خطاب التغيير عند باراك اوباما وخطاب الحواكير عند عبد الواحد احمد النور

واخيرا عانق التاريخ افريقيا بعد جفوة وخصومة اسهمت فيها فترات الاستعباد
والاستغلال والاضطهاد والنظرة الاستعلائية الاقصائية للاشياء والقيم....افريقيا فى
المخيال....موطن الاساطير والسحر والفساد...بلد الكروب والخصاص والمجاعات...بلد
العنف والدم والصراعات الاثنية....الجهل والامية....تلد تاريخا جديدا يشكل قطيعة
وتصحيح خطيئة الانحراف لتراث المجانيين الذين يؤمنون بعقدة تفوق العرق الابيض
جاء باراك اوباما من هذا المستنقع والفوضى ليجسد الحلم والاشواق والتطلعات وليعبر
بها الى فضاءات الانسانية بقيمها فى الخير والحرية والحب والوجود بعد ان كادت لتصل لمرحلة
الياس والقنوط من بزوق فجر الامل فى قدرتها على ريادة العطاء الحضارى الانسانى باكمله
جاء باراك ...مولود الوعد الحق ....بولائه المزدوج وبوعيه لكل اشكال الصراع التاريخى
حول المصالح والعرق والقيم والحرية....بدا حملته الاحيائية لا ستنهاض الهمم بتاصيل
مفهوم التغيير فى ابعاده الفلسفية العميقة بغية اصلاح الفرد والمجتمع والدولة من
تراكمات المظالم التاريخية التى دشنتها حقبة تاريخية امتدت لحوالى ثلاثة قرون
من ظلم الانسان لا خيه الانسان فى اعتى ديمقراطية فى العالم التى انجبت نقيضها
من احشائها ...فلا بد للليل ان ينجلى ,ولا بد للقيد ان ينكسر ولا بد ان يستجيب القدر
ولكن كيف حدث ويحدث ذلك؟؟ما هى معجزة اوباما التى امن بها قومه؟؟؟؟

حظى باراك بثقة الحزب الديمقراطى ,كمرشح للرئاسة,لما يتمتع به من قدرات
ومهارات فائقة فى التعاطى مع الملفات المختلفة...تعينه فى ذلك قصة نجاح
فذ ...من العصامية والاعتداد بالذات والطموح الذى جعل من المستحيل ممكن بجانب
خلفيته الاثنية التى كانت مصدر الهام وسر القبول الذى حظى به...كانت الحجج
الثمانية لحكم الجمهوريين من اسواء الفترات التى شهدتها الولايات المتحدة
الامريكية منذ ميلادها....برنامج المغامرات العسكرية الفاشل فى كل من العراق
وافغانستان...تحت ما يسمى بمكافحة الارهاب واسلحة الدمار...التراجع القهقرى فى الميادين
الاقتصادية والاجتماعية والحقوق والحريات العامة...خرق قواعد القانون والاعراف
الدولية فى تجاوز سافر لما يسمى بالشرعية الدولية فى كثير من بؤر النزاع فى
العالم...الفشل فى ادارة هذه الملفات اتت بنتائج كارثية من تجلياتها
الازمة النقدية والركود الاقتصادى ومضاعفاته على الاقتصاد العالمى
بمجمله لما له من ارتباط بالدولار...بجانب ملفات الطاقة والضمان والصحة
وتراجع مسيرة الحقوق والحريات (معسكر غوانتنامو)

رفع باراك اوباما شعار التغيير كبرنامج سياسى لمجابهة تحديات المرحلة....بعيدا
عن الاحادية القطبية ومحور الخير والشر والحروب الاستباقية والاقصاء والعزل
والهيمنة وخرق سيادة الدول ومصادرة حريات الاخريين والمعايير المزدوجة....التغيير
لاجل المساواة والنزاهة وعدم الظلم ....يطلقه بزخم نوعى لا سابق له على المستوى
العالمى ...بجانب الوضع الاقتصادى الصعب الذى يرقى الى مستوى الكساد وهو ما كان
هاجس 60 بالمائة مما قاموا بالتصويت كما ان ارتفاع حجم المشاركة فى التصويت لا نظير له
مما يعنى انحياز المجتمع الامريكى لقيم التعايش والتوحد والوئام الاجتماعى الذى
كان يختزله فى شعار التغيير ...وبذا حصل اوباما على تفويض شعبى منقطع النظير وهو
الاتى من الشريحة الدنيا للطبقة الوسطى الامريكية ولكنه خريج نخبوى من اهم جامعتين
فى امريكا هما كولومبيا وهارفرد....والناشط الاجتماعى فى احياء شيكاغو الفقيرة المنتمى
الى الفئات العرقية الاكثر تعرضا للا ضطهاد فى التاريخ السياسى الغربى ولربما
العالمى هم السود الامريكيون.....فباى رسم نقرا خطاب الحواكير على هدى التجربة؟؟؟

up