تُمباكْ ياعاصِم منتديات سودانيز اون لاين

تُمباكْ ياعاصِم


07-06-2008, 04:30 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=170&msg=1215358215&rn=0


Post: #1
Title: تُمباكْ ياعاصِم
Author: هشام الطيب
Date: 07-06-2008, 04:30 PM

تُمباكْ ياعاصِم

Post: #2
Title: Re: تُمباكْ ياعاصِم
Author: بشير جبريل علي
Date: 07-06-2008, 05:08 PM
Parent: #1

Quote: تُمبـَاكْ يـا عَاصِـمْ !!

هشام الطيب الفكي

[email protected]

سودافويس / العدد : الرابع

تُمبـَاكْ يـا عَاصِـمْ !!

إلى :

عاصِم الحَاج

عبْد الهَادي إبَراهِيم

((فِي ذِكرَى جَحِيمٍ لنْ يُنْسَى))

رُبما كنّا دائماً ما نكنتُب عن الكَدْح والكادِحُونْ في قَصَصِنْا القَصِيرة ونصوصِّنا الأدبِية ، ثُم نْحكِي عَنْ تَجرِبتِنَا معَ هذا اللعِين المُسمَى فقراً ، ونْكتُب ثُم لا نَجُد مَخرجاَ مما نكتُب إذ أنّ كُل النصوص التي كَتبنَاها خصَصنَا لهَا فقراتٍ تحكي عن قصة فقر مُدقَع.

وإما أنْ نكُونْ قَد كَتبنَا نصّنا بهدفْ التغير فِي شئ ما أو إما للفت الإنتباه لشئ ما.

وليكُن نَصِي هذا مِنْ النُصوص التِي نُريدْ لهَا أنْ تَلفِتْ الإنْتِباه لشِئ مُحزِناً ياصديقى عُنْوانه تَجِربتنَا مَعَ فقراً من نوعٍ غَرِيبْ ، فقَد أصَابَنا فقراً منعنا يوماً أن نَوزِنْ مَزاجِانَا بِشئٍ ثمنُه قٍرشٌ واحِد .

أتذُكر يا عَاصِم يومَ كنّا لانْملكُ ثَمنْ ما نشتري به كيساً من التمباك المُتَعفِن الرَخِيصْ ؟!.

لقَد غَضِبْتَ من حدِيثي حِينْمَا عَقدْتُ إصرارِي لأن نَشتْرِى ولو كِيساً بقرشِ واحد مِنْ هذا الكيف المعبأ في أكياس ، لكِننا سُرعَان مَا خلعَنا جذعَ الفكرة فكرة أن نشتري كيساً من التمباك بثمنٍ باهظ في نظرِنا .

ثم مَضِينا .. وقُلتْ لِي سَاعتَها بإستياء شديد من طَلبي :

- كيساً بـ"قرش" كاملاً ياهشام !!

صمتُ أنا وضحِكتَ أنتَ مِن فقرِنْا هذا الذي يمنعُنا مِنْ أن نَشتْري ولو تُمبَاكاً حَتىَ.

إنه حقاً لأمر مُضحك فكيف يستَعصِي علينا أن نشتري تمباكاً ياعاصم ؟؟

لمن إذاً نشكو أمرنا هذا – أم نتذُمر لوحدنا هكذا .

فقراء يا ماريل !!

فقراء يا إله الفقر !!

فقراء فقراء فقراء

ولتذَْكُر أيضاً يوم قَطعنَا تِلكْ المَسافَة التِي تُقدر بِعشَراتِ الكِيلومِتراتْ أو تُقدر بِعشرات الجنيهات بمِقيَاس فَقرنَا هذا ، ولمْ يكُن لَدينَا حِينَها ولا قِطعة مِنْ النُقود الحَديدية لنركب بها إحدى المركِبَاتْ المُتهَالكَات ونجلس بها على آخر كَنبة أُعِدتْ وخصِصَتْ للفُقَراء أمثَالنَا ولآخرون يعيشُون فَقراً مُزدوج . فقر العلم بشقَائِه وعَنائِه المُعتَاد وفقرُ المَال الذِي يُجبِرهم عَلى الجُلوس فِي آخر كنبة .

فاخترنا أن نمشي سيراً على أقدامنا وأقنعنا أنفسنا حِينها بأننا نمشي من أجل التغير عن النفس ، نتمشى كما تقولها أنت . وكأننا لم نخطوا ولاخطوة واحدة بأقدامنا على هذه الحياة مِنْ قَبْل .

مايُضحكني هو اننا نخدعُ أنفسنا سريعاً عِند فقرنا ، فعندما كنّا نود ركوب إحدى المركبات وأستعصى علينا ذلك نسبة لإفلاسنا ، أقنعنا أنفسنا حينها بأننا سنقطع مسافةَ من الكيلومترات بأرجلنا وليس إفلاسنا هو سبب لذلك بل من أجل أن روِّحْ على أنفسنا .

كثِيرونْ هُمْ مَنْ يقطعُون مَسافةٍ كهذِه ياصديقي بلْ ضِعفها أحياناً ، لكن الشيء المُضحِك فِي الأمْر ياعاصِم أنهم يقطعُون تِلك المسافَة ليس بِسبب إفلاسهم وفقرهِم بْل لأغراض رفاهيةً أخرى .

يَبْدُوا لِي أمْر هَؤلاء البُرجوزِايين مُدهشاً حقاً ، يصنعون من التعب رفاهية ، وبينما نحنُ هُنا ننهمك فِي البحثْ عَنْ قرشٍ واحد فَقطْ لنجلُب بِه مايقتُل إحسَاسْ القَلق فِي دواخِلنا ، نَجِدُهم فِي ذات الوقتْ يُبعثِرون ثَمنْ مِئات الأكيَاسَ مِنْ التُمبَاكْ !!

أليس هذا محزنناً ياصديقي ؟!

قَدْ يَسخُر منّا الكثِيرون في قِصَتِنَا هَذه ، فمهما كانْ فقرُنَا مُدقعاَ لنْ يمنعُنَا مِنْ إقتناء أبسط الأشياء ياصديقي .. لن يمنعنا من أن نقتل إحساس القلق في دواخِلنا ، رُبما كنا قد تعدينا مرحلةً أبعدْ مِنْ الفَقْر فِي أيامِنا تِلك .. فالفَقير هو منْ لايملك قوت عامِه ، أمَا نحنُ فكُنا لانملك ثَمن تُمباكٍ مُتعفِن رخِيصْ.