وردى يدعو المبدعين لبناء السودان الجديد

02:01 آخــر تحديــــث 2004-09-22
يدعو كل المبدعين للعودة لبناء “السودان الجديد”
محمد وردي: علينا ان ننسى “المرارات”
الخرطوم - طاهر محمد علي:
كان لطلته في حفل “نيفاشا” بمنتجع سمبا السياحي، والمتفاوضون من أبناء السودان يصلون إلى مرامهم السامي بتوقيع برتوكولات السلام، ألف معنى.. أولها تأكيد حضور الفن السوداني ضمن قضية كبرى بذل ما بذل فيها السياسيون.. ثانيها اختياره كقمة فنية يزداد بها وعي الفنانين وإيمانهم بأن هذا الوطن لابد ان يسهم في بنائه الفنان، والسياسي، والطبيب، والمهندس.. والحديث مع الفنان السوداني محمد وردي لابد ان يكون مفعماً بالمشاعر الوطنية خصوصا حين يفجر القضايا الحياتية والمستقبلية للشعب السوداني عموما وللفن الذي عانى من الانقسام والتشرذم خصوصا، وأبرز ما يتطرق اليه وردي هو السلام بكل اشكاله.

* كيف كان شعورك وأنت تغني لفرقاء من أبناء الوطن الواحد التأم شملهم بعد خمسين عاماً من الحرب؟
هذه واحدة من الأمنيات التي تحققت، فقد كنت أتمنى ان يتم ذلك قبل مدة طويلة، واعتبر نفسي مسهماً وفعالاً في هذه المسألة، عبر دعوتي للمساواة والعدالة والديمقراطية وضد التفرقة بين الناس، رغم ان هناك فئة صورتني عميلاً وعرضت صوري على التلفاز عندما غنيت للحركة الشعبية في الغابة، لكن المهم هو توحيد هذا الوطن وان يجتمع شمل أبنائه، حقيقة شعرت بفخر كبير لأن واحدة من أمنياتي تحققت.
* كيف يمكن للفن ان يكون حاضراً في ظل الحركة السياسية والاجتماعية؟
للأسف الحركة الفنية أصبحت ساكنة وكبر عمر المبدعين عندنا، رغم ان كبر السن لم يكن له اثر عند المبدع، لكنه أضحى واضحاً.. كما ان هناك انفصام اجيال، واصبحت هذه الأجيال غير متلاحقة، مما خلق فجوة كبيرة بين جيل وآخر.. وكل جيل يدعي انه هو الفنان ويجب إزالة من جاؤوا قبله، مثل نظام الحكومات، فكل حكومة تلغي ما قبلها.. لكن الفنان صاحب الضمير الحي الذي ينظر نظرة كبيرة للوطن ويسعى لتوحيد أبنائه بلا عرقية أو دين غير موجود، بدليل ان الأشخاص أنفسهم الذين يدعون انهم يغنون للسلام هم الذين غنوا للحرب وهم الذين طبلوا وزمروا! والآن يشمرون عن سواعدهم وكل واحد منهم يحمل قصيدة “أي كلام” ليغني للسلام! هم غير فاهمين مضمون السلام ومضمون الحرب. والفنان يجب ان يكون لديه دور ورأي في كل المسائل فالكلام الذي يقوله ويؤمن به واللحن الذي يقدمه يعبر عن شخصيته ودوره، فإذا لم يع الفنانون هذا الأمر ستكون كل الأغاني مستهلكة.
* دفتر أغنيات السلام “سلام السودان” كان حاضراً عندك منذ أمد طويل، فهل كان حلماً أم رسالة؟
كنت مع المرحوم الشاعر مرسي صالح سراج عام 1961 وتعلم اننا من النوبيين كنا نفكر كثيراً في انصهار هذا المجتمع الوليد حينها والاستقلال كان حديثاً وكنا نتمنى ان ما جاء بحروب ان يأتي بسلم، لذلك تمت صياغته لمدخل نشيد “يقظة شعب”:
“قلب أفريقيا بوعي نابض
حلّ منا بالجنوب الناهض
منعة الغاب بليث رابض
قِدماً.. هي كانت جنة المستعمرين
ما لهم منها تباروا هاربين”
هذه كانت رؤى بعيدة ونظرة سليمة لسلام المجتمع السوداني ككل. عرّج على الغرب، ثم الشرق، ثم الشمال في قوله: عرباً نحن حملناها ونوبة.
انه أمر أساسي وشعور أصيل يجمعني بالشعراء الذين أغني لهم ان تعيش الأمة السودانية في سلم والسودان في وحدة.. ولم نكتف بذلك بل غنينا كثيراً من الأغنيات بهذا المعنى والمضمون.
وكذلك في الاكتوبريات: سندق الصخر حتى يخرج الصخر لنا زرعاً وخضرة. وفي الأبريليات : وطن خيرّ ديمقراطي. والفيتوريات.
كما قدمت اغنية بعنوان “سلام السودان” في “معرض الخرطوم الدولي”. ولعلنا تحركنا منذ زمن طويل للحوار مع قرنق في أتون المعركة وتحدثنا مع التجمع.. لكن الحديث مع الحكومة وقتها لم يكن موجوداً، وأنا عندما أغني للسلام اغني بفهم. وأرجو ان يفهم كل فنان هذا النهج ليغني باقتناع ويقنع الآخرين، لكن إذا أصبحت الأغاني والأناشيد مثل “مارس عيد” و”نميري قال كلام” يصبح هذا”استهبالاً” وعلى الفن السلام.
* سبق ان قلت انك لن تستعجل الغناء للسلام،باعتبار ان لك تجارب سابقة.. فهل اطمأن وردي الآن للغناء للسلام والوحدة والانماء؟
هو بالنسبة لي ليس شيئاً جديداً، فلو عدت للوراء تجد أنني غنيت “عائشة وميري” كغناء سابق لاتفاق السلام والآن سأغني عملا بعنوان “سلامات” إضافة إلى أنني سأقدم غناءً خفيفاً بعربي جوبا حتى يفهم، ولا مانع لدي من التغني بأشعار للاخوة الجنوبيين، أما الاخوة في الشمال فهناك الشاعر محجوب شريف الذي تناول موضوع السلام بأمانة وجدية.. فأنا ليست لدى مشكلة في الغناء للسلام، لكن المشكلة في الآخرين الذين أتمنى لهم ان يصحوا.. وأنا أرى ان هناك شباباً يغنون بوعي اكثر من الكبار. الغناء مدخل للشعب السوداني والنفاذ إلى وجدانه وقلبه، فهو شعب لا يرغب في الحرب والموت. وإنما رغبته في السلم والسلام والطمأنينة والوحدة.
* ما هي متطلبات ما بعد السلام في رأيك؟
المرحلة المقبلة تتطلب تنفيذ الاتفاقيات بأمانة. ويجب ان يتم التجاوب مع ما يحدث، ليس بتنفيذ النصوص فقط، وإنما بتغيير النفوس، وتجاوز المرارات المتراكمة التي حدثت، وهي ليست سهلة، وأنا كشمالي اطلب من أبناء الشمال ان يتخلوا عن الاستعلاء العرقي والديني، وإذا لم نتخل عن ذلك فسوف نعود للدائرة نفسها، وهناك بلاد سبقتنا في هذا المجال، خذ مثلاً الابارتيد في جنوب أفريقيا، ليسوا ملونين ضد ملونين وإنما بيض حكموا تلك البلاد، وارتكبوا ما ارتكبوا من جرائم . . وبعد كل ذلك تم العفو عنهم، فيجب يا أخي ان نقدر مثل هذه المسؤوليات التاريخية.
* إلى أي مدى يمكن أن يسهم الفن في إزالة الآثار النفسية للحرب؟
الفنان نفسه إنسان، إما شمالي أو جنوبي. وإذا كان هناك تنازل عن الاستعلاء العرقي، واصبح فناناً لكل الأعراق ولكل السودان والاديان، فمن المؤكد انه سيخدم القضية.. ومن الممكن ان يسهم الفن الجنوبي في سد النقص في الأغنية الشمالية.
* لعلك سبقتني بالحديث عن الفن الجنوبي وإمكانية دمجه في الأوساط الفنية، واستصحاب الثقافة الجنوبية.
الجنوب لديه فنون عظيمة جداً، حيث نجد الأغنية الحركية والرقص التعبيري وهؤلاء الناس لديهم ثقافة أفريقية أصيلة، ترتبط بالبيئة، وهم موهوبون بالإيقاعات وحركة أجسادهم عبارة عن نسق للإيقاعات.. لذلك ترى كثيراً من الناس يرحبون بالبالمبو والرقصات التي تأتينا من الأقاليم مثل الكمبلا والوازا.. وكلها أشياء تغني السودان كماً وكيفاً، فيجب ان تنصهر ويجب ان يتوحد الفن وتكون هناك خبرات وعلماء متخصصون في الدراسات الفنية، حتى يضطلعوا بفن منصهر في بوتقة واحدة.
* دعنا نتحدث في الاتجاه نفسه، أسألك عن إمكانية ازدهار غناء الأطراف والأرياف في الفترة المقبلة ولا أريد ان أقول مزاحمة أغنية الوسط؟
ولماذا لا تزاحم أغنية الوسط! من أين أتينا نحن!؟ بالتأكيد من الأطراف. وهذه ثقافات عندما تنصهر تكون الأغنية القومية وأنا مع كل من يغني بآلاته ورطانته.. والفن في السودان حر، فأية قبيلة، وأية منطقة تغني غناء جماعياً وترقص رقصاً جماعياً باستثناء الوسط.. ولو حسبناها فالوسط اقلية بالنسبة لحجم السودان.. وعلى كل أصحاب أغنية الوسط ان ينضموا إلى الراقصين.. واعتقد ان مستقبل الفن في السودان واعد، كمستقبل البلد نفسها بالخيرات الكثيرة. ومن ضمن هذه الخيرات فنونه العظيمة .
* هل ترى ان سياسة الاجهزة الاعلامية تجاه التعدد والتنوع في المرحلة المقبلة من الممكن ان تكون ضمانة لازدهار هذه الفنون؟
أولا حكاية الأجهزة هذه والتي يسمونها قومية يفترض ان تتوقف. ولابد ان تكون قومية محايدة بحق، فنحن جربنا دعاوى القومية على تلك الأجهزة منذ الاستقلال وحتى الآن، فلم تجد في الأمر شيئاً، بل تراجعت بالبلد وكل ما يمارس عبر هذه الأجهزة من سياسات تتبع لكل نظام عبارة عن دجل ونفاق وكذب، لذلك يجب ان يتولى أمرها مبدعون حقيقيون وليس موظفين متنقلين من مبدأ إلى آخر. وفي كل حقبة جديدة تسمع الصوت نفسه الذي أعلن عن فلان غداً يعلن عن علان. والذي كان يمدح القنابل يتحدث عن السنابل، هذه مسألة غير معقولة! ! فأول تغيير يحدث يجب ان يكون في الإعلام حتى نصل به إلى مستوى الإعلام العالمي الذي أصبح معرفة وليس ببغائية وتقليداً، وليس “اعوجاج ألسنة، ونخنخة أنوف”. فالإعلام فن قائم بذاته ليست له دعوة بفلان جلس أو حكم أو مشى وإنما اصبح عملاً إبداعيا حتى في نقل المعلومة.
* متى يوازي الفن السياسة ولا يأتي في المرتبة الثانية بعدها، وكيف وجدت قبول القادة لأمر الفن وأنت تغني في “نيفاشا”؟
الأخ علي عثمان محمد طه هو الذي طلب مني ان اذهب إلى نيفاشا بمبادرة منه وبسبب ان الناس هناك يرغبون في محمد وردي.. وعندما ذهبت وجدت الوفدين مع بعضهما وشاركا في الرقص معاً. واستقبلا الأمر بروح طيبة جداً.. وفي الحفل قابلت د. جون قرنق وقد تكون ظهرت حميمية اكثر سواء منه أو مني وذلك لطول مدة الغياب. وكان قد اتصل إبان مرضي وقال لي: “لازم تبقى قوي حتى تحضر السودان الجديد”. وقلت وقتها إن هذه التحية والمجاملة قد رفعت معنوياتي. وربما فسرها الناس تفسيرات أخرى.. لكن تبقى الحقيقة ان للاتفاقية طرفين، والأخ علي موازٍ للأخ قرنق في احترام الشعب السوداني لهما، باعتبارهما طالبي سلام وهذه المسألة سيتحدث التاريخ عنها والفن يستطيع موازاة السلطة إذا كان فناً حقيقياً، أما إذا كان الفنان مطبلاً للسلطان ولمبادئ معينة، فإنه سيقع ولن يكمل الطريق. الشخصية السودانية الفنية الآن باهتة لأن الشخص ساعٍ وراء كسب الحكومة واكل العيش، لذلك يصبح مؤجراً ومستغلاً حتى يحصل على “عيشة هنية”.
* إذن المرحلة المقبلة تتطلب تغيير نمط التفكير لدى كل فنان؟
يا أخي.. نحن لسنا فنانين مرفهين أو منعمين، فنحن جئنا من هذا الشعب ونغني في “السمايات” ونذهب “للدافنة”. ونعيش كل حياة الشعب الذي مر بظروف المحنة التي نسعى كفنانين ان نخرجه منها وندخل به إلى مرحلة جديدة، يجب معها تغيير التفكير والتواضع على منهج للتغيير.
* ألا تعتقد أن مرحلة السلام المقبلة فرصة طيبة لعودة الطيور المهاجرة من أبناء الوطن المبدعين؟
نعم.. فلدينا فنانون وعازفون مهرة تخرجوا في معهد الموسيقى. وبهجرتهم أثروا على البلد. يجب ان يعودوا وان تعي النظم ان هؤلاء الناس المبدعين يجب ان يتم استيعابهم وتوظيفهم في المجال الفني ليعيشوا بكرامة وهذه دعوة لكل المبدعين وذوي الخبرات الضخمة من الإذاعيين والمسرحيين والتشكيليين والأطباء والمهنيين والأدباء الكبار، ان يعودوا لبناء السودان الجديد.
لدي أكثر من رسالة أوجهها اليوم لأكثر من جهة، أولا رسالة للشعب السوداني أهنئه بالسلام الذي حدث. واطلب منه ان يبتسم فهذا زمان الابتسام ويكفيه التجهم الذي حدث له طوال السنوات الماضية. وعليه ان يخرج إلى الشوارع فرحاً بالمستقبل وبوقف نزف الدم وأقول له ان المستقبل أمامك، فقط علينا العمل بجدية وتناسي المرارات.
رسالتي الثانية إلى الفنانين السودانيين ،إلى كل المبدعين والمغنين والمطربين والموسيقيين.. هذا زمان بناء السودان، البناء الحقيقي لأمة ومجتمع موحد.. وأحث اخواني وأخواتي وأبنائي وبناتي على الجدية وبدء حياة جديدة بمفاهيم جديدة للفن السوداني. وجمع التراث والثقافات، حتى نقدم شيئاً جميلاً وأصيلا.
ورسالتي الثالثة الى كل فنان جنوبي: يجب أن ننصهر وان نتناسى كل المرارات لنوحد فنوننا. وامنحونا خبراتكم وخذوا خبراتنا.. “ويللا تعالوا نعمل سوا عشان نعمل فن سوداني متطور”، نتباهى به وسط العالم ونقدمه للإنسانية جمعاء.

خطوه جيده من الزميل الاستاذ وردي ان يخاطب زملائه من الموسيقيين خصوصا الخريجين بالعوده
وهذا تقرير منه بأهمية وجودهم نحمدها له ونعتقد انه يسير في الطريق الصحيح لعودته لقيادة المسيرة الفنية
ولكن نختلف معه ان الديموقراطية هي اساس السلام واساس كل الاشياء
فلو سعي النظام الحاكم لترسيخ الديموقراطية المبرأة من العيوب
اي تلك التي يعمل بها الحكام الشموليون فأن الجميع يرغب في ان يعودوا الي الوطن لذا نرجو ان يسارع النظام
الحاكم في ترسيخ اسس العدل والمساواة واطلاق سراح المعتقلين السياسيين
وان يصبروا علي النقد
وهكذا في رأيي ينصلح حال الوطن

الاستاذ يوسف الموصلى قلت أن الفنان وردي

Quote: وهذا تقرير منه بأهمية وجودهم نحمدها له ونعتقد انه يسير في الطريق الصحيح لعودته لقيادة المسيرة الفنية ولكن نختلف معه ان الديموقراطية هي اساس السلام واساس كل الاشياء فلو سعي النظام الحاكم لترسيخ الديموقراطية المبرأة من العيوب

أعتقد ان الاستاذ وردى يسير فى الطريق الخطأ فعلى عثمان وزمرته مطلوبين للعدالة عدالة الشعب السودانى فهنالك ابرياء وضحايا تعزيب هنالك دماء سالت من اجل الحرية والديمقراطية فلا يمكن على عثمان ان يكون حامل لوائها هؤلا قتلى وسفاكى دماء ويهون السلطة اليس هم الذين انقلبو على شيخهم الذى علمهم السحر فسحروه بعصيانه وعصيهم فالخزي والعار لكل من يشترك مع هؤلا ولا نريد لتجربة حارسنا وفارسنا ان تتكرر مرة آخرى.

سيف جبريل

اثنى رأى الاستاذ الموصلى

شكرا لاهل الفن والمبدعين الاستاذ الموصلى وسيف الدين والفنان الاخو حمزة والاخو من الاخوة الحميمية وليست التنظيمية خوفا من اللبث