أعمال القلم (4 ) ** سحر الوجود **

عند عتبات نبضها جلست القرفصاء..
تماهت أطرافي وتعرق جبيني وسقط مغشيا ..
إبتسمت .. فتوتر حبلي السري ..
أعلم حين يتوتر حبلي السري فذاك ميلاد كتابة ..
رصدها قلمي فتنهدت ..
رعد صدري .. فارتعش كشحها اللادن المخنصر ..
حقنت ضلوعي بعنف .. فبدت كمن يمتص رحيق فوادي عنوة ..
تخثر الدم في عروقي .. فتوهمت الموت للحظة ..
حين شهقت ..
سربلتني الحياة بمذاقها المعسول ..
من بين عينين سابلتين جاءني صوتها فاترا..
- ياهذا .. كتبت عليك الشقاء هاهنا ما شئت لك البقاء ..
رغم دفئ وشوشتها الرخيمة إمتعضت ..
فهي التي وأدت روحي وأعادتني للحياة بروحها ..
أدركتني أهمهم ..
- همست ..
- هوذا ميراثك وميراث آبائك .. لو لاي وقبيلتي لماكنت ..
- خير لك أن تصمت ولا تدع الأوهام تفسد اللحظة ..
آه منك يا أنثاي ..
ليتي ملكت شكيمته ..
هذا ماجناه أبى علي ..
..
البعض فسرها بسنة الله الماضية فينا لتعمير الأرض ..
و( فرويد ) علق عليها جل مآسي البشر ..
..
ليته لم يخطئ آدم ..
لو لم يخطئ فهل كانت أرواحنا لبست أجسادنا ؟
أ كان غيرنا مستخلفا لعمارة الأرض؟
أم لبقيت صعيدا جردا كرفيقاتها الأخر ؟
ألم تكن كلفة الخطأ عالية ؟
..
لقد إضطرته لتزويد حيواتنا بحاجاتها وأزيد ..
ما أكثرها وأغزرها وأطيبها وأقذرها ..
بدى لي أننا نأكل بعضنا البعض ..
فالأمر شبيه بعمليات التدوير ..
العقول النافذة المتحررة من عقابيل الفهوم الموروثة ..
إستنفعت ونفعت الإنسانية بإدراكها أسرار الوجود..
..
أرقتني هذه الثنائيات..
ذكر وأنثى – روح وجسد – حياة وموت – ليل ونهار .. الخ..
عدد ما شاء لك وتأمل ..
لا يوجد في هذا الكون شيئ غير ثنائي ..
الفردية ليست من مقومات الحياة علي الأرض..
( وفي أنفسكم أفلا تبصرون )
..
- قاطعتني ..
- أتعلم ما هو المفرد فينا ؟
أطرقت لحظة .. ثم أجبت .. لا ..
- قالت : إنه قلمك وكراستي .. لا نملك سواهما لكتابة سيرورة الحياة وإنجاز سر الوجود ..
- ثم أردفت .. لا تدع كراستي فارغة ..
أجبتها .. وهل أملك إلاك لأكتبه ؟ ألم تستعبد كراستك قلمي ؟
وهل يمكن قراءة سر الوجود بين أسطرك دون حبري ؟
أشاحت بوجهها عني وتمتمت ..
- من يملك المأوي هو الرابح ..
قلت .. بل هو السيد ..
- قالت .. كيف لضلعك الأعوج أن يغدو سيدا علي جسدك المفتول ؟
قلت .. منذ أن حبس قلبي بين تضاعيفه ..
صمتت ..
فتنبهت أنها بحوارها زكت نفسي فنفثت ما علقها من امتعاض ورهق ..
فأقبل قلمي يهرق حبره بين أسطرها من جديد ..
Recycling

- قالت .. كيف لضلعك الأعوج أن يغدو سيدا علي جسدك المفتول ؟
قلت .. منذ أن حبس قلبي بين تضاعيفه ..
صمتت ..


كان هذا دافئ ومختلف جدا ..
شكرا للمتعة حروفك ناطقة

ود الملك كيفك انت

واصل فنحن متابعون هذه الخواطر الجميلة

لك منى اطيب الامنيات

Quote: نحن متابعون هذه الخواطر الجميلة

استاذنا شيخ العرب ..
مش في قاعدة عندنا في القانون إسمها ( حجية الأمر المقضي فيه )..
أهو .. الواحد يخطرف رغم أن الشغله محسومه ومقضي فيها ..
شكرا علي مرورك ومؤازرتك الدائمة .

الأديبة هند ..

Quote: وصمتت

نعم ..
وكان صمتها ابلغ تعبير عن وثيقة ملكيتها الحرة ..
إلتقطته ذاكرتك الياسمين ..
وضمخت بعبق مرورها سحر الوجود..
لك الشكر .

نأسف للتكرار غير المقصود

أخي محمد طه
سلام على روحك الطيبة

قرأت بتمعن وقد خطر لي أن أتداخل في شكل رسالة من مجنون موجهة لك مثلما هي خواطرك و بعد

سؤالي الوحيد عن صحتكم وطيب خاطركم واعتدال اوقاتكم ، وان تفضلتم بنوع من السؤال عنا فنحن والحمد لله في اتم الصحة والعافية ولا يهمنا سوى الم الفراق عنكم وبعد:
من ومض الليمون نزَ حليب احمر بلل ارجل الليل فغارت نجمة عمياء ، تمسحت باهداب فراشة كانت تسير بمفردها في صحراء القيامة ، وانا امسح حروف الاخبار وحبك ينعى دفء المراعي عند ولادة الاعشاب على اسرة الهواء ، يتكئ حزنك مع فرحك على غصن يتدلى من رحم الحقول الناعسة ويختال الاسى امام الدكاكين وهو يرجم الذاكرة بكرات الفجيعة فتتسلل المسرات من افواه الحكايات ، والنوارس صارت تبني قصورا لها في اعماق المحيطات وتبكي البكاء هناك امام مجمرة التمني ، وحبك صار كينبوع يصدر المسامير الى التضاريس والمواعيد تنتحب والنجوم تشكو الياسمين الصيفي ، وصارت المياه الاسنة تاتي بالبريد المثقل بالمناديل ، وصار الكلام اشجارا لا تعطي سوى المفاتيح للطرق الفسيحة ، وللصدى وخز جارف يداعب مؤخرة الريح دونما موعد واحرث الحريق الباكي لا ستنبات الجواهر الصدئة في دروبك الحالكة .
وختاماً هذا لسان حال لا يفقهه إلا المبدعون مثلما يلتقي شيخان صوفيان ويتخاطبا بلسان الحال الذي لا يفهمه بقية الحاضرين في المجلس .. أرجوك لا تقل عن مجنون .. وأخيراً إذا سألت عني فانا رافلٌ في حلل الجنون ولا افتقد إلا جنونك المبدع.
اخوك
ابوبكر

عزيزي الدكتور ابو بكر..

Quote: من ومض الليمون نزَ حليب احمر بلل ارجل الليل فغارت نجمة عمياء ، تمسحت باهداب فراشة كانت تسير بمفردها في صحراء القيامة ،

ويا لها من قيامة ..
هرقت أنفسا حيرى تعلقت أهدابها بحروف الأخبار ..
وتحلقت حول نار الزمان بعد أن فقد الزمان شمسه..
تري هل سيكون لزمانهم ظل يحميه من إفك الرواة وبراويز الصدق المصنوع ؟
ام ستبق النوارس في حال غربتها ..
تبني قصورها في اعماق المحيطات وتظل تبكي امام مجمرة التمني ؟
قلت لي بلسان غيرك رافل في حلل الجنون ؟
بل لا طهم مس الخرافة فاستسلموا لعيهم ولن يفقهوه ..
قال الفيتوري :
بعض سرك ما لم يزل كامناً فيك ..

يطلق صرخته في الأغاني ..

ويحبس شهقته في الجموع ..

وقد يتحدر في مقلتيك ..

ويركض في خطواتك ..

أو يستحيل جنوناً إذا غالبتك الدموع ..

***

بعض عمرك ما لم تعشه ..

وما لم تمته ..

ومالم تقله ..

وما لا يقال ..

..
متعك الله بعافية فهيمة .

Quote: مش في قاعدة عندنا في القانون إسمها ( حجية الأمر المقضي فيه ).. أهو .. الواحد يخطرف رغم أن الشغله محسومه ومقضي فيها ..

لا حرام عليك يا مانجل في العمر فيض لبدايات جديدة

أنت تسأل وتجيب...تخلف القرع...وترخم الشتم...ونحن مرخمين من عسل عسليتك يا ملك...وأسئلة الثنائيات من إبداع الفرد الواحد الأحد الصمد وأنت بسيال يراعمك إملأ ذلك الكراس ....عجيبون أنتم يا الملوك لك التحايا والسلام..................




منصور

Quote: كان هذا دافئ ومختلف جدا .. شكرا للمتعة حروفك ناطقة

Quote: لا حرام عليك يا مانجل في العمر فيض لبدايات جديدة

أستاذنا ود شيقوق ..
لولا هذا الباب الذي نسميه الأمل في غد مشرق لما احلّوة الدنيا تحت أبصارنا ..
وهن يا صديقي وروده التي أسرتنا بعبقها الأبدي .
طيب الله روحك .

محمد علي طه

سلام يا أخي

و شكرا على هذه التداعيات الراقية

Quote: ليته لم يخطئ آدم .. لو لم يخطئ فهل كانت أرواحنا لبست أجسادنا ؟ أ كان غيرنا مستخلفا لعمارة الأرض؟ أم لبقيت صعيدا جردا كرفيقاتها الأخر ؟ ألم تكن كلفة الخطأ عالية ؟

ربما لو لم يخطيْ جراء وسوسة إبليس له ... لوقعنا تحت وطأة جريرة مقتل قابيل لهابيل ( و لله في خلقه شئون )
و لو تخطتْنا جرية القتل ..
لوقعنا ربما في إحدى تلك الدوامات : عصيان إبن نوح لأبيه و ركونه للجبل ليعصمه من الماء ..
أو عصيان زوجة نوح له ..
أو سوء نية زوجة لوط
أو غدْر قوم صالح ..

و أخطاء أقوام الأنبياء الكثيرة ...
الشيء الوحيد الذي أقف عنده ... هو لو لم يخطيء و إستغفر الله من ( لو ) ... فهل كان الملائكة هم المستخلفون في الأرض بنفس دبيب خطواتنا ؟ أم إبليس ؟ أم خلق آخر ؟

لي عودة

الأخ الرقيق / محمد
سلام
في حضرة من أهوى عصفت بي الأشواق
حدقت بلا وجه ورقصت بلا ساق

حضورك بهي أنيق، وحروفك كالهمس المسموع، وخيالك روي خصيب، وتجلياتك ياأيها الملك سليل الملوك، تستوجب التحديق بلا عيون والرقص بدون أطراف . واصل هذا التجلي، ومن الحبر ما يسكر

صديقي مفتاح المعرفة ..

Quote: وأسئلة الثنائيات من إبداع الفرد الواحد الأحد الصمد

صدقت ..
فالثنائيات دلالات قاطعة ومميزة للحياة الدنيا ..
ليبقى وحده المتفرد الأحد الصمد ..
لعل إستغراق التأمل في هذه الجزئية وحدها
تبعث فيك يقينا بأن للكون خالق قادر مقتدر ..
تأمل هذه النفس البشرية بثنائية الشك واليقين الكفر والإيمان ..
القبول والرفض ..الخ
اما رأيت فيهما تمثيلا عادلا لكفتي الإختيار ؟
( من شاء فاليؤمن ومن شاء فاليكفر )
اليست هي القاعدة التي بنت عليها الأمم مبدأ حرية العقيدة ..
إن العقول النافذة المتحررة من الفهوم الموروثة
إستنفعت ونفعت الإنسانية بمعرفتها سر الوجود..
طابت روحك يا صديقي .

تاجنا ..

Quote: كان هذا دافئ ومختلف جدا .. شكرا للمتعة حروفك ناطقة

ربما ..
فصاحبة العبارات شاعرة متميزة ..
وأنت صاحب قلم مبدع خلاق ..
ياخي إنتو بتعملو من فسيخ الواقع السوداني شربات ..
أسعدني مرورك .

بل حروفك هي الأبهى أخي اسحق ..
التجليات من سمات الظاعنين لأم القرى ..
العابرين عروجا بأفئدة نورانية هائمة..
تردد:
عشقي يفني عشقي وفنائي استغراق ..
مملوكك لكني سلطان العشاق ..
أحقا أنت من صلبها ؟
يا لتلك القرية الوادعة ..
تخيرت ربوة النيل واسترخت عند خاصرته في حلم أبدي ..
وقد ملّكت مواليدها نجابة العارفين ..

هنيئا لك بفداسي وهنيئا لها بك ..
ارعبني حفيف قلمك بكلماته الراقية في حقي ..
أثنى عليك الله .

عزيزي جلال ابو جهينه

Quote: فهل كان الملائكة هم المستخلفون في الأرض بنفس دبيب خطواتنا ؟ أم إبليس ؟ أم خلق آخر ؟

خلق آدم من طين..
مما يعني أنه خلق مختلفا عن الملائكة وعن إبليس ..
وكان مبتدأه في الجنة هو وزوجه حواء ..
هنالك حيوانات عديدة تقاسمنا الحياة غير أنها لا تملك مثلنا حرية الإختيار ..
هذه الميزة هي المعبر الذي دخل من خلاله إبليس ومازال ..
إذا لولا الخطيئة لربما بقينا في الجنة الي ماشاء الله ..
والله أعلم .
..
مرحب بعودتك فهي بلا شك مفيدة.

يا ابن طه الملك: عواصف الود ابت الا تغشاكم نصك (بتشديد الصاد) موغل في اللامباشرة وهنا تكمن عبقرية النص والكلام الذي يجعل حوافي القلب ترتعد حتى يسمع السامع النبض ويعتقد بان الكاتب به شيء غير طبيعي /النص هو الكلام الذي يعجب به دروايش البلاغة الهائمون في سجايا الحرف باحثين عن شبق المعنى متطفلين على جسد النص كي يتم استجوابه في غرف القلب الدافئة.

في (امراتان) سلك البرتو مورافيا ذات الطريق وفي (لو قتل الثعبان) لكمال يشار توقف القلب وسال كي يقتل الشاب حسن امه ما هذه المباشرة الورطة? تبقى اللامباشرة هو المحراب الذي يستكين فيه الشاعر او القاص او المبدع/ فقط احببت ان اقول ان النص فيه شيء من الجنون اللذيذ او المستحب عشت دوريشا تتلقفك الاجنة.

الاستاذ محمود الدقم..
شدني هذا الوجه الوضئ المبتسم الذي يزين واجهة بروفايلك ..
له بين تلافيف الخيال شفق لا يغيب من حسن الظن ..
هو وجه ضمن وجوه ألفتها اوجزت قيم دنياها في العطاء والإيثار واليد العليا ..
فأبقت حبال الود والإخاء موصولة مشدودة بين أبناء الوطن ..
خطلا حسبت أن أجيالنا كانت الأوفر حظا بما تلقته من تعليم نظامي ..
فالناس اعداء ما جهلوا او كما قيل ..
فضح جهلي مآ آل إليه حال الوطن بين كفتي زماننا ..
مع ذلك – مازلنا نجهد أفهامنا بتأطيرها داخل مذهّبات أنيقة علت صدر مجالسنا ..
قلت لي:
(عواصف الود ابت الا أن تغشى نصي)
يا لسعادتي إذا ..
فقد جسّت ديارك متخفيا مرارا ..
أنهل من خطوطك الفكرية المبثوثة بعناية هنا وهناك ..
صدقا يأسرني شدو أحرفك وجزالة أسلوبك ..
..
ثناؤك يا صديقي شد إزار قلمي..
فتراخت عنه الأصابع حياء ..
القومه ليك .

شكرا ايها الملك الانيق فانت تقدم فيئا نادرا وملاذا من الواقع المليئ بالاقتتال.

عنى لي سؤال وانا أطالع رسالتك وكلماتك الطيبات أخي الأصغر كمال إدريس ..
فعلي الرغم من علاقة القربي والمصاهرة لم نلتقي او نتعارف من قبل ..
في الذاكرة علاقة حميمة وصداقة بين ابوينا رحمهما الله ..
عمل والدك المرحوم إدريس محمد نور بمدينة بورسودان ..
وبقي بها طوال عمرة ..
بينما قضى والدي حياته بقريتنا جزيرة ( بنا ) في الشمال ..
كانا يلتقيان عند قدوم والدك في عطلته السنوية ..
رأيتهما لا يفترقان طوال أيام العطلة إلا لماما ..
فهما معا يوميا إما ببيتنا عند وسط الجزيرة ..
او بيتكم عند مقدمة الجزيرة ..
صغر سني آنذاك لم يتح لي سبر أغوار تلك الصداقة ..
كل ما علمته أن صداقتهما بدأت مبكرة من أيام الصبا ..
ولعل عملهما معا بجهاز الشرطة في شرخ شبابهما كان سببا آخر في تمتين أواصر الصداقة ..
ترك والدي الخدمة العسكرية مبكرا وعاد للقرية ..
ولتلك قصه ربما رويتها عند ما تحين المناسبة ..
استمر والدك في عمله بالشرطة الي أن بلغ السن القانونية فيما علمت ..
لم يعد للقرية بعد تركه الخدمة ..
بل بقي مواطنا بورسودانيا الي أن توفاه الله بها ..
رحمهما الله ..
مرورك الآن ورسالتك عرفتي بك شبلا من ذاك الأسد ..
تري هل تورّث الصداقة ؟
حفظك المولي .