|
Re: الحيوان (Re: نصر الدين عثمان)
|
أخي نصر الدين عثمان
Quote: وجوب العناية بتنقيح المؤلفات وينبغي لمن كَتبَ كتاباً ألا يكتُبَه إلاّ على أَنَّ النَّاس كلَّهم له أعداء، وكلُّهم عالمٌ بالأمور، وكلُّهم متفرِّغ له، ثم لا يرضى بذلك حتى يدع كتابه غُفْلاً، ولا يرضى بالرأي الفطير، فإنَّ لابتداءِ الكتابِ فتنةً وعُجُباً، فإذا سكنت الطبيعةُ وهدأت الحركة، وتراجَعَتِ الأخلاطٍُ، وعادت النفسُ وافرة، أعاد النَّظر فيه، فَيَتَوَقَّفُ عند فصوله توقُّفَ من يكونُ وزنُ طمَعُه في السلامةَ أنقَصَ من وزَنِ خوفِه من العيب، ويتفهَّم معنى قول الشاعر: إنَّ الحديثَ تَغُرُّ القومَ خلوتُه حتَّى يَلِجَّ بهم عِيٌّ وإكثـارُ |
واصل في سِفر الرجل أبو عثمان عمرو بن بحر محبوب الكناني الليثي البصري وأنًي لأراي فيه ملاذٌ .
،،،،أبوقصى،،،،
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الحيوان (Re: مجدي عبدالرحيم فضل)
|
العزيز أبو قصي .. شكراً لك لأنك مررت ها هنا .. وأصبت بقولك بأن في سفر (الجاحظ) ملاذ .. بيد أن كتاباته ما زالت تنضح بالحياة كأنها خرجت لتوها من المطابع ... لك فائق مودتي وتقديري
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الحيوان (Re: نصر الدين عثمان)
|
يجري الجاحظ مقايسة بين الولد والكتاب .. فيخلص إلى أن ما نكتبه أقرب نسباً وأكثر التصاقاً بنا من الولد فيقول:
Quote: واعلم أَنَّ العاقلَ إنْ لم يكن بالمتتبِّع، فكثيراً ما يعتريه من ولده، أَنْ يحسُنَ في عينه منه المقبَّحُ في عين غيره، فليعلمْ أنَّ لفظه أقربُ نسباً منه من ابنه، وحركَتَه أمسُّ به رِحْماً من ولده، لأَنَّ حركتَه شيءٌ أحدثَه من نفسه وبذاتِهِ، ومن عين جوهرِه فَصَلت، ومن نفسِه كانت؛ وإنَّما الولدُ كالمخْطَةِ يتمخَّطها، والنُّخَامةِ يقذِفها، ولا سواءٌ إخراجُك مِنْ جزئك شيئاً لم يكن منك، وإظهارُك حركةً لم تكن حتَّى كانت منك، ولذلك تجِدُ فتنةَ الرجُل بشِعرِه، وفتنتَه بكلامِه وكتبِه، فوقَ فتنتِه بجميعِ نعمته. |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الحيوان (Re: نصر الدين عثمان)
|
وفي إلتفاتة جديرة بالتأمل .. يشهر الجاحظ (مبضعه) على جسد الكتابة ليستأصل أدوائها فيقول:
Quote: وليس الكتابُ إلى شيءٍ أحوجَ منه إلى إفهام معانيه، حَتَّى لا يحتاجُ السامع لما فيه من الرويَّة، ويحتاجُ مِنَ اللفظ إلى مقدارٍ يرتفع به عَنْ ألفاظ السِّفْلَةِ والحَشْو، ويحطُّه من غريب الأعراب ووَحْشِيِّ الكلام، وليس له أَنْ يهذِّبَه جدّاً، وينقِّحَه ويصفِّيه ويروّقه، حتى لا ينطِقَ إلاّ بِلُبِّ اللُّبِّ، وباللفظ الذي قد حذف فُضُولَه، وأسقطَ زوائِده، حتِّى عاد خالصاً لا شَوْب فيه؛ فإنَّه إنّْ فعل ذلك، لم يُفْهَمْ عنه إلا بأن يجدِّد لهم إفهاماً مِرَاراً وتَكراراً، لأنَّ النَّاسَ كلَّهم قد تعوَّدوا المبسوطَ من الكلام، وصارت أفهامُهم لا تزيد على عاداتهم إلا بأن يعكس عليها ويؤخذ بها، ألا تَرَى أنَّ كتاب المنطق الذي قد وُسم بهذا الاسم، لو قرأتَه على جميعِ خطباء الأمصار وبلغاءِ الأعراب، لما فهموا أكثرَه، وفي كتاب إقليدِسَ كلامٌ يدور، وهو عربيٌّ وقد صُفِّي، ولو سمِعه بعضُ الخطباء لما فهمه، ولا يمكن أن يفهِّمه من يريد تعليمه، لأنَّه يحتاج إلى أن يكون قد عرَف جهةَ الأمر، وتعوَّد اللفظ المنطقيَّ الذي استُخرِج من جميع الكلام. |
| |
|
|
|
|
|
|
|