إليك تحت ساق العرش

.
.
.
"الآن يخرج للدنا طفل فريد
حمّلته فجر الامانة و القصيدة والنشيد
و لأجل أعينه البريئة و الوطن
و لأجل جيل سوف يأتى
من براكين الزمن
و لأجل أوراق الشتاء
لأجل حبّات المطر
سنصافح الأقدار نسخر بالخطر
و نعلم الأجيال معنى حبنا
شوق توجع و استقر
لك يا محمد قبضة الكف النقى
سلامة المثوى و خاتمة السفر
لك يا بُنىّ النيل ينهض
ثم يهمس للشجر
فالآن وجهك قد حضر
قمر من الأفق البعيد
يطلُّ فى وقت السحر
فتدور أغنية النهار و ينزوى
حزن البشر ....
و تهاجر الأقدار ينكسر الجدار
ويسطع الالق الموشح
فى دروب المعركة
و الرعد و الأنداء و الراوى
كؤوس الفجر اشراقاً
سيشهد أنك ..
من يطفىء النار اللهيب
و يوقظ الوطن الذى
يوماً سيدرك قدرك
مذ كنت يوما يا محمد نطفة
حملتك طهرا امك
و سَقَتك نبع نقائها
فيضاً يطوف بعرشك ..
هى يا محمد دُنيتى
هى فرحتى
فلنحتفى زهواً بك
ياموطنى
قد جاء فارس عصرك
من يشعل الرمق الاخير
يدق نعش المملكة
يا أيها الوطن الرحيم
لك التحية وحدك
و لك السلام
نوافذ الأمل المقيم
لك الختام
و هذه الدنيا لك ."
من قصيدة في انتظار الوردة الأولى د. معز عمر بخيت


إلى صديقي الأول

يا أول فرحة ويا أول غصة يا فرح المواويل الحزينة يا دوائي ودائي وترياق الزمن المافي .... كانت تمام الثالثة عصرا حينما التفتت تلك الممرضة الفلبينية وقالت بعربية مكسرة تلفها إبتسامة دافئة ..." مبروك في بريجننات ماما" كانت تحمل لنا بشارة تكونك في رحم أمك بعد الإختبار المعملي بمشفى الملك عبد العزيز الجامعي بجدة في منتصف أبريل من العام 2000 ...توالت التهاني من هنا وهناك ووصايا النسوة لها بعدم بذل الجهد ... وكنت أنا أترقبك لتحمل عني ما علا القلب من صدأ الغربة وأزكمني من رائحة الإنتظار في محطات السفر...
في تمام ليل الرابع من يناير 2001 كان لقائي بك بعد أن خرجت للدنا بشعرك الجميل ... عاتبتك حينها لأنك أصبت من أمك الونى وحملتك بين ذراعي حينا وبكينا معا ... عرفت عندك البكاء الحلو يا جميلا كشاي الصباح في بيتنا لعائد من السفر واحتواءٍ لبعيد قد دنا ... وجاء خالي عبد الرحمن ليؤذن لك يمنة ويقيم الصلاة يسرة وكانت مهرجانات فرح هناك واحتفال استثنائي بمقدمك يا نكهة الوطن حينما تلاقي صديقاً وفياً صدفة على قارعة الطريق وقد أضناك السفر....
ومع الأيام ترقى وتشب فتاً جميلا فارع الطول وسيم المحيا بهي الطلعة دائم التبسم صامتٌ إذا نودي للصلاة ضاحكٌ إن كان بالباب ثمة ضيف ... واحتوتنا المشاوير الثنائية بين البيت والبقالة ... والمخبز وبوفيه الخرطوم عند تخوم المساء استدعاءً للوطن في طلب الفول وأعنلت ذات المشاوير بأنا رفقاء همٍ ووداعة ... نمارس شراهة الضحك وحدنا كأنك تعبئني بك وتعبئ القلب حضورا .. نعم احتشدت زؤابة الوجد بك فرسمتك على سقف قلبي فإذا ما أغمضت جفني تفتقت وردتك حلماً أنيقا
ثم أدخل عليك بالكرسي المتحرك بعد الحادث الأليم .. وانت حينها مغمض الجفن بسرير رقم (5) العناية المكثفة في أول يوم في شهر مارس 2004 يدفعني أخي عصام وخالي عبد الرحمن مرة أخرى فسبحان الله كأنه جاء يذكرنك بآذانه لك قبل ثلاث أعوام رحلن وهن يحملن تفاصيل يصعب علي محوها ... جاءا يدفعاني ويدفعان الفجيعة عني ... ورضا يحصنني مهرولاً مع الكرسي المتحرك ... " قل حسبي الله ونعم الوكيل... قل اللهم أجرني في مصيبتي وأخلفني خيرا منها ... " كان صوته يتبعني كوداع لمسافر عبر قطار الغرب .. وقطار أحزاني يجري ليقطع المسافة بين غرفتي وغرفتك كأنها رحلة بين عالمي وعالمك ...وجدتك تشحذ مقلتيك ألا تغمضا وثغرك أن يفتر عن ابتسامتك وتنهض فتنهض دنياي وجداول قلبي وفراشات يسترقن النظر من النافذة ... جميعنا توسلناك ألا ترحل
.
.

في مثل هذا اليوم من أربع أعوام خلت دخلت لأحتوي جسدك بثلاجة المستشفى


لك حبي وشوقي وأنت تغدو وتروح تحت عرش الرحمن فتى من طيور الجنة ... لك حبي وشوقي يا ثمرة الفؤاد المثخن .. لك حبي وشوقي وأنت تخرجني من حيز الخصوصية لأبواب العموم فأراك في كل أطفال الدنيا القادمين فتى نضرا جميلا ... لك حبي وشوقي وأنا أدخر مداعباتي لك في امتدادك "أحمد" أخيك الذي لم يراك ... لك قبلات شقيقتك "أسيل" كلما صادفت صورك وكذا "أميرة" الصغيرة ... والحمد لله رب العالمين

والدك وصديقك
سامر

عميق التعازي والنعاطف.
شيء ما في هذه الكتابة يوجع الروح. محمد رحل وترك فرصة كبيرة لعدد من الأطفال للحصول على المساعدة. نحن نحتاج إلى تحويل الحزن لطاقة ايجابية، تخرج من اطار الخاص إلى العام. نبكي بحرقة وفي نفس الوقت نفكر في الآخرين.
أليس هذا ما يفعله سامر؟

Quote: نحن نحتاج إلى تحويل الحزن لطاقة ايجابية، تخرج من اطار الخاص إلى العام. نبكي بحرقة وفي نفس الوقت نفكر في الآخرين.

الحبيب ياسر

هذا ما أتعلمه منكم

دمتم إضاءاتي المريحة