أعمال القلم ** (2) هاجر .. زوج إبراهيم الخليل **

عدت للمرة الرابعة ..
أنقب بين قصص الصالحين والأنبياء ..
سيرهم مفعمة بالرزايا والبلايا والعبر ..
في المقابل ..
يقين لا يُماثل..
شيئ ما أوقفني عند سيرتها ..
إنها هاجر..
او هُجرة كما استقر إسمها في وجدان أهلي حتي زماننا هذا ..
فتاة آسرة مرقت كالسهم من صلب العوام ..
حملها أهلوها ضمن عطاياهم ( للفرعون ) ..
ذاك ما جرت عليه أعرافهم ..
لو لم يكتب لها القدر ما كتب ..
لربما كانت إحدى الحسناوات اللائي وهِبن قربانا للنيل ..
نجت حين دفعها الفرعون في لحظة تجل ( لسارة ) زوج إبراهيم الخليل ..
جهلت ساعتئذ أنها ما خلقت إلا قربانا وأما للقرابين ..
ولإنها كانت هديا ..
خصها الله لتكون أما لبطل الهدي العظيم ..
صرخت بإشفاق وهي تلهث وراءه ..
أيا إبراهيم ..
لمن تكلنا في بطن هذا الوادي الموحش ؟
هذه أرض جرداء .. لا ماء ولا حياة !!
مضى صامتا لا يلوي علي شيئ ..
ساءلته بإلحاف ..
لم يجب ..
أطرقت لبرهة ..
ثم جدعته بالسؤال الذي لن يسكت عنه ..
هل أمرك الله بهذا ؟
- بلى ..
أجابها بإقتضاب شديد ومضى في سبيله ..
إذن لن يضيعنا ..
رددتها قبل أن يلفه الأفق ويحتويها الصمت ويدثرها السكون..
يا لهذا اليقين اليقظ ..
قفت عائدة الي حيث وليدها إسماعيل ..
لزمت مكانها ويقينها ..
بدأ زادها وماؤها ينفدان ..
- لن يضيعنا ..
تسرب الظمأ إليها..
- لن يضيعنا ..
جف حليب صدرهامن فرط الظمأ ..
وبدأ وليدها ينازع ..
ضاق صدرها وغشى عينيها دوار ..
نهضت .. هرولت ..
سعت بين الصفا والمروة يسبقها قلبها..
علها تأنس أحدا ..
ولكن .. لا أحد ..
( هاجر ) ..
أكانت تدري أن إسمها سيصبح علما للساعين نحو المجهول ؟
وليدها يتلوى علي الأرض كالملدوغ ..
شحذت سمعها ..
واستدعت ما تبق لها من حدّة إبصار ورؤية..
همست ..
لن يضيعنا ..
رجاؤها الذي نفثته لاهثه ..
ذرته الرياح في طرفة عين..
حتي حبيبات العرق التي تجمعت فوق جبينها إثر سعيها المتكرر المحموم ..
ترشفه لفحات سموم غائظ ينفثه بطن ذاك الوادى المقفر ..
وفي غمرة يأسها وقنوطها ومنازعتها ..
إذا بصوت يصك أذنيها..
دعته بنبرة عجلي موتورة ..
- أسمع إيل ..
أي – أسمع يا الله .. هكذا فسرها المفسرون ..
هنا توقفت أسائل نفسي ..
ما علاقة هذا النداء بما كانت تردده أمي النوبية عند سماعها خبرا ..
( أيلى ) ..
هو لفظ إستفهامي مرادف للفظ ( بالله ) ..
كانت تردده ليؤكد الراوي روايته ..
- أسمع أيل ..
فإذا بجبريل عليه السلام يسألها ..
- من تكونين؟
- أنا زوج إبراهيم تركني وإبني هنا في بطن هذا الوادي القفر ..
- لمن وكلكما ؟
- الي الله ..
إنه الإختبار الأول وقد اجتازته بنجاح ..
عنئذ ضرب جبريل الأرض .. فانبجست عينا بإذن ربها..
- أسمع أيل .. هكذا دون تطويل .. وجدت هاجر نفسها أمام نبع يفور ..
ماذا تراها فاعلة ؟
نظرت لشفتي وليدها اليابستين..
وأخذت تعب الماء حتي إرتوى وارتوت ..
ثم ماذا ؟
شرعت تحوض الماء المنبجس بغزارة ..
وهل تدعه يندلق ويتسرب سدا بين ذرات الرمال ؟..
إنه الإختبار الثاني للنفس حال إرتوائها ..
( رحم الله أم إسماعيل .. لولا أنها عجلت لكان زمزم عينا معينا )..
هكذا قال ( المصطفي ) عليه صلوات الله وسلامه في عتاب أنيس ..
تأملوه ..
في غمرة صهدها ويأسها ما فقدت هاجر يقينها الراسخ ..
وما أن تحقق أملها في النجاة وارتوت ..
حتي نازعها السؤال ..
ثم ماذا غدا ؟
شرعت تحوض الماء في عجل..
فكان الجزاء ..
وكان العتاب الأنيس من حفيدها المصطفي خاتم الأنبياء ..
وأمسك زمزم عن جريانه كنهر الي الأبد ..

أخي محمد علي طه الملك
قصة السيدة هاجر فيها الكثير من الدروس والعبر ..
ننتظر منك أن تأتينا بما بين سطورها بأسلوبك الشيق السلس
نتابع معك أيها الصديق ,,,

Quote: نتابع معك

الناظر

Quote: قصة السيدة هاجر فيها الكثير من الدروس والعبر .. ننتظر منك أن تأتينا بما بين سطورها بأسلوبك الشيق السلس نتابع معك أيها الصديق ,,,

اعزائي ..
عادل .. حمد الله علي سلامة العودة ..
كمال ..
شيخ العرب ..
يسبقا الشوق قبل العينين ..
نعم ..
غزيرة مخزون سيرتها من العبر ..
الغوص فيه يتطلب فضولا يقظا وبراح من الوقت ..
يزينهما جلوة ذهن ترشف عسيلات المعاني العظام ..
حفذني وقع خطاكم ..
تابعوا أعمال القلم ..

سوف نتابع اعمال القلم




تحياتي للاسرة و ابعد من ودشيقوق

ياسلام يا ابن العم ... هكذا البوستات ولله بلاش.

Quote: هكذا البوستات ولله بلاش.

هي قصص بجانب عبرها ودروسها فيها تصويرات رائعه..


ننتظر أعمال القلم...

تحياتي..

الأعزاء – فيصل وكمال إدريس وكمال الزين..
أعمال القلم .. خواطر متنوعة ..
قطعا طلتكم جمّلت حوافها ..
شاركوني ..
متعكم الله بنعيمه ..

العزيزة منى ..
كثيرة تلك المعاني التي تعبر وتتسرب من بين أيدينا ونحن في غمرة ( مجابدة ) الحياة ..
وقلة تلك التي تستوقنا ..
لا أدري إن كان ذاك من لطف الله علينا ..
أم هو النقص الأصيل فينا كبشر ..
..
توقيعك هنا له مكانه ..

الناظر ود المك

فيصل

Quote: تحياتي للاسرة و ابعد من ودشيقوق

انا قايل عينة المجرابي ده انتو بتشغلوهو رباط سخلان وحملان سااااااااى او بكون ماسك الابريق بغسل لضيوفكم سااااااااااى

قال تعالى: ( وجعلنا من الماء كلّ شئ حيّ ) الآية 30 سورة الأنبياء ..
هو ذا ما أعلمنا به الخالق ..
فالماء حياة ..
كل بحوث علماء الفضاء تعتمده كأول بينة علي وجود الحياة في الكواكب الأخرى ..
مجاري الأنهار .. الينابيع .. الأمطار .. دوما حجار ذاوية لقيام العمران فوق ظهر الأرض ..
هكذا حدثتنا سير التاريخ منذ الأزل ..
ولكونه إكسير الحياة ..
دحاه الخالق بلا مقابل ..
المحيطات .. البحار .. ماهي سوى خزانات لهذا الإكسير ..
منها تمتص الحياة البرية علي إتساعها - حصتها بمقادير لا يعلمها إلاّه ..
( يستوي البحران هذا عزب فرات سائغ شرابه وهذا ملح أجاج .. الآية) 12 سورة فاطر ..
عندما إنتبذ إبراهيم عليه السلام موقعا في بطن ذلك القفر ..
إبتهل لربه ..
( ربنا إنني أسكنت ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك الحرام .. الأية ) 37 سورة إبراهيم ..
لم يقل بواد غير ذي ماء !
تأمل هذا اللطف ..
فر بناظريك الي الموقع ..
ماذا ترى ؟
بساتين ؟ مزارع ؟ غابات ؟
لا .. وحده البيت الحرام ..
يأتيه الناس من كل فج عميق ..
ثم ماذا ؟
ماء زمزم ..
به رفع البيت .. ونهض العمران .. وظلت السقاية مهنة أشراف سدنته الي يوم الناس ..
إذا ..
هو يقين أم إسماعيل ..
سبق إليه الكتاب ..
..

خاتمة ..
قال حكيم شاعر ..
فيا عجبي إذا إدعى الفضل ناقص ..
ويا عجبي إذا إدعى النقص فاضل ..

وهلّل المصطفى ( صلى الله عليه وسلم ) ..
( الله .. الله في أهل الذمة .. أهل المدرة السوداء ..
السحم الجعاد .. فإن لهم نسبا وصهرا )
هلّل منفعلا بنسبته لقوم هاجر ..
قومكم ..
فهل من بعد قوله قول ؟
..

هييييييييييييع علي قول ود شيقوق .

Quote: هييييييييييييع علي قول ود شيقوق .

وهيييييييييييييع انا متابع اقدل ساى يا ود الناظر انت السلطة بتفتشها في دراسة القانون ؟ انتم العدالة اصلا منقدحة جينيا جواكم .

مرحب أستاذ الطيب ..

Quote: السلطة بتفتشها في دراسة القانون

عارف - أنا رأيى القانون ده مفروض دراسته تكون معممه ..
علي الأقل ما يتعلق بالمبادئ العامة ..
لإنه ببساطه بضبط أقوالك وأفعالك ..
ويحسن من طرق تقييمك لأفعال الآخرين..
وأظن مناهج التعليم في الدول المتقدمه حوت الكثير من تلك المبادئ ..
يعنى مثلا إذا نظرنا لسلوك سيدنا إبراهيم كما ورد في البوست ..
وإمتناعه عن تبرير فعله رغم إلحاح الزوجه ..
قد يراه البعض نوعا من الترفع والإستعلاء ..
او سلوك إجتماعي ذكوري يضطهد المرأة..
بينما سيراه المستنير بمبادئ قانونية تصرفا غير مألوف او طبيعي ..
فلا يعقل أن يمتنع رجل كيفما كان مستعليا ..
تبرير تصرف قد يؤدي لهلاك أسرته ..
من هنا يأتي تبرير المستنير بمبادئ القانون ..
بأن هذا السلوك نابع من مانع غير طبيعي ..
أشرت إليه بطريقة ما في قولي :

Quote: ثم جدعته بالسؤال الذي لن يسكت عنه

شكرا مرورك يحرض علي التفكير .