Post: #1
Title: الكرستيان ساينس مونيتر: العدل أولا ثم السلام في السودان
Author: ابراهيم على ابراهيم المحامى
Date: 10-20-2008, 06:20 PM
وفي الشأن السوداني، كتبت آنا يوزيلاك، خبيرة قضايا ما بعد النزاعات، مقالاً نشرته صحيفة كريستيان ساينس مونيتور تحت عنوان "العدل أولاً ثم السلام في السودان"، إستهلتها بقولها إن حقبة حكم الرئيس السوداني عمر البشير شهدت نحو أربعة حروب ضد أقليات عرقية في بلاده التي تعوم على بحر من النفط والثروات المعدنية. ومن ثم فإن إقتراب المجتمع الدولي من تحميل البشير مسؤولية تلك الأعمال يُعد في نظر الكاتبة أحد مفاتيح السلام رغم ما قد يتسبب فيه من تحول جذري عنيف. وقالت الكاتبة إن النظام السوداني لجأ إلى الغارات الجوية والقتل والإغتصاب في حل عدد من النزاعات السابقة مع مسيحيي جنوب السودان، حيث قضى نحو مليوني سوداني مصرعهم بسبب أعمال العنف والحرب الأهلية التي إستمرت ما يزيد عن 20 عاماً قبل مشكلة دارفور. وفي عام 2005 توسطت الولايات المتحدة لعقد إتفاق سلام ينهي تلك الصراعات على مصادر الطاقة، ولكن هذا الإتفاق لم يتعرض للجرائم التي إرتُكبت خلال الحرب الأهلية، ولذا لم يكن غريباً أن يعود البشير إلى تلك الأساليب ثانية في دارفور، على حد قول الكاتبة. وهذا الصيف بعدما طالب المدعي العام بالمحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو أوكامبو بإلقاء القبض على البشير بتهمة إرتكاب مذابح جماعية، زادت التوقعات بتدهور الأوضاع في إقليم دارفور والمخاوف من فشل أية محاولات من أجل السلام فيما بعد. وتوضح الكاتبة كيف تتصاعد الضغوط على مجلس الأمن بالأمم المتحدة لتأجيل إجراءات المحكمة الجنائية الدولية قبل أن يقرر قضاتها هذا الشهر مصير طلب إلقاء القبض على البشير، إذ تعمل الأمم المتحدة في تلك الحالة ككابح طوارئ إذا تعارضت مصالح الأمن والسلام. ولهذا يبذل البشير كلما في وسعه لإقناع العالم بأن قرار إلقاء القبض عليه سيتعارض مع السلام في دارفور، حتى أنه أرسل بعثة دبلوماسية إلى الدول الأعضاء بمجلس الأمن تتعهد بتجديد مساعي السلام في دارفور في الوقت الذي هاجمت فيه قواته أكبر معسكر للاجئين وقتل العشرات فيه. وترى الكاتبة أن أكبر خطر على السلام والأمن في السودان هو البشير نفسه، لأن نظامه مازال قادر على جعل حياة الدارفوريين أكثر سوءاً، وعلى تعريض حياة قوات حفظ السلام والإغاثة الإنسانية للخطر، بل وزعزعة الأمن في دولة تشاد المجاورة. ثم تطرح الكاتبة السؤال: هل مواصلة مجرى العدالة هي الحل لهذا الخطر؟ إذ أن دول مجلس الأمن مازالت مترددة فيما بينها بشأن الموافقة على تأجيل قرار المحكمة الجنائية. كما أنه من أجل التأكد من كفاءة كابح طوارئ العدالة لابد لمجلس الأمن من ضمان سلام حقيقي في دارفور ووجود قوة عسكرية كافية لحمايته، على أن يقدم الإتفاق الجديد الأمن والراحة لضحايا دارفور ويقدم حلولاً لمشاكل التنازع على مصادر الطاقة، وكذلك التعرض للجرائم التي إرتُكبت مع ضمان عدم عودة الحكام إليها ثانية. ولكن الكاتبة تتشكك في موافقة البشير على مثل تلك الشروط التي تراها اقل ما يجب لحماية مصداقية المحكمة الجنائية الدولية والدول أعضاء مجلس الأمن الذين سيوافقون عليها. أما الحل البديل الذي تقترحه الكاتبة فهو أن تأخذ العدالة مجراها في المحكمة الدولية بمحاكمة البشير مع ضمان عدم تعرض مواطني دارفور لإنتقام النظام الحاكم، وبذلك يصبح البشير ثالث رئيس دولة تتم محاكمته بتهمة جرائم الحرب بعد الرئيس الليبيري تشارلز تايلور والرئيس الصربي سلوبودان ميلوسيفيتش، بما يوحي بأن العدالة الدولية صار لها دور بارز في موازنة العلاقات الدولية غير المتزنة وبأن المذابح الجماعية لم يعد من الممكن السكوت عليها. كما ترى الكاتبة أن في إتخاذ العدالة لمجراها ما قد يعجل بالإطاحة بنظام البشير مثلما حدث مع ميلوسيفيتش من قبل، رغم عدم وجود ضمانات على حدوث ذلك سريعاً. ثم تختتم الكاتبة المقال بقولها إن الإستقرار الذي شهده السودان تحت حكم البشير كان نابع من القمع والإضطهاد والصراعات المسلحة والقتل الجماعي. ورغم أن البشير تعاون في الحرب على الإرهاب، فقد كان الثمن هو إرهابه لمواطنيه. ومن ثم فإن مواطني السودان المعذبين بحاجة إلى مستقبل مختلف، كما أن الولايات المتحدة بحاجة إلى حليف أفضل.
|
|