انها المكايدات يا اخى ..حسن ساتى

انها المكايدات يا اخى ..حسن ساتى


09-12-2004, 11:07 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=151&msg=1254454236&rn=1


Post: #1
Title: انها المكايدات يا اخى ..حسن ساتى
Author: الكيك
Date: 09-12-2004, 11:07 PM
Parent: #0

السودان .. مسرحية المكايدة السياسية
حسن ساتي


تستفزني أحداث السودان كثيرا هذه الأيام، وعلى مستويين، أولهما شخصي، والثاني في عداد الهم العام بلغة أهل اليسار، وأسجل بداية أن بين الاثنين صلة عضوية. فما هو شخصي، يكمن في قناعات ممتدة، طالما حاولت أن أنقب وأبحث فيها لجهة خصوصية وغرابة ما أسميه (العقل السوداني). وأما ما هو في عداد الهم العام، فحيثياته ترقد مسجاة في هذه الفيسفساء المتخمة بنذر، أو قل حمم، قد يجد الوطن فيها نفسه، أمام ذلك الاختيار الصعب بأن يكون أو لا يكون، إن لم يتدراك أمره، ويكسر هذه الدائرة الجهنمية والخبيثة، والمستغرقة دوما في تلذذ غريب، بممارسة ما أسميه المكايدة السياسية، في زمن يمارس فيه بعض كبار الأسرة الدولية كيدا آخر، بفن آخر، على وطن كامل بمن فيه.
قراءة أولية في روزنامة الحدث السوداني في ستين يوما تقول لك بتهم من الحكومة لحزب حسن الترابي واريتريا بالتآمر لقلب نظام الحكم، وبتهم من حزب الترابي باغتيال أحد ناشطيه في حي (أم بدة) أول من أمس السبت، وفي ثنايا ذلك ملاسنات هي في عداد (الكلام الساكت) كما يقول السودانيون. وحين توالي تصفحك لرزنامة الحدث تجد قرار مجلس الأمن 1656 في يوليو الماضي، ثم متابعات مجلس الأمن للقضية، ثم أفق قرار جديد تعده أميركا بفرض عقوبات، بعد أن تنصل كولن باول وكوفي عنان عن مواقفهما، وما تلاها من مستحقات أفرزتها زيارتهما معا للخرطوم.
وأمام كل ذلك التدويل لقضية دارفور، إقرأ التعاطي مع هذه القضية، ومع مفاوضات سلام تتعثر بعد أن دان قطافها، بين الحكومة السودانية والجيش الشعبي لتحرير السودان، وأخرى دخلت غرفة الإنعاش بتصلب في الشرايين بين الحكومة والحركتين المتصدرتين لأزمة دارفور في أبوجا برعاية من الإتحاد الأفريقي، فماذا تجد ؟.
لاشيء غير المداورة، وإطلاق العنان لممارسات سياسية لا يعنيها (لعب السياسة) بالطريقة المعاصرة، وبأبجدية الألفية الجديدة التي تغيرت فيها الحروف والمفردات والقواميس، لتعود وتسمع عن مقارنات فجة بين ما حدث في العراق وبين حالة دارفور، فيما تشهد تصعيدا نحو السلام يتلبس الانتقائية، فتشهد برتوكولات وفاق مع التجمع الوطني المعارض في القاهرة، ولا تسمع معه حديثا مع الصادق المهدي، لأن أهل الحكومة قد قنعوا من الغنيمة بالإياب، فحسبوا أن تلك الزيجة بينهم وبين جناح حزب الأمة الآخر يمكن أن تقطع بهم أرضا، ولا تسمع مسعى لإطلاق سراح حسن الترابي المعتقل بزعم جريرتين تنسفهما نسفا ممارسات أهل الحكم ( الجلوس الى الحركة الشعبية في مفاوضات، ومن بعد الى حركتي دارفور، فيما لم يكن للترابي ذنب غير مبادرات ومقترحات تلامس أشواق تلك الأطراف)، وليس ذلك دفاعا عن الترابي كما يتصور البعض، لأن الجزئية المهمة هنا هي اعتقاله تلذذا بهواية (الكيد السياسي)، في ظرف يتهكم بمعطياته على تلك الهواية، أو قل معاملته بالمثل، لأنه أيضا طالما كايد بتلذذ من نوع آخر.
هو إذن العقل السوداني وتجلياته مع أهل الحكم، يحدثونك عن عروبة وكأنهم لم يقرأوا الجاحظ وقوله ان العرب لم تعرف العقل بقدرته على المناورة والمكايدة وإنما بأنه (الإصابة بالظنون، ومعرفة ما سيكون بما قد كان).
ما يحدث في السودان مثير للشفقة، وما نشهده من تعاطي مع ما يحدث أكثر إثارة للشفقة، ولناشطي السياسة وأهل الحكم في السودان أهدي عبارة إمام المتقين علي بن أبي طالب في أول خطبة له، يوم قال: «ما أدبر شيء فأقبل، ولئن رجعت اليكم أموركم إنكم لسعداء، وإني لأخشى أن تكونوا في فترة، ما علينا الا الاجتهاد».
فليترك أهل الحكم المكايدة ، وليخلعوا هذه العدسات اللاصقة التي تحرم من معايشة حقيقية وتعاط جاد مع ما يحدث، ومن ذا الذي قال ان الحكم يدوم، أو أن معظم النار ليس من مستصغر الشرر؟

[email protected]