الدنيا سمع وشوف

الدنيا سمع وشوف
حاجة التومة ، امرأة شديدة المراس، حادة الطبع، يخافها الأطفال ويهابها الكبار. جاء ها زائراً يوماً أحد أقاربها المغتربين، سلم عليها فقابلته بفتور. عرف صاحبنا سبب مقابلتها الفاترة: أنه طوال سنوات إغترابه لم يقم بتقديم هدية لها. أخذ صديقنا "قعدته" معها وعندما هم بالانصراف أدخل يده في جيبه وأخرج مبلغاً من المال ودسه"غمته" في يدها. بعنف"نتلت" حاجة التومة يدها وقالت له" القروش ما دايراهن، أنا دايره البشوفوه الناس". ضحك صاحبنا واعترف لها بتقصيره ووعدها بثوب فاخر في إجازته القادمة.

حضر صاحبنا في إجازته السنوية وأوفي بوعده وأحضر لحاجة التومة توباً سويسرياً فاخراً . لبست حاجة التومة ثوبها وبدأت تجوب شوارع القرية، فكلما قابلتها امرأة تثني على ثوبها وتسألها " الرسول عليك يا حاجة التومة التوب السمح ده الجابو ليك منو؟، فتشعر حاجة التومة بالفخر وتقول ليها " عجبك عليك الله؟ فتجيبها " هو داب عجب الرسول عليك كان ماوريتيني الجابو ليك منو؟ ، فتنتفش حاجة التومة، وتقول بزهو:" التوب دا جابو لي فلان ود فلان من السعودية الله يطول عمره "، فتسمع من صاحبتها مدحاً وثناءً على فلان " أجي أريتو ود السرور اللي عز حبوبتو وجاب ليها داك يا التوب الما خمج"، فتقوم حاجة التومة بالدعاءً له بنبرة فيها الخشوع وعلامات الرضاء"شاحدة ربي يعلي مقامه، ويديهو ويملا إيديهو، والعملو لي إن شاء الله إلقاهو في جناهو".

يالحكمة وسعة فهم أهلنا الكبار : ترى حاجة التومة في إهدائها ثوباً فاخراً عزاً واهتماماً بشخصها. أما الفلوس المدسوسة " المغموتة" في اليد فلا يعلم بها إلا الله.
" وصحي الدنيا سمع وشوف زي ما بقول المثل الشعبي".

Quote: فتشعر حاجة التومة بالفخر وتقول ليها " عجبك عليك الله؟ فتجيبها " هو داب عجب الرسول عليك كان ماوريتيني الجابو ليك منو؟ ، فتنتفش حاجة التومة، وتقول بزهو:" التوب دا جابو لي فلان ود فلان من السعودية الله يطول عمره "، فتسمع من صاحبتها مدحاً وثناءً على فلان " أجي أريتو ود السرور اللي عز حبوبتو وجاب ليها داك يا التوب الما خمج"، فتقوم حاجة التومة بالدعاءً له بنبرة فيها الخشوع وعلامات الرضاء"شاحدة ربي يعلي مقامه، ويديهو ويملا إيديهو، والعملو لي إن شاء الله

تصوير جميل منك يا اسحاق
و حبوبة الـ SHOW بتاعها خطييييير
ربنا يرحمهم جميعا قدر ما اثرو حياتنا بالحكم المأثورة و الخلق الحسن

Quote: بعنف"نتلت" حاجة التومة يدها وقالت له" القروش ما دايراهن، أنا دايره البشوفوه الناس". ضحك صاحبنا واعترف لها بتقصيره ووعدها بثوب فاخر في إجازته القادمة.

الحكمه عند حج التومه في الهديه..الأخبار والزهو بالتذكر والتفضيل الذي حباها به قريبها..
أهلنا الكبار يعشقون المعامله الحنينه..الحب..أن يتذكرهم الآخرين دائما..ويحبون ان يتباهوا بهذا الحب..المال لا يراه أحد ولا يشهد عليه أحد..لذلك هو غير مرغوب!

لكن حمل هديه في حقيبه تجوب المطارات تعني مشقه اكثر وتذكر أكبر..

ما أجملهم!

مشتاقين يا اسحق انت وين غايب شديد كده؟؟

سلام ليك ولخدر..

أبو أحمد

بالجد الدنيا سمع شوف

الله يخليك وانت بتاخد من جوة بيوتنا

وتدي العالم



ود أبشراء

فوووووق

الأخ الكريم / خدر
شكراً أخي الكريم على المرور والتعليق وكلامك الطيب.
الـ SHOW ، هنا خطير لأنه مبني على الإحترام والتقدير والمعزة، وهو "شو" حي لكنه ليس في صالة عرض أزياء بفندق خمس نجوم، ولم يتم تحت أنغام موسيقى كلاسيكية، ولم تقم به عارضات أزياء، لا يعرضن في الحقيقة أزياء، وإنما عرض أجساد عارية استغلت فيها المرأة للأسف الشديد أسوأ استغلال . فحاجة التومة قامت بعرض ثوبها"العاجبة" والذي يرمز إلى مدى التقدير الذي أولاه إياها قريبها، فاختالت تجوب طرقات القرية متعمدة ليعرف الناس مدى الإحترام والمعزة التي يكنهما لها قريبها.
ودمت بخير أخي خدر.

الأخت الكريمة / منى
سلام
أهلنا الكبار( الأجداد والجدات)، هم منبع الحنان ومصدر الحنية، وهم مدرسة قائمة بذاتها، نجد عندهم ما لا نجده في قاعات الدرس. وكلامهم مليء بالحكم. "حبوبة" التومة لمن قالت الكلام دا كان عمرها ما يقارب الثمانين سنة ، وبالرغم من صرامتها إلا أنها كانت حنونة، وكان مرض زول من أهلها من جنبو ما بتقوم،وكان في زولاً عرس، يا ها هي البتعمل ليهو العديلة والجرتق، وتسيرو للبحر وتغسل ليهو وشو وكرعينو نفضاً للسبر، وكان زولاً مات من أهل الفريق، تقوم بتجهيز عنقريب الجنازة والبرش والحنوط .

كنا نجد للحياة طعماً خاصاً بجوار الحبوبة والجد، وبعدأن غادرنا الوطن واتشتتنا في بلاد الله الواسعة وطالت بنا سنوات الإغتراب، وأنجبنا أولادنا في بلاد المهجر، فقدنا الكتير وفاتنا الكثير، فقدنا حنان أهلنا الكبار وافتقدنا محنتهم وحرم أولادنا من حنان حبوباتهم وأجدادهم، "مساكين وليداتنا لا يعرفوا جد ولا جده ( ديل غير مامي ودادي ما بعرفو زولا تاني)، وكانت جيتي للجد، نحنا الأجرمنا في حقهم.
شكراً يا منى على المرور والمشاركة بالتعليق.

"غيابي سببه" الدرفن" يا منى، وعشان نقدر نلبي ليهم رغباتهم اللا ليها حد ولا عد، لازم نشتغل 12 ساعة متواصلة، ودا برضو "ما جايب مريسة تامزينو". وربنا يهون.

الرائع / د. محمد الطيب يوسف
شكراً يا دكتور على المرور والتعليق، ومبروك العضوية التي تسحتقها بجدارة، أكيد نحن موعودون قريباً بقراءة ممتعة لخربشاتكم الرائعة " خربشات على جدار القصة"، ولا شنو يا دكتور؟
بيوتنا وبيوت كل السودانيين مصدر إبداع، بس دايره ليها زولاً يركز كويس ويجيد الحكي، يعني زولاً زيك كدي يا مممد.
ودمت بخير

يا سلام يا يا اب احمد
فعلا انت ود عجائز جلست معهم لم تملهم شلت منهم الكثير وورثوك الطبع السمح ومعاملة الناس وهذه لا تدرس فى الجامعات ولايمكن اكتسابها فى هذا الزمان . اتمنى ان تزيدنا من هذا لاننا فى حوجة اليه وفعلا حرفك عميق وسمح ومنتقى بعناية فائقة لك كل الود ...وما تطول الغيبات

الأخ الأصيل / مهدي الصادق
سلام واحترام
شكراً على المرور والتعليق
نعم أخي مهدي جالست أهلنا الكبار واستمتعت بمجالستهم واستفدت منها كثيرا، ففي مجالستهم فائدة عظيمة، ومنهم تتعلم التحلي بالصبر والحكمة وبعد النظر " واللي ما جالسهم خسران يا شيخ مهدي"
ودمت بخير.