الانقاذ ، وبيضة الديك !..

عبد الله الشيخ
خط الاستواء
صحيح ان هناك بحيرة ماء ضخمة تحت الرمال الزاحفة فى شمال دارفور .. هذا الخبر تردد فى وسائل الاعلام فى سياق بحث الانقاذ المحموم هذه الايام عن حل لمأساة دارفور ..
لقد وقفت على بحيرة الماء الضخمة وشربت منها فى بداية التسعينيات ، حين كانت الارض تضيق بما رحبت ببسط الشمل الآمن ،والانقاذ مشغولة بالمتحركات ..و كانت دارفور فى ذلك الحين على تراضٍ نوعاً ما مع حكام الخرطوم ..
الخبر صحيح ، ولعله بيضة الديك الانقاذية ، إنه الخبر الوحيد الذى ارى ان الانقاذ قد صدقت فيه تماماً ..
دخلنا وادى( المطس ) بعد سفر ثلاث ايام ناحية الجنوب الشرقى من العوينات .. فى مدخل الوادى امر السائق المساعدية بتنفيس اللساتك الى اقل من نصف العبوة ..وانزل الركاب ، الذين حمل بعضهم الصاجات ، وبعضهم العيدان ، و بدأوا زقها تحت اللساتك.. اللورى فى وادى المطس يدب ، ويحبو حتى لا يغطس فى الرمال .. خدمنا هذه اللساتك خدمة!! حتى لانبيت فى هذا المكان ، ولكل مكان فى هذه الدنيا عسس!..
بلغ بنا التعب مبلغه ، ولابد من اكمال المسيرة ، بطريقة العسس او بغيرها .. لان البديل فى الصحراء اما ان تعرق او تموت ..ليس هناك عطف فى الصحراء، واستمر مسارنا فى الكدارى( مسافة تمشى) من سنار التقاطع ...حتى سندة الحاج عبد الله ..
اخيراً ، فى عصراً بدرى ، ركز اللورى على سفح حجرى اصابه صلع من هوج الرياح ..
والرياح ( تنوح ، وتسوى هو)!..
الرمال لاتحتمل على صدرها قشة او حبة ، تضيق زرعاً بالحوافر..
خطوط العرض اجمالاً هى الصحراء الكبرى ، التى لاحياة فيها لانسان اونبات ..وكيف ترتكز بذرة أوحبة هنا والرياح تقتلع كل الجذور وتنظف المكان بين الفينة والاخرى؟..
هذا مسرح الجفاف كما خلقه الله وكما صوره الخيال ..
حمل المساعد الكوريق ،وبدأ يحفر فى منحدر بين تلال الرمال ..قلنا انه يحفر قبراً لجسد لابد ان يموت فى رحلة ما كان ينبغى ان تبدأ، وليس من الممكن بعد ضربة البداية تحديد مساراتها .. ظنناه يسخر حين قال لنا ان الماء على عمق مترين تحت هذه الرمال .. !..
رمى السواق باطار سيارة فى الحفرة ، حجز الاطار حواف الحفرة من هيلان الرمال ، ونزل المساعد فى دائرة اللستك وبدا ينكت الرمال .. ثم بعد عمق متر صار يرمى المتشككين بالثرى ..الماء على عمق متر !..اى حظ مدفون هنا فى الفلاة ؟ .
ظهر جمام الماء ، فآمنا بيقين ان الله يرزق السمكة فى البحر ، والنملة فى الصخر ، ويرزقنا اذا شاء مايثلج صدورنا بعودة مياه التعددية الى مجاريها الطبيعية !..
امتلأنا من الماء ، تركنا البئر تتهايل عليها رمال سحابة اليوم التالى ..
قال لنا السواق :ـ المكان ده لو زرعت فيهو زول يقوم ! ..لكن البيقعد هنا منو؟ ..
ثم تجاذب الركاب موال يحكى اخبار شياطين الظلام ، وان مارد طويل جاء الى ركاب اللورى الذى قضى الليل هنا وامرهم ان ( يشتتوا) ، وإلا ..
..قال احد الركاب ان هذا المكان هو ميدان الشفتة ، قطاع الطرق ..اهل السلب والحلب ، الذين يستمتعون بترقيص الرجال رقصة العروس ! ..
نسيوا جميعاً بحيرة الماء .. واستطردوا فى حديث عن شياطين الجن وشياطين الانس الذين تعجبهم رقصة العروس ..
نسيوا لأن الناس على دين ملوكهم ..
وكما نسيت الانقاذ دارفور فى ساعات الرخاء !فقد نسيت دارفور الانقاذ فى ساعة الشدة !..

قرأت بمكان ما لا أذكره انه وفي عهجد الانجليز تم زراعة البطاطس بمكان ما في غرب السودان..... وكان انتاجها محيرا لدرجة ان الحكومة منعت زراعتها مجددا في ذلك المكان لانها تريد قطن وصمغ السودان وليس منافسته لدول اوربية في انتاج الخضروات وقرات انه وللعجب منذ ذلك الحين لم تزرع فيها بطاطس.....
لا اعرف صحة الرواية لكنني اعرف اننا نملك ترابا " لو زرعت فيه زول يقوم"
اوجعتني الحقيقة التي ذكرتها .

اخشى عليك ياحبيبى من مزيد الاوجاع
حين اقول لك مرة اخرى ان سواق النيسان هو صاحب العبارة ..
بالرغم من كل هذا نشبت الحرب ،
ومات الناس المساكين اوانطة
وبقينا فى حكاية الهجين والعجين ،
ولم تخلص
ولن تخلص الحدوتة ..
اليس حديث الانقاذ عن البحيرة ..
بعد ان اسالت بحيرات الدم
هو
هو .. بيضة الديك؟
لا تتوجع يا سيدى .. بعض النسيان اصوب ، وانفع للصحة !..

عup