فتاة من نار

فتاة من نار


01-22-2006, 02:05 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=188&msg=1140707696&rn=1


Post: #1
Title: فتاة من نار
Author: هشام آدم
Date: 01-22-2006, 02:05 PM
Parent: #0

( فتاة من نار )


كنت أحلم (وربما لا أزال) بهذه الفتاة التي تنبعث الرقة من عينيها لتلامس جانباً ما فيني، فتاة لا تحمل من الأنوثة إلا ما أريد. فتاة تشبهني، تملئني بالأسئلة والإجابات الصحيحة. تسكنني، أُصبح مأسوراً لصوتها المفعم برائحة الضحك الطفولي. أحلم أن أكون معها طفلاً لا أجيد سوى ما يفعله الأطفال. أن أخلع (لديها فقط) ثوب رجولتي، وأنسى كبريائي الأجوف، ونجلس لنضحك كما الأطفال. أضربها، فتضربني. أمازحها وتمازحني، ولكنها رغم ذلك لا تنسى أنني رجل؛ فتتكئ على عصاي. ولا أنسى أنها أنثى؛ فأهش بها على غنمي.

فتاة أشتاق لصوتها كلما داهمها الصمت، وأختلق الأعذار لأكلمها. فتاة تستفزني فأكتب، وتستفزني فاصمت، وتستفزني فأنام! جميلةٌ كما هي.. رقيقة كما هي.. عذبة كما هي.. وأنثى كما أشتهي. فتاة لا تحمل في صدرها غير اسمي، وتعلم أنني سوف لن أحمل في صدري غير ما يجعلها أنثاي الوحيدة. تترك على صدري بصمة يدها فأترك على صدرها كل تاريخي. فتاة تشتاقني دون أن ينتابها الممل. تشتاقني دون أن تمسك الورق والقلم. تشتاقني لأنها تريد أن تشتاق، ولأنها تعلم أنني أشتاقها في اللحظة ذاتها. فتاة تشعل قلبي بنار إبراهيم، وتسكنني حوتَ يونس، وتملئني هواءً طيباً .. نفساً لذيذاً يجعلني لا أحيد.

إنها هنا، في مكانٍ ما، تعرف نفسها، وتراني حينما أُشِهر إصبعي نحوها. أراها وهي ترسم على شفتيها الناعمتين ابتسامة. هل ترونها، إنها الآن تجلس خلف هذا الباب، تراني وهي تقرأ في كل حرف عطرها الذي أحبه. أراها وهي تجلس خلف هذا الباب، تقرأ فوق كل كلمة حروفي الهزيلة.. تُرى هل تفهمني الآن؟ لست أعرف! يملأني اللون الأخضر، تتنازعني اللهفة أن أسكن عينيها وأترجم كل ما تراه. تتنازعني الرغبة أن أدخل فيها وأعبأ فيها لوني .. ثم أرحل! إنها هنا تعرف نفسها تماماً مثلما أعرف أنني وجدتها دون سابق إنذار.


Hisham Adam
18/12/2004