طارق بَنّ . . البعاتي

طارق بَنّ . . البعاتي


11-20-2005, 04:02 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=188&msg=1139521241&rn=1


Post: #1
Title: طارق بَنّ . . البعاتي
Author: هشام آدم
Date: 11-20-2005, 04:02 PM
Parent: #0

طارق بَنّ . . البعاتي

وقف مُنفرداً وهو ينظر يَمنةً ويسرى إلى جانبي الشارع الخالي إلاّ من بعض السيارات الخصوصية الأنيقة، التي يمر أصحابها عليه، حتى دون أن يلتفتوا إليه. وكان هو كذلك لا يعشم في أن تقف له إحدى تلك السيارات الفارهة. لقد تأخر به الوقت كثيراً وهو يشعر بذلك من خلال الهدوء الذي يكتنف المكان، والظلام الذي أرخى بعباءته السوداء على الأركان. فهو لم يكن من أولئك الذين يهتمون باقتناء الساعات اليدوية. كان دائماً يقول: (الذين يرتدون الساعة هم أكثرهم تضيّعاً للوقت) كان بينه وبين الوقت علاقة تخاطرية فريدة من نوعها، فهو يستطيع أن يُخبرك عن البرنامج التلفزيوني الذي يُعرض في هذا الوقت فقط بمجرد أن يُشاهد ظل أعمدة الإضاءة في الشارع، وهو يعرف مواعيد إغلاق المحلات (المغالق والورش الصناعية والمكوجية وسوق الفحم) دون أن يُكلّف نفسه عناء النظر إلى ساعة الحائط الكبيرة المعلّقة في بهو منزله، يكفيه فقط أن يشعر بحدسٍ ما كي يعرف ذلك. لذا أطلق عليه أصدقاؤه اسم (طارق بن) على وزن ( بيك بن - BigPen ).

في الجانب الآخر من الشارع الذي كان يقف فيه، بيوت ( الأشلاق ) ذات الأبواب الزنكية، والأسطح الخشبية بهيئتها المألوفة التي تعلوها الهوائيات. كانت بيوت الأشلاق هي الأولى التي تدخل إليها تلك الهوائيات، ولم يرى أحدٌ مثلها في أي مكانٍ آخر. تُفتح إحدى الأبواب، ويخرج منها طفلٌ صغير مُسرعاً، يرتدي فنلّة بيضاء، غير مرتدٍ سرواله الداخلي. تخرج خلفه امرأة لم يتأكد جيداً من ملامحها، وهي تقول له:
* سجمك .. خلّي البعاتي ياكلك.
فيرد الطفل بكل وقاحة الأطفال المعهودة
- البعاتي ما بياكُلني .. ياكلِك إنتِ
* طيّيييييييب يا حماده .. خلّيك بره، ياهوندااااااك ليهو البعاتي.
وتغلق الباب خلفها. ينظر الطفل خلفه، ليجد شبح طارق (المسكين) واقفاً في الجانب الآخر من الشارع. فيُطلق صرخة مدوية، وهو يركض تجاه بيته. فتفتح له أمّه - التي كانت واقفة وراء الباب تماماً - يبتسم طارق، وهو يتذكر كيف أنّ أمه وجدته لأبيه كانتا تخوّفانه بهذا البعاتي. وبدأ يُفكر: لماذا نُخيف الأطفال بأشياء ليس لها وجود؟ بل ولماذا يجب أن نُخيفهم أصلاً؟ إذا امتنع الطفل عن الطعام نخيفه بالبعاتي فيأكل، وإذا امتنع عن النوم، نُخيفه بالبعاتي فينام على الفور، وإذا أراد الخروج نوهمه بأن البعاتي ينتظره عند الباب. وسرح (طارق بن) وهو يُفكر كيف أن فكرة التخويف هذه تطورّت حتى بدأت في تجسيد البعاتي في هيئة ( الدكتور ) و ( رجل الشرطة ). وكأن وجود شخصيات مخيفة شيء أساسي وضروري لتربية الأطفال بغض النظر عمّا إذا كانت هذه الشخصيات مُخيفة فعلاً أم لا. عموماً فقد ساعدت هذه الأفكار ( طارق بن ) وجعلته لا يشعر بانقضاء معظم الوقت، حتى فوجئ بدفّار نصف ممتلئ يقف أمامه. ورغم أن الدفار لن يصل حتى الجهة التي يريد الوصول إليها، إلاّ أنه ركب راضياً بأن يُكمل بقية المشوار سيراً على الأقدام في هذا الليل ( دون أن يخاف من البعاتي ) !!!!

Post: #2
Title: Re: طارق بَنّ . . البعاتي
Author: هشام آدم
Date: 11-22-2005, 12:35 PM

UP