ود ضيف الله وطبقات النعناع!

ود ضيف الله وطبقات النعناع!
بعد تحديث نظام (التوثيق) في هذا العصر السعيد وجدت ورقة, سقطت سهواً من كتاب الطبقات.. والورقة من جلد النمر الأصلي .. كتب فيها ود ضيف الله ما يلي:
(بعد البيان, أمسكت قلم البوص, الماخمج, واستجبت لطلب الأخوان في تدوين تاريخ السقدان وأوليائها وأعيانها وحكامها العظام.. وبعد الاستخارة الواجبة في مثل هذه الأمور دخل في قلبي السرور وقلت : إن مبتدأ تاريخ السقدان كان في يونية ! الذي لا نظير له في الشهور القمرية، فقبل يونية كان الناس يستحلون القطاع العام، وهو قطاع يدخل فيه كل ما يجمع الناس ولا يفرقهم وفي آخر شهر يونية من العام ألف وتسعمائة وثمانمائة وألف سمعت هاتفاً من شيء يقال له الرادي في لغة العربان، والراديو في لغة أهل أم درمال.. قال لي الهاتف وقد حفظت مقالته كما ولدتها أمها : (إن العهد المباد قد أضاع وقت البلاد والعباد في كثرة الكلام).. فعرفت أن الموضوع جد جد وأنه أبعد ما يكون عن الهزار .. ولم يخب ظني فحكم أم درمال أقوام يقال لهم النعناع، وأشهرهم علي سبيل التبسيط لا الحصر رجل يقال له مونِس.. ذو صوت فخيم، كان ينادي مابين الظهر والعصر قائلاً : أيها الشعب السوداني الفضل.
وعلا نجم رجل في أم درمال يقال له كامبو اشتهر بمطاردة المجارمة.. وله صنو من قبيلة النعناع يكني بابن المتسيخ.. وظهر نجم طلال بن طلال، الذي يقال والعهدة في القول على بدرية الودّاعية أنه كان تاجراً في سلعة الدولار, وبعد الرجوع إلى القاموس لمعرفة المدسوس وجدت أن الدولار معناه : نوم قفا..
ومن الأولياء والأعيان في ذلك الزمان المطيوب بن عبد الإمام، ويقال أن الزمان جار عليه، وهو الذي اشتهر بتقليد الإمام الأكبر حجة الدهور.
ورأيت الناس يجتمعون أمام مستطيل يخاطبهم ويذكرهم بأيام الله، ويحثهم على نكران الذات، وسألت بعض العلماء عن فتوى في مخاطبة المستطيل لبني البشر فأجازوه قائلين : من قال لا ادري فقد أفتى..
اشتهر من شعرائهم ضيغم وشلال .. والنساء كن يلبسن الكسوة وهي في هيئة التكحيلة.. وهي ثوب فضفاض له جيوب لا تذكر محاسنهن بسوء..
وكانوا كلما هفّت عليهم هفّة يرسلون العسس في المقاطعات والأمصار ويغنمون الأبناء ومزقت قبيلة النعناع قماش النصارى تقريباً..
فأنعم الله عليهم بدواب عجيبة , لها أربعة أرجل, كما الحمير والجمال والبغال, لكنها دواب لا تأكل العشب مثل ذوات الثدي..
انتعش في عهدهم سوق الخطاطين والرسامين والنقاشين، وكسد سوق التصحيف والتجديف، وغادر الشعراء من متردم.. صفا لهم الدهر واعتكر ثم صفا .. لأن العسس قرروا غزو مصر من درب الحبشة , ومنازلة روسيا في اتبرة .. بنوا في كل فج جامع .. ولكن الإمام حجة الدهور أراد أن يستولى على العرش... ولم يسمع لنصيحة خلصائه الذين قالوا له: ما بتقدرن.. ما بتقدرن).