً، أي شيئ ...لو اننا نتثاقف في وفرة من فكر و رأي وننعم الفكر كرّة فيما يتفرد به د.النور من إجتراح نقدي في الثقافة السودانية ذي حدين هو على الهامش من البوست و في صميم الموضوع في ذات الوقت..عجبي!!! أيضاً سعيد بمداخلاتك العميقة الغور النقدي كما بثراء ورقة عجب الفيا الذي يثير كل هذا النقاش . أرقد عافية
|
Post: #234
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: AnwarKing
Date: 05-25-2004, 07:50 PM
Parent: #60
Quote: عرفت تماما سبب عدم مشاركة بولا في البوست والسبب ان الفيا لا يملك المعرفة المناسبة للحوار مع بولا وحسن موسى وها انا احاول ان اقنعه ان ما قاله مجاف للحقيقة وايضا للحق |
تحياتى استاذ اسامة... ان كان عجب الفيا لا لا يملك المعرفة المناسبة للحوار مع بولا وحسن موسى ... فلا اظن ان هناك ارضية للحوار الذى نستفيد منه نحن~~ دعوة للنزول الى الارض يا اهلنا...فنحن منكم...من السودان AnwarKing
|
Post: #62
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: هاشم الحسن
Date: 04-22-2004, 07:28 AM
Parent: #1
[عذراً..مكرر و تبقون على خير
|
Post: #63
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: حبيب نورة
Date: 04-22-2004, 07:32 AM
Parent: #62
منتهي الامتاع يا استاذ عجب الفيا مزيد من التفرّد والعطاء الممتد
|
Post: #65
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: osama elkhawad
Date: 04-22-2004, 07:43 AM
Parent: #1
اوافقك القول يا النور حمد في ان عبد الحي يختلف من المقولات الاستشراقية التي قالها محمد المكي ابراهيم ومحمد عبد الحي له عقل نقدي فهو استنكر على محمد المهدي روحه شبه الاستشراقية في كلامه عن انسان الجنوب وايضا عبد الحي عندما تحدث عن "المصهر" كان يعتقد ان ما قاله هو مشروع وليس امرا قائما بالفعل نحن هنا لا نريد ان ننقص من قدر اولئك الكتاب ولكن ان نبين ان ايا منا يمكن ان يخطئ ولا اعتقد ان محمد المكي ابراهيم سيدافع الان عن تلك المقولات التي قالها بصدد الغابة والصحراء
وساعود المشاء
|
Post: #66
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: osama elkhawad
Date: 04-22-2004, 08:02 AM
Parent: #1
اخي هاشم ما تفضلت به من كلام هو ما حاول الفيا ان يحجبه عن المتابعين
" فأهدى السبل إلى السلام و النهضة الثقافية في السودان هو الإقرار بقوامين (أو أكثر) للثقافة السودانية. قد تمتزج هذه القوامات و قد تتبادل التأثير و التأثر، مع إحتفاظ كل منها بإستقلال الدينامية من حيث المصادر و الترميز و التوق)"
واعتقد ان عبدالله على ابراهيم حينما تبنى خيار القوامين او اكثر كان اكثر صدقا في التعبير عن حالتنا المتعددة ثقافيا
ارقدوا عافية ا لمشاء
|
Post: #124
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: hamid hajer
Date: 04-30-2004, 03:24 PM
Parent: #66
إلى د. عبد الله علي ابراهيم:
الافروعربية ليست تحالف الهاربين د. بشارة صقر [email protected] اولا ومن منطلق فلسفي فانه لا يجوز اثبات وجود ما هو موجود (بالصورة) وان ذلك نوع من الاعتباطية واستهلاك زمن في جدل (سفسطائي) ذلك ان الافريقانية في السودان موجودة بالصورة , بداء من اسم الدولة التي اطلقها العرب (وهذا من باب شهد شاهد من اهلها) علي قوم سود يسكنون في البلاد المسمي السودان. وفي التاريخ كتب ابن خلدون في مقدمته عن اقاليم السودان :وذكر ضمن من ذكره من شعوب: بلاد النوبة والبجة وسكان جنوب السودان ومجالات الزغاوة ...... وغيرها كما ومن الممالك الاكثر تاثيرا وشهرة واكثر توسعا من نواحي العلاقات الدولية وسعة الملك كانت ممالك افريقية مثل مملكة النوبة صاحبة التراث العمراني المزهل ومملكة دارفور (رواق ازهر وكسوة كعبة) ومملكة العلوة وغيرها . وفي التاريخ السوداني الحديث كانت لنضال القوي الافريقية دورا هاما واساسيا في كون السودان بشكلها الحالي وان كانت النّخب التي كتبت تاريخ(وليست التأريخ) السودان الحديث نسيت او تناست عن ذكر كثير من هذه النضالات ( نذكر منها تصويت القوي الجنوبية لصالح الوحدة , ومعارك التحرير في كل من الطينة والجنينة والتي بموجبها تم تحديد حدود السودان الغربية بشكلها الحالي) كذلك قوة تاثير الافريقانية ارثا وثقافتا علي السودان واضح للعيان وسط القوي الافريقية التي تعرضت للاقصاء والتهميش في الجنوب ودارفوروالشرق ومناطق اخري , وفي هذا المجال نذكر اختيار د. فرنسيس دينق ضمن افضل مائة شخصية مؤثرة في القرن المنصرم فهل يوجد انجاز مشابه حققته تلك القوي المستعربة الناكرة لافريقية السودان؟ اذا كان المفكر هو ذلك الشخص الذي يحمل في اعماقه ثقافة نقدية قادرة علي انتاج الافكار وتنشيطها لتشكل نظاما فكريا ما وتوسيعها واغنائها وتجديدها والتحقق من مدي تطابقها مع الواقع , واذا كانت الايديولوجيا علي عكس ذلك تقوم بانتقاء لبعد الافكار التبسيطية عن سبق اصرار من اجل تعبئة الجماهيرللقيام باعمال محددة. فان ما يقوم به د. عبدالله علي ابراهيم هو ممارسسة الايديولوجبا التبريرية من اجل تهييج الجماهير واعادة انتاج الثقافة الاحادية الشرقية التي تقوم علي اسس استبدادية , ذلك الثقافة التي تؤمن بالمستبد العادل بديلا للحريات وتشكل تجمعات محاميين من اجل دفاع عن الطواغيت امثال صدام حسين .انا لا اتهم هنا د. عبدالله بقدر ما انتقد الثقافة التي ينفي مستندا عليها كل الارث الاجتماعي السوداني الافريقي الشغّال . العنوان الذي اطرحه هنا بديلا لما يقوله د. عبدالله هو الاسلامو-عروبية وتحالف الهاربين ولكي نثبت وجود هكذا تحالف غرّبت الوطن من مجمل محيطه الافريقي ولم تنجح في ادخالها اوادماجها في عروبتها المصطنعة , يجب ان نبدا في تحليل عناصر التراث الاجتماعي السوداني ومقارنتها بتلك الموجودة في البيئة العربية المثالية (الجزيرة العربية). اذا كانت اللغة تؤثر في حضارة الامة ومظاهر ثقافتها فهي بدورها تتاثر بحضارة البيئة ونظمها وعقائدها واتجاهاتها العقلية وتقاليدها ودرجة ثقافتها واحوال بيئتها الجغرافية والمناخية وشؤونها الاجتماعية الاخري , والحال هكذا فان مايملكه اسلاموعروبيون في السودان هو رهان اللغة العربية اما العوامل الاخري فهي عوامل افريقية في الاساس وبالتالي من الطبيعي ان تكون بسماتها قوية علي مجمل الهوية والثقافة المنتجة في السودان. واذا كانت اللغة نظاما من الاشارات التي تعبر عن الافكار , فان الدولة السودانية الحديثة بتجاهلها اللغات المحلية تجاهلت الافكار الموجودة داخل هذه اللغات والارث الثقافي المكوّن لها , وتلك اول دلائل قصور الرؤية للنخب المثقفة التي فرضت واصّلت للاثقافة الاحادية في السودان.هذه الثقافة العربية المستوردة والتي قامت بعملية تعريب (عمودي) لانماط الثقافية الافريقية واعادة انتاجها في قوالب (عربية) دون ان يحفظ لها حقها الافريقي بل وصلت الي درجة الانكار لوجود أي اصل افريقي لهذا الارث الثقافي الموجود واقعا (انظر: د. عبدالله علي ابراهيم :افروعربية وتحالف الهاربين) . لو نظرنا الي العلاقات التي تحكم وضع المراة في المجتمعات السودانية لوجدنا انها منخرطة ومساهمة بقوة في الفعل الانتاجي اذ المراة في الريف السوداني مثلا عاملة ومنتجة , و في التاريخ القديم تبوات المرأة مناصب قيادية عليا (ممالك النوبية) , وكل ذلك توكد بان المراة في السودان ناشطة ضمن الفاعلين اجتماعيا , فهل هذا يبدو مشابها لوضع المراة العربية( الجزيرة العربية) , وما هو السبب وراء هذا الانحراف لوضع المراة في السودان اذا افترضناها عربية؟ دلالات الشلوخ: ظاهرة الشلوخ في السودان وهي ظاهرة موجودة وسط القبائل النيلية مثل الشايقية وكذلك موجودة في اوساط قبلية سودانية كثيرة اخري وهي امتداد لظواهر افريقية مشابهة مثل وضع علامات في الوجه او تلوين الجسم , ومن هذا المنطلق فان الشلوخ عند الشايقية منسجمة تماما مع التقاليد الافريقية ولكن هل توجد تقاليد مشابها لظاهرة الشلوخ في الاوساط العربية الاصلية؟ وانا هنا لا اتفق مع الفكرة القائلة بان الشلوخ عند بعض القبائل النيلية عبارة عن وسيلة لحفظ نوعها(العربي) من الذوبان في القبائل الافريقية الاخري وان كان في هذا القول تلميح او اعتراف ضمني بحدوث مثل هذا التداخل ادت الي تغيير السحنات اللون مما جعلت العلامة في الوجه دلالة وحيدة لتحديد النوع (فيزيائيا). حسب اعتقادي فان الشلوخ ظاهرة افريقية موجودة ومنتشرة بكثرة في الاوساط القبلية المختلفة (المحس او الشايقية , الفور , اودينكا , الزغاوة ............الخ). اما السؤال الاكثر الحاحا هو: ما الذي يجعل العربي في الجزيرة العربية لا يتذوق الفن السوداني؟ ففي وقت الذي يتمايل كل الشعب العربي من المحيط الي الخليج طربا لاغاني المكوجي شعبان , لا نجد من يقوم حتي بنقر الاصابع لاغاني العملاق وردي او غيره من الفنانيين السودانيين , ولكن الغريب ان هؤلاء العمالقة لهم جماهير علي امتداد افريقيا حتي اوساط اولئك الذين لا يعرفون اللغة العربية فما هو سر هذا التعلق الافريقي بفن السوداني, فيما يرفضه العرب بصورة ماساوية ؟. ان النتاقض الواضح ما بين واقع الارث الافريقي (الشغّال) داخل غالبية الاوساط الشعبية السودانية وبين الثقافة العروبية (المتخيّل) فقط عند النخب المهيمنة لمفاصل الجهاز الاعلامي والثقافي الرسمي للدولة هو الذي افرز هذا الواقع السوداني المحزن .انه لمن المؤسف ان يمارس الدولة اساليب السرقة والتشويش والاقصاء للارث الاجتماعي الافريقي وبالتالي تمييع الهوية السودانية وتغريبها عن بيئتها مما ادّ ذلك الي انتاج ساحتين اجتماعيتين في الفضاء السودانيساحة عروبية متخيّلة عند النخب ولا وجود لها لا في الواقع السوداني ولا في اوساط العربية التي يدّعون الانتماء اليها وانما هي ساحة وهمية مصنوعة بفعل الاعلام وبوسائط التهييج الجماهيري التي تجيد هذه القوي استخدامها بكفاءة. اما الساحة الاخري فهي ساحة التراث الجمعي المهمّش من قبل القوة المهيمنة. ان دراسة البيئة الاجتماعية للتراث السوداني من الدّاخل ومعرفة السيميائيات الدلالية والثقافية لكثير من مكوناتها البنيوية وتحليلها بدقة سيكشف النقاب عن زيف الادعاء بهوية العروبية ويكشف ايضا الي أي مدي تداخلت النوبية مع العربية مع غيرها من مكونات النسيج السوداني الي درجة يصعب معها فرز الكيمان من جديد.
-------------------------------------------------------------------------------- اخي الفايا ... هذه مداخلة الاخ الدكتور بشارة صقر في صحيفة سودانايل الاكترونية .. لتعميم الفائدة ننشره هنا ضمانا لوحدة الموضوع .. وساقوم باختار الاخ دكتور بشارة لمتابعة تعقيبكم مع التقدير .. حامد حجر .............
|
Post: #151
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: samia gasim
Date: 05-06-2004, 11:16 AM
Parent: #124
البوست ده غريب خلاص بطلع فوق بى زول لما نجى نفتش المساهمات بيكون اسم الزول انحشر فى النص ولا راح وين ماعارفا وبلقى اخر مساهمة ياها زاتا على العموم فوق ونحنا جماهير المستمتعين جدا بالنفاش يا استاذ عجب الفيا وكمان منتظرين ورقة دكتور عبدالله الوعدت بانزالها هنا وما عارفين التاخير سببو شنو
دى النسخه التانيه عشان اشوف الحاصل شنو
|
Post: #174
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: Frankly
Date: 05-09-2004, 06:50 PM
Parent: #151
دفعا لهذا البوست الى الصفحة الاولى
_____
أتق الله حيث ما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن
|
Post: #176
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: نصار
Date: 05-09-2004, 06:59 PM
Parent: #151
الاخت سامية قاسم
تحيات ماجدات
بعض الاخوة يلحق رده مباشرة بعد المشاركة التى يود التعليق عليها و لتحصلى على اخر تعليق يمكنك الضغط على Jump to newest reply in thread » الموجود اعلى يسار الصفحة. انا اتابع هذه الدراسة القيمة بصمت و اعجاب و لا اجد ما اضيفه لها
مع الود
|
Post: #68
Title: Re: توضيح لبعض اسباب اللبس
Author: Agab Alfaya
Date: 04-22-2004, 03:54 PM
Parent: #1
الاخوان هاشم الحسن اسامة الخواض الدكتورالنور حمد حبيب نورة ، وكل المتابعين والمساهمين
بسبب الشغل لم اتمكن من متابعة الردود والرد عليها في حينها كما ان ضيق الوقت يجعلني دوما انتقي ردودي علي الاسئلة والمساهمات
يعتقد الكثيرون ان آلافروعربية او الغابة والصحراء، تعني ان هنالك عرب يمثلهم شمال السودان ،وهنالك افارقة يمثلهم الجنوب ،او بعبارة اخري :الصحراء ترمز للشمال والغابة ترمز للجنوب ، وهذا غير صحيح لو كان ذلك كذلك لما استحقت منا كل هذا العناء ولما كانت جديرة بكل هذا النقاش العامر. وللاسف معظم سؤ الفهم سببه هذا الاعتقاد الخاطيء،ولو كن ذلك صحيحا لكانت التسآؤلات التي تفضلتم بها صحيحة. يقول اسامة الخواض :
Quote: فعلى الصعيد الابداعي ارى ان له مساهمة شعرية رفيعة, لكنه كمشروع ثقافي يتسم بالاختزالية التبسيطية للمكونات المتعددة والمتشابكة للثقافات ولا اقول الثقافة السودانية. فهو حصر المسالة كلها في تيار عروبي واخر افريقي .
|
ويقول الاخ هاشم الحسن مؤكدا تسآؤل الاخت مني عبد الحفيظ:
Quote: (وماذا عن الهوية الآن عندك؟؟ هل هي ما زالت الغابة والصحراء؟؟ أم انه التنوع الثقافي داخل الوطن الواحد؟؟ غابة قحة أو صحراء قحة أو غابة وصحراء معاً..) !! |
واقول ان آلافروعربية او الغابة والصحراء ،لا تعني ،الشمال العربي والجنوب الافريقي!!!!!!! المقصوداصلا من هذا التوصيف وانا حريص جدا علي كلمة توصيف لان آلافروعربية او الغابة والصحراء ليست تيارا او مدرسة و حتي جماعة وانما تسمية وصفية لواقع اثني وانثروبولوجي محدد، اقول المقصود اصلا بهذا التوصيف - في المقام الاول - شمال السوداني الجنوب لم يكن داخلا في الصورة في البداية تم الحاقه فيما بعد،
اذن الافروعربية تعني في الاصل الهوية العربية الافريقية لسكان شمال السودان التي كانت نواتها مملكة الفونج او سنار التي تكونت من تحالف القبائل العربية بالقبائل الافريقية فكان ثمرة هذا التحالف والتزاوج والانصهار ،شمال السودان الحالي . من هنا كانت سنار رمزا لهذا الوجود الافروعربي للشمال. وقد كان عبد الله ابراهيم مدركا تماما للقصد من هذا المصطلح عندما حدد في مستهل ورقته انه يهدف الي : "القصد من هذه الكلمة ان تتفحص نقديا مفهوم الافروعربية الذي استقر كوصف لثقافة الجماعة الشمالية العربية المسلمة علي النيل والبوادي"
الفرق ان عبدالله ابراهيم لا يقر بافروعروبية شمال السودان او من وصفهم بالجماعة العربية المسلمة،ومن هنا كان منطلقه لرفض هذا التوصيف لهذه الجماعة.فهو يبحث عن النقاء العرقي والثقافي لهذه الجماعة.لذلك يرفض بشدة مفهوم الوطن البوتقة حيث تختلط الانساب والاحساب! يقول في اخر فقرة من ورقته مشددا ، : "ان افضل الطرق عندي ان يكف ابناء الشمال العربي المسلم عن خلع بعض حضارتهم بدعوي الهجنة..فالاحتجاج بحقوق الافريقيين المعاصريين او ممن يزعم الافروعروبيين ان دمائهم كاسلاف قد استقرت فينا هو خطة سلبية جدا." فلا مجال عنده للحديث عن اي بعد افريقي ثقافي او اثني لسكان شمال السودان. لذلك فهو لا يري سوي حل واحد وهو ان تكون هنالك ثقافة عربية اسلامية خالصة من اي شائبة افريقية، خاصة باهل الشمال ، وتكون هنالك ثقاقة افريقية خاصة باهل الجنوب او الغرب او الشرق فيختم قائلا: "فاهدي السبل الي السلام والنهضة الثقافية في السودان هو الاقرار بقوامين او اكثر للثقافة السودانية."
يا تري الي اي قوام ثقافي تتبع العاصمة القومية!؟ اعادة انتاج الازمة اليس كذلك ؟!
فبالله عليكم اين يكمن التبسيط والاختزال؟ في خطاب الذي يقوم ان شمال السودان تعددي ؛افروعربي؟ ام الذي يصر علي ان شمال السودان عربي مسلم وبس ؟؟؟ مالكم كيف تحكمون؟
كانت النخبة المثقفة من ابناء شمال السودان تظن نفسها حتي منتصف القرن العشرين عربية وحسب، فجاء الافروعروبيون وقالوا لهم انتم لستم عربا هذه نصف الحقيقة، انتم افارقة عرب.فجاء عبدالله ابراهيم من خلال ابادماك في الستينات وقال لهم لا :انتم افارقة وحسب. وها هو يعود ويقول لهم : لا انتم عرب وبس يا ابناء الشمال العربي المسلم!
ونواصل
|
Post: #69
Title: Re: توضيح لبعض اسباب اللبس
Author: حبيب نورة
Date: 04-22-2004, 04:01 PM
Parent: #68
عجــب الفيــا ياخي البوست اكتر من روعة كل شوية نعاين ليك تجي تواصل فيه عشان نتعلم منكم ومن مداخلاتكم الثرة ياخي يديك العافية يا ررررررررررب
|
Post: #150
Title: Re: توضيح لبعض اسباب اللبس
Author: samia gasim
Date: 05-06-2004, 11:08 AM
Parent: #68
البوست ده غريب خلاص بطلع فوق بى زول لما نجى نفتش المساهمات بيكون اسم الزول انحشر فى النص ولا راح وين ماعارفا وبلقى اخر مساهمة ياها زاتا على العموم فوق ونحنا جماهير المستمتعين جدا بالنفاش يا استاذ عجب الفيا وكمان منتظرين ورقة دكتور عبدالله الوعدت بانزالها هنا وما عارفين التاخير سببو شنو
|
Post: #70
Title: Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
Author: osama elkhawad
Date: 04-22-2004, 04:14 PM
Parent: #1
QUOTE]"الجنوب لم يكن داخلا في الصورة في البداية تم الحاقه فيما بعد،"
|
ما زالت ورقة الفيا تتخبط وهي تحاول ان تصلح ما افسدته القراءة الخاطئة والمركبة لكل من : بولا وحسن موسى مقال عبدالله على ابراهيم تيار الغابة والصحراء
وبدلا من ان تعترف الورقة باخطائها الفادحة , ها هي تزوغ من النقاش, بل وتعيد انتاج الخطا, وساورد مثلا بسيطا من الرد الاخير للفيا فهو قال عن الجنوب الاتي:
"الجنوب لم يكن داخلا في الصورة في البداية تم الحاقه فيما بعد،"
وعن اي افريقي كان يتحدث محمد المكي ابراهيم ؟
الم يتحدث عن المراة الجنوبية؟
وانا مصر ان الفيا يراهن على عدم امتلاك القراء لمقال عبدالله على ابراهيم والا ما قال ماقاله
لكن الحقيقة ستنتصر
وساعود
المشاء
|