البحث عن كباش لفداء طائرة سودانير .. خالد عويس 2003

البحث عن كباش لفداء طائرة سودانير .. خالد عويس 2003


06-11-2008, 00:20 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=160&msg=1213140039&rn=0


Post: #1
Title: البحث عن كباش لفداء طائرة سودانير .. خالد عويس 2003
Author: humida
Date: 06-11-2008, 00:20 AM

البحث عن كباش لفداء طائرة سودانير
خالد عويس - 2003
على مدي خمسة أيام أو يزيد ، بذلت ما بوسعي لكي أكتب حرفا ، وعجزت تماما عن الكتابة . على مدي خمسة أيام أو يزيد كنت أتخيّل نفسي في موضع أيّا من أهل الضحايا ، فاقدا لأسرتي كلها ، ومذهولا لهول الفاجعة ، ومملوءا بالحزن والوجع ، وعجزت حتى عن تصوّر مقدار هذا الحزن . وزير خارجية السودان بكل ما حملت كلماته من عبثية و(فانتازيا) لم يحملني على الخروج من حالة الذهول وامتصاص الصدمة . أختمرت فكرة المقال في رأسي وطاوعني القلم في أعقاب عودتي من عزاء أخ عزيز فقد زوجته وبناته الأربعة دفعة واحدة ، والسبب الولايات المتحدة كما قال وزير الخارجية !!
مائة وخمس عشرة أسرة سودانية ، يضاف اليها ثلاثون مليون نسمة ما عدا قلة تجتهد في البحث عن شماعة ( كالعادة) ، ظل السواد وحده هو شعارهم طيلة الأيام الماضية . قد يبدو القدر هو أنسب الشماعات التى تبحث عنها الحكومة السودانية ، فالاهمال واللامسؤولية ليست واردة أبدا على لسان مسؤولينا الذين يهمهم الابقاء على مقاعدهم وليذهب الشعب السوداني بأسره الي الجحيم ، في حين أن كارثة مهولة كهذه اذا حدثت في أىّ بلد آخر في العالم يكرّم الانسان ويعتبره الثروة الأعظم لتقدم أكثر من عشرة مسؤولين باستقالاتهم ، أما المسؤولين عندنا ، فحدث ولا حرج . مات عشرات الطلاب في معسكر للخدمة الالزامية في العيلفون وقيّد الحادث ضد القدر ، ولم يبحث أبدا في الأسباب الأخري ومنها بطبيعة الحال القسوة غير المبررة التى رافقت تدريب هؤلاء التلاميذ ، والاكراه الذى مورس بحقهم . مات آخرون في منتزه المقرن وكان القدر أيضا حاضرا ، وجاهزا للتوقيع على المحاضر الرسمية كمسؤول أوحد عن (جريمة) اهمال الصيانة ، واللامبالاة بمراجعة واعداد آليات عفا عليها الدهر _ كما هو حال الذهنيات التى تدير الأمور عندنا _ ، وكان الأجدر تقديم المتسببين بذلك الحادث الي محاكمة ، بدلا من اجادة أجهزتنا العدلية رصد بائعي الأرصفة ومعاقبتهم !!
كل المبررات التى سيقت خلال الأيام الماضية لتفسير العطب الذى حلّ بطائرة الخطوط الجوية السودانية في رحلتها الداخلية من بورتسودان الي الخرطوم لا يمكن أن تقنع طفلا غرا ناهيك عن شعب مكلوم وأمة مجروحة مارس عليها الاعلام الرسمي اذلالا في المشاعر ، فبدلا من اعلان حالة الحداد لثلاثة أيام عاد التلفزيون لمزاولة أنشطته (العبثية) المعتادة ، ولم يلق بالا الي أن مشاهديه يلفهّم الأسي وليس لديهم استعداد لسماع ترهات عن أعياد ثورة عاجزة حتى النخاع عن حماية أرواح الشعب !!
ويزيد السيد مصطفي عثمان من أوجاعنا حين يقحم الحادث في مزاودة سياسية رخيصة ، هى مردودة عليه ، فلئن منع الأمريكيون فعلا شركاتهم من بيع قطع الغيار الي شركة الخطوط الجوية السودانية طيلة فترة الحصار الاقتصادي ، فان ذلك يعني ببساطة أن الشركة والحكومة السودانية من خلفها كانت تتلعب بمصائر ملايين الركاب من السودانيين وغيرهم الذين طاروا على متن رحلاتها طيلة السنوات الماضية ، وسيكون ذلك أدعي الى تقديم مسؤولين كثر الي محاكمة عاجلة نتاج رغبة في أرباح طائلة على حساب أرواح السودانيين !!
أما اذا ثبت خلاف ذلك ، فعلى وزير خارجية السودان أن يذهب الي بيته ، ويكفينا شرّ المزاودة السياسية مع الولايات المتحدة على أرواح الضحايا !!
وفي كل الأحوال فان حسابا عسيرا لابد أن يتعرض له مسؤولو الخطوط الجوية السودانية ، الذين أستمرأوا القصور حتي أضحي سمة ملازمة لخدمات شركة كانت مضربا للمثل في الانضباط واحترام عملائها وأصبحت مضربا للمثل في الخمول والكسل والرتابة وسوء الخدمات . رصدت خلال الأيام القليلة الماضية التى أعقبت الحادث أداء سودانير من خلال رحلاتها المتوجهة من والي مطار الملك خالد الدولي في الرياض ، ولا يعوزني التأكيد على أن سودانير أضحت منذ مدة سببا مباشرا لأمراض القلب والضغط وتصلّب الشرايين لعملائها !!
أدرك أن شركة الخطوط السودانية على مرّ تاريخها كانت مثالا على الدقة والنظام واحترام العملاء ، لكن الداء الوبيل الذى حلّ بالسودان منذ أربعة عشر عاما ، جعل منها مرتعا للمحاسيب والموالين في حين أن معظم الاداريين الأكفاء ذهبوا مطرودين الي بيوتهم ، أو تمت مضايقتهم لاخلاء ( المناصب) كي يتم تعيين (الأقرباء) و(المحسوبين على الانقاذ ) فكيف ستحاكم الانقاذ هؤلاء ، وكيف لنا أن نتخطي دائرة القدر وشماعته المعتادة طالما أن ما يجري في كل المرافق الأخري ينطبق على سودانير ؟
ان المحاسبة وحدها هى التى يمكن أن توقف هذا العبث ، وعلى سودانير بالذات أن تقوّم مسيرتها خلال السنوات المتصرّمة لتكتشف حجم خساراتها حتى في أوساط عملائها السودانيين الذين ملّوا من تأخير الرحلات والخدمات السيئة المقدمة على الطائرات ، هذا اذا كان في سودانير من يسمع نصحا أو يخشي من خسارة منصبه وكرسيه الوثير طالما أن الاسناد الحزبي موجود !!



البحث عن كباش لفداء طائرة سودانير