حزب الامة القومي...في امتحان الشيكات الطائرة!!!

حزب الأمة .. صراعات يعمقها خصام القيادة لأشواق القاعدة
تقرير :حسن بركية
ذهب كثيرون مذاهب شتى ازاء نعى الامام الصاد ق المهدى لاتفاقية التراضى الوطنى ولملتقى أهل السودان، ففى حين ذهب البعض الى أن مبعث موقف الامام اشفاق وطنى ومحاولة للخروج بموقف وطنى لمجابهة التداعيات الدولية التى ستتبع مذكرة أوكامبو وصدور قرار من المحكمة الجنائية الدولية بتوقيف الرئيس البشير ، ردها البعض الآخر الى أن المهدى أراد استغلال السانحة لنفض يده من أى تقارب مع المؤتمر الوطنى وأراد تغليف موقف الانسحاب بمبررات قومية، بعدما أحس أن اتفاق التراضى باعد بينه وعديد من قيادته ومعظم قاعدته، وبعد أن أيقن بعد جرد الحساب أنه لم يجن سوى السراب.
ولو عدنا بالذاكرة قليلا لا ستطعنا أن نربط تسلسل الوقائع، فالذاكرة مازالت منتعشة بقصة ذلك الشيخ السبعينى الذى حل بدار الأمة في بقعة المهدي بأ مدرمان ، قادم من الأصقاع النائية في ولاية النيل الأزرق، أنصاري قح يسأل الناس بحسرة بائنة هل صحيح مايقال ويشاع، وهل إنضم بشري إلي جهاز الأمن؟، البعض تمتم بعبارات غير مفهومة، والبعض الآخر لاذ بالصمت والشيخ يلح ويسأل ولا أحد يجيب، لعن أحد الشباب الحانقين علي خط الحزب العريق إبليس وقال: نعم ياعمي بشري وانضم إلي الجهاز فوقعت الإجابة كالصاعقة علي الشيخ الأنصاري وأجهش بالبكاء حتى أبكي الحاضرين، كفكف دمعه وتأبط حزنه وحسرته، وعاد من حيث أتى.
وفي السياق أبلغ قيادي بارز في الحزب، فضل عدم ذكر إسمه، (الشرق العالمية) أنه مع بزوغ كل فجر جديد تبتعد قيادة الحزب عن نبض الجماهير، وتابع: الأمور تتدحرج نحو الأسوأ، ورسم القيادي البارز صورة قاتمة للأوضاع داخل حزب الأمة حين قال: منذ أن بدأت رياح التراضي الوطني تهب علي دار الأمة أطلت الخلافات والصراعات المكتومة والمؤجلة بوجهها في سماء الحزب.
وقال مراقبون لأوضاع حزب الأمة تحدثوا للصحيفة أن قطاعات عريضة وواسعة داخل الحزب كانت ومازالت تقف ضد أي تقارب مع المؤتمر الوطني حتي القرار الذي صدر من أجهزة الحزب بالموافقة علي المضي في خطوات التراضي لم يحظ بالتأييد الكامل وأبدت قيادات بارزة تحفظها علي القرار، وأشار المراقبون إلى أن المكتب السياسي للحزب تم تجاوزه بالكامل في موضوع ملتقي أهل السودان وشارك الحزب في الملتقي دون معرفة أو موافقة المكتب السياسي.
وأبلغت (الشرق العالمية) مصادر واسعة الإطلاع أنه بعد أنتهاء أعمال الملتقي قدمت الدكتورة مريم الصادق تنويراً إلي المكتب السياسي وإعترض عدد من أعضاء المكتب السياسي علي التنوير وإنسحب البعض ووصفوا الخطوة بسياسة الأمر الواقع.
وقال أستاذ العلوم السياسية البروفسور صلاح الدومة للصحيفة: يبدو حزب الأمة ظاهرياً حزب يتأسس على أجهزة وهياكل ومؤسسات ولكنها تعاني من أمراض عديدة وبها نتوءات كثيرة وتحاول بعض الجهات الإلتفاف عليها وتدجينها، وتابع: بدأ الحزب ينكفئ علي أسرة المهدي، ويبتعد بالمقابل عن القاعدة ويقترب من المؤتمر الوطني، وزاد الدومة: هذا الوضع سيفقد الحزب الكثير من الأصوات في أي إنتخابات مقبلة.
ويشار إلى أنه في زمان مابعد التراضي تكاثفت الصراعات وخرجت المواجهات إلي العلن، وهجر عبد المحمود حاج صالح أجهزة الحزب إعتراضاً علي خرق المؤسسية، والموقف ذاته ينطبق علي عضو المكتب السياسي صلاح إبراهيم أحمد الذي رفض كل محاولات الأجاويد وإستعصم بالبعد عن دوائر الحزب. ويقول قيادي شاب في الحزب – فضل حجب اسمه - وصلنا مرحلة من الضعف لدرجة أن يفشل إمام الأنصار ورئيس الحزب في حسم موقف بسيط يتعلق بمكان دفن جثمان الأمين العام للحزب الراحل الدكتور عبد النبي علي أحمد . وأحدث الموقف الأخير ردود أفعال غاضبة وحانقة علي أسرة المهدي لدرجة أن تصف مريم الصادق الموقف بالمؤسف والمؤلم بعد أن إجتهدت ولم تجد من الكلمات والعبارات ماتستر به عورة الموقف.
يقول أستاذ العلوم السياسية والكاتب الصحفي الدكتور عبد اللطيف البوني: علي الإمام الصادق أن ينهي جدل الموت والدفن في القبة بضربة لازب لأن الإصرار علي الأرستقراطية الأسرية سيظل ندبة في وجه حزب الأمة القومي ويقدح في قوميته.
مراقبون قالوا للصحيفة أن الصراع داخل الحزب يتمحور بصورة أو بأخري حول أسرة زعيم الحزب الإمام الصادق وبعض القيادات التي تحظي بتأييد كبير وسط الشباب وتتخذ موافق مناهضة لأي تقارب مع المؤتمر الوطني، وتعتقد هذه القيادات أن أبناء الصادق يتمددون في أجهزة الحزب ببطاقة الأسرة متجاوزين شروط الكفاءة والتأهيل.
غير أن القيادي بالحزب اللواء "م" فضل الله برمة ناصر يري أن الحزب قائم علي أسس وإذا وقع الإختيار علي أحد من آل المهدي بحكم الخبرة والكفاءة فليكن ذلك ولا يدخل عامل الإرث التاريخي في الإختيار مطلقاً، ولكن معطيات كثيرة تؤشر لنمو نفوذ الأسرة بشكل متواصل وسريع، في حين أكدت مصادر مطلعة أن إبتعاد عبد المحمود حاج صالح له علاقة وثيقة ومباشرة بخروقات أبناء الإمام للمؤسسية، ونشرت صحف الخرطوم في الإسبوع الجاري بياناً وقعه عدد من شباب الحزب ينتقد تصريحاً وتلميحاً نجل الصادق (عبد الرحمن) ويكيل له الإتهامات.
يذكر أن الصراعات تتمحور وتتلون وتأخذ أشكال مختلفة ولكنها تنحصر حول القيادة ومركز صنع القرار وخرق المؤسسية والإنحراف بالحزب بعيداً عن أشواق الجماهير، ومن المفارقات أن يتماهي موقف مبارك الفاضل مع نائب رئيس الحزب المستقيل الدكتور مادبو والنائب الآخر للرئيس بكري عديل وهم من يعرفون على نطاق واسع بأعداء الأمس، ويلحظ مراقبون اقتراب مبارك الفاضل من خط الجماهير في حين يبتعد الإمام الصادق عن أشواق جماهير الحزب ويخاصم تدريجياً مواقف مادبو وعديل، مع ملاحظة اصطدام محاولات عودة مبارك الفاضل إلي حزب الأمة القومي برفض الصادق وأسرته بدلاً عن معارضة مادبو وعديل.

التسوي بإيدك يغلب أجاويدك

...

!!!!

up