تكريم الإنقاذ للفرعون ولوحة العشاء الأخير للسيد المسيح

تكريم الإنقاذ للفرعون ولوحة العشاء الأخير للسيد المسيح


04-10-2008, 11:25 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=160&msg=1207823139&rn=0


Post: #1
Title: تكريم الإنقاذ للفرعون ولوحة العشاء الأخير للسيد المسيح
Author: SARA ISSA
Date: 04-10-2008, 11:25 AM

تكريم الإنقاذ للفرعون ولوحة العشاء الأخير للسيد المسيح

قرأت التشاؤم في أشعار أمل دُنقل ، أوراق الغرفة ( 8 ) وصفت اللحظات الأخيرة للفرعون الجنوبي الذي لم يعرف في حياته الإستجداء أو المساومة ، وقد دعا بعدم البكاء عليه لأنه بكي في حياته وحزن بما يكفي ، رفضت الدولة المصرية بأن تعالجه على حسابها الخاص بسبب موقفها من أشعاره ، في حياته القصيرة نظم شعراً عن الهزيمة والنصر والكاذب وعقد الصلح ، وقد تنبأ بمستقبل الأمة العربية عندما قال : لا تحلموا بغدٍ سعيد .. فخلف كل قيصر يموت .. قيصر جديد ، الرابط بين أمل دنُقل وما أحاول أن أكتبه الآن هو موقف الإنسان من مبادئه وهو بين قآب قوسين أو أدنى من سلم المنايا ، لم يهن عدي بن حُجر وهو يستقبل الموت ، وهكذا فعلها الإمام أحمد بن حنبل ، هذا الرجل لم يكن مشهوراً إلا بعد أن أمتحنه العباسيين بمحنة خلق القرآن ، ويُعد أحمد بن حنبل مثلاً في الصبر والوقوف على المبادئ ، وتحمل العذاب وتعاقب على حكم بغداد ثلاثة خلفاء ، كلٌ مشهود له بقوة الشكيمة وصلابة الرأي ، فتحول أحمد بن حنبل إلي أسطورة حفظها الناس عبر السنين ، قبل أن يلج بغداد ، دعا على المعتصم : اللهم لا تجمعني به ، وقد قبض الله روح المعتصم وإبن حنبل في الطريق لملآقاته ، وقد أحمد بن حنبل في صحبة تلميذه محمد بن نوح والذي فارق الحياة أيضاً قبل أن يصلا للمعتصم ، وعند توديعه له بصلاة الموت برز من بين الفيافي رجل مجهول و قد نادى أحمد بن حنبل قائلاً : أنك وافدٌ على الناس فلا تكن شؤماً عليهم ..فإنه من لم يمت اليوم فإنه سوف يموت غداً . لذلك غلبت على مذهب الحنابلة بعض الشدة ، مصدرها قوة الرجل ، وصبره ، ومقولته المشهودة أنه عفا عن كل من ظلمه إلا المبتدعة .
حالة الفنان محمد وردي ، أو الفرعون كما يحب أن ينادونه بهذا الإسم تُخرج عن هذا السياق ، ما عدا أن الفرعون عُرف بقوة معارضته للإنقاذ ، لم يواجه الموسيقار وردي الأذى ولم يرتاد بيوت الأشباح ، كما أنه لم يتعرض لسيف الصالح العام بحكم أنه فنان عاش في الخارج طيلة سنوات الإنقاذ و أقتات على الوتر والصوت الشجي ، لكن مع ذلك بقى الفرعون يحس بالآم غيره ، غنى للحرية ، ترنم بالديمقراطية ، شتم العسكر ، أنكر عروبته وهاجم الجلابة في لقاءاته مع الحركة الشعبية ، ولكن هذه الصورة لوردي المناضل الجسور تختلف عن ما رأيته قبل أيام في الحفل المشبوه الذي أُقيم من أجل تكريم الفرعون ، وقد سلمته فيه السيدة الأولى كأساً من الذهب الخالص ، ومبلغ خمسون ألف دولار ، في سابقة اُعتبرت الأولى في تاريخ الفن السوداني ، ونعرف كيف عانى الموسيقار عبد الرحمن عبد الله من المرض العضال ، وقد بقي وحيداً في رحلة العلاج من غير أن يجد المساعدة ، ولا أعرف الظروف المرضية التي كابدها الموسيقار الذري إبراهيم عوض ، فالأسرة السودانية عُرفت بقوة الإحتمال والستر ، لكن الدولة السودانية كانت تتفرج على هذا الجيل الإبداعي وهو يسقط ، وحاسبتهم بخطيئة أنهم لم يترنموا للإنقاذ باناشيد مثل :
هبت ثورة الإنقاذ
يوم الجيش للشعب أنحاز
أو كما غنى مجذوب أونسة : الإنقاذ حبابا
أو كما غنى المادح : بريدك يا البشير
بهذا الصنم الذهبي ، وبحفنة الدولارات الخمسون Grands ، أشترت الإنقاذ الفرعون وتاريخه النضالي ، وحسن ساتي لم يكن إلا مجرد وسيط في الصفقة ، رد عليهم الإمبراطور : أنتهى عهد " الدلاقين " وبدأ عهد الذهب ، ربما لا يعرف موسيقارنا العزيز أن المقصود – بهدية الدلاقين - ليس المادة بل الرمز الذي يتعدى هذا المعيار الضيق ، فالجنود يموتون في ميدان القتال حتى لا تسقط الراية ، والراية في حد ذاتها ليست إلا خرقة دُلقان بالية ، و قد ضمها الصحابي مصعب بن عمير بعضديه إلي أن لقي ربه ، والآن قد أنفض السامر وفرح كل وافد بما كسب ، فهل سوف يستمر ماراثون الذهب إلي ما لا نهاية ، فيرمي التماثيل وأوراق العم سام على بقية الفنانين الذين ينتظرون دورهم ؟؟ أم أن هذه مناسبة خاصة ، غير متكررة ، مثل لوحة العشاء الأخير للسيد المسيح ؟؟
سارة عيسي