حركة الاعتذار و الاعتراف .. ضرورات التعافي و بناء السلام الاجتماعي 1-2

حركة الاعتذار و الاعتراف .. ضرورات التعافي و بناء السلام الاجتماعي 1-2


10-07-2008, 12:36 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=180&msg=1223379416&rn=1


Post: #1
Title: حركة الاعتذار و الاعتراف .. ضرورات التعافي و بناء السلام الاجتماعي 1-2
Author: اتيم سايمون
Date: 10-07-2008, 12:36 PM
Parent: #0

تعبتر الحملة و المبادرة الصحفية التى طرحها الأستاذ الحاج وراق باسم ( دعوة لابتدار حركة الاعتراف و الاعتذار و المعافاة) فى سبتمبر الماضي فى عموده المقروء ( مسارب الضى) , تعتبر واحدة من القضايا التى تمثل الجوهر الاساسى و الأهم فى مجمل العملية السلمية فى بلد كالسودان تآكلت معظم ملامح الحياة فيها بفعل عامل الحرب التى اكتسبت لقب الأطول فى محيط قارتنا الاقليمى وهذا وحده قمين بان يجعل من تحقيق فرص السلام السياسي عملية غير متكاملة الجوانب سيما و ان تلك الحرب قد دارت رحاها داخل محيط بشرى و حيوي هو الا راضى التى يضمها جنوب السودان كرقعة جغرافية و خصوصية اجتماعية ثقافية قادته الى مقاومة أنموذج الدولة المركزي المتجاوز لهذه الاعتبارات زائدا عوامل اخرى لا تختلف من حيث الدور الذي لعبته لاشتعال تلك الحرب الطويلة , و قد كانت افرازات الماضي و تاريخ العلاقات بين الشمال و الجنوب أيضا تاريخ لا يحكى سجل التفاعل فيه سوى المرارات و الشروخ الاجتماعية التى أحدثتها تجارة الرق كممارسة ونظرة اجتماعية لم تنفك تقف وراء نظرة الاستعلاء و الاحتقار الثقافي الاجتماعي الذي تجلى فى الأفاعيل التى لا تزال تحكى الى الآن لما كانت تقوم به القوات الحكومية من استهداف للعزل و المدنيين فى انتهاكات واضحة لحقوق الإنسان وتجاوز حتى الأعراف الاجتماعية التى تراعى الحرمات , لكن هكذا شعور لم يكن ليتواجد طالما ان الدفع الايديولوجى يقول بغير ذلك , سيما و ان أساليب التنشئة الاجتماعية قد لعبت دورا كبيرا فى تشكيل تلك الإسقاطات الخطيرة فامتدت الحرب و آثارها لتقود العلاقة بين الشمال و الجنوب على أساس الاستعلاء العرقي , التهميش التنموي , الاستبعاد الاجتماعي ليكون الفصام الثقافي الوجداني هو البديل لذلك عبر كل الزمن الماضي.
ان ذاكرة المجتمعات المرهقة بفعل الحرب تظل منتجا حربيا ما لم تحدث فيها عمليات كبيرة لإعادة ترميمها على الأقل فى سبيل ضمان مستقبل امن يقوم فى الأساس على الشرط الانسانى للتعايش و التحرر نفسيا من متلازمة ان الحرب و التقتيل هو ديدننا و قدرنا المحكم, ذلك لان الذاكرة الجمعية تعمل وفق هذا المنظور الى إعادة إنتاج العنف كواحدة من أشكال التعويض المادي او حتى النفسي المألوف فى تعريف ثقافة الحرب , وهذه تحديدا هي النقطة التى تمثل على كل حال الأولوية القصوى بالنسبة لواقع الحياة و سيرها فى بلادنا التى أنفقت سنوات عمرها الخمسين بين رحى الحرب و فجائعها التى اصبحت تتهدد بقاءنا كقطر واحد موحد امن ومستقر او متصالح مع نفسه و قومياته الممثلة فيه , وهذا يصعب تحقيقه اذا افتقدنا للأهلية الأخلاقية المطلوبة لمخاطبة الشروط الحقيقية التى أنتجت هذا التاريخ غير المشرف من العنف و الانتهاكات الصارخة و لازالت , فنسبة لتطاول أوجه الأزمة و التباسها على الكثيرين و بالأخص فى دوائر القوى و الأحزاب السياسية التى وقعت إبان عهود حكمها ظلامات دامسة , آثرت معظم تلك القوى الى الإدلاء بنصائح معممة و متعامية فى طرح الحلول لكنها تتفق و بوعي مستبطن وواقعي بالمالات و النتائج لذلك كثر الحديث فى الآونة الأخيرة عن ( التمزيق – الفوضى ) , و ما الى غير ذلك من المتداول وهذا فى اعتبارنا الشخصي طرح للقضية فى اقل من مستواها تماما من حيث الوسائل و التدخلات المتوقعة لتحقيق هذه النقلة ولسيت القفزة كما تعارف أهل السياسة .

عموما المبادرة التى طرحها الأستاذ الحاج وراق لابتدار حركة الاعتراف و الاعتذار و المعافاة نستطيع تحمل بين طياتها الأسس الحقيقية لمخاطبة هذه القضية التى تبدو معقدة لدى الكثيرين ذلك لكونها تعاين للمستوى الاخلاقى و القيمى أكثر مما تنظر فى الجانب السياسي بالمعنى المألوف و هو المعنى بموجبه استعرت الحرب فى أذهاننا و جوانحنا كما أتت على قرانا و ملامح وجودنا بالكرامة و التساوي , هذه الدعوة يمكنها ان تتجاوز قدر الحساسية التى يمكن ان يجعل منها قضية ذات بعد حقيقي فى كونها تحركت داخل الإطار الاجتماعي أيضا اى جانب المجتمع المدني , فالحوار الاجتماعي و الاعتراف بحقائق الماضي و انتهاكاته عن طريق الإدانة هي عملية شاقة و طويلة خصوصا و ان المجتمع فى شمال السودان يعيش معظمه تحت تأثير الدعاية السامة للجبهة الإسلامية التى أخذت تتاجر فى إثارة النعرة العنصرية و مخاطبة العاطفة الدينية هذا الى جانب تخوفها الذي قد يصل الى استهداف اى مبادرة إنسانية تقوم باسم ديمقرطييى الشمال , ذلك لأنها ترى انها الحارس الأمين لتلك الايدولوجيا الكارثية هذا الى جانب هاجس آخر يتمثل فى الرسالة و المغزى من المبادرة ومدلوها الاجتماعي الذي يقر بان شمال السودان ليس كتلة واحدة صماء تفق فى الممارسات الجسيمة التى اتخذت باسمه او ثقافته او دينه كما يقول الحاج وراق (وان كانت تلك الفظائع قد تمت باسم الشمال , فان ديمقراطيي الشمال نفسه يوثقونها من موقع الإدانة و التبرؤ).
لكن ما هو المرجو من حركة الاعتذار و المعافاة على الصعيد العملي التطبيقي ؟ , فهذا سؤال منطقي قد يثور و بالتحديد فى أذهان القوميات المهمشة و المستهدفة , لكنها إشارة لها دلالاتها المعنوية الكبيرة وهى هل فعلا يمكن لهذه الدعوة ان تتم فى تقديرها الزمني المطلوب .

ان عملية صنع السلام على الصعيد الاجتماعي بالنسبة لتجربتنا السودانية تحتاج الى المجهود المجتمعي أكثر من المبادرة الحكومية فجهود المجتمع هي التى تقوى دعائم الإيمان الديمقراطي و توظيف القيم الفاعلة داخل مؤسساتنا الاجتماعية ذلك لان حقائق الواقع اصبحت اعلى من سقف الذهنية الاستعلائية ذاتها اذ ان التوازن الاجتماعي أصبح عملية لا مفر منها اليوم و , ونحن أكثر من اى وقت مضى نحتاج الى إعادة تأمل أنفسنا للبحث عن الحلول المتوافرة لدينا و التى تخلصنا من وطأة الحرب و النظرة الاجتماعية التى سببت معاناة الكثيرين , و لتعيد العناصر المستنيرة فى شمال السودان تدوير تلك الأسئلة فى أذهانها كلماذا تنظر القوميات المهمشة فى معظم بقاع السودان فى الجنوب و دار فور و جبال النوبة و شرق السودان الى وسط و شمال السودان كمصدر للظلم و القمع المتطاول فى حقها , كيف تبدو الحقيقة فى هذه الحالة وهل من خلاص حقيقي من الحمولة النفسية الثقيلة التى كرستها الحكومات باسم شمال السودان بوضعيته المتميزة عن الاخرين , ان تركة الماضي و أوزاره تكاد ان تستبد بالبلاد و التى لن تتعافى الا من خلال الاعتذار عن تجاوزات الماضي و ليس القفز من فوقها بالخطاب النظري الذي أدمنته النخب السياسية طوال العهود السابقة كملامسة و طبطبة للقضية دونما وضع التصور الحقيقي للخروج من المأزق الاجتماعي كسودانيين .
نواصل

Post: #2
Title: Re: حركة الاعتذار و الاعتراف .. ضرورات التعافي و بناء السلام الاجتماعي 1-2
Author: doma
Date: 10-07-2008, 03:10 PM

جدير بالقراءه شكرا للاستاذ اتيم سايمون

Post: #3
Title: Re: حركة الاعتذار و الاعتراف .. ضرورات التعافي و بناء السلام الاجتماعي 1-2
Author: محمد حيدر المشرف
Date: 10-07-2008, 03:49 PM

اتيم سلام
يظل السلام الاجتماعى والتعايش بين الثقافات هما العاصمان الاساس
لنا كسودانيين من الوقوع فى حضيض الاحتراب الداخلى .. لذا تأتى اهمية الاعتذار والاعتراف بالظلامات
التى حاقت بفئات كثيره من الشعب السودانى نتيجه للاستعلاء المريض الذى مارسته الذهنيه
السائده فى السودان الشمالى والتى كانت للثقافه العربيه والاسلاميه القدح الاعلى فى تكوينها
بما تحمله من جهالات وجاهليه ورثها العقل الشمالى وظل يغذيها استمساكه بالقبليه كوحده عضويه
تعبر عنه فابتعد فراسخا عديده عن عقد المواطنه والوطن ..
تبقى رمزية الاعتذار عامره بالدلالات الايجابيه نحو التعافى وبناء السلم الاجتماعى كما اشرت فى مقالتك
الجميله حقا
تحياتى

Post: #4
Title: Re: حركة الاعتذار و الاعتراف .. ضرورات التعافي و بناء السلام الاجتماعي 1-2
Author: اتيم سايمون
Date: 10-11-2008, 12:33 PM
Parent: #3

:




:






:
فوووق

Post: #5
Title: Re: حركة الاعتذار و الاعتراف .. ضرورات التعافي و بناء السلام الاجتماعي 1-2
Author: Elbagir Osman
Date: 10-11-2008, 02:17 PM

موضوع جيد


الباقر موسى

Post: #6
Title: Re: حركة الاعتذار و الاعتراف .. ضرورات التعافي و بناء السلام الاجتماعي 1-2
Author: اتيم سايمون
Date: 10-11-2008, 02:48 PM
Parent: #5

Quote: اتيم سلام
يظل السلام الاجتماعى والتعايش بين الثقافات هما العاصمان الاساس
لنا كسودانيين من الوقوع فى حضيض الاحتراب الداخلى .. لذا تأتى اهمية الاعتذار والاعتراف بالظلامات
التى حاقت بفئات كثيره من الشعب السودانى نتيجه للاستعلاء المريض الذى مارسته الذهنيه
السائده فى السودان الشمالى والتى كانت للثقافه العربيه والاسلاميه القدح الاعلى فى تكوينها
بما تحمله من جهالات وجاهليه ورثها العقل الشمالى وظل يغذيها استمساكه بالقبليه كوحده عضويه
تعبر عنه فابتعد فراسخا عديده عن عقد المواطنه والوطن ..
تبقى رمزية الاعتذار عامره بالدلالات الايجابيه نحو التعافى وبناء السلم الاجتماعى كما اشرت فى مقالتك
الجميله حقا
تحياتى




شكرا شديييد يا شباب على الاضافت و التعقيبات الجميدة


نتمنى ان يتواصل الحوار حول القضية

Post: #7
Title: Re: حركة الاعتذار و الاعتراف .. ضرورات التعافي و بناء السلام الاجتماعي 1-2
Author: شريف شريف
Date: 10-11-2008, 05:21 PM
Parent: #6

العزيز/
الاستاذ/ اتيم سايمون
ان موضوعك حقيحقة جدير بالقراه وبالتاني في قرائته واكثر من ذلك محتاج الي اعمال العقل في تفعيل مبادرة الاستاذ / الحاج وراق واعادتها الي السطح مرة اخري والعمل علي نشرها بين القطاعات الشعبية لان الاعتراف والاعتذار هما عنصران من عناصر تجاوز المشكلات الاجتماعية التي تمربها منذ تاسياسها وحتي الان
ولاكن ماهي الادوات التي يمكن ان نعمل بها علي جعل هذة المبادرة تتخلص من صفويتها التي ظلت ملازمة لكل المبادرات التي تطرح في قضايا هي الي حد ما تقارب هذة الي القضيه ( المبادرات التي قامت من اجل دارفور مثلا ) فكلها كانت ذات طابع صفوي ولم تاخذ المنحي الشعبي وفي تقديري هذة المشكلة لا تتعلق با لمبادرات فقط وانما بالمجتمع المدني والقوي المستنيرة وهذا موضوع اخر من الممكن ان ندير فية حوار ، ولكن دعنا نفكر ونعمل العقل علي نشل هذة المبادرة من حتي لا تموت عبر الشبكات الاكترونية وصفحات الصحف وحوارات اتني والسلطان الشامي ونجعلها قضية وهم شعبي حتي نحقق اسمي الغايات وهي دولة سودانية موحدة علي اسس جديدة (التعايش السلمي احترام الخصوصية الثقافية والعدالة الاجتماعية ....................... الخ )
ولنا عودة

Post: #8
Title: Re: حركة الاعتذار و الاعتراف .. ضرورات التعافي و بناء السلام الاجتماعي 1-2
Author: Nasr
Date: 10-11-2008, 05:52 PM

أتفق معك يا أتيم
"ان ذاكرة المجتمعات المرهقة بفعل الحرب تظل منتجا حربيا ما لم تحدث فيها عمليات كبيرة لإعادة ترميمها على الأقل فى سبيل ضمان مستقبل امن يقوم فى الأساس على الشرط الانسانى للتعايش و التحرر نفسيا من متلازمة ان الحرب و التقتيل هو ديدننا و قدرنا المحكم, "

قهر الحرب في ذاتنا وفي تقافتنا هو واجبنا الأول، زراعة السلام هو مشروعنا الحضاري الأساسي

الإعتذار واجب، وإذا كان من نريد أن نعتذر لهم بهذا القدر من السماحة والتسامح، فإن الإعتذار يصير إلي متعة وواحة في صحراء بحثنا عن إنسانيتنا الضائعة.

المهم أن نساهم بكل ما نملك في تعمير ما خربته الحرب في الجنوب. وبالجد كل مقومات النهضة والنمو متوفرة هناك، فإذا كنا نملك قليل معارف فلنساهم بها

ودي حاجة أصلا ما حنندم عليها (زي ندامة المغتربين في مساهمتهم في نهضة دول الخليج وفي الآخر طلعوهم كسالي)
دي حاجة حنظل نفاخر بيها الأمم إلي يوم القيامة

Post: #9
Title: Re: حركة الاعتذار و الاعتراف .. ضرورات التعافي و بناء السلام الاجتماعي 1-2
Author: على تاج الدين على
Date: 10-11-2008, 09:38 PM
Parent: #8

ناس الحاج وراق ....عايزين اثبتوا جرائم على اناس ابرياء لم يرتكبوها ,بل زاد الحاج
وراق فى الامر سوءا ,ان طالب الابرياء بتقديم الاعتذار ,ان كان صادقا فى دعواه فالياتى
وليستدعى الوقائع التاريخية التى تثبت هذه الجرائم,حتى لا يخم الناس ,فان كان للحاج
وراق مصالح مع الحركة الشعبية مادية,ومصاهرة ايديولوجية فالينائ بها بعيدا عن حقوق
وكرامة شعبنا,وان اراد ان يدخل فى مغالطات تاريخية بشان من هو الجانى والمجنى عليه
سيخسر الرهان...ده نفس الفرية التى تامر بها نشطاء دارفور مع منظمة العفو الدولية
وخرجوا علينا بفرية الابادة الجماعية....كلها فى خاتمة المطاف مؤامرات ضد السودان.

Post: #10
Title: Re: حركة الاعتذار و الاعتراف .. ضرورات التعافي و بناء السلام الاجتماعي 1-2
Author: Elbagir Osman
Date: 10-11-2008, 10:05 PM

أمريكا الآن تشهد أكبر حركة إعادة إعتبار لجزء من المجتمع
لم نسمع بمثلها خلال تاريخ كل المجتمعات البشرية


أن يتاح المجال حقيقة لابن فئة

كانت قبل سنين قليلة لا تملك حق التصويت

وقبل قرون قليلة كانت تباع وتشتري وتقتل


أن يتاح لأحد أبناء هذه الجماعة أن يتقدم حقيقة

لتولي قيادة الأمة


أنه لأمر جدير بالإشادة



ونحن

في السودان

الذين فرض علينا تحرير الرقيق من الخارج

وأخيرا

فرضت علينا المساوة

بضغط كبير من الخارج

لا يزال البعض منا يكابر وينكر جرائمنا التاريخية


لا أرى ذلك إلا تهيئة لإرتكاب المزيد من جرائم

الإستعلاء والتهميش والإبادة



الباقر موسى

Post: #11
Title: Re: حركة الاعتذار و الاعتراف .. ضرورات التعافي و بناء السلام الاجتماعي 1-2
Author: Mohamed Elgadi
Date: 10-11-2008, 10:36 PM
Parent: #10

Atim Saimon wrote:
Quote: حركة الاعتذار و الاعتراف .. ضرورات التعافي و بناء السلام الاجتماعي 1-2

تعبتر الحملة و المبادرة الصحفية التى طرحها الأستاذ الحاج وراق باسم ( دعوة لابتدار حركة الاعتراف و الاعتذار و المعافاة) فى سبتمبر الماضي فى عموده المقروء ( مسارب الضى) , تعتبر واحدة من القضايا التى تمثل الجوهر الاساسى و الأهم فى مجمل العملية السلمية فى بلد كالسودان تآكلت معظم ملامح الحياة فيها بفعل عامل الحرب التى اكتسبت لقب الأطول فى محيط قارتنا الاقليمى وهذا وحده قمين بان يجعل من تحقيق فرص السلام السياسي عملية غير متكاملة الجوانب سيما و ان تلك الحرب قد دارت رحاها داخل محيط بشرى و حيوي هو الا راضى التى يضمها جنوب السودان كرقعة جغرافية و خصوصية اجتماعية ثقافية قادته الى مقاومة أنموذج الدولة المركزي المتجاوز لهذه الاعتبارات زائدا عوامل اخرى لا تختلف من حيث الدور الذي لعبته لاشتعال تلك الحرب الطويلة , و قد كانت افرازات الماضي و تاريخ العلاقات بين الشمال و الجنوب أيضا تاريخ لا يحكى سجل التفاعل فيه سوى المرارات و الشروخ الاجتماعية التى أحدثتها تجارة الرق كممارسة ونظرة اجتماعية لم تنفك تقف وراء نظرة الاستعلاء و الاحتقار الثقافي الاجتماعي الذي تجلى فى الأفاعيل التى لا تزال تحكى الى الآن لما كانت تقوم به القوات الحكومية من استهداف للعزل و المدنيين فى انتهاكات واضحة لحقوق الإنسان وتجاوز حتى الأعراف الاجتماعية التى تراعى الحرمات , لكن هكذا شعور لم يكن ليتواجد طالما ان الدفع الايديولوجى يقول بغير ذلك , سيما و ان أساليب التنشئة الاجتماعية قد لعبت دورا كبيرا فى تشكيل تلك الإسقاطات الخطيرة فامتدت الحرب و آثارها لتقود العلاقة بين الشمال و الجنوب على أساس الاستعلاء العرقي , التهميش التنموي , الاستبعاد الاجتماعي ليكون الفصام الثقافي الوجداني هو البديل لذلك عبر كل الزمن الماضي.
ان ذاكرة المجتمعات المرهقة بفعل الحرب تظل منتجا حربيا ما لم تحدث فيها عمليات كبيرة لإعادة ترميمها على الأقل فى سبيل ضمان مستقبل امن يقوم فى الأساس على الشرط الانسانى للتعايش و التحرر نفسيا من متلازمة ان الحرب و التقتيل هو ديدننا و قدرنا المحكم, ذلك لان الذاكرة الجمعية تعمل وفق هذا المنظور الى إعادة إنتاج العنف كواحدة من أشكال التعويض المادي او حتى النفسي المألوف فى تعريف ثقافة الحرب , وهذه تحديدا هي النقطة التى تمثل على كل حال الأولوية القصوى بالنسبة لواقع الحياة و سيرها فى بلادنا التى أنفقت سنوات عمرها الخمسين بين رحى الحرب و فجائعها التى اصبحت تتهدد بقاءنا كقطر واحد موحد امن ومستقر او متصالح مع نفسه و قومياته الممثلة فيه , وهذا يصعب تحقيقه اذا افتقدنا للأهلية الأخلاقية المطلوبة لمخاطبة الشروط الحقيقية التى أنتجت هذا التاريخ غير المشرف من العنف و الانتهاكات الصارخة و لازالت , فنسبة لتطاول أوجه الأزمة و التباسها على الكثيرين و بالأخص فى دوائر القوى و الأحزاب السياسية التى وقعت إبان عهود حكمها ظلامات دامسة , آثرت معظم تلك القوى الى الإدلاء بنصائح معممة و متعامية فى طرح الحلول لكنها تتفق و بوعي مستبطن وواقعي بالمالات و النتائج لذلك كثر الحديث فى الآونة الأخيرة عن ( التمزيق – الفوضى ) , و ما الى غير ذلك من المتداول وهذا فى اعتبارنا الشخصي طرح للقضية فى اقل من مستواها تماما من حيث الوسائل و التدخلات المتوقعة لتحقيق هذه النقلة ولسيت القفزة كما تعارف أهل السياسة .

عموما المبادرة التى طرحها الأستاذ الحاج وراق لابتدار حركة الاعتراف و الاعتذار و المعافاة نستطيع تحمل بين طياتها الأسس الحقيقية لمخاطبة هذه القضية التى تبدو معقدة لدى الكثيرين ذلك لكونها تعاين للمستوى الاخلاقى و القيمى أكثر مما تنظر فى الجانب السياسي بالمعنى المألوف و هو المعنى بموجبه استعرت الحرب فى أذهاننا و جوانحنا كما أتت على قرانا و ملامح وجودنا بالكرامة و التساوي , هذه الدعوة يمكنها ان تتجاوز قدر الحساسية التى يمكن ان يجعل منها قضية ذات بعد حقيقي فى كونها تحركت داخل الإطار الاجتماعي أيضا اى جانب المجتمع المدني , فالحوار الاجتماعي و الاعتراف بحقائق الماضي و انتهاكاته عن طريق الإدانة هي عملية شاقة و طويلة خصوصا و ان المجتمع فى شمال السودان يعيش معظمه تحت تأثير الدعاية السامة للجبهة الإسلامية التى أخذت تتاجر فى إثارة النعرة العنصرية و مخاطبة العاطفة الدينية هذا الى جانب تخوفها الذي قد يصل الى استهداف اى مبادرة إنسانية تقوم باسم ديمقرطييى الشمال , ذلك لأنها ترى انها الحارس الأمين لتلك الايدولوجيا الكارثية هذا الى جانب هاجس آخر يتمثل فى الرسالة و المغزى من المبادرة ومدلوها الاجتماعي الذي يقر بان شمال السودان ليس كتلة واحدة صماء تفق فى الممارسات الجسيمة التى اتخذت باسمه او ثقافته او دينه كما يقول الحاج وراق (وان كانت تلك الفظائع قد تمت باسم الشمال , فان ديمقراطيي الشمال نفسه يوثقونها من موقع الإدانة و التبرؤ).
لكن ما هو المرجو من حركة الاعتذار و المعافاة على الصعيد العملي التطبيقي ؟ , فهذا سؤال منطقي قد يثور و بالتحديد فى أذهان القوميات المهمشة و المستهدفة , لكنها إشارة لها دلالاتها المعنوية الكبيرة وهى هل فعلا يمكن لهذه الدعوة ان تتم فى تقديرها الزمني المطلوب .

ان عملية صنع السلام على الصعيد الاجتماعي بالنسبة لتجربتنا السودانية تحتاج الى المجهود المجتمعي أكثر من المبادرة الحكومية فجهود المجتمع هي التى تقوى دعائم الإيمان الديمقراطي و توظيف القيم الفاعلة داخل مؤسساتنا الاجتماعية ذلك لان حقائق الواقع اصبحت اعلى من سقف الذهنية الاستعلائية ذاتها اذ ان التوازن الاجتماعي أصبح عملية لا مفر منها اليوم و , ونحن أكثر من اى وقت مضى نحتاج الى إعادة تأمل أنفسنا للبحث عن الحلول المتوافرة لدينا و التى تخلصنا من وطأة الحرب و النظرة الاجتماعية التى سببت معاناة الكثيرين , و لتعيد العناصر المستنيرة فى شمال السودان تدوير تلك الأسئلة فى أذهانها كلماذا تنظر القوميات المهمشة فى معظم بقاع السودان فى الجنوب و دار فور و جبال النوبة و شرق السودان الى وسط و شمال السودان كمصدر للظلم و القمع المتطاول فى حقها , كيف تبدو الحقيقة فى هذه الحالة وهل من خلاص حقيقي من الحمولة النفسية الثقيلة التى كرستها الحكومات باسم شمال السودان بوضعيته المتميزة عن الاخرين , ان تركة الماضي و أوزاره تكاد ان تستبد بالبلاد و التى لن تتعافى الا من خلال الاعتذار عن تجاوزات الماضي و ليس القفز من فوقها بالخطاب النظري الذي أدمنته النخب السياسية طوال العهود السابقة كملامسة و طبطبة للقضية دونما وضع التصور الحقيقي للخروج من المأزق الاجتماعي كسودانيين .
نواصل


Thanks ustaz/ Atim for this important article and I'm waiting for the second part to re-post it on the weblog of Group Against Torture in Sudan-GATS, of course with your permission.
At GATS blog, we post all similar articles on the concept of Truth and Reconciliation. See this article:
http://ghosthouses.blogspot.com/2008/04/blog-post.html

thanks again

mohamed elgadi
http://GhostHouses.blogspot.com