الحاجوراق يفند حجة الانفصاليين الجدد

الحاجوراق يفند حجة الانفصاليين الجدد


06-22-2004, 07:28 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=151&msg=1254454664&rn=0


Post: #1
Title: الحاجوراق يفند حجة الانفصاليين الجدد
Author: الكيك
Date: 06-22-2004, 07:28 AM

حجة الإنفصاليين الاسلاميين واحدة ومكررة ، ومع ذلك خاطئة ، وهي حجة النقاء العرقي والديني، وتجري على النسق التالي : اننا نختلف مع الجنوبيين في الدين والثقافة واللغة ولذا فالأفضل الانفصال ! والمنطق الضمني لهذه الحجة ان الإختلاف ضار بينما التجانس الاحادي هو الانفع ! وهو ذات المنطق الذي يستند عليه الفاشيون في كل مكان وزمان : منطق ادانة الاختلاف وتجريمه وتصور أن تحقيق «الاستقرار »، و«الأمن» ، ِو«النظام» ، يتطلب وحدة القولبة والتنميط ـ صف واحد خلف القائد !.
ولم تكن البشرية لتحتاج الي الأكلاف الباهظة التي دفعتها لتصل الى خطأ التصورات الفاشية، حيث ان النظر المستقيم يقود الى استنتاج ان معمار الكون كله يقوم على التنوع (الاختلاف) ـ يقوم على الإلكترون والبروتون ـ الشحنة الموجبة والشحنة السالبة ، وعلى الليل والنهار ، والحي والجامد ، والإنسان والحيوان ، وعلى الذكر والانثى ، وعلى الشمال والجنوب والشرق والغرب ... الخ .
ويتولد الخصب المادي والمعنوي في هذا الكون من لقاء الإختلاف ـ يتولد الخصب الطبيعي من لقاء السماء بالأرض ومن لقاء الذكر بالانثي ، ويتولد الخصب المعرفي من المناقشة ومن امتخاض الرأى والرأى الآخر ، ويتولد الخصب السياسي من المنافسة بين المشاريع السياسية المختلفة ، ويتولد الخصب الاقتصادي من منافسة المشاريع الاقتصادية المتعددة ، كما يتولد الخصب الحضاري من لقاء الاعراق والثقافات والاديان المختلفة .
وقد صاغ كارل بوبر ـ أحد أهم مفكري القرن العشرين ـ قانونية النهوض الحضاري مستندا على دراسة مقارنة لتجارب النهوض المختلفة في شرطين هما وجود كتاب ـ أى رؤية فكرية مرجعية ، اضافة الى وجود تمازج ثقافي، وتؤكد النهضة العربية الاسلامية هذه القانونية ، فليس مصادفة انها بدأت من قريش ـ وهي لفظة تفيد التقرّش بمعني التجمع ، وبدأت من مكة ـ حيث ملتقي طرق التجارة ومركز الحجيج ـ وحيث تلتقي القبائل المختلفة تتبادل المنافع وتتداول الأشعار والأفكار !
وبالنسبة لأى مسلم لا يريد تسويغ الفاشية وتبرير الطغيان، فإن هناك العديد من النصوص الدينية التي تؤكد اهمية وجود الاختلاف ـ بإعتباره من سنن الله في الخلق وبرهانا على قدرته جلّ وعلا ـ ، بل وتؤكد أن هذا الاختلاف يشكل الدافع الرئيسي للتقدم الانساني :
ـ «ومن آياته خلق السموات والارض واختلاف ألسنتكم والوانكم ان في ذلك لآيات للعالمين ..».
ـ «لو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين.»
ـ «لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة»
ـ «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن اكرمكم عند الله اتقاكم.»
ـ «... ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الارض..»
ولهذا السبب حرم الإسلام الاحتكار وشدد في تحريمه الي حد اللعنة : «المحتكر ملعون» ! ملعون لأنه يحرم المجتمع من المنافسة وبالتالي من القوة الدافعة للتقدم مما يقود المجتمع الى العقم والركود والتعفن .... وينطبق ذلك ليس علي المجال الاقتصادي وحده ، وانما على المجالات كافة ، سواء المجال السياسي او العلمي والمعرفي ، بل وعلى المجال الرمزي ، حيث ان الذين ادعوا احتكار التحدث باسم الخير المطلق لم يحتكروا التحدث باطلاق وحسب، وانما كذلك أنتجوا في الممارسة العملية - كما تؤكد جميع التجارب - شرا بمقدار ادعائهم !
واذ تتناقض اطروحة ادانة الاختلاف مع الإسلام ، فإن اطروحة النقاء العرقي تتناقض كذلك مع ميراث العروبة ، فهي وبحسب روايتها المعتمدة نتجت عن لقاء اعراق وليس عن نقاء عرقي ـ حيث ان جد العرب النبي اسماعيل ابن ابراهيم عليه السلام من جهة وهاجر النوبية من كوش من الجهة الأخرى !
وهكذا فإن اطروحة النقاء العرقي او الثقافي تتصادم مع الاسلام ومع العروبة ، وكذلك تتناقض مع مطلوبات النهضة وتقود الى الاخصاء والعقم ، واذ تبناها النازيون في السابق ، وكلفت البشرية اكثر من عشرين مليونا من الضحايا ، فإنها تعبر حاليا عن الفاشيين في كل مكان ، سواء في السودان او الهند او اسرائيل .... وليست القربي الايديولوجية وحدها التي تربط فاشيي السودان مع فاشيي اسرائيل، وإنما كذلك المصالح السياسية الواحدة ! فأيا كانت العداوة اللفظية التي يرددها ظلاميو السودان عن الصهاينة ، وايا كانت شعاراتهم الدينية، الا انهم يخدمون بأطروحتهم لتمزيق السودان، المصالح الاستراتيجية لاسرائيل في المنطقة. والمأساوي حقا انهم يصخبون هذه الأيام عن علاقة اسرائيل بالدكتور جون قرنق دون ان يتوقفوا ليسألوا انفسهم وماهي اهداف اسرائيل من هذه العلاقة ؟! اليس الهدف فصل جنوب السودان عن شماله ؟! وفي هذا الهدف فإن الانفصاليين الاسلاميين -وغض النظر عن نواياهم واهدافهم المعلنة- يلعبون دور بيادق الموساد ! وهذه نتيجة طبيعية لأن التطرف يخدم دوما نقيض اهدافه المعلنة ! وان ازمة الظلاميين ليست في اخلاصهم وانما في غبائهم ! والإسلام دين يكرم العقل !