فضائات قاتلة.. والضحية هي وعي الشعوب

فضائات قاتلة.. والضحية هي وعي الشعوب


08-13-2003, 04:13 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=155&msg=1207677223&rn=0


Post: #1
Title: فضائات قاتلة.. والضحية هي وعي الشعوب
Author: Yasir Elsharif
Date: 08-13-2003, 04:13 PM


راقبوا تعامل الفضائات العربية مع قضية السودان في الأيام والأسابيع المقبلة..

http://www.asharqalawsat.com/view/leader/2003,08,13,186923.html
فضائيات قاتلة
عدنان حسين

مثلما كان متوقعا ـ وهو ما يتوقع له ان يتفاقم اذا ما استمرت اعمال «المقاومة» في العراق ـ تراجع في الاسابيع القليلة الماضية عدد القتلى والمصابين بين قوات التحالف التي تحتل العراق، فيما يتزايد على نحو خطير عدد القتلى والمصابين بين المدنيين العراقيين، فضلا عن عناصر الشرطة والموظفين العموميين.
المجزرة التي حدثت امام مبنى السفارة الاردنية في بغداد الاسبوع الماضي كان ضحاياها كلهم مدنيين عراقيين (17 قتيلا و60 جريحا) من سكان الحي البغدادي وعابري السبيل ومراجعي السفارة الذين لم يعبأ مرتكبو الجريمة، منفذين ومخططين، بحياتهم، ولن يعبأوا في المستقبل ايضا بحياة امثالهم من الابرياء حتى ولو كانوا بالآلاف.
والمسؤولية عن مواصلة سفك الدم العراقي وازهاق الارواح البريئة ومحاولة عرقلة انتقال العراق الى عهد ديمقراطي لا تنحصر في فلول نظام صدام اليائسة المذعورة، ولا في الاصوليين المتشددين الذين يعميهم تعصبهم وتطرفهم وتخلفهم وكراهيتهم لكل شيء فيضربون عشوائيا. كما لا تقتصر هذه المسؤولية على القوى الاقليمية ـ جيران العراق بالتحديد ـ التي تسعى لتصفية حساباتها مع بعضها البعض او مع الولايات المتحدة على الارض العراقية وبالارواح العراقية.
القسط الاكبر من المسؤولية عن استمرار العذاب العراقي تتحمله الآن اربع قنوات فضائية عربية تنخرط في منافسات وتخوض حروبا في ما بينها على الطريقة البدائية المتوحشة، ولم تجد غير العراق، الذي تهدمت اسوار الطغيان فيه وانفتحت حدوده، ليكون حلبة لصراعاتها ومسرحا لعملياتها. فهي ـ هذه الفضائيات ـ لا تجرؤ مثلا على التقدم نحو مستعمرات الجذام العربية الكثيرة لتمسّ المشاكل الكبرى والمعضلات الحقيقية التي تعاني منها مجتمعاتنا، كالجهل والتخلف والاستبداد والفساد الاداري والهدر المالي وتبديد الثروات، لكنها تستبيح بدم بارد دماء العراقيين وارواحهم.
هذه الفضائيات تمارس، عمدا، لعبة تهييج واثارة، بل انها لا تتورع عن ارتكاب الكذب عن سابق تصميم واصرار.
في بغداد وبضع عواصم عربية اخرى اصبح معروفا ان احدى هذه الفضائيات تعرضت غير مرة لعملية خداع وابتزاز عندما بثت مرتين تسجيلا مصورا مع ما وُصفت على انها مجموعات مقاومة او مجاهدة عراقية ارغمت القناة الفضائية على دفع مبالغ لها لقاء هذه «الخدمة». وفي المرة الثالثة اكتشفت الفضائية ان هذه المجموعات من الملثمين ليست سوى مجموعة واحدة، او بالاحرى عصابة سعت لابتزاز الفضائية بالادعاء انها مجموعة مقاومة او مجاهدة للحصول على المال. منذ اسابيع استقال رئيس تحرير صحيفة «نيويورك تايمز» من منصبه عندما اكتشف ان محررا في الصحيفة نشر قصة ملفقة.. استقال لانه يحترم نفسه، ويحترم صحيفته، ويحترم مهنة الصحافة واخلاقياتها، ويحترم قراء صحيفته، ويحترم الرأي العام عموما.
الفضائية العربية التي تعرضت لابتزاز العصابة العراقية لم تشر، حتى، الى انها كانت ضحية لعملية خداع وابتزاز.. والتفسير الوحيد لهذا ان مراسلها في بغداد والعاملين في مكتبها هناك، وكذلك رئيس قسم الاخبار فيها ومديرها ورئيس مجلس ادارتها لا يحترمون انفسهم ولا مهنتهم ولا قناتهم ولا مشاهديها ولا الرأي العام عموما. والشعب العراقي هو الآن ضحية لهؤلاء وامثالهم.

[email protected]