إنهم يدهسون البدر قتلا في أمدرمان.... نعم أنهم قتلوا البدر دهسا

مشى البدر...راجلا في طرقات أمدرمان حاملا في يده الكمان لمدة زادت عن عمر السودان...يجامل هذا و يسعد هذا... ثم يعود للمبيت في إذاعة أمدرمان ليصبح الصباح عليه هناك ليشنف بالنغم الجميل آذان جميع أهل السودان....

و ماذا.... دهاها أمدرمان لماذا تقتل بدورها و جواهر قلعتها و رواد فنها و إبداعها الكرام.....
لماذا.........

رحم الله الفنان الجميل

بدر التهامي

والناس في بلدي ليتهم يصنعون الحب

أتى من ود مدني و في معيته... إنسان فنان و كمان... تاركا وراءه الوظيفة و الأهل و المكان..حاملا إلى أمدرمان فن جديد يهذب الوجدان بعد أن تعلمه من الأرمن و الشوام و الأغاريق من أهل اليونان... و صنع لنفسه كمان...سودن دوزنته و أسلوب عزفه وغنى به أعذب الألحان مع سرور و كرومة و الكاشف و الأمين برهان...فصار بذلك من أول رواد عزف الكمان في السودان...فهل يجوز أن يموت دهسا سيد الزمان و المكان.... بدر الزمان......

نعم له الرحمة و المغفرة...أخي الخليل....

و ليتهم يصنعونه و يتبادلونه حبا و وفاءا مع صناع
فرح السودان من أمثال أستاذ الأجيال:
العم بدر التهامي ....

و إنت بدر السما في صفاك

هذا بعض مما كتب عن بدر السما في منتديات ود مدني
بقلم الكاتب أحمد محمد المبارك


الموسيقار بدر التهامي

الموسيقار بدر التهامي يسوقنا فى رحلة فنية عامرة بالعطاء .. بدأت في عام 1925م في مدينة ود مدني ..
آنذاك كان بدر التهامي شابا يعتمد عليه. فعهد إليه والده العمل معه في الحواشات لمراعاة انسياب المياه في الترع وعزق الأرض بالطورية ..كان يفعل ذلك راضيا مرضيا .. وفي صباح يوم من أيام العام 25 وهو بالضفة الشرقية للترعة الرئيسية .. سمع لحنا سرعان ما شده فارهف السمع وملكه سلطان الطرب فذهب يقتفي أثر اللحن حتى كان أمام مصدره رجال يلتفون حول عازف ربابة وكانت تسمى آنذاك ( أم كيكي ) وكان بها وتر واحد.

بدر التهامي يقول ،وعرضت عليهم شراء الربابة حتى بلغ الثمن عشرين قرشا وكان ذلك مبلغا له وزن اقتصادي مميز. بعدها تم تمليكي الربابة ذات الوتر الواحد وشدت عليها وترين آخرين ثم زدتهم واحد فأصبحوا أربعة أوتار وبذلك استطعت أن استنبط منها الألحان التي ترضي غروري الفني وعزفت عليها مضامين الأغاني التي كانت الربابة تقوم بترويجها ثم عزفت أنغاما على شاكلة :

يا خيتي يا بت أمي
نور قلبي سلبت

ولكن رغم الأ وتار التي أدخلتها على الربابة إلا ذلك لم يشبع رغباتي الموسيقية التي كانت تبحث عن اللحن العبقري و كانت الربابة تلك مصنوعة من أخشاب الأبلكاش لذلك أصدرت أصواتا نشاز وجافتها رقة اللحن المنشود .. ثم قررت بعد ذلك أن أدخل إلى عالم الكمنجة وتوجهت إلى الخواجة ميشيل تيرزو وكنت قد تركت العمل في الحواشات وانضممت إلى العاملين بمستشفى ود مدني ودرست التمريض .. ومن الخواجة ميشيل إلى الخواجة أنور الذي علمني السلم الموسيقي الغربي :

دو ري مي فا صول لا سي

وطلب مني أن أقولها بالعربية وحقيقة الأمر قد أفدت كثيرا من ألخواجة أنور واستطعت أن أحتوي تلك الآلة البنية اللون الساحرة وأعزف عليها ما أشاء .. ولما ملكت مائة وخمسين قرشا اشتريت آلة كمنجة .. وعزفت كل الأغاني التي ألفها الأستاذ علي المساح وأول من عزفت له أغانيه الفنان محمد الشبلي أحمد سليمان .. كما عزفت مزهوا روائع ذلك الزمان مثل :
أنت بدر السما في صفاك
زمانك والهوى عانك
زهر الربيع لون الطبيعة
نسائم الليل

ولما سكن اللحن الفؤاد وكنت ممرضا كما ذكرت, كنت من حين لآخر أعزف مقطوعات متنوعة مما جعل المرضى يلتفون حولي .. الشيء الذي ألب الإدارة الطبية علي فشكوني للمفتش الإنجليزي بحجة أني اسبب إزعاجا للمرضى وأمتثل المفتش لامرهم وطلب منهم حينما أعزف ألحاني أن يخبروه .. وفي مساء يوم خريفي رائع بدأت أعزف فتسلل المرضى من أسرتهم يتمايلون طربا وكان المفتش ساعتها متخفيا وراء ستار وبمحض الصدفة كنت أعزف المارشات الإنجليزية والمصرية التي حفظت ألحانها حينما كانت زفة رمضان تجوب شوارع مدينة ود مدني. وتقدم نحوي المفتش وسألني: أين تعلمت الموسيقى... فأخبرته بتجربتي فأعجب بها, وأخبر إدارة المستشفى, أن ما يعزفه بدر موسيقى وليس إزعاجا .. وطلب من في التو أن أذهب إلى عنبر واحد وأعزف لهم لأن به كثير من المتألمين .. وطاب لي المقام في مستشفى مدني.

عازف الكمنجةالشهير, الموسيقار بدر التهامي يعود بنا إلى الوراء قليلا وبالتحديد إلى عام 1938م ليقول وبكل فخر أن أول فنان عزف له هو الشبلي وفي تلك الأثناء كانت للأخ عثمان أبو بكر رجب فكرة تكوين أوركسترا وسرعان ما وجدت الفكرة هوى في نفسي فدعونا لها وكانت المحصلة مشرفة للغاية. وكان العازفون على آلة الكمان هم عثمان أبو بكر رجب وعبد المنعم عبد السلام وعلى الحويرص . ثم أنضم إلينا المهندس عبد الرحيم البوشي وهو أول من أدخل آلة الأورغن، ثم إسماعيل أبو السباع يعزف الكارنيت ومحمد أبو بكر رجب على الأكورديون وكان الطيب عبد الله الكارب يعزف على آلة العود .. أما إيقاع (الترمبيتا) فكان يعزفه عازف ماهر من موسيقى البوليس, وبذلك أكتمل مجموع الأوركسترا التي ولدت ناضجة و صاحبها المطربان الرائعان ( الشبلي والكاشف ) وعزفنا ما شاء لنا أن نعزف وتلقينا دعوة كريمة من مؤتمر الخريجين، وشددنا الرحال إلى العاصمة ورأينا المناضل الجسور الأستاذ أحمد محمد خير المحامي نجما يسطع في سماء بلادي يفتتح المؤتمر بكلمة فيها الرجاء والبسالة والدعوة إلى التحرير.

هكذا يتحدث الموسيقار بدر التهامي ويتذكر تلك الأيام و مافيها من زخم وطني مشتعل ويقول : بعد أن انتهى المناضل أحمد خير من كلمة الافتتاح أشير لنا أن نبدأ وظهرنا لأول مرة نغني للوطن فجاء نشيد صه يا كناري ونشيد صرخة روت دمي ثم نشيد للعلا....ولن أنسى الجمهور الذي كافأنا بحماسة وإعجاب .. وليتكم كنتم معنا في تلكم الساعات المشرقات .. حينما عزفنا تلك الأناشيد الخالدة وكان الفنان الشبلي والفنان إبراهيم الكاشف كقبسين جاءا من بلاد الفن والطرب والوطنية أي من مدينة ود مدني التي أهدت الأوركسترا الأولى.

ولن أنسى أبدا الفنان الراحل حسن عطية ، الذي أعجب بالعزف وطلب منا أن نبقى في العاصمة حتى تفتتح إذاعة أم درمان أي بعد سنتين من العام 1938م فأخبرته أن هؤلاء العازفين مرتبطين بأعمال ولا يستطيعون البقاء في العاصمة . ورجعنا من حيث أتينا وفي العام 1939م ظهرت بوادر الحرب العالمية الثانية وتشتت الجمع وكان الفنان الشبلي يومذاك قد عين في الجيش برتبة شاويش وسافر إلى الحبشة مجندا . أما الفنان إبراهيم الكاشف فقد راقت له فكرة الغناء الثنائي فأخبرني أنه يغني مع مصطفى الشيخ إسماعيل وكنت قبل ذلك أصحب الكاشف في كل الحفلات التي يدعى إليها يصحبنا الفنان أحمد حسن الغفاري الذي يجيد العزف على آلة البانجو فقال:هي آلة تشبه الربابة بها أربعة أوتار وتصدر صوتا رخيما يسر السامعين وأغلب الظن أنها مجلوبة من أوربا .

الموسيقار بدر يتحدث عن الطنبور فيقول : يتكون من آلتين إن صح التعبير هما العصا والزجاجتين الفارغة . فالعصا توضع على الأرض يرفع طرفيها حجران ، وهي تبعث نغما حين تضرب بعصا أخرى ، بينما توضع في الجانب الآخر زجاجات فارغة يضرب عليها بالمرواد، وضرب العصا بعصا أخرى يتكون بذلك نغم يصحبه الكورس المغني يطنبرون بحلاقيمهم بينما المطرب الشهير ود السيد يغني واضعا يده اليسرى على أذنه تاركا يده اليمنى لتعينه على الوصف .

يقول الموسيقار كان عمري آنذاك عشر سنين حينما عشت وشاهدت الطنبور وكان ود السيد ملك الطنبور في مدني. بينما كان ملك الطنبور في أم درمان ود الفكي القادم من الشمالية ومن أمثلة أغاني الطنبور آنذاك:
نار أم برعة سراجة
في الأيدين ظريف عاجا

وغنى أيضا:
جات تتمختر العرجونة
الماكلانا فتونا

وأيضا:
جنا الوز العام.... يا سلام

الأخ طارق أبوعبيدة و الجميع

فقط لاحظت الآن عندما (قوقلت) إسم العم بدر بحثا عن صورة له فوجدت بوستك الوفي الجميل...لأنني لم أتصفح المنبر خلال عطلة نهاية الأسبوع...
لكن عم بدر يستحق أكثر من بوست و يجب أن لا تتوقف الكتابة عنه لأهمية دوره في الموسيقى السودانية...

هذا للتنويه والتنبيه

امـدرمـان اشعـاع ونـور و البدر من جميــل الصحــبه ,
وبينهم قصـه ريــد طــويله ..
الاصل بينهمــا الضياء والدفء ,وكل خسـوف هو في الاصل عـارض !.

رحم الله الفنان الجميل
بدر التهامي ..

_______________________________________________

ليتهم يعلمون ان عمر اللحظـه في بعـدك يا خـرطـوم سنين طـوال
د شهـاب الفاتح ـ كوالالمبـور

و لقد خسف البدر يا شهاب
و الله يستر من العوارض

له الرحمة و المغفرة عم بدر

للعم بدر مدرسة رائدة, مميزة و متميزة في عزف الكمان لا تخطئها الأذن الحصيفة. تميزت و إمتازت فيهما عن المدرستين الغربية و الشرقية في عزف الكمان مع العلم بأنها قد إستفادت منهما في تقنية العزف و التعبير. التميز والإمتياز أتيا في لونية الصوت المصدر و أسلوب العزف و الذي رافق مدرسة أمدرمان الفنية الكلاسيكية الأولى, حيث أحدث عم بدر نقلة مهمة فيها و بها. و كان للعم بدر دورا هاما لا يقل بأي حال من الأحوال من الدور الذي ينسب للكاشف في النقلة النوعية و التي أحدثها بإلغائه لدور الشيالين و إستبداله بلازمة موسيقية عزفها عم بدر بأسلوب متميز. هذا الأسلوب الذي عرفه و أجاده الكثير من عازفي الكمان عبر الأجيال اللاحقة و الذين وعوا و أدركوا أهميته. و أذكر على سبيل المثال لا الحصر الأخ الصديق مجدي العاقب والذي كان كثير الإعجاب بعم بدر و أسلوبه المميز و كثيرا ما كنا نطلب منه أن يعزف أغنيات تلك الفترة بأسلوب عم بدر إعجابا و حبا.
الأمل و الرجاء في أن يحتفظ عازفي الكمان في السودان بأسلوب عم بدر (عليه الرحمة) و خاصة في عزف أغنيات تلك الفترة من تاريخ الغناء السوداني و يطلقون عليه إسم العم بدر تكريما و عرفانا بالجميل و العطاء النبيل.

والله ياخي انا ما بعرف عم بدر وبسال الله يغفر لي ده...
الناس ديل هذبو الشعور والوجدان واتخيل لي عدم معرفتهم ذنب!!
ربنا يرحمو رحمه واسعه بالجد... وانشالله تنشر لينا صور اوضح وكلام اكتر وتزيل جهلنا..

الأخ مدثر

سأحاول جل جهدي كتابة الكثير عن عم بدر و أبدأ أولا بنشر صورة أوضح للعم بدر بعد إذن الأخت آسيا ربيع والتي ألتقطت لهم سويا بقسم الموسيقى بإذاعة أمدرمان في أكتوبر 1987 و أرجح أن تكون بعدسة الموسيقار فيصل محمد نصر له التحية و الإحترام.

للعم بدر كما ذكرت سالفا مدرسة متيزة في عزف الكمان.. و هنالك سهرة تلفزيونية متميزة كان أن رافق فيها العم بدر المغني النادر صديق الكحلاوي
قدمت خلال الثمانينات......

نداء للخبراء:

رجاءا نقبوا عنها وأرفعوها هنا فضلا... لو تكرمتم

ألأخ/أزهرى

Quote: نعم له الرحمة و المغفرة...أخي الخليل.... و ليتهم يصنعونه و يتبادلونه حبا و وفاءا مع صناع فرح السودان من أمثال أستاذ الأجيال: العم بدر التهامي ....

أنت أهل لهذا الوفاء ..واصل مشوارك حول ألعم وألأستاذ الموسيقار بدر التهامى بالتوثيق له..

نسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته..

إسماعيل محمد احمد عباس...

استاذ ازهري
لا عليكـ يا صديقي .. واصل توثيقكـ
فلا يُفتي وأنتم في المدينة
متابع معاكـ
واللهم تقبل استاذنا بدر التهامي عندكـ مع الصديقين








___
تعرف يا ابوالزهور .. لمن عرفت سبب الوفاة قلبي ابي البوست داكـ خالص.

العزيز طارق

إنت و أنا و الجميع... تعالوا نقوم بأضعف الإيمان.... وهو الإحتفاء و التوثيق لعم بدر الرجل الفنان...


_______
تصور ياطارق أنا أول ما سمعت الخبر إتصلت بعربي لمعرفتي التامة بحجم فجيعته في عم بدر... و وجدته في حالة غضب شديد و أسف للكيفية التي تمت بها الوفاة

الأخ إسماعيل

هؤلاء هم الذين لطفوا و مهدوا لنا لنكون نحن... و لقد قدموا في سبيل ذلك التضحيات الجسام...لكن أنظر... ياللهول...لقد قابلنا كل ذلك بإهمال تام..ثم أنظر مرة أخرى.. و تأمل كيف مات هؤلاء العظام..... أسفي...لقد قدموا الكثير لإسعاد أهل السوان الكرام...و لكن في السودان........