مبـادرة أهـل جنوب أفريقيا أم مبـادرة أهـل السـودان ؟

مبادرة أهل جنوب أفريقيا أم مبادرة أهـل السودان,

في بلادنا انتشر الأدب الصوفي منذ مئات السنين, واعتبر السودانيون أن الطريق إلى معرفة الله وعبادته لا بد أن يمر من خلال سلوك يرشد إليه أحد العارفين الذين توصلوا لهذه المعرفة قبلاً وتتلمذوا على عارف من العارفين. في الأربعينات من القرن الماضي نشأت حركة الأخوان المسلمين متأثرة بالفكر الإخواني المصري وواجهت الحركة بداية مقاومة عنيفة, لم تقبلها الأوساط التقليدية باعتبارها بدعاً من التدين لا يمر بالسلوك المعروف للطريق الموصل للمعرفة كما اختط وسلك,

على أية حال مارست الحركة التي سميت فيما بعد بالاسلامية السياسة والتفكير بطريقتها الخاصة ونسيت التدين في خضم التحولات التي مرت بها فانفرط نظام التربية والسلوك فيها وضعف إلا من محاولاتها فرض السيطرة على المساجد واستجلاب خطبائها ليخاطبوا الناس بتأييد (ولي الأمر) وطاعته أو من أنشطة الكوادر الطلابية التي تتوصل بالتدين لتأمين طاعة وانسجام المنتسبين لتنظيمات الحركة.

أحمد الشايقي

نظرت كثيراً في المشكل السوداني في دارفور على وجه الخصوص, وكتبت أيضاً عنه الكثير وتبرعت بنصح الدارفوريين وغرمائهـم إلى أن آلت مآلات السلطة وخصومها إلى ما آلت إليه من تــرد ماحـق, فكان أن طرحت الحكومة السودانية على لسان رئيس الجمهورية بشخصه فرصة التباحث حول الوضع الكارثي للبلاد وأهلها وحكومتها بل ورئيسها. وكان أن تابعت ما تفضل به مندوبو الكيانات والطوائف والأحزاب في لقاء القصر الجهوري وكان كلاماً حميماً رحيماً بنظام لم يعرف الرحمة يوماً في التعامل مع ذات الذين يرأفون به الآن.



ثم تمخض الجهد العام عن ما اعتبر أنه مبادرة, هي ما سمي بمبادرة أهل السودان, وهو مسمى برع فيه أهل النظام المعروفين بالبراعة في تسمية المبتكرات السياسية المتواصلة, وهانحن أمام مبادرة أهل السودان, فهل هي الحل السحري لمشاكل البلاد والعباد في جمهورية النظام الحركي الاسلامي ؟


أحمد الشايقي

توجهت مرة بالسؤال إلى أحد أقطاب الحركة الاسلامية في جهد متواضع بذلته قبل سنوات مع بدء اندلاع الحرب في اقليم دارفور عن الجهد السياسي الذي يجب أن تبذله الدولة سريعاً جداً لتدارك هذه المشكلة قبل أن تستفحل ويكثر ضحاياها وكتبت مشروعاً يتناول كل جوانب المشكلة ولا ينقصه سوى القناعة السياسية للنظام بالقيام بالخطوات اللازمة لجهة الحـل, فقال لي أن المشكلة تكمن في حسن الترابي الذي يدير الأزمة من خلف الكواليس وهو يريد السلطة, فقلت له: لماذا لا تصل الحكومة لتسوية مع الترابي ومع غيره, وذلك بحلول شاملة يرضاها الجميع ويستطيعون فرضها على الترابي لو أبى ؟

يقودنا هذا الخيط إلى الطريقة التي تطرح بها الحكومة ما سمته بمبادرة أهل السودان, فهي تستصحب فيها مؤيدوها في دارفور وهؤلاء جزء من المشكلة ومطالباتهم ووضعيتهم تبقى تعقيداً بدلاً من أن تعد في خانة التسهيلات وتستصحب حزب الأمة القادم بقوة الإمام بعد توقيع التراضي الوطني, وحزب الأمة قد حصل على ما يرضيه على ما يبدو على الأقل من جهة الوعود فهو ينظر بعين الرضا, وتستصحب عدداً من أحزاب التجمع وهؤلاء من أول الساخطين على مستوى تنفيذ ما تم الاتفاق عليه بينهم وبين الحكومة.



أحمد الشايقي

أما الغائبين عن المبادرة فيأتي في أولهم المؤتمر الشعبي, وهو المتهم الرئيس بتأجيج الحرب في دارفور ويغيب عنها الفصيل المحارب لحركة تحرير السودان جناح مني أركو مناوي, كما يغيب عنها الحزب الشيوعي السوداني الذي يمثل وجهة نظر النخبة اليسارية في البلاد ولا شك أن رؤيته تنطوي على فهم عميق وتحليلي للأزمة ولطبيعة النظام, أما الأهم فهو أن الفصائل المحاربة وهي الطرف الآخر الحقيقي في الميدان تغيب عن هذه المبادرة بل وتسخر منها وترفض فكرتها جملة قبل التفصيل.


الذين عارضوا فكرة المبادرة ورفضوا المشاركة كانوا محقين في وصفها بالعمل الإعلامي والعلاقات العامة أكثر من كونها عملاً جاداً في مخاطبة المشكلة ومسبباتها ووضع الحلول المناسبة لها.



أحمد الشايقي

في تقديري ان بلادنا تحتاج لحل انتهجته من قبل دولة جنوب أفريقيا حيث جلس الفرقاء في طاولة واحدة أقر فيها كل بأخطائه واختط الطريق الديمقراطي الذي يضمن العدل كما يضمن المساواة مستقبلاً واعتذر العنصريون عن سنوات الممارسة العنصرية وتسامح المتضررون بإعلان غفرانهـم


مثل هذا الحل يحتاجه أهل النظام مع السودانيين قاطبة وفي مقدمتهم أهل دارفور, ليكون الحل النهائي هو حل أهل السودان, وليكون المستقبل للجميع دون تمييز أو إقصاء أو استحواذ أو تكفير أو تخوين......



أحمد الشايقي

فليسمح لي الزميل الكاريكاتيرسـت عمر دفع الله


مبادرة ( أهل السودان ) لإنقاذ ( أهل الشيطان )- كاريكاتور


بادراج بوسته عن الموضوع هنا

وافر التحية

أحمـد

أُستاذي أحمد الشايقي... سلامات وتحايا نواضر...

سرد جميل وتشخيص جيد ورُؤى موضوعية... فهل من مُجيب؟!؟

أسمح لي يا عزيزي أن أضيف لكلامك الطيب... جزء من مقال للأُستاذ/ عثمان ميرغني في عموده يوم 27/10/2008م بصحيفته الغراء "السوداني"... حيث يكتب سلمت يداه:

Quote: قضايا السودان رغم عمق جراحها ومرارة أنينها إلا أنها سهلة المفردات.. يعلمها كل (أهل السودان) .. بل ويدركون كيف حلها.. فيبقى المطلوب من الملتقى أن يستنبط من عقول عضويته ما لم يرد في خاطر أهل السودان.. أن يجد حل للمعادلة التي أعيت من يداويها.. ومثل هذا الحل لابد أن يكون في حيز (الذي فات على الناس اداركه) وبالضرورة سيكون قليلاً صغيراً موجزاً.. لكن اذا توصلت لجنة صياغة توصيات الملتقى إلى أطناب من الخطب الرنانة .. أطنان التوصيات المشحونة بالمعلوم للناس.. سيكون كمن فسر الماء بعد الجهد بالماء.. وسيبعث ذلك برسالة إلى أهل السودان أن كثرة التوصيات قُصد منها طمس معالم الحل الذي لابد منه.. الحل الذي ربما يصبح ابتلاعه، كتجرع الدواء المر.. في تقديري أن قضايا (أهل السودان) كلها حلها في جملة واحدة من سطر واحد.. (سيادة القانون) .. وليس مطلوباً توصيف هذا القانون السيد بمقاسات محددة .. فليكن أي قانون.. فقط المطلوب الالتزام به.. أي توصيات مهما كانت محكمة وحكيمة.. المحك فيها (التنفيذ).. وسيكون حرثاً في البحر أن يطلب أحد تنفيذ (توصيات!!) .. مجرد (توصيات!!) اذا كان القانون بل الدستور نفسه مجرد وثيقة اختيارية.. فرض كفاية اذا نُفذ منه بند كفى عن باقي الأجندة.. ليت اللجنة المكلفة بصياغة التوصيات .. تقرؤها كلها بعناية.. وتمارس فضيلة التحليل الهندسي العميق الحصيف .. فسيتضح لها أن كل التوصيات تولد من نبع واحد.. فتكتب في توصياتها عبارة واحدة في نصف سطر.. (أهل السودان يطالبون بسيادة القانون.. أي قانون..!!) في ذلك الحل والعلاج .. وكل ما عداه فهو (مصفوفة) من ضمن المصافيف..!!

ولك قواسيب مودتي التي تعرف...


أبو الحُسين...

تتواتر التحذيرات

من ازياد تعقد الاوضــاع


خبير سوداني في أميركا: جنوب كردفان.. دارفور جديدة إذا ل...ادة السياسيون!!!!!!!



أحمد الشايقي

شكرا أخي ابو الحسين على المرور من هنا والمشاركة القيمـة

Quote: أُستاذي أحمد الشايقي... سلامات وتحايا نواضر... سرد جميل وتشخيص جيد ورُؤى موضوعية... فهل من مُجيب؟!؟

هذه المبادرة تحتاج إلى إضافة الاحساس بأن تغييراً شاملاً سيطرأ بعدها وأنها تبتدر إصلاحاً شاملاً ومسامحة كاملة وجبراً لكافة الأضــرار

لك التحية وافرة


أحمد الشايقي