كلتشي في وطن القماري

عبد الله الشيخ
خط الاستواء
ينبغي على الشاعر النحرير عبد الباسط ابن سبدرات، بعد ان أكمل صياغة مدونته (في حضرة علي)!، وبعد ان رمى بسهم في تفسير آيات الكتاب.. ينبغي عليه ان يتجه مباشرة الى تصحيف يتوخى الحداثة على هامش متن الاجرمية!..

فقد كانت من بين أحلام الشاعر في عصر حركات التحرر ان يرجع القمر حقاً وصدقاً الى وطن القماري!..

اقترنت ذكرى الشاعر النحرير عندي بـ(عالم الرياضة) الذي ينقل الآن بالتفصيل الممل أنباء انتقال كلتشي من القمة الى القمة! لان الذي لا يحب صعود جبال التمكين يعش أبد الدهر بين الحفر!..

وما أدراك أيها المواطن ان يكون كلتشي أيضاً قد تمثقف بالقانون وبأدب النضال اليساري؟ وانه انتقل الى حيث يذهب الناس لخدمة المواطنين جميعاً من خلال (وطن القماري) الذي هو من بنات أفكار الشاعر؟.. لهذا السبب تحديداً استكثرت غضب الهلال من انتقال لاعب مستورد من السوق العالمي، رغم ان وطن القماري يستطيع استيراد لاعب آخر غير هذا من السوق العالمي الكبير.. فقد أتاحت الأزمة المالية العالمية هامشاً للحراك في السوق قد لا يتوفر غداً..

الشاهد ان وطن القماري لم يبحث في الأسواق عن بضاعة جديدة لان فكرة وطن القماري (الشاعرية) تقوم أساساً على الإبدال والإحلال.. السوق مليان، وعلى قفا من يشيل، لكن أيضاً.. الناس على دين ملوكهم، فقد انتقل الشاعر في سابق العصر والأوان الى........ لأن السياسة في السودان مثل تباريح الهوى ذات الوصف الصعيب، ولأن السياسة ترتبط بالأشياء الطائرة في السماء.. ومن هنا يأتي عشق السوداني القح للنجوم، ولهذا تجده يراقب ظهور (عطارد) الذي تقول الرواية انه سيظهر من وراء البحر الأبيض المتوسط.. ولهذا تجد السوداني يتغزل في النجوم التي يراها يوماتي في عز الظهر، ويحب الهلال الذي يمشي ويجي، ويحن الى القماري ويردد أناشيدها لصغارها وهى لا تعنيه بشيء!. فهي فقط ترجع الى أعشاشها في المغيرب!..

ويعلم الشاعر الذي تكيفت أوضاعه كلها داخل وطن القمارس.. يعلم تمام العلم ان ما ينفع الناس يمكث في الأرض، والدليل على ذلك مصنفاته التي دونها في (حضرة من أهوى)!..

وكما ان للشعراء طموحاتهم في (النغنغة) فإن لأهل كرة الشراب تطلعاتهم في سماع أخبار الملك السعيد الذي تنبئه الوداعية بتفاصيل يومه قبل وصوله الى القصر، وبنتائج المباحثات قبل وصول الوفد الزائر، ولهذا أيضاً لن يعود كلتشي الى الهلال، ولن تكون محطته التالية في أم دوم، إذ لا يعقل ان يقدم عاقل على السكون في (نيفاشا).. كما ان سبدرات لن يعود الى حزب الطبقة العاملة بعد ان صار من منظري حزب الطبقة العالمة.. فهناك فرق كبير بين العالم والعامل، وبين العلم والعمل بالعلم، وتلك جدلية كبرى قد يتمكن الشاعر من فك شفرتها إذا أتيحت له الفرصة بالانتقال الى بيئة أكثر طالبانية من وطن القماري.. فهناك يجد الشاعر الأجواء المناسبة للتأليف في سيرة من يهوى من مشاهير وطن القماري!..

وسكن الشاعر النحرير العش السعيد وتمدد على وثائر أصحاب السعادة والفخامة وفى عبير الأمكنة يتفياً ظلال خدمة الشعب والطبقة ويرجح كفة صراعاتها.. والباحث الذي يتأمل يجد أمثلة أخرى تتمدد على وسائد الخدمة الطويلة الممتازة.. يجد جلال ابن يوسف ابن الدقير الذي يبدو(للمراقبين) ان كلتشي قد اتخذه قدوة ورمزاً!.. إن آلاف الأعيان داخل الأحزاب البائدة الذين لا يطيقون الوقوف في صف الانتظار لعطارد.. هم كذلك يرغبون في مناخ الوثائر لخدمة الشعب من داخل وطن القماري!..

كلتشى