فاروق كدودة: الله عليك يانجم الشمال!

فاروق كدودة: الله عليك يانجم الشمال!


04-01-2008, 05:33 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=160&msg=1207024430&rn=0


Post: #1
Title: فاروق كدودة: الله عليك يانجم الشمال!
Author: A/Magid Bob
Date: 04-01-2008, 05:33 AM

3 أشهر على رحيل فاروق كدودة: الله عليك يانجم الشمال!


إنقضت تلك ثلاثة أشهر منذ رحيل صديقنا ورفيقنا العزيزفاروق كدودة. وياله من رحيل قبل أن يأتى أوانه. فارتجت له مشاعر القريب والبعيد. لم يكن موته مفاجئاً لنا ولكن ذلك لم يهون من مرارة الأسى. فمن هم فى دماثة خلقه، وظرفه ورقة حواشيه ووفائه لمبادئه لا يجود بهم الزمان كثيراً. وأكاد أجزم بأن فاروق عند رحيله لم يترك وراءه عدواً شخصياً. دائناً أو شائناً أو خصماًً ألد. لأنه لم يكن ممن يضعون الموانع بينه وبين من يخالفه الرأى. فقد كان أنيساً يتحلق حوله الناس بمختلف ميولهم السياسية. يأخذ ويدى. لا يتنطع فى الحديث. يصغى ويحاور ولايجادل. لا يزدرى ولا يعلو صوته ولا يقطب حاجباَ. نقى السريرة، عميقاً وثاقب النظر فى إستبطان مواقع التوافق والكسب المشترك فى مضمار العمل النقابى والسياسى.
كنت أراه طوال سنى عملنا لنحو عشر سنوات فى جامعة جوبا فكان فاروق معتدل المزاج صباحاً ومساءً وعلى مدار الحول. لا يغضب ولا يشكو ولايضجر بالرغم من تقلبات الحياة ووعرة المكان بسبب حداثة التجربة. خفف علينا وحشة المكان. وأحاله إلى واحدة من أحب بقاع الأرض إلى نفوسنا. كان يتحدث بسخريته المعهودة عن فترات إعتقاله وفصله المتكرر فيحيلها إلى حكاوى طريفة ومفعمة باللحظات الإنسانية. وتارة يضع عمامته فى حجره ويقهقه عالياً ليحكى طرفةً عن مأزقهم مع أحد حراس سجن شالا بسبب إستخدام الراحل العزيز الخاتم عدلان لمصطلح ‘هرمى‘ فظن الحارس بأن الخاتم قد عيره بأنه ‘حرامى‘. فطلبوا من الخاتم أن يعتذر للحارس لقصر الموضوع وأن لا يعود لإستخدام المصطلحات العصية. وكان فى كل مرة يحاول فيها الخاتم أن يشرح لزملائه بأنه لم يقصد سوءاً بل تطرق إلى أنه لا يعرف النظام ‘الهرمى‘ داخل السجن. فيستعر أوار المواجهة مرة ثانية... وفجأة نلمح رنة الحزن تلك فى صوت فاروق وهو يتحدث عن إستشهاد المناضل عبد المجيد شكاك فوق أيادي ثلة من الرفاق.
وسنوات السجن والإعتقال مابين كوبر وشالا أبطل فاروق مفعولها أولاً, ثم أحالها إلى مادة للإنس والسخرية المميتة. وكان فاروق عبقرياً لا يضُاهى فى هذا المضمار. لقد أجاد الوصف صديقنا الدكتور عبدالسلام نورالدين فى تأسيه ونعيه البليغ للفقيد. فقد تحدث عن: "امتلاك فاروق كدودة لاسلحة الدمار الشامل على طريقته الخاصه-النكات والسخريات-والطرائف البديعة التي يبتكرها ويصوغها بموهبه فذة ليبهج بها اصدقائه وليحاصر عبرها خصومه.." و صديقنا حلمى شعراوى الكاتب والناشر المصرى الذى عمل معنا لما يقارب العام فى جامعة جوبا وصف فاروق بأنه ‘بطل غير متوج من أبطال حمل الأثقال! كذلك كتب الدكتور عبدالله على إبراهيم بأن طيب الذكر سعيد محمد أحمد المهدى أطلق على فاروق تحبباً إسماً ووصفاً معبراً فكان يناديه ‘كدودة الغَز" التى تبصق حريراً صافيا.

إلتقيت فاروق للمرة الأولى فى عام 1974 وقد جاء فاروق من جامعة موسكو للمشاركة فى أحد مؤتمراتنا الحزبية فى ألمانيا الديمقراطية (آنذاك). ولم يسعفنا الوقت للتعارف جيدا. وفى وقت لاحق ذكرت له بأننى آثرت آنذاك أن أبتعد عن القادمين من موسكو باعتبارهم شخصيات هامة وخطيرة. فما كان من فاروق إلا أن أطلق ضحكته المدوية وتعبيره المعروف "يا أخى العفو .." . وهى معاذ الله! لقد أسعدنى الحظ أن ألتقيه ثانية للعمل فى جامعة جوبا. وكم نحن مدينيين لفاروق بالعرفان بأن كان حاضراً فى حياتنا. لله كيف أستطاع هذا الإنسان الفذ أن يكون بسيطاً وعفوياً فى جانب وشديد الإعتداد بانتمائه ووفائه الصوفى لفكرة العدالة الإجتماعية والحرية فى جانب آخر.

كان فاروق محباً لعمله ولزوجته وبنتيه. لا يتحدث عن نجاحاتهن الباهرة ‘متفشراً‘ ولكنه لم يكن يخفى إعتزازه بهن. ومن من الناس لا يتهلل قلبه لمثل نجاحات دكتورة أسماء محلياً وعالمياً والدكتورة غادة وساندرا. وبنفس القدر كان فاروق معلماً متمكناً، أحبه طلابه فى كلية الإقتصاد آنذاك لعلمه وتواضعه ومرحه واستعداده الدائم للإصغاء لتظلمات طلابه بسبب صعوبة اللغة الإنجليزية أو المسائل الإقتصادية الشائكة. يحكى طلابه بأنه فى إحدى المرات حاول بوسائل عديدة شرح بعض المسائل الإقتصادية باللغة الإنجليزية فاحتج بعض طلابه بأنهم لا يفهمون كل شىء. فوضع فاروق أوراقه جانباً وأخذ فى شرحها باللغة العربية. بعد كل ذلك العناء نهض أحد الطلاب متعللاً بأنه لم يفهم كل شىء فلم يتردد فاروق فى مخاطبته "طيب يا أخى نكلمك باللغة النوبية." وتلك لمحة من عبقرية التعامل التى إنسحبت على كل مواقف الراحل العزيز.

على إمتداد عشرات السنين التى جمعت بيننا لم أر فاروق منكسر الخاطر مثلما رأيته عندما أوصدت إدارة جامعة جوبا الباب فى وجهه بعد جدل محتدم بينه ومدير الجامعة آنذاك البروفسير عبالعال عبدالله عثمان. وفى أيام الصفا كان بروفسير عبدالعال كلما إنبهم بمجلسه الرأى يلتفت إلى فاروق "ياأخى إنتو فى الحزب الشيوعى بتحلوا المشكلة ده كيف." ولم يكن فاروق ممن تعوزه الحجة والحكمة.

ومن هم فى مثل قدرات فاروق لم يكن بحاجة إلى تثنية للحصول على وظيفة. فحمل خبراته الوفيرة ليلحق بصديقنا الراحل بروفسير عبدالرحمن أبوزيد وعملا سوياً فى تأسيس لإنشاء جامعة أم درمان الأهلية.

إلى أصدقائه العديدين وأهله ورفاقه وبناته وأبنائه الطلبة، وإدارات جامعتى جوبا وأمدرمان الأهلية هنالك دين واجب السداد لفاروق. دعونا نتقاسم المسئولية لنوفيه حقه من التخليد اللائق. دعونا نتوافق عليه وننجزه بحلول الذكرى الأولى لرحيله. ولعل فى ذلك بعض الوفاء!

Post: #2
Title: Re: فاروق كدودة: الله عليك يانجم الشمال!
Author: Masoud
Date: 04-01-2008, 05:57 AM
Parent: #1

نعم رحم الله فاروق الإنسان الجميل.
عملت معه بالجامعة الأهلية و أشهد أنه كان محبوبا ً حتى من الذين يخالفونه في الرأي . و كانت له طريقة متفردة و رائعه في التدريس و التقييم. وكم كنا نحزن ان غاب فاروق عن المكتب لأن العمل بدون فاروق يصبح عبئاً مملاً. الا رحم الله فاروق و جعل البركة في ذريته وتلاميذه الكثر.

Post: #3
Title: Masoud: Thx for your kind words
Author: A/Magid Bob
Date: 04-01-2008, 08:16 AM
Parent: #1

Thx Masoud,your generous soul is comming through once again. Farouq was indeed a man with qualities everyone of us wished they were his. Thx

Post: #4
Title: Re: Masoud: Thx for your kind words
Author: Siham Elmugammar
Date: 04-01-2008, 01:13 PM
Parent: #3

Quote: Farouq was indeed a man with qualities everyone of us wished they were his

Post: #5
Title: Re: Masoud: Thx for your kind words
Author: GamarBoBa
Date: 04-01-2008, 01:38 PM
Parent: #4

Quote: وأكاد أجزم بأن فاروق عند رحيله لم يترك وراءه عدواً شخصياً. دائناً أو شائناً أو خصماًً ألد. لأنه لم يكن ممن يضعون الموانع بينه وبين من يخالفه الرأى. فقد كان أنيساً يتحلق حوله الناس بمختلف ميولهم السياسية. يأخذ ويدى. لا يتنطع فى الحديث. يصغى ويحاور ولايجادل. لا يزدرى ولا يعلو صوته ولا يقطب حاجباَ. نقى السريرة، عميقاً وثاقب النظر فى إستبطان مواقع التوافق والكسب المشترك فى مضمار العمل النقابى والسياسى.

له الرحمة
عاش حميلا وترك اثرا جميلا....

Post: #6
Title: Re: Masoud: Thx for your kind words
Author: wadalzain
Date: 04-01-2008, 04:04 PM
Parent: #5

شكرا دكتور عبدالماجد

لقد رحل فاروق والناس فى اشد الحوجه الماسه له ، لفكره النير ولنشاطه الدؤوب ولا ينسى المتابعين للهموم الاقتصاديه ان فاروق كان حاضرا دوما بعد اجازة كل ميزانيه يعلق عليها فى وسائل الاعلام ويشرح ويفند ويدخل بين سطورها مفككا غوامضها. لقد رحل عنا مخلفا سيرة عطره ، لقد ادى الامانه ، ما خان شعبه ولا ناسه ولا اهله . رحمه الله رحمة واسعه واسكنه فسيح جناته .

Post: #7
Title: الأعزاء سهام المجمر والقمر بوبا وود الزين
Author: A/Magid Bob
Date: 04-02-2008, 06:54 PM
Parent: #1

الأعزاء سهام المجمر والقمر بوبا وود الزين

شكراً جزيلاً على تعديد طرف من محاسن الراحل العزيز فاروق كدودة. وحقيقة هنالك قلة من الناس يجمع الناس على محبتهم وإستظرافهم واحترامهم مثل فاروق. يحدثنى صديق لنا بأن فاروق وهو يغالب الموت فى أيامه الأخيرة كان على حاله من العناية بمن حوله. يجول بعينيه فى من حوله ويحيى كل من لم يراه من قبل. رحم الله فاروق فقد كان إنساناً من طراز نادر. يجمع بين الصبر والجلد ولين الجانب فى آن واحد.

Post: #8
Title: Re: الأعزاء سهام المجمر والقمر بوبا وود الزين
Author: اكرم عثمان عبده
Date: 04-07-2008, 06:50 PM
Parent: #7

التحية لك الأستاذ عبد الماجد
Quote: دعونا نتقاسم المسئولية لنوفيه حقه من التخليد اللائق. دعونا نتوافق عليه وننجزه بحلول الذكرى الأولى لرحيله. ولعل فى ذلك بعض الوفاء!

الخالد فاروق كدوده
أحد الأنجم الزرقاء مع الأستاذة سعاد إبراهيم أحمد في إنتخابات 1986.
أحد الأكاديمين اللامعين؛ والذي إستطاع بعلمه وبما إمتلك من وعي وأستاذية أن يخرّج العديد من الأجيال.
أحد ممارسي السياسة من الوطنيين؛ أعطى النموذج الرسالي الساطع لتطابق الفكرة مع السلوك.
أحد النادرين في بلادنا.

Post: #9
Title: To Akram
Author: A/Magid Bob
Date: 04-08-2008, 07:00 PM
Parent: #1

Many apologies, for not being able to respond earlier.
Yet, Farouq was indeed one of those blue stars who do not come by very often. He was a Man Apart. I am so greatful he was in my life. Thx.

Post: #10
Title: To Akram
Author: A/Magid Bob
Date: 04-08-2008, 07:01 PM
Parent: #1

Many apologies, for not being able to respond earlier.
Yet, Farouq was indeed one of those blue stars who do not come by very often. He was a Man Apart. I am so greatful he was in my life. Thx.