الحب في زمن الجداد

الحب في زمن الجداد


11-27-2008, 11:17 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=180&msg=1227781044&rn=13


Post: #1
Title: الحب في زمن الجداد
Author: adil amin
Date: 11-27-2008, 11:17 AM
Parent: #0

- شوفا بتاشر لى...
_ يا الريح انا ما شايف حاجة!!
- شنو ما شايف حاجة
- ارى شجر يسير
-بطل فلسفتك دى يا حاقد
الريح من ابناء الجزيرة الخضراء..حيث يتلون الداخل الانسانى بكل الوان قوس قزح..تشكيلى بالفطرة ...يعشق الجمال اينما حل وارتحل..حتى فى هذه القرية فى سهول تهامة التى يكسوها الون الرمادى فى الغالب..الريح انيق وسلس...ويهتم بالعطور وكما قالت جدتى الحرم(الما ببقى نفسو زول مافي زول ببقي )..جئنا في بداية التسعينات الى اليمن الشقيق وكنا نحن ثلاث معلمين سودانيين..فى مدرسة القرية الاعدادية التى بنتها الكويت وهى من الحجر الجميل وسط بيوت القرية والعشش البسيطة اشبه بخضراء الدمن... انا ادرس العلوم والرياضيات الريح يدرس الاجتماعيات والانجليزى...وآدم من ابناء الغرب يدرس التربية الاسلامية والعربى
***********
- الليلة يا اخوى شاى مع الطقوس
_ يعنى ما نحضر الدروس
_ليه انت بتحضر ارواح..فكنا ياخ..وينو شريط عثمان حسين
قام الريح بتجهيز المسجل ،وجلس العصر يحدق فى الباب البعيد ..لحظة انبثاق شقيقها الصغير مندفعا نحو المدرسة يحمل ترموس الشاى..اختطف الريح الترموس وسكب لى الشاى ما قل ودل وهو يرمقنى شرا
-طبعا نوعك ده ماشى فى جاه الملوك ويلوك
- يا اخوى انت موهوم...انت مجنون
- خلينى اجن وازيد فى الجن وانتو السبب فى جنونى
ويشير الى البيت البعيد..فجاء تعترى الريح الرعدة ويعود وهو يغنى بصوته الاجش
- معالم لا نهائية حنين دفاق حنان زاخر..يا اخى الحب ليه اثر..هسع مرت بحمارها راجعة..بالله دى تمشى تحش القش وانت عامل فيها مدرس هنا
- طيب ما تمشى انت تحش ليها القش
_ الله...الله..لو ما الحكومة والعسكرى والوقف دقار..انت عارف لمن تمر الصباح هنا وانت منجدع نايم....بترسل لى رسائل مشفرة..وو
_ الريح خلينا نحضر...انت ما تكلم المرفعين الراقد جوة ده..يعرسا ليك
_ لا ..لا الشر بره وبعيد عايز الكوز ده يقيم فينى الحد..خلينا فى حالنا...
استمر الحال هكذا ..الريح الانيق يجلس الصباح عند ناصية المدرسة ينتظرها عندما تمر الى المزارع....ثم يجلس العصر وينتظر عودتها الى البيت وترموس الشاى...والاسطوانة..القديمة وشرايط عثمان حسين
_..شايف بتاشر لى كيف بالحيطة
_ يا اخى ما شايف حاجة
- عمي الدباس...دى عندنا فى الجزيرة الخضراء يا بتاع الصحراء الكبرى انت.....
***********
لكن دوام الحال من المحال...فى هذه العصرية بالذات..بعد ان اعد الريح الكراسى فى ضل العصر...والمسجل..والريح تجاوز مرحلة عثمان حسين ودخل مرحلة الست (ام كلثوم).. وكل خميس وجمعة تفد الينا من مدينة الحديدة القمصان الانيقة والعطور والشرايط عبر جسر جوى ...اليوم الموسيقى التصويرية (امل حياتى)
..جات اللحظة المناسبة وشاهدها الريح تنساب بحمارها والذى لطالما تغزل فيه الريح وردد(ان هذا الحمار يا غبى ياخذ بعد رابع ..لانه حمارها)..دخلت البيت..ثم مضت لحظات انحبست فيها انفاس الريح...ثم مضى وقت وانفتح الباب واندفع الطفل ولكنه افزع الكلب النائم تحت عتبة الباب فعوى بشدة..وطارت الدجاجة ..من مكمن العير من الطاقة البعيدة...الدجاجة التى كانت تلوح يوميا للريح باجنحتها..بدات الاشياء تتداعى ..ترك الريح كرسيه ودخل الى المدرسة وتمدد فى سريره جوار ..ادم الذى يغط فى سبات عميق..ونفردت انا بالشاى وشريط الست وجلسة الطقوس..واتامل الدجاجة المفزوعة تعود الي مكانها العتيد وتلوح لى باجنحتها..
***************
- يا الريح ما تزعل ..تحصل فى ارقى العايلات
_.....
- يا اخ فى مصر فى عمارات الاحياء الشعبية ..كم شاب احب مكنسة فى بلكونة كان يظنها بنت الجيران
-...
- وكم شابة احبت بجامة معلقة فى البلكونة..واحيانا ثلاجة(زوج مرة الجيران)
-ممممم...
- الريح...ما ترد يا اخ...شنو كاضم كده!!
- اسمع قوم فرتك...خلاص انا تانى برنامجى مع ادم..المسجد والمدرسة وبس... ابعد منى يا كج..الله يكجك ويكج الشمالية بتاعتك دى غير الكتاحة ما فيها شى ..
ذهبت كل جهودى ادراج الرياح..حتى تعيد الريح الى مرحه واناقته القديمة وشرايط عثمان حسين والست وجلسة الطقوس ..وفى الماضى قالت العرب (لا عطر بعد عروس)....واصبح الريح يلبس العراقي والسروال ويسمع فقط اغانى الراحل المقيم مصطفى سيد احمد....
****
التحية لكل ابناء الجزيرة الخضراء فى اليمن...وكل الاسماء فى هذه القصة مستعارة


.. حكاية الريح واحدة من حكايات المعلمين السودانيين الذين جاءوا من بلادهم البعيدة من وراء بحر القلزم يحملون المصابيح .. فكان لهم ثروة كبيرة لا تقدر بثمن .. إنها حب الناس العاديين، أصحاب القلوب الذهبية المضيئة ، إنهم البسطاء في سهول تهامة وعلى امتداد السعيدة

Post: #2
Title: Re: الحب في زمن الجداد
Author: adil amin
Date: 11-27-2008, 11:31 AM
Parent: #1



pluginspage="http://microsoft.com/windows/mediaplayer/en/download/"
id="mediaPlayer" name="mediaPlayer" bgcolor="#000000" showcontrols="false"
showaudiocontrols="false" showtracker="-1" showdisplay="0" showstatusbar="0"
videoborder3d="-1" enabletracker="false"
src="/nsdoc/06ece687-494b-4c47-811e-b39392434543/?id=1158825828424"
url="/nsdoc/06ece687-494b-4c47-811e-b39392434543/?id=1158825828424"
autostart="-1" designtimesp="5311" loop="false">


Post: #9
Title: Re: الحب في زمن الجداد
Author: adil amin
Date: 11-30-2008, 08:28 AM
Parent: #2

[QUOTE]....بيت الشاتي...........


عادل الامين
[email protected]


كل ما استيقظ صباحا على صوت ثلاث عصافير تغرد فى نافذة الفصل الذي اتخذه مسكننا فى مدرسة على تخوم قرية فى سهول تهامة فى اليمن ، قرية مظلمة حسبها من الحضارة ان تظهر على الخارطة ولكنهاتضى ء بقلوب اهلها الطيبين ..اسال نفسى(لماذا انا هنا؟؟
واتداعى..........
.......................................
هكذا كنا نراها...الجدة الشاتي ام سليمان..تقبع في بيتها وحيدة بعد رحيل الوالد والولد الي الرفيق الاعلى او الى الخرطوم...بيتها يقع وسط محيطات لا نهائية من الرمال الوقحة التي تدفن كل شيء....كنا نغامر انا واخوتي الصغار في عبور هذه البحور المشتعلة من الرمال التي تحرق اقدامنا الصغيرة لنزورها وننعم بكرمها الحاتمي من تمر وجرم وبسكويت كوكو..كانت غاية في الجمال لا تقل من النساء الائي يزينن صناديق الحلوة "دايما على بالي" وكريكاب وتزين بها البرندة حيث تقبع هناك في جلالها المعهود تغمرنا ا بابتساماتها الطيبة ونظراتها النافذة التي لا تقل من اسي لكائن وحيد يعيش في بيت يضج فقط بالزكريات الصادقة وجميلة والتي مهما تجافينا نقول حليلا..وعند الغروب تكون زيارتنا الثانية لطائر الغرنوق الجميل..لانها تكون قد ابت من المزارع وتحمل سنابل الذرة الشامي...نهجم على الحمار ونتسابق في قطع رؤؤس الذرة كما يفعل امهر سفاح في عالمنا المعاصر او اصولي متشدد في العراق...تشعل لنا الجدة الفحم ويتلظى الاتون ونلقي باكواز الذرة وتنبعث الطقطقات والعويل وتخافتنا حولها..
وكما قال المطرب الشعبي
حلاة ناسا بلا السكر
طعم قراصة في قدحا من الدبكر
كواريك شفع المغرب
يقلبو في الجمر قنقر
...........
وعندما يعسعس الليل..وتسكن الكائنات..يرتفع انين سيارة من الشرق..تنهض الشاتي وتنظر في الافق المعتم لمصابيح السيارة التي تتقاطع من بعيد ومن نفيرها المنغم ؟!!بنغمة شعبية تدل على سائقها ونعرف هل هو لوري عطاية ام جابر..
تحدق الشاتي في الافق للحظات وتجلس وتنظر الينا في اسى وتتنهد:..."ان اللذين مضوا لا يعودون"...منذ ان بدات هجرة النخيل الى المدن الخراب بعد ظهور مرفق السكة الحديد.. نغادرها وحيدة مع قليل من الدجاج والماعز وحمارها الاعجف..فتتكوم في العنقريب وتتغطى بثوبها النظيف وهي تتمتم بايات قرانية: "اللهم اعشنا في سلام وامتنا في سلام وادخلنا دارك دار السلام،تباركت وتعاليت يا ذو الجلال والاكرام"..في انتظار جودت الذى لا ياتي ابدا.... وكغيرها من كائنات الرمال تبقي الشاتي فقط في اروقة الذاكرة كامراة كان لها موقف من الحياة واثرت البقاء في الرمال على النزوح للبنادر المزعجة...وتصبح احدى شخصيات رواية الساقية*
.................
كل ما استيقظ صباحا على صوت ثلاث عصافير تغرد فى نافذة الفصل الذي اتخذه مسكننا فى مدرسة على تخوم قرية فى سهول تهامة فى اليمن ، قرية مظلمة حسبها من الحضارة ان تظهر على الخارطة ولكنهاتضى ء بقلوب اهلها الطيبين ..اسال نفسى(لماذا انا هنا؟؟
واتداعى..........

الحديدة 1998
رواية الساقية: منشورات مركز عبادي للدراسات والنشر -صنعاء اليمن 2005

Post: #3
Title: Re: الحب في زمن الجداد
Author: خضر حسين خليل
Date: 11-27-2008, 03:27 PM
Parent: #1

حاجة غريبة والله
كتابة زي دي تكون في آخر المنبر




شكراً ياعادل علي الجمال المسكوب دة
وعلي الأنيق ابراهيم عوض

Post: #4
Title: Re: الحب في زمن الجداد
Author: حسين محي الدين
Date: 11-27-2008, 03:56 PM
Parent: #3

الحمد لله يا عادل ما عندنا بلكونة

تسلم أيدك على الشغل الحلو

Post: #5
Title: Re: الحب في زمن الجداد
Author: ابو جهينة
Date: 11-27-2008, 07:51 PM
Parent: #4

عادل أمين

تحياتي

كتابة باذخة تحفر في عمق الوجدان بحروف صادقة

كما قال خضر : مثل هذا النضمي السمح يكون دون رواد ...

كن بخير

Post: #8
Title: Re: الحب في زمن الجداد
Author: adil amin
Date: 11-29-2008, 01:16 PM
Parent: #5

Quote: عادل أمين

تحياتي

كتابة باذخة تحفر في عمق الوجدان بحروف صادقة

كما قال خضر : مثل هذا النضمي السمح يكون دون رواد ...كن بخير


نسوى شنو يا ابو جهينة

ذى ما قال الفنان محمد عبده
لكل بضاعة شراي وسوق
وبضاعتنا بايرة في سوق ليبيا ده

Post: #7
Title: Re: الحب في زمن الجداد
Author: adil amin
Date: 11-29-2008, 01:13 PM
Parent: #4

Quote: الحمد لله يا عادل ما عندنا بلكونة

تسلم أيدك على الشغل الحلو




العزيز حسين محي الدين
سلام
اكيد ما عندكم بلكونة
لكن عندكم نيمة في نص الحوش بتتشعبطا كل يوم عشان تشوف سعاد تقش في الحوش بيغادي
مرحب بيك في دربنا الاخضر

Post: #6
Title: Re: الحب في زمن الجداد
Author: adil amin
Date: 11-29-2008, 01:10 PM
Parent: #3

Quote: حاجة غريبة والله
كتابة زي دي تكون في آخر المنبر


شكراً ياعادل علي الجمال المسكوب دة
وعلي الأنيق ابراهيم عوض


الاخ العزيز خضر حسين خليل
تحية طيبة
سؤالك في محله
في البورد ده كان جينا للبوبار نلقى ناسو كثار

لازم بضاعتي تبور لاني ما عندي شلة
يعني لا شيوعي ولا كوز
وديل الافسدو الذوق العام في السودان وفي هذا البورد وهم وجهين لعملة واحدة لا قيمة لها في النظام العالمي الجديد
تشكر عل مرورك

Post: #10
Title: Re: الحب في زمن الجداد
Author: الطيب رحمه قريمان
Date: 11-30-2008, 08:43 AM
Parent: #6

الاستاذ عادل أمين


لك التحية


كلامك معسول و أحلى من الشهد


Quote: .. فكان لهم ثروة كبيرة لا تقدر بثمن .. إنها حب الناس العاديين، أصحاب القلوب الذهبية المضيئة ، إنهم البسطاء



لك محبتى

Post: #11
Title: Re: الحب في زمن الجداد
Author: المسافر
Date: 11-30-2008, 11:04 AM
Parent: #10

جداد

جداد

Post: #12
Title: Re: الحب في زمن الجداد
Author: adil amin
Date: 12-02-2008, 09:48 AM
Parent: #10

شكرا على مرورك اخي الطيب

والمسافر

Post: #13
Title: Re: الحب في زمن الجداد
Author: adil amin
Date: 12-02-2008, 10:04 AM
Parent: #12

Quote: بين حمود صاحب لوكندة اضواء اليمن فى الحديدة وعم عبد الغنى صاحب الفول والتميس فى الاسفل حرب اطول من من حرب داحس والغبراء،تبداء دائما عند الفجر عندما يسكب حمود جك كامل من الماء البارد المحفوظ خصيصا منذ الليل فى ثلاجة اللكوندة الديب فريز،تسمع السباب من اسفل باللهجة اليمنية المحببة ونعرف ان القزيفة اصابت الموقع بدقة،ينام حمود في الظهر وتاتى الهجمة المرتدة من عبد الغنى الذى يسكب عليه اضعاف من المياه الباردة،لم اكن اتوقع يوم انى ساكون طرف فى هذه الحرب الباردة بين رجلين من ناحية واحدة فى تعز،اخبرنى حمود بانى اذا نبهته للغارة قبل حدوثها ساضمن نوم مجانى فى اللكوندة،ام عبد الغنى فقد قال لى اذا اخبرتنى بمواعيدنوم حمود تفطر مجانى بالفول والتميس الذكى الرائحة ،فى الحقيقة كان العرضين مغريين لذلك فضلت ان اللعب دور العميل المزدوج واستمرت اللعبةطويلا ولكن كعادة الخونةمن امثالى واجهتنى نهاية مؤسفة بعد ان دخلت فى المعركة اسلحة جديدة"القعموص" فوجئت يوما وان استيقظ صباحا برتل من نمل القعموص يزحف على الوسادة كانه رتل من المدرعات فىطريقه الىانقلاب مشؤم وعرفت بعده ان دولتى فى الكوندة قد دالت ولامقام لى فى منتزه اضواء اليمن،اما بالنسبة لعبد الغنى فقد دس كمية من البسباس الحارق فى فولى الذى اكله دون بسباس ومن اول لقمة ازدرتها بثقة شديدة ودون كوب ماء فى الجوار اشتعلت نيران الجحيم فى حلقى مع العطاس وكل الون الظلام،علت قهقهات عم عبد الغنى لترتفع الى اعلى وحيث يقبع حمود كالقط يخزن ويمضغ وريقات القات وقد علت فمه ابتسامة خبيثة ،يبدوا ان دور العميل المزدوج قد تضررت منه كثيرا ولكنه اوقف الحرب بين الرجلين الى حين..انها اليمن وسحرها الذى لا ينفك يحتوشك من كل جانب وانت تعيش بين حب الناس العاديين.. تلك الثروة التى اتقدر بثمن
*********
نتعمد الاسراف
كى نستر الفاقة
الزاد خبز حاف
والنفس افاقة