حين يكون الرزق في حجارة صماء!

حين يكون الرزق في حجارة صماء!


06-12-2008, 08:29 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=160&msg=1213255754&rn=0


Post: #1
Title: حين يكون الرزق في حجارة صماء!
Author: عبد الله الشيخ
Date: 06-12-2008, 08:29 AM

خط الاستواء
ظهر الذهب في منطقة وادي السنقير , ريفي بربر.. براءة الاكتشاف تنسب في أواسط التسعينيات لأساتذة كانوا يعملون بالمنطقة.. بدأت المنطقة في النمو والعمران بعد ضيق السواعد الفتية بفلاحة الأرض الزراعية الضيّقة.. المهددة بمتاريس المياه المقترحة, هبر الناس إلى الخلاء الذهبي.. جاءت السلطات وأحست بخطورة ما.. فأغلقت المنجم المحلي وآباره العميقة وحرست المكان بالديدبان..
ورجع الناس إلى أطيان جروفهم التي ضاقت بأنفاس الوارثين وسنابل القمح والفاصوليا.. خرج الناس مرة أخرى إلى الصحراء الفسيحة التي جادت عليهم بمناجم أخرى في قرى فنوار والسليمانية والجول والمناطق الغربية من ريفي الباوقة.. صار النزوع إلى خلاء الذهب مهنة الشباب يحفرون الحجارة الصماء التي تجود ذهباً ..حتى مغيب الشمس .. يفتتون الحجارة، ويغسلون أطناناً منها ليخرج المحظوظ منهم بحبة حبتين من الذهب!
وحين يكون الرزق في حجارة صماء فإنك لا تعرف ما هو العائد.. وما تعرف عرقك ده حا يجيب شنو.. اكتشفت السلطات أمر المنجم الجديد وجاءت بالديدبان وبالشركات.. أسست بنيانها وقطنت ..ومنعت الأهالي من العمل
ووقعت مشادات حول الدهب الحجري على خلفية المتاريس المقترحة .. جاط الأهالي الذين سيفتقدون أطيانهم لاحقا ويطردون إذا وجدوا منفذاً في الصحراء آو هلاكاً فيها ..وربطوا الأمر كله بهاجس إفراغ النيل والصحراء من أصحابها ليستأثر …………. بالكنوز التي ليس عليها جدار يدل عليها..
ثمّ نامت القضية قليلاً, ولكن المعايش جبارة… وهبر الناس مرة أخرى إلى الصحراء بحثاً عن المعايش في وادي الحجاجية يعصرون الصخور بسواعدهم لمزازاة الآبار بالتزاوغ عن عيون الديدبان.
أمس جاءت أخبار فاجعة.. في عمق سحيق في إحدى الآبار سقطت صخرة صماء على جسد شاب زاهر .. وقدامي اسمه كمال الدين خضر المليح .. مات وهو يبحث عن الذهب حين رأى الآن الناس يتزاحمون في الشريط الضيق على حبة البطاطس.
كمال الدين خضر المليح, اتخذ العراء داراً، ولم يكن يحلم بالقصور.. بحث عن الرزق في فتات الصخور وهو يعلم أنّها صماء
إنّها الحياة.. إنّها الصحراء.. الصحراء دون ذاكرة أو لها ذاكرة لا نعرفها ..وحين تذهب إلى الصحراء مضطراً يمكن أن تعود, ويمكن ألا تعود.. لقد خرج كمال الدين بشبابه ولم يعد.
الفاتحة!!
إنها الحياة الآن!
البكاء يشفي وإن كان لا يجدي.. والعزاء في كمال الدين قد يسد باب الصحراء التي تبدو الآن في أفق الناس هناك منفذاً إلى اللقمة الحلال.. هل الصحراء هي الجفاف؟ أم أن بعض القلوب كالحجارة؟